تتحدث الكثير من الأبواق الدعائية (الكارية لحنوكها) عن الكثير من المشاريع التنموية، التي سوف تعرفها مدينة ابن جرير، خلال سنة 2011 مباشرة، بالازدهار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، الذي سوف تعرفه هذه المدينة خلال سنة 2011. ونحن بدورنا لا نستطيع إلا أن نبارك أي تنمية سوف تعرفها مدينة ابن جرير؛ لكن: لماذا تحريك المشاريع التنموية، خلال سنة 2011 بالضبط؟ ولماذا لم يتم تحريكها من قبل؟ ومن المستفيد من تلك المشاريع ؟ وما طبيعة الأبواق التي تقف وراء الدعاية للمشاريع المرتقبة؟ وما هي الغاية من تحركهم في هذا الوقت بالضبط؟ ولماذا جاءت حركتهم مصحوبة بإعادة هيكلة المشهد السياسي على مستوى مدينة ابن جرير، بإيجاد فروع، ومقرات لحزب معين، على مستوى أحياء مدينة ابن جرير؟ إن تحريك المشاريع التنموية في مدينة ابن جرير، خلال سنة 2011، يخدم هدفين أساسيين: الهدف الأول: إعداد منطقة الرحامنة، بصفة عامة، لانتخابات سنة 2011، وإعداد مدينة ابن جرير، بالخصوص، لانتخابات 2015، هذا الإعداد الذي يوهم الكادحين وراء لقمة العيش، بأنهم سوف يصبحون، في يوم من الأيام، من كبار البرجوازيين الذين يلهثون وراء تكديس المزيد من الثروات، فينحشرون وراء الجهة التي تتمكن من كل شيء، بفعل التحكم في السلطة، وتوجيهها لخدمة مصالح معينة، انطلاقا من التحكم في أجهزة الدولة المختلفة من منطلق معين. الهدف الثاني: تسخير تلك المشاريع لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، التي تنهب المزيد من الخيرات المادية، والمعنوية في منطقة الرحامنة، حتى تبقى تلك الطبقة سائدة على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، كما تسود على المستوى السياسي. ولذلك، فإعداد سكان المنطقة لخوض انتخابات سنة 2011 وتسخير مشاريع منطقة الرحامنة لخدمة مصالح التحالف البرجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، يعتبران هاجسين أساسيين لتكريس: أولا: تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، حتى تنسى معاناتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية والسياسية، ومن أن ننساق وراء تحقيق أهداف التحالف البرجوازي الإقطاعي المتخلف، على مستوى منطقة الرحامنة بصفة عامة، وعلى مستوى مدينة ابن جرير بصفة خاصة.ثانيا: اعتبار جهة معينة هي صاحبة الحل، والعقد. وهي المستفيدة من المجالس المحلية، وعلى رأسها المجلس الحضري لمدينة ابن جرير، ومن المشاريع الاقتصادية، التي يتم إنشاؤها في المنطقة، والتي تؤدي بالضرورة إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين، وإلى إحداث مهن حرة، وتنشيط المهن القائمة في المنطقة، في أفق إحداث تفاعل اقتصادي معين، بين جميع مكونات المشهد الاقتصادي في المنطقة. ثالثا: جعل منطقة الرحامنة منطلقا لفرض سيادة حزب معين، قد يصير هو "الحزب الأول" على المستوى الوطني، كما حصل في الانتخابات الجماعية السابقة، وكما قد يحصل في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011. رابعا: إعداد المزيد من البيادق، والمنبطحين، من بين الذين أصيبوا بعمى التضليل، وبفيروس الانتهازية، وبالتمرس على كل أشكال الزبونية، والمحسوبية، والإرشاء، والارتشاء، وغير ذلك من الدنايا، التي يترفع المواطن البسيط عن ممارستها، مهما كانت هذه الممارسة بسيطة. ذلك أن البيادق، والمنبطحين من المضللين، أصبحوا لا يهتمون بالمحافظة على كرامتهم، بقدر ما يلهثون وراء خدمة التوجه السائد، والمتسلط على المنطقة، بحكم مخزنته، وبحكم تحكمه في أجهزة السلطة المخزنية، وبحكم معرفته الدقيقة بممارسة أجهزة هذه السلطة، وبطبيعتها، وبالفساد الإداري الذي ينخر كيانها، ومن أجل التمتع بالتافه من الامتيازات، التي تجعلهم يزدادون ارتباطا بالتوجه السائد في المنطقة. وعدم تحريك المشاريع المكورة من قبل، يرجع إلى كونها أعدت خصيصا لخدمة انتخابات 2011، لا لخدمة حاجة المنطقة إليها، ولا لخدمة مصالح العاطلين، والمعطلين، المتمثلة في إيجاد شغل، وبكافة الحقوق، بما فيها حق الحماية الاجتماعية، وحق الحماية الصحية. وانتخابات 2011 لا يستفيد منها إلا "أسياد" المنطقة المعمدون بالمخزن، والمعتمدون على خدمة الأجهزة المخزنية في منطقة الرحامنة، من المخبرين، إلى المقدمين، والشيوخ، مرورا بالقواد، والباشاوات، وانتهاء بالعامل. فهذه الأجهزة كلها في خدمة أسياد منطقة الرحامنة، الذين سوف تكون الانتخابات في صالحهم، ويجب أن تكون في صالحهم للاعتبارات الآتية: الاعتبار الأول: أن انتخابات 2011، هي انتخابات سوف تجري في ظل غياب دستور ديمقراطي؛ لأن دستور فاتح يوليوز 2011 هو دستور مزور ولا شرعي. والدستور الديمقراطي هو الذي تكون فيه السيادة للشعب، بدل الدستور المزور، الذي يقف وراء تسييد الاستغلال، والاستبداد، والاستعباد. وهي أمور لا تنتج إلا تزوير الانتخابات بطريقة، أو بأخرى، لصالح الجهة المتحكمة في أجهزة السلطة المخزنية، التي تتفنن في عملية التزوير، من بداية الإعداد للانتخابات، إلى إعلان النتائج. فغياب الدستور الديمقراطي، وحضور الدستور المزور، إذن، وحضور الدستور المزور، هو الإشارة الواضحة على أن الانتخابات المقبلة، لا يمكن أن تكون إلا مزورة، وبكافة أشكال التزوير، التي تتقنها أجهزة السلطة المخزنية. والاعتبار الثاني: أن القوانين الانتخابية المصادق عليها في البرلمان المغربي، هي قوانين صيغت، بالخصوص، لتكون في خدمة إتقان عملية التزوير، حتى تظهر النتائج، وكأنها حقيقية، وكان التزوير غير وارد في عرف، وفي ممارسة الأجهزة المخزنية، وكأن الشعب المغربي الذي يعاني من الأمية، والجوع، والمرض، يملك من الوعي ما يمكنه من تقرير مصيره بنفسه، وكأنه سيد نفسه، انطلاقا من دستور ديمقراطي قائم. والاعتبار الثالث: أن الذين يعينون كرؤساء للمكاتب الانتخابية، يشترط فيهم التمرس على إتقان عملية التزوير، في طريقة ملء الوثائق المتعلقة بالنتائج النهائية. وهؤلاء الرؤساء، يتم اختيارهم بناءا على مقاييس محددة، أهمها الولاء المطلق للسلطة المنظمة للانتخابات، والاستعداد لتنفيذ التعليمات الآنية، والآتية أثناء إجراء عملية التصويت، في أفق الوصول إلى الإعلان عن نتائج محددة. والاعتبار لرابع: أن الجهة التي سوف تعلن النتائج لصالحها، يعطاها الضوء الأخضر للتحرك في صفوف الجماهير الشعبية أثناء إجراء عملية الانتخابات، لضمان حصولها على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين. وذلك الضوء الأخضر في حد ذاته، يعتبر شكلا من أشكال التزوير، بالإضافة إلى ما يقوم به المقدمون، والشيوخ، وما يقوم به رئيس المكتب المختار، ليقوم بمهمة تدبير التزوير، إلى جانب تعليمات مسؤولي السلطة الوصية، والمدبرة للانتخابات البرلمانية، والجماعية، وانتخابات مجلس المستشارين. والاعتبار الخامس: أن الغاية من تدبير كافة أشكال التزوير، تتمثل في تمكين الطبقة الحاكمة، وكافة المشغلين، من السيطرة على الموارد الاقتصادية، والاجتماعية، وتسخيرها لخدمة المصالح المختلفة للمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع المغربي، ولكادحيه على الخصوص. وما دامت هذه الاعتبارات حاضرة في الإعداد، والاستعداد، لإجراء انتخابات2011، فإن جهة معينة معروفة لدى الخاص، والعام، هي التي سوف تستفيد من المشاريع التنموية، التي يتقرر إقامتها في منطقة الرحامنة، وفي مدينة ابن جرير بالخصوص، خاصة وأن تجزئة جنان الخير، سوف تشجع على إقامة المزيد من المشاريع، التي تعطاها صفة المنفعة العامة، في الوقت الذي لا تتجاوز أن تكون ذات منفعة خاصة، ووسيلة للاستغلال الآني للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين تضطرهم ظروف المعيشة إلى الاشتغال في تلك المشاريع، وبأجور زهيدة، وبدون حقوق، ومهما كانت هذه الحقوق بسيطة؛ لأن من طبيعة بورجوازيتنا الخليعة، والمتفسخة، أن تتملص من التزاماتها تجاه العمال، وباقي الأجراء، وتجاه الصناديق الاجتماعية، والصحية.