تمهيد : تدعو الحكاية إلى حسن اختيار الجار ، و عدم الاهتمام بالمظهر فقط فالمظاهر تخدع في كثير من الأحيان ، و رغم كون الحكاية على لسان الحيوان فقد تشير إلى مواقف إنسانية و مجتمعية .. الحكاية كان حتى كان ، فيما مضى من الزمان ، حتى كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان عليه الصلاة و السلام .. كان الصقر يسكن هو وزوجته في كوة في برج عال، و كانا ينعمان بحياة هادئة و مريحة .. وفي يوم من الأيام رأى الصقر اللقلق يحلق حول البرج ليجد له مأوى في نفس البرج، فقال لزوجته: إن مجاورة اللقلق تجلب المهالك. فردت الزوجة: اسكت يا رجل،إن الناس يحبون الجيران ، و اللقلق رجل يكثر من النظافة و يلبس ثيابا فاخرة، و لا يفتر عن الذكر لا ليلا و لا نهارا ، و إن سكن بقربنا فسيكون ذلك أنسا لنا و لطفا منه . فقال لها: ستنظرين ما سيصيبنا منه. و بعد حين تمكن اللقلق من أن يبني عشه في نفس البرج، و يوم حل أوان التفريخ فرخا في نفس الوقت وأصبحا يذهبان إلى الحقول للبحث عن قوت فراخهما. و في يوم برد فيه الجو و ساد الضباب، خرج اللقلق يحلق عاليا، باحثا عن قوت لعياله فأبصر ثعبانا متجمدا من شدة البرد فحمله إلى فراخه. كان فراخ اللقلق صغارا و عاجزين عن أكل الثعبان الذي أدفأته أشعة الشمس وعالجت جروحه، فانساب نحو فراخ الصقر، و متى وصل العش التهم الصغار بسهولة و نزل عن البرج و انصرف لحاله. و عندما جاء الصقر حاملا ما حصل عليه من قوارض و حشرات صغيرة، بحث عن فراخه ليعطيهم ما حمله لهم فلم يجد أي فرخ منهم في الكوة، وعرض له الحنش، فاتحا فمه مادا لسانه، فسأله: من أتى بك إلى البرج و لم التهمت فراخي ؟ قال الثعبان: إن الذي حملني هو اللقلق، وجدني متجمدا فأخذني إلى فراخه. فعرف الصقر أن أولاده التهمهم الحنش، و أن اللقلق هو الذي حمله إلى البرج فضربه بمخلبه فقضى عليه. ثم إن الصقر جلس يبكي و يلوم زوجته على سوء مشورتها، وقال لها: إن فراخنا قد التهمهم الحنش، و أن اللقلق هو الذي أتى به، هكذا يكون الجيران . حلق الصقر و انطلق في الجو يبحث، فلمح اللقلق ينتعش في الغدير يرفع رجلا و يضع أخرى، أي غير عابئ بالجرم الذي اقترفه، فوقف عنده وخاطبه قائلا: يا جاري اللقلق هل أتيت لأولادك بحنش هذا الصباح ؟ قال: نعم و هل في ذلك من عيب . فتيقن الصقر مرة أخرى بأن اللقلق هو السبب في ضياع فراخه، فصعد عاليا في السماء، وحمل عليه منقضا كالسهم و ضربه بمخالبه ضربة قوية، فقضى عليه في الحال . تركتهم هناك و جئت في حالي سيلي يا حكايتي من واد إلى واد و أنا أبقى مع الناس الأجواد المصدر : الدكتور محمد فخرالدين كتاب موسوعة الحكاية الشعبية الحكاية 17 الرسم للكاتب انتظروا غذا حول احتيال القوي على الضعيف .