متحدية المطر والأحكام المسبقة، وصلت المتحولة جنسيا ويندي إيرييبا في سيارة مكشوفة إلى قصر الزيجات في هافانا السبت بغية الزواج من معارض مثلي الجنس. وأمام حشد من الصحافيين صرحت "هذا أجمل أيام حياتي"، في حين راحت تسوي بدلال ثوبها الأبيض الطويل حاملة راية قوس القزح وهي تجلس على مسند المقعد الخلفي لسيارة أميركية تعود لخمسينات القرن الماضي. تحت زخات المطر الخفيفة، وكما في أي حفل زفاف آخر، راح عشرات المدعوين ينثرون الأرز على الثنائي الذي يدخل القصر على وقع إحدى المقطوعات الموسيقية الخاصة بالزفاف. لكن غالبية المدعوين الذين كانوا من المعارضين السياسيين والفضوليون الذين بلغ عددهم نحو مئة والذين تجمهروا على الرصيف المقابل بالإضافة إلى زحمة السير التي خلفها تجمع الصحافيين... أمور لفتت إلى الطابع غير الاعتيادي للزفاف. تقنيا، هذا ليس زواجا بين مثليين جنسيا، بما أن ويندي تحمل بطاقة هوية تؤكد أنها "أنثى". وتدخل المتحولة جنسيا البالغة من العمر 37 عاما، التاريخ من خلال زواجها بالمعارض الناشط المثلي إيغناسيو إسترادا البالغ من العمر 31 عاما. وقد أتى تنظيم الاحتفال بكل تفاصيله ليلفت إلى طابعه السياسي، بدءا بتاريخ الزفاف.. فالسبت كان يوافق العيد الخامس والثمانين لمولد زعيم الثورة فيدل كاسترو. بالنسبة إلى الثنائي، "يسجل (هذا الزفاف) مرحلة جديدة في كوبا" ويشكل "هدية" لفيدل كاسترو الذي أقر قبل سنة بمسؤوليته في التمييز الذي لحق في ستينات القرن الماضي بالمثليين جنسيا الذين أبعدوا ووضعوا في معسكرات أشغال. وقبل أيام، بينما كان يرافق خطيبته لاختيار باقة أزهارها في وسط هافانا، أوضح إيغناسيو لوكالة فرانس برس أن "الأمر ليس تحديا، وإنما تعبير عن امتنان". وأكد إيغناسيو وهو إيجابي المصل وناشط في مكافحة الإيدز، أن "زواجنا سيأتي كنشيد للحرية ولحقوق مجتمع المثليات والمثليين جنسيا وثنائيي الجنس والمتحولين جنسيا". أما ويندي، على الرغم من أنها ترى في زفافها "أول زواج بين مثليين في كوبا"، إلا أنها تقول أنها حققت ببساطة "حلم المرأة" الخاص بها. وهي كانت قد تخلت عن وضعها "أليكسيس" في العام 2007 خلال عملية جراحية أشرف عليها مركز التربية الجنسية "سينيسكس" الذي تديره مارييلا كاسترو ابنة الرئيس راوول كاسترو شقيق فيدل. في كوبا، حيث أجريت رسميا منذ العام 1998 وحتى اليوم 15 عملية تحويل جنسي، الزيجات بين أشخاص من الجنس الواحد أمر غير شرعي على الرغم من أن مركز "سينيسكس" يجهد للتروج لقانون يجيزها. ويشرح الزوجان أن ارتباطهما هو نتيجة حب من النظرة الأولى. فإيغناسيو وقع تحت سحر ويندي عندما رآها تعبر باب "سينيسكس" في 13 أيار/مايو. وبعد مرور يومين، دعاها إلى العشاء لينتقلا للعيش سويا بعد أسبوع واحد على لقائهما الأول. وأتى الزواج بعد ثلاثة أشهر. هو "اتحاد كلي"، بحسب ما تروي ويندي. ويبذل إيغناسيو جهده شارحا أنه "لطاما أعلنت عن أنني مثلي جنسيا. لكن مع ويندي يختلف الأمر كليا". يضيف "اليوم لا أعلم ما أنا. كل ما أدركه أنني مغرم بامرأة". من جهة أخرى، تشير ويندي إلى أن مارييلا كاسترو على الرغم من تهنئتها لهما إلا أنها رفضت أن تكون شاهدة على زواجهما عندما علمت أن الزوج معارض سياسي. فكانت المدونة الشهيرة يواني سانشيز وزوجها شاهدا العروسين. وقبيل حفل الزفاف كتبت يواني على مدونتها "ويندي وإيغناسيو يطلقان كوبا في الألفية الثالثة".