شمس الإضراب تشرق على منجم بوازار، الواقع على بعد 80 كلم غربي مدينة ورزازات. المنجم ينتج أساسا مادة الكوبالت الخالص. لكن حركة غير عادية توذن اليوم بوضع غير مسبوق يعرفه المنجم. عماله قرروا خوض وقفة احتجاجية أمام الإدارة التي تقع في قلب المنجم، بل واقتحام البوابة الرئيسية. عددهم، بحسب مصادر من عين المكان يفوق الألف عامل، والسبب وراء الشكل النضالي هو تماطل الإدارة في الاستجابة لمطالبهم في شأن إرجاع العمال المطرودين. منجم بوازار، تفيد مصادرنا، بدأت أشغال استغلاله منذ الفترة الاستعمارية سنة 1930 ومنح استغلاله لمجموعة أومنيوم إفريقيا الشمالية "أونا". توقفت به الأشغال سنة 1983 واستأنفت سنة1987 بعد التخلص من كافة العمال الرسميين وتعويضهم بعمال مؤقتين ، وتكلفت شركة "تفنوت تغانمين CTT" التابعة لمجموعةONA باستغلال المنجم والاستعانة بمقاولة أكزومي. تصعيد ينتهي باقتحام اقتحام اليوم، يقول مصدرنا: "يأتي بعد أسبوع من الإضراب عن العمل ومسيرات احتجاجية في مدينتي أكدز وتازناخت احتجاجا على ما اعتبروه تماطل الإدارة في الاستجابة لمطالبهم في شأن إرجاع العمال المطرودين لأسباب نقابية". مصادر نقابية بفرع أكدز المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تلخص المطالب في ضرورة توفير التأمين عن الأخطار المهنية والتعويض عن حوادث الشغل في المنجم ،خاصة وأن المنجم يعرف حوادث شغل باستمرار كان أخرها وفاة عاملين تحت الأنقاض في المنجم منذ حوالي شهرين. المحتجون غاضبون، ويؤكد احدهم "لمغرب اليوم" بأن مطالبهم بالرفع من قيمة الأجور وترسيم كافة العمال المستوفين للشروط القانونية ، وتسوية وضعية المعاش والضمان الاجتماعي لم يتم التعاطي معها بالجدية، وهو الشيء الذي يؤكده بيان نقابي صادر عن الفرع والدي يشدد على ضرورة احترام الحريات النقابية باعتبارها حقا دستوريا لجميع العمال. كيف اشتعل فتيل التصعيد؟ حكاية تصعيد عمال منجم بوازار ابتدأت مند أيام حيث خاضوا بتاريخ 15 ماي 2011 إضرابا إنذاريا لمدة 24ساعة، مصحوبا بوقفتين احتجاجيتين ابتداء من الساعة الخامسة مساء في مدينتي تازناخت و أكدز، وفق ما يؤكده أحد العمال. وزاد قائلا: "امتنع كل العمال من الصعود إلى الحافلات المتوجهة إلى المنجم، يوم أمس السبت، حوالي الساعة العاشرة ليلا، وتوجهوا إلى مقر النقابة في أكدز للاجتماع والتعبئة للوقفة الاحتجاجية". أصوات المحتجين تندد بالوضع المزري وتعتبره نتيجة لتدبير لا يراعي الوضع الاجتماعي للمشغلين، يقول أحد العمال "يتم التشغيل بالعقدة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، ويتراوح الراتب الشهري للعامل ما بين 2500 درهم و4000 درهم". وبحسب تصريحات متواترة: فإن الشركة لا تصرح بالراتب الحقيقي لدى الضمان الاجتماعي بحيث تظل ظروف عمل العمال في المنجم هاجسا يؤرقهم ويعرضهم لحوادث جسيمة ومتكررة تتراوح بين الكسور والوفاة التي بلغ معدلها حوالي وفاة عامل على الأقل كل سنة ". ويضيف المصدر ذاته "العمال يحتجون أيضا وبشدة على الخرق السافر للحريات النقابية بمنجم بوازار و إصدار قرارات التنقيل في حق مجموعة من العمال بالمنجم لثنيهم عن ممارسة حقهم النقابي، وبحرمانهم من ركوب الحافلات التي تنقلهم إلى المنجم خلال الأيام الماضية". المحتجون يحملون السلطات المحلية جزءا من المسؤولية ويقولون إن باشا مدينة أكدز رفض تسلم الملف التأسيسي لفرع النقابة الوطنية للطاقة والمعادن لعمال المنجم المقيمين بأكدز، وهو ما يعتبر تضييقا على الحريات النقابية". العمال المحتجون يطالبون بتسوية عاجلة لملفهم المطلبي. أحد العمال يلخصه، " لمغرب اليوم" قائلا: يجب احترام الحريات النقابية وإرجاع المطرودين بسبب الانتماء النقابي والتراجع عن التنقيلات التعسفية التي طالت العمال بكل من تازناخت وأكدز وتوفير التأمين ضد الأخطار المهنية للعمال وكذلك التعويض عن حوادث الشغل والرفع من قيمة الأجور وسومة الكراء و منحة أضحية العيد، والتعويض عن الساعات الإضافية وساعات النقل بالإضافة إلى ترسيم كافة العمال المستوفين للشروط القانونية وتسوية وضعية المعاش والضمان الاجتماعي والتقاعد بأثر رجعي وغيرها من المطالب الاجتماعية والمادية". أوضاعهم..حكاية مأساة قديمة جديدة الغاضبون يستعيدون بمرارة مسارهم النضالي الشاق، ويحكي أحدهم بحسرة قائلا: "في سنة 2007 تم تأسيس مكتب محلي للطاقة والمعادن تابع للكنفدرالية فتجندت السلطات وإدارة المنجم وبعض المحسوبين على تيار نقابي آخر ببوازار واستعملوا والإغراء والضغوطات من اجل اجتثاثه، كما عملوا على تنقيل كافة أعضاء المكتب المحلي في اتجاه أنحاء مختلفة بالمغرب وأمام هذه الحملة لم يصمد العمال أمام هذا الهجوم الشرس، فضلا عن كونهم لم يتشبعوا بالحس النقابي والنضالي ففشلت التجربة". وزاد قائلا: "في سنة 2010 حاول بعض العمال التعبئة للمحاولة من جديد، لكن ذوي الامتيازات كانوا حاضرين فبلغوا الأمر للإدارة والأمر لازال في بدايته فكانت التنقيلات والطرد في حق بعض العمال القليلين، يضيف بتأفف". الرغبة الجامحة في التصدي للإدارة وإسماع الصوت تستمر، ففي هذه السنة، يقول مصدرنا ، انطلقت تجربة جديدة في شهر ابريل، حيث تجمع حوالي 60 عاملا بمقر الكدش بتازناخت عازمين على تأسيس الفرع والدفاع عنه مهما كلف الأمر واستمرت التعبئة من اجل حشد اكبر عدد ممكن من المنخرطين وفعلا وصل العدد حاليا 400منخرط ما بين اكدز - ليتمكن العمال من تأسيس مكتب بتازناخت - واخر باكدز المكتب بتازناخت استكمل الإجراءات القانونية بينما اكدز امتنع الباشا عن تسلم الملف. التصعيد من جديد مسلسل التصعيد تقوت جذوته، مؤخرا، بحيث نظم العمال عدة وقفات احتجاجية أمام مقر كدش ووقفة أخرى أمام الدرك الملكي احتجاجا على تدخل الدرك يوم 08-05-2010 من اجل إرغام من اصدر في حقهم الانتقال على النزول من الحافلة ، يضيف مصدرنا. الباشا تقول المصادر تدخل على الخط وعقد لقاء تفاوضي بين المكتب المحلي والاتحاد المحلي بوارزازت بحضور رئيس الدائرة ومفتش الشغل وممثلين عن الإدارة والشركة، لكن دون جدوى،حيث تمسكت الشركة بضرورة انتقال من صدر في حقهم القرار وفي حالة الرفض سيطردون بعد مضي 48 ساعة. القرار خلف تذمرا ، تقول ايفادات العمال " لمغرب اليوم"، حيث نظموا مباشرة بعدها إضرابا ليوم واحد انطلق بوقفة حاشدة بمركز تازناخت وأكدز حضرها ما يقارب 2000شخص وفعاليات المجتمع المدني، وأحزاب وساكنة نساء أطفال رجال لتتحول بعدها إلى مسيرة شعبية جابت الشوارع الرئيسية في تازناخت. وقفة اليوم وقرار الاقتحام يندر بوتر وشيك قد تحمله الأيام المقبلة إن لم تستجب الإدارة للمطالب العمالية، وهو ما يمكنه أن يشل حركية المنجم وينعكس سلبا على وضع الشركة المشغلة وأوضاع العمل. فهل من استجابة لصرخات عادلة؟..وحدها الأيام القليلة تحمل جوابا..