هوية بريس – رضوان نافع أبدأ مقالي هذا بنصيحة مهمة لعموم المسلمين وخاصة من لهم حظ من قراءة الصحف والمجلات، لا تنسوا أن الله أمركم بأخذ دينكم عن أهل العلم وليس عن الصحف والمجلات وبعض الكتاب الذين الأصل فيهم التهمة، لما يظهر من حالهم من التنظير للفساد بشتى أنواعه بل والكيد للإسلام قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). ولتعلم أخي المسلم أنه ما من شبهة يبثها المشككون إلا وهي واهية في ميزان العلم، وقد أجاب عنها العلماء لكن جهل الناس بدينهم، وتحكم أهل الباطل في الإعلام بشتى أنواعه جعل هذه الشبه تروج بين الناس دون أن يجدوا لها ردا أو بيانا. والرد على شبه هؤلاء القوم من أمثال هذا (القمش) لا يعني أن له مكانة علمية أو أن ما قاءه له اعتبار ونظر في ميزان العلم وإنما نرد على ما قد يكون علق بأذهان من مرَّ به كلامه العفن. إن من أصول دين الإسلام تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره ومحبته وهو من مقتضيات شهادة أن محمدا رسول الله.. فالمؤمن الحق يقابل كل ما يرد عليه من شأنه صلى الله عليه وسلم بهذا الأصل العظيم؛ نعم من خصائص هذه الأمة علم الإسناد وتمحيص ما يصل إلينا من النصوص من جهة الثبوت والصحة، وهذا واجب على الأمة، ومن أجله أنعم الله علينا بعلم جليل له أهله وقواعده وآلياته التي تبهر العقول وتفضح كل من تطفل عليه من الجهال والمشغبين من أبواق العلمانية المنافقين. فالمسلم المعظم لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا وصله النص الصحيح تطلب فقهه وهدايته، وإذا بلغه الشيء من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب حكمته، فإذا أدركها كان ذلك زيادة في إيمانه بربه عز وجل وبنبيه صلى الله عليه وسلم، فيطمئن قلبه وتسكن نفسه، ولا تجد الشبهة إلى قلبه سبيلا. وأما من في قلبه مرض فيتخذ هذه النصوص غرضا لسهامه يتلقاها بقلب شاك منكوس، وفهم سقيم معكوس، فلا يفقهها ولا يكون له فيها هداية؛ فهو لا يؤمن بحكمة ولا تعليل، بل يبحث عن محل الشبهة، ويستدعي ما قاءه جنود إبليس قبله من أكاذيب وأراجيف، وإلزامات شيطانية باطلة فيجعلها خيلا يجلب بها على الشرع الحنيف أو جناب النبي الشريف -صلى الله عليه وسلم- يحسب أنه بذلك سيطفئ نورا أبى الله إلا أن يتمه، أو أنه سيهدم دينا أبى الله إلا أن يظهره. إن غاية ما يتكئ عليه الكويتب الأثيم (لقمش) وأمثاله فيما ينثره من خربشات هو ما يقمشه من كتب المستشرقين ومما ينثره النصارى في هذه الأيام في منتدياتهم، وقد يقمش من بعض أساتذته كالملحد القميء (القمني) زبالة عقله، وهي لمن شم رائحة العلم بل ومن سلمت فطرته وصح عقله واهية، يعلم أنها أراجيف المنافقين الزائغين، ولا تقوى أن تكون شبهة إلا في عقول أمثال هذا الأثيم ممن يريدون لأركان هذا الدين أن تنهدم وممن تغيظهم سنة سيد المرسلين. وقفات مع (بيان حقيقة) لقمش لقد قرأت للقمش كلامه في (بيان حقيقة) كما سماه، جمع فيه ما يزعم أنه مقصده من مقالاته الآثمة وهي شنشنة معروفة وتقميش سبق إليه وأجيب عنه.. هذا الأفاك الأثيم بعدما رأى ردة فعل المسلمين في هذا البلد المسلم المعظم لنبيه صلى الله عليه وسلم اهتزت نفسه، وغير نبرته وادعى المظلومية؛ ونشر ما سماه (بيان حقيقة) يدعي فيه أنه ناقد للتراث -وهيهات هيهات لأمثاله هذه الدعوى- ويخيرنا في بيانه بين أن نطعن في رسول الله صلى الله عليه بما يزعم أنه مقتضى نصوص ثابتة وبين أن نطعن في هذه النصوص ونكذبها ونكذب ناقليها من الأئمة الأعلام. وفي بيانه هذا كذب على أم المؤمنين عائشة وقال بأنها رمت النبي صلى الله عليه وسلم بوضع الوحي واختلاقه، وهو كذب فاضح من هذا العتل عامله الله بما يستحق، فما أقامه دليلا على زعمه يكذبه ويفضحه؛ فهل يفهم أعجمي بله عربي فصيح من قولها رضي الله عنها (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) أنها تلمز النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب على الله عز وجل، إنه الإفك والبهتان من بني علمان (فلعنة الله على الكاذبين). ولمز القمش الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، وطعن في الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- واتهمه بوضع الحديث، فهذا الشخص له أصل مطرد في الطعن في الأئمة ممن حفظ الله بهم دينه، وكَبَتَ بهم أعداءه. ثم إن هذا الكائن أصرَّ على أن ما أورده من أحاديث تفيد ما اتهم به الجناب الشريف -حاشاه صلى الله عليه وسلم- من الاستبداد والهوس الجنسي.. ونحن ننثرها في وجه هذا الأثيم: هذه النصوص ثابتة، والشبهة التي تزعم إنما هي في عقلك العفن وهي تهافت يجيبك عليه صبيان الكتاتيب، ولولا أن الناس ابتعدت عن دينها وخلت أذهانها من كثير من العواصم لما كلفت نفسي الرد عليك فيها.. يدعي هذا الأثيم أنه صلوات ربي وسلامه عليه كان شهوانيا وزيرا للنساء لما ثبت من تعدد نسائه ولو كان مؤمنا به معظما لجنابه صلى الله عليه وسلم لعلم أن في هذا خيرا وحكما تقرها العقول السوية وتقبلها النفوس المؤمنة. كيف يكون الداعي إلى تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم مجرد الشهوة؛ وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا ولا صغيرة إلا عائشة رضي الله عنها وبقية نسائه ثيبات، ولو كانت شهوته تحكمه، والغريزة الجنسية هي التي تدفعه إلى كثرة الزواج لتخير الأبكار الصغيرات، وقد فتحت الأمصار وفيها الشواب الصغيرات الجميلات، وكانت الأسر بل والقبائل تتشوف لمصاهرته صلى الله عليه وسلم حتى إنهم كانوا يعرضون عليه بناتهم. ثم إن سيرته صلى الله عليه وسلم في شبابه قبل البعثة وبعدها تشهد أنه لم يكن كما يزعم هذا (القمش) هداه الله، فلم يكن له إلا زوجة واحدة هي أكبر منه سنا ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه غلبته صبوة أو استحوذت عليه شهوة. كما أنه بعد تعدد زوجاته عرف عنه العدل بينهن في المبيت وكن متفاوتات في السن والجمال، ولكنه لم يعرف عنه إلا كمال العفة والأمانة وصيانته لنفسه. لقد عاش صلوات ربي وسلامه عليه حتى سن الخامسة والعشرين أعزباً طاهراً نقياً حتى لقبوة بالصادق الأمين، وعاش خمساً وعشرين سنة أخرى مكتفياً بزوجة واحدة هي السيدة خديجة رضى الله عنها التي تكبره بخمس عشرة سنة وهو أكمل ما يكون الرجل قوة ونشاطا وجمالا صلى الله عليه وسلم، فكيف يوصف بأنه شهواني صلى الله عليه وسلم؟!! وقد كان للرجل من العرب من عشرة إلى عشرين من النساء، وهو صلوات ربي عاش مع السيدة خديجة رضي الله عنها خمسا وعشرين سنة لم يتزوج عليها؛ ثم بعد وفاتها تزوج السيدة سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- وانفردت به ثلاث سنوات وكان عمرها خمسين سنة، فلو كان شهوانياً ما قضى زهرة شبابه مع عجوزين لم يتزوج عليهما. ولم يكثر نساؤه صلى الله عليه وسلم إلا بآخر حياته في خضم تحمله لهموم وأعباء الدعوة وشؤون الدولة الإسلامية؛ لكن الله الحكيم العليم شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم الجمع بين هذا العدد من النساء وخصه بذلك لحكم بالغة يدركها كل عاقل بل تقع على قلبه بلسما تزيده حبا لخالقه الحكيم العليم ولرسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. إنها حكم كثيرة ومتشعبة، منها ما هو تعليمي، ومنها ما هو تشريعي، ومنها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو سياسي. بل لو لم يكن من حكم في هذا الأمر إلا جعله فتنة للمنافقين ومرضى القلوب أمثال هذا القميمش لكفى بها حكمة. والعاقل المتجرد لن يظهر له في شيء من زيجاته صلى الله عليه وسلم ما هو لحظ نفسه المحض، بل كلها كانت لحكم ومن أجلها حفظ جزء كبير من السنة يتعلق بأحوال الرجل في بيته مما لا يطلع عليه غير الأزواج، وتخريج معلمات فقيهات في أمور دينهن يعلمن نساء المؤمنين، وقد كانت النساء يستحين من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتحرجن من سؤاله في أمور خاصة متعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة وأمور الزوجية، فجعل الله لهن مخرجا بسؤال أمهات المؤمنين وهذه حكم تعليمية لا يغفل عنها إلا مطموس البصيرة. الحكم التشريعية ومن الحكم التشريعية في تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم، إبطال بعض العادات الجاهلية التي أنكرها الشرع كالتبني، فقد كانت عادة راسخة بل دينا يدينون به، فلم يكن شيء أبلغ في بيان بطلانه من أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالزواج من زينب طليقة زيد بن حارثة -رضي الله عنه- الذي كان قد تبناه صلى الله عليه وسلم على عادة العرب قبل نزول تحريمه، وهذا الزواج كان بأمر من الله تعالى، بصريح القرآن بل بين سبحانه الحكمة منه بقوله (لكي لا يكون على المومنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا)؛ فمن يجعل بعد هذا أن الداعي إلى زواجه كان شهوانيا فهو مكذب للقرآن، ومما يؤكد أن هذا الزواج لم يكن لحظ نفسه أو شهوته أن النبي صلى الله عليه وسلم تحرج من هذا الزواج مخافة أن يتحدث المنافقون عنه بالسوء، حتى عاتبه الله عز وجل. الحكم الاجتماعية ومن الحكم الاجتماعية في تعدد زوجاته صلوات ربي وسلامه عليه كفالة بعض الأرامل وتعويضهن خيرا عما فقدنه، فواسى وجبر الخواطر وطيب النفوس صلى الله عليه وسلم، وشرع للأمة سنة في سلوك سبيل الإحسان إلى الأرامل ممن أصيب أزواجهن في الجهاد ونحوه. وفي زواجه من ابنتي صاحبيه ووزيريه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حكم متنوعة فقد كافأهما صلى الله عليه وسلم على سابقتهما وحسن بلائهما في الإسلام كما أن هذه المصاهرة تندرج في مصاهراته التي ربطت بطون وقبائل العرب برباط وثيق، جعلت القلوب تلتف حول دعوته وتتوحد تحت رايته فكانت مصاهرات أعز الله بها دينه. وليس كما يزعم الأفاكون المعتدون. حكم في زواجه صلى الله عليه وسلم هلا نظر هؤلاء الجهال إلى زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها وما فيه من الخير، أم أن عقولهم في فروجهم لا يرون إلا الشهوة ولوازمها. لقد كانت جويرية رضي الله عنها بنت سيد بني المصطلق وقد أُسِرت مع قومها، فأرادت أن تفتدي نفسها، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه، فعرض عليها أن يتزوجها ويدفع عنها الفداء، فقبلت ذلك فتزوجها صلى الله عليه وسلم، فقال المسلمون: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أيدينا؟ فأعتقوا جميع الأسرى الذين كانوا تحت أيديهم، فلما رأى بنو المصطلق هذا النبل والكرم، أسلموا جميعاً. فكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها بركة عليها وعلى قومها. وكذلك تزوجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة صفية بنت حُيّي بن أخطب -رضي الله عنها- التي أسرت بعد قتل زوجها في غزوة خيبر، ووقعت في سهم بعض المسلمين فقال أهل الرأي والمشورة: هذه سيّدة بني قريظة، لا تصلح إلاّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضوا عليه الأمر، فدعاها وخيّرها بين أن تسلم فيعتقها ويتزوجها عليه الصلاة والسلام، وبين أن تبقى على دينها فيُطْلِقَ سراحها فتلحق بأهلها. فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة له، وذلك لما رأته من جلالة قدره، وعظمته وحسن معاملته، ثم أسلمت وأسلم بإسلامها عدد من الناس، فلو كان همه صلوات ربي وسلامه عليه الشهوة لما خيرها وقد كان يمكن أن تختار الكفر واللحاق بأهلها، ولجعلها سبيا يتسرى بها متى شاء. وكذلك زواجه عليه الصلاة والسلام من السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنها- حكمه ظاهرة لا تخفى على عاقل. لقد كان أبوها من أشد الناس عداوة وإذاية للنبي صلى الله عليه ولأصحابه، فلما أسلمت رضي الله عنها وشرعت الهجرة هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فراراَ بدينها، وهناك مات زوجها فبقيت وحيدة فريدة، لا معين لها ولا أنيس، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمرها أرسل إلى النجاشي ملكِ الحبشة ليزوجه إيّاها، فأبلغها النجاشي ذلك فسُرّت سروراً عظيما، فلو رجعت إلى أبيها أو أهلها لأجبروها على الكفر والردَّة، أو عذبّوها عذاباً شديداً. ولما بلغ أبا سفيان الخبرُ أقرَ ذلك الزواج وقال: (هو الفحل لا يُقدع أنفُه) فافتخر بالرسول ولم ينكر كفاءته له، إلى أن هداه الله تعالى للإسلام. لقد كان زواجه هذا صلى الله عليه وسلم سبباً في تخفيف كثير من الأذى عنه وعن المسلمين، فقد تألف به قلب أبي سفيان وقلب قومه وعشيرته، كما أنه صلى الله عليه وسلم اختارها لنفسه تكريماً لها على إيمانها وسابقتها في الإسلام فهي المؤمنة الصابرة التي خرجت مهاجرة إلى الله ورسوله فارة بدينها. فمن عميت بصيرته عن إدراك مثل هذه الحكم وغيرها كثير لفساد قلبه وسوء طويته فلا نملك له من الله شيئا إن أراد أن يغويه. ويلاحظ في مجموع زواجه صلى الله عليه وسلم أن من بين زوجاته الصغيرة، والمسنة، وابنة عدو لدود، وابنة صديق حميم، ومنهن من كانت تشغل نفسها بتربية الأيتام، ومنهن من تميزت على غيرها بكثرة الصيام والقيام، ومنهن شديدة الغيرة.. وعرضت لكل منهن أحوال متنوعة جعلت منهن نماذج لأفراد الإنسانية، ومن خلالهن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين تشريعا متكاملا في كيفية التعامل مع كل نموذج من هذه النماذج البشرية. بأبي وأمي أنت يا خير الورى==وصلاةُ ربي والسلامُ معطرا يا خاتمَ الرسل الكرام محمدٌ==بالوحي والقرآن كنتَ مطهرا لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ==وبفيضها شهِد اللسانُ وعبّرا لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ==فاقتْ محبةَ كل مَن عاش على الثرى لك يا رسول الله صدقُ محبةٍ==لا تنتهي أبداً ولن تتغيرا لك يا رسول الله منا نصرةٌ==بالفعل والأقوال عما يُفترى نفديك بالأرواح وهي رخيصةٌ==من دون عِرضك بذلها والمشترى للشر شِرذمةٌ تطاول رسمُها==لبستْ بثوب الحقد لوناً أحمرا قد سولتْ لهمُ نفوسُهم التي==خَبُثَتْ ومكرُ القومِ كان مدبَّرا