هوية بريس – الأربعاء 08 يونيو 2016 ككل سنة يشكل الامتحان حدثًا مهمًا بالنسبة للتلاميذ والآباء ووزارة التربية الوطنية؛ لما يترتب عليه من استحقاقات مستقبلية لهم جميعا. ولذلك تسلط عليه الأضواء، هل يستجيب تطلعات المهتمين والفاعلين في الشأن التربوي أم لا؟ وما هي الإيجابيات لتدعيمها والسلبيات لتفاديها؟ حتى نرتقي بالعملية التربوية نحو الأفضل. والحديث سيكون اليوم عن الامتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية هذه المادة المهمشة، لا من حيث معاملها، ولا عدد حصصها، واعتُبرت مادة ثانوية وغير أساسية في جميع الشعب الأدبية والعلمية والتقنية، نظرا لتصنيف العلوم والحكم عليها من حيث النفعية المتأثر بالنظرة الغربية لفلسفة العلوم، إلا أن مكانتها الرّمزيةَ تظلُّ قائمة في الظرف الحالي الذي يعيشهُ العالم الإسلامي، والاتهامات المغرضة والمتكررة التي توجه لهذه المادة بكونها تغذي الإرهاب والتطرف، وتُساهم في نشر الكراهية اتجاه الآخر… ولذلك فمقرراتها ومناهجها قد ظلت محطَّ أنظار المتتبعين المحليين والدوليين.. الامتحان الجهوي يجبُ أن يعكس مكانةَ مادة التربية الإسلاميةِ، باعتبارها مادة متميزةً، وتمد المجتمع بالقيم الروحية والعقيدة الإسلامية الصحيحة، وتسهم بشكل كبير في الاستقرار الروحي والديني. من خلال احترام عقلية التلاميذ والأطر التربوية المدرسة للمادة والمصححة لأوراق الامتحان. وبعد مهزلة الامتحان الجهوي لجهة كلميم؛ الذي أدرج موضوعا خادشا للحياء ومناقضًا للقيم الإسلامية المضمنة في هذه المادة، حيث جعل موضوع التطبيع مع امتهان الدعارة، و التعايش مع العاهرات والتسويغ لهن بجعلها موردا ماليا تحت ذرائع واهية. ثم ما أثير السنة الماضية أيضا من أخطاء وضعف في الامتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية لجهة دكالة عبدة. جاء دور الامتحان الجهوي لهذه السنة على مستوى أكاديمية الدارالبيضاءسطات فإن الملاحظ هو تقزيم هذه المادة وإضعافها وتشويهها أمام التلاميذ والفاعلين التربويين عموما، ولا أدل على ذلك من الأخطاء العلمية والمنهجية والضعف في الوضعيات الاختبارية والأسئلة وسلم التنقيط، وما إلى ذلك. وفيما يلي الأخطاء الموجودة في الامتحان: * أسئلة خارجةٌ عن الإطار المرجعي الخاص بالتربية الإسلامية مثل ما نجده في السؤال الأول الخاص بالتطبيقات: "انطلاقا من النص استخرج أركان الوصية"، والتلاميذ لم يَدْرسوا أركانَ الوصية حتى يتعرفوا عليها ويستخرجوها. * أسئلة خاصة بمقرر "في رحاب التربية الإسلامية"، وغير موجودة في مقرر منار التربية الإسلامية"، ومعلوم أن هناك تعددًا في الكتب المقررة، والمفروض في واضعي الامتحانات أن يراعوا هذه الاختلافات. والمقصود هنا سؤال الأنشطة المتعلق بكتابة تقرير حول ندوة استجوابية، حيث يوجد النشاط بالمقرر المدكور سابق ولا يوجد بمقرر "في منار التربية الإسلامية"وبالتالي سوفَ يُمتحن مجموعة من التلاميذ في نشاط لم يدرسوه، ولم يتعرفوا عليه ولا على مكوناته ولا تقنياته.كما نجد أحكام تصرف الصغير المميز ولا نجدها في "رحاب التربية الإسلامية" مثل سؤال خاص بأحكام العقود التبرعية، كما نجد هنا "صبي صغير تبرع بمبلغ من المال لبناء مستشفى". ومنها : منها سؤال خاص بالمزارعة: "رجل دفع أرضه لمن يزرعها مقابل جزء مما يخرج منها"، والمزارعة غيرُ مدرجةٍ في مقرر "في رحاب التربية الإسلامية" الخاص بالأولى باك في كل الشعب، وإنما موجودة في "منار التربية الإسلامية" * أسئلة تتضمن أخطاءً علمية أو متناقضة مع مضامين الكتب المدرسية: مثال ذلك المعطيات الخاصة بالحقوق العينية المطلوب استخراجها أثناء تصفية التركة، وفي هذه الحالة المطلوبُ هو إخراج الوديعة؛ والتي هي عبارة عن قلادة بقيمة عشرين ألف درهم، والأصل أن هذه القلادة تُرد بعينها إلى أصحابها، وليس المطلوب إرجاعَ قيمتها فقط. فكيف تطلب من التلاميذ استخراج قيمة الوديعة من التركة، في حين أن الواجب هو إرجاع هذه الوديعة "القلادة" بعينها لا بقيمتها؟ وسؤال امتحان السنة الماضية "ميز بين الغاية والوسيلة في الحوار والتواصل"، فجواب هذا السؤال موجود في كتاب المنار، وغير موجود في رحاب، وغير مشار إليه في الإطار المرجعي، سواء من حيث المهارات أو القدرات..، مع العلم أن في المنار نجد اعتبار التواصل وسيلة أيضا لتحقيق التعارف وتبليغ المعلومة وإنشاء علاقة تسمح بالحوار والنقاش..في حين أن عناصر الإجابة حددت الإجابة في اعتبار الحوار وسيلة والتواصل غاية. * أسئلة لا فائدة منها: مثل "وردت في الوضعية جملة من عوائق التواصل. استخرجها، ثم انسبها لأصحابها، معينا نوعها". استخراج العوائق من الوضعية له فائدة، وهي اختبار مهارة مرتبطة بالفهم والاستخراج وتحديد نوعها، لأن التلميذ درس أنواع عوائق التواصل، ويتم اختباره في استيعاب المضامين والقدرة على تصنيفها. أما نسبتها لأصحابها، مثل"ضحك خالد" أو "عائشة"، أو "الأستاذ"، فلا فائدة منها ولا تخدم أية مهارة أو كفاية أو قدرة. وقد علق أحد الظرفاء على هذا السؤال بأنهم ربما يريدون تعليم التلاميذ فن الغيبة والنميمة. ما جدوى تعدد الكتاب المدرسي، إذا كان يشكل عائقا أمام التلاميذ في الامتحانات، وسببا في ضعف معدلاتهم؟ أو سببا في رسوبهم؟ أو على الأقل حرمانهم من تكافؤ الفرص، ما دام أن بعض التلاميذ قد درس هذا المعارف، والبعض الآخر لم يطلع عليها ولم يدرسها، مع اختلاف زوايا معالجة بعض الدروس والإحاطة بها من جوانبها المختلفة، بما ينتج عنه تعدد الخطاب التربوي داخل الوزارة الواحدة. وهذا ينقض أهداف ومنافع تعدد الكتاب المدرسي بما فيها فتح المجال أمام الإبداع والمنافسة والإثراء والتنوع.. والمفروض في الإطار المرجعي أن تتوفر فيه معايير: التغطية لكل مضامين الكتب المدرسية، والمطابقة بينها، وتمثيلها، غير أن هذه الأطر المرجعية بقيت عائمة غير مستوعبة لمضامين المختلفة للكتب المدرسية ولا مطابقة بينها ولا ممثلة محاورها أو زواياها المختلفة، فيبقى الرهان علن حسن التنزيل، وهنا بيت القصيد، إذ أن الامتحانات الجهوية الموحدة لا تعكس ذلك. وهذا يبقي الإشكال قائما، بدون إجابات ومن ذلك سؤال حول: كيفية التعامل مع الامتحانات الموحدة في ظل تعدد الكتاب المدرسي؟ مع العلم أن أكاديمية الدارالبيضاء فيها أطر جيدة، وقد انضم إليها مؤخرا جزءٌ مُهمّ من الأطر التربوية من أساتذة ومفتشين، وكانت تابعة لأكادميتي سطات والجديدة، مما يفرض رفعَ الجودة في الامتحانات. وهنا يطرح سؤال ما مدى جودة الامتحان الجهوي في التربية الإسلامية؟ وما مدى مراجعة الامتحانات قبل اعتمادها رسميا؟ وما هي المعايير المعتمدة في اختيار أفراد لجنة الامتحانات؟ هل هي معايير الكفاءة أو أشياء أخرى؟ أم أن هناك خطة ممنهجة لتصفية هذه المادة ومسخها؟ مما سبق يمكن الخروج بخلاصة عامة وهي أن هذا الامتحان الجهوي ضعيف وهزيل، ولا يرقى إلى مستوى مادة التربية الإسلامية، وأنَّه مليءٌ بالأخطاء العلمية والمنهجية، ومخالف للأطر المرجعية الحاكمة لخريطة الأسئلة في الامتحانات.