استجابة للخطاب الملكي.. "البذل السوداء" يشكلون لجنة للدفاع عن الوحدة الترابية    الذكرى ال26 لوفاة المغفور له الحسن الثاني .. مناسبة لاستحضار المسار المتفرد لموحد المغرب ومؤسس نهضته الحديثة    الحسن الثاني .. "مؤثر" من زمن آخر يفرض حضوره بمنصات افتراضية لم يعاصرها    ندوة بالقصر الكبير ترصد رهانات مشروع تعديل قانون المسطرة المدنية    مجلس الأمن الدولي يشرع في مشاوراته تمهيدا لتمديد عهدة بعثة المينورسو :    الترحيل القسري من الحاضر إلى المستقبل    غوتيريش: الكوارث تتفاقم جراء أزمة المناخ والأطفال أكبر ضحاياها    المغرب يشارك في اجتماع اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني بالقاهرة    القضاء الفرنسي يحقق مع مواطن أفغاني متورط في مخطط إرهابي    إيران تندد بالعقوبات الأميركية على قطاعها النفطي على خلفية هجومها على إسرائيل    وفاة رئيس وزراء اسكتلندا السابق أليكس ساموند    إصابة 20 شخصاً في تصادم قطارين بمصر    الناظور تعيش على إيقاع "خطوات النصر النسائية" في دورتها الثانية    المنتخب المغربي يفوز على منتخب إفريقيا الوسطى            توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    تسجيل هزة أرضية خفيفة بإقليم الحسيمة    ختان جماعي في شفشاون يتحول لمأساة بعد إصابة 5 أطفال بتعفنات خطيرة        مغربيتان تفوزان بجائزتين في النسخة التاسعة لمسابقة "أقرأ"    13 مصنعا صينيا في قائمة "المنارات الصناعية" الحديثة للمنتدى الاقتصادي العالمي    تقرير بريطاني.. المغرب يتصدر قائمة أفضل 5 دول في تحسين مناخ الأعمال    دوري الأمم الأوروبية.. اسبانيا تنتزع الصدارة بفوز بشق الأنفس على الدنمارك    أحزاب سياسية تشيد بمضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان    الركراكي بين الإنجازات القوية والأداء الباهت    حزب الله يحبط محاولتي تسلل لقوات الاحتلال الإسرائيلي    بهذه الطريقة صقع المنتخب المغربي إفريقيا الوسطى    العثور على بقايا قد تكون لمتسلق جبال شهير فُقد في إيفرست قبل 100 عام    مدرب إفريقيا الوسطى: "لاعبون خذلوني"    محامو المغرب يُحدثون هيئة الديبلوماسية الموازیة لدحض "مناورات الخصوم"    مصرع عامل في ورش بناء بسطات    العيسى: إقرار "بناء الجسور" نقلة مهمّة    فوز المغربيتين مريم بوعود وفاطمة الكتاني بجوائز مرموقة في مسابقة "أقرأ" بالسعودية    انتعاش حركة النقل الجوي خلال السنة الجارية لمطار الناظور-العروي    نشرة خاصة: زخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح من السبت إلى الإثنين بعدد من أقاليم المغرب    بداية نزول أمطار رعدية على مختلف مناطق إقليم الحسيمة    فيلم "صحاري سلم وسعى" يتوج بالبنين    الشرطة تداهم ورشة لصناعة "المعسل"    أداء أسبوعي خاسر ببورصة البيضاء    منصة إماراتية للفرجة تعرض المسلسل المغربي "حياة خاصة"    مكتب الكهرماء يشرع في استغلال مشروعين لتقوية وتأمين التزويد بالماء الشروب بمدينتي المنزل وأوطاط الحاج    "البيضة ام الدجاجة اولا؟" .. علماء يحسمون الحدل أخيرا!        الرباط.. إجراء أول عملية لتجميد المبيض بالمغرب    طارق حمان: المحطة الريحية جبل لحديد تعزز الاستقلال الطاقي للمملكة    بعد انخفاضها ببضع سنتيمات .. اسعار وقود السيارات ترتفع بأزيد من درهم    قيمة تسويق المنتجات البحرية بموانئ المتوسط ترتفع إلى نحو 562 مليون درهم    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    المغرب يسجل إصابتين جديدتين ب"كورونا"    بروفايل l التصدي ل "هشاشة الحياة البشرية" يمنح "هان كانغ" جائزة "نوبل" للآداب    أخطاء كنجهلوها.. ميزات نظام مثبت السرعة (فيديو)    مرضى داء السل يشكون انقطاع الدواء وبروفيسور ل" رسالة 24 ": وزارة الصحة تتحمل المسؤولية الكاملة    وأْدٌ ضيَّع الورْد !    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديل القانون المحدد لولاية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.. وجهة نظر
نشر في هوية بريس يوم 28 - 05 - 2016


هوية بريس – السبت 28 ماي 2016
من قوة حزب العدالة والتنمية أنه دخل غمار السياسة برصيد قوي فكرا وممارسة، راكمه من خلال تجربة قيادييه وجل أعضاءه في الحركة الإسلامية لما يناهز عقدين من الزمن. فورث الحزب من الحركة، مما ورث، ثقافة شورية راسخة وترسانة تنظيمية قوية، أثبتتا نجاعتهما في الولاء للمنهج بدل الأشخاص وفي اتخاذ القرار وتدبير الخلاف والتداول على المسؤولية… إلخ.
وفي تفاعل دائم بين التنظير والممارسة لم يتوقف الحزب (ولن يتوقف) عن تجويد تلك القوانين وترشيدها، إلى أن أصبح الحزبَ الديمقراطي الأولَ في الوطن بشهادة الخصوم قبل الأصدقاء.
ومن القوانين التي يعتمدها الحزب تحديد مدة ولاية الأمين العام في ولايتين متتاليتين.
لقد جاء اعتماد هذا القانون في سياق وطني كان يعرف جمود الأحزاب على قيادات معينة وفي سياق داخلي مرتبط بنشأة الحزب وهو الذي أشرت إليه في المقدمة.
لكن حدث ما لم يكن في الحسبان!
ففي الوقت الذي كان الكل يعتقد أن حزب العدالة والتنمية دخل في معركة طويلة وضارية ضد التحكم من موقع المعارضة، جاء الربيع العربي بغتة، فظهرت حركة عشرين فبراير، ثم تم إقرار دستور جديد، نظمت بعده انتخابات مبكرة قذفت بالحزب إلى صدارة المشهد السياسي وأصبح الأمين العام للحزب رئيساً للحكومة بصلاحيات أوسع!
وقد نقل الأمين العام قدرته الإقتحامية وقوته التواصلية التي كان يتمتع بها منذ أن كان رئيساً لجمعية الجماعة الإسلامية، والتي ظهرت بشكل جلي في جولاته عبر ربوع المملكة بعد ظهور حركة عشرين فبراير، نقلها معه إلى رئاسة الحكومة. مما جعله حديثَ الناس في المقاهي والمنتديات الاجتماعية و"مادة دسمة" للإعلام ولاستطلاعات الرأي.
فأسس بذلك نمطا جديدا في علاقة رئيس الحكومة بعموم المواطنين.
إن رئيس الحكومة الحالي، وكل رئيس حكومة سيأتي بعده، أصبح "مِلْكا" لعموم المواطنين. يختاره المواطنون ويُسقطه المواطنون.
فمادام أمينٌ عام نجح في أن يصبح رئيس حكومة، يلمس في نفسه رغبة وقدرة على العطاء، ومادام يتمتع بشعبية ملحوظة، فلماذا يحول حزبه دون ذلك ويحرم الوطن والمواطنين من عطائه بسبب قانون قابل للتغيير!
لقد آن الأوان، في تقديري المتواضع، لتغيير هذا البند من القانون الداخلي. وهذا لن يكون فيه أدنى تراجع عن المكتسبات الديمقراطية للحزب، كما سأحاول توضيحه من خلال الرد على بعض الاعتراضات المفترضة..
الاعتراض الأول:
هذه انتكاسة لديمقراطية الحزب وعودة للدكتاتورية!
إن الديمقراطية في الحزب ثقافة متجذرة وروح تسري في وجدان أبنائه وخلق عفوي يطبع سلوكهم. فهي أكبر من أن تختزل في بند واحد، إن تم إلغاؤه تهاوت وخرّت!
ثم إن للحزب ترسانة من القوانين التي تصون هذه الديمقراطية وتُفعِّلها، وعلى رأسها منع الكولسة وترشيح الأشخاص من طرف المؤتمر بدل ترشحهم ثم التداول وما أدراك ما التداول في المرشحين! هذه المسطرة القاصمة والصارمة والحاسمة التي لا ترقب في أي مرشح إلاًّ ولا ذمة، هي الضمان الحقيقي لعدم "خلود" أي أمين عام في منصبه حسب رأيي!
وقد شاء الله أن يغير الحزب قيادته في السابق دون اللجوء لهذا القانون (أي تحديد مدة التسيير في ولايتين). وإلا لكان لنا أن ندعي أنه هو الذي يضمن التداول على المسؤولية. أما كان يجمع جل المراقبين والمحللين بل وجل أعضاء الحزب أنفسهم على أن الأمين العام السابق الدكتور سعد الدين العثماني ستجدد فيه الثقة في المؤتمر السادس للحزب؟ لكن الذي حدث كان عكس كل التوقعات والسبب في ذلك التداول في المرشحين الذي رجح كفة مرشح آخر فكانت المفاجأة غير المتوقعة!
ثم ها هي ذي الأحزاب الغربية التي لا يشكك أحد في ديموقراطيتها، تُبقي على قياداتها ما دامت تحقق الفوز تلو الآخر! فها هي ذي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، على سبيل المثال، مازالت تترأس حزبها منذ سنة 2000 و تم تجديد الثقة فيها بعد أن قادت حزبها للفوز في الانتخابات التشريعية سنة 2005، ومازالت إلى الآن على رأس الحزب. وهي في ذلك تسير على خطى المستشار الأسبق هلموت كول الذي بقي رئيسا لحزبه من سنة 1973 إلى سنة 1998، أي في السنة التي انهزم فيها أمام منافسه آنذاك جيرهارد شرودر، بعد أن شغل منصب المستشار منذ سنة 1982 أي لمدة ستة عشر سنة!
فتجديد الثقة في نفس الرئيس لمدة سنوات مادام يقود حزبه للفوز، ليس بالقطع دليلا على ديكتاتورية في الحزب.
الاعتراض الثاني:
هذه عودة لصنمية الزعيم وارتباط المشروع الحزبي بالأشخاص!
إن كل فكرة مهما انجلت واتضحت ورسخت في عقول وقلوب عامة أعضاء حزب معين، تحتاج إلى قيادات تتمتع بكاريزما قوية ومهارة على تسويقها بنجاح وقدرة على إقناع الناس بها.
إن الديمقراطية في الغرب رغم أنها مبنية على المؤسسات وعلى الأفكار، مازال الأشخاص يلعبون فيها أدوارا محورية، بل ومصيرية في بعض الأحيان.
وإن أي حزب في الغرب يريد الفوز في الانتخابات يختار رئيساً/مرشحا يتمتع بقدرات هائلة في التواصل والخطابة وسرعة البديهة ومحاورة منابر الإعلام وملكة في السخرية والمزاح..
إن فكر حزب العدالة والتنمية ومشروعه ومنهجه يجري في عروق كل أعضاءه مجرى الدم، وهم حين يزكون نفس الأمين العام لحزبهم لأكثر حتى من ثلاث ولايات، فليس ذلك ولاء لشخصه، وإنما لأنهم على وعي تام بأن إبقاءهم له في القيادة سيقود الحزب إلى مزيد من الفوز.
وأعود لأركز مرة أخرى على مسطرة التداول! هذه المسطرة العجيبة والفريدة التي أتمنى أن يصوت أغلب المؤتمرين في المؤتمر القادم للحزب لصالح شهود الصحافيين لها، حتى تنقل تفاصيلها للعالم أجمع. هذا التداول الحر والمسؤول هو الكفيل بتحرير اتخاذ قرار تزكية أمين عام لولايات متعددة من أي تبعية لشخصه وربطه بمصلحة الحزب والوطن.
الاعتراض الثالث:
إلغاء هذا القانون لا يتيح الفرصة لضخ دماء جديده في القيادة
بماذا يتعلق الأمر الآن؟ أو بتعبير بنكيران: de quoi s'agit-il. هل نحن الآن بصدد إعطاء فرصة لقيادات جديدة لتسيير الحزب؟ أم نحن بصدد أمر أهم وأخطر، يتعلق بالفوز في الانتخابات التشريعية وتسيير الحكومة؟ هل نقول لأمين عام، كل المؤشرات تدل على أنه سيقود الحزب إلى فوز آخر محقق، تنحَّ من فضلك لإفساح المجال لدماء جديدة؟! إن هذا ليس من الحنكة ولا من الحكمة في شيء!!
ثم إن حرية المبادرة العالية في الحزب وتعدد مؤسساته إضافة إلى التقسيم الجهوي الذي جاء به الدستور الجديد، كل هذا سيساهم في ظهور قيادات، قد تتحمل المسؤولية حين تقتضي المرحلة ذلك.
تأجيل موعد المؤتمر:
تأجيل موعد المؤتمر أمر طبيعي وحتمي من أجل التفرغ الكامل للانتخابات التشريعية القادمة التي ستكون معركة حاسمة بين استمرار الإصلاحات أو عودة التحكم.
كما أن هذا التأجيل لن يضع "التقليد الديمقراطي" المتمثل في اختيار الأمين للحزب رئيساً للحكومة رغم عدم تنصيص الدستور على ذلك، في حرج.
لكنه في المقابل لا يحل "الإشكال" المطروح البتة، بل يؤخره إلى الانتخابات التشريعية القادمة لسنة 2021..
كما أنه يفتح بابا نحو مغامرة مجهولة قد لا تعود بالخير على الحزب: فالحزب سيكون برأسين، الأمين العام للحزب من جهة ورئيس الحكومة من جهة أخرى.. ورئيس الحكومة الذي يسير تحالفا حكوميا يشارك فيه رؤساء الأحزاب الأخرى، سيكون مرؤوسا في حزبه..
إلى آخره من الإشكالات التي ستظهر إن سلك الحزب هذا المسلك..
وأخيرا..
فإنها وجهة نظر أقدمها وأدافع عنها لأنها في تقديري تخدم مصلحة الحزب والوطن.
وهي أيضاً قناعة راسخة لدي، سواء بقي الحزب في الحكومة أو عاد إلى المعارضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.