يتخبط حزب العدالة والتنمية الحاكم في أزمة الزعيم الذي يدور في فلكه كل أنصار الحزب. فبعدما أمضى عبد الإله ابن كيران ولايتين متتاليتين، ها هم أنصاره مرة أخرى يدعمونه لتزعم الحزب لولاية ثالثة من خلال تعديل النظام الأساسي للحزب، أو تأجيل عقد المؤتمر إلى ما بعد الإنتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم سابع أكتوبر المقبل، خوفا من نتائج انتخابات باتت مرتبطة بالزخم الذي وفره عبد الإله ابن كيران في منصب رئيس الحكومة. وتؤكد هذه الإرهاصات التصريح الأخير للأمين العام السابق للحزب سعد الدين العثماني، الذي شدد فيه على أن تأجيل المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية إلى ما بعد الانتخابات التشريعية "سببه أنه لا يمكن إجراء المؤتمر قبل الانتخابات، لأنه سيؤثر سلبا على استعدادات الحزب للاستحقاقات الانتخابية الثانية بعد دستور 2011". وفي هذا الصدد قال أمين السعيد باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية والعلوم السياسية في تصريح لموقع برلمان.كوم إن “مبررات قيادة حزب العدالة والتنمية لعقد المؤتمر في توقيته العادي سيؤثر سلبا على نتائج الحزب وسينهك مناضلي الحزب، مؤكدا أن ذلك يبرهن على أن قادة حزب المصباح يضحون بالديمقراطية الداخلية على حساب النتائج الإنتخابية”. واعتبر السعيد أن “التوجه الحالي الرامي إلى تأجيل المؤتمر يُناقض مسالك روح وفلسفة النص الدستوري، حيث نصت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 على أنه يتوجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مُطابقا للمبادئ الديمقراطية، وهو ما كرسته أيضا المادة 28 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية. كما أن أطروحة تأجيل المؤتمر ومدى إمكانية التمديد لعبد الإله ابن كيران ستؤثر على مصداقية الحزب، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية ظل يُنظر إليه من الأحزاب القليلة المنظبطة بالديمقراطية الداخلية حسب الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية. وأوضح السعيد أن “عين الصواب يكمن في أن يتم عقد المؤتمر وتجديد الهياكل قبل الاتحقاقات الانتخابية، لكون القيادة الجديدة هي التي ستتولى تدبير العمل الحكومي أو المعارضة، ولا بد من الحسم في الأمين العام الجديد لكون التعيين الملكي في حالة تصدر حزب العدالة والتنمية من المحتمل أن يسير في اتجاه تعيين الأمين العام لذلك فما الفائدة من هيكلة الحزب إلى مابعد الاتخابات التشريعية؟”. ويبدو أن الحزب الإسلامي الحاكم بقي وفيا لعقلية الشيخ والمريد، ولم يرق بعد إلى تجاوز الشخصنة السياسية للأحزاب السياسية، على الرغم من التصريحات السابقة لان كيران بأن “حزبه ليس عقيما وفيه آلاف المناضلين، ممن هم قادرون على خلافته، بعيدا عن فكرة الزعيم الأوحد”. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الداخلي للحزب “المصباح” لا يسمح بولاية ثالثة لابن كيران الذي لم يُعارض فكرة إعادة ترشيحه من قبل أعضاء المجلس الوطني حيث قال في تصريحات سابقة "ولاية ثالثة لا يسمح بها قانون الحزب، والقرار يرجع لأعضائه. إذا أرادوا تغيير القانون فذلك شأنهم".