يعد عقد المؤتمر 17 لحزب الاستقلال بعد تأجيله عدة مرات انتصارا لهذا الحزب الذي مر بمحن وبأزمات متعددة في عهد شباط النقابي / السياسي. والأكيد ان زمن تنظيم هذا المؤتمر لن يكون مجرد مؤتمر عادي في سياق عادي بل انهمؤتمر استثناء في ظرف استثنائي لذى سيشكل المؤتمر 17 لحزب الاستقلال لحظة حاسمة ومؤثرة في مسار مستقبل الحزب ، وتحديد معالم مستقبله السياسي مع الدولة والحكومة وباقي الفرقاء السياسيين خصوصا بعد تأجيله عدة مرات بعد حصول اتفاق بين صقوره في آخر لحظة . سياق عقد المؤتمر: ينعقد هذا المؤتمر في سياق يتميز بما يلي : 1- مواجهة مع القصر ومحيط الملك .2- تصدعات داخلية حادة بين تيار شباط وتيار ولد الرشيد.3- انتكاسة كبرى للحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة.4- خروجه للمعارضة بعد تصريحات شباط اتجاه موريطانيا.5- أول مؤتمر حزبي بعد خطاب عيد العرش الأخير وإعلان ملك البلاد سحب ثقته من السياسيين ومن الأحزاب وإعلانه الصريح بأن ملك البلاد لن يسمح باستمرار العبث الحزبي والسياسي بالبلاد. دلالات وأبعاد شعار المؤتمر: اختارت اللجنة التحضيرية للحزب شعار : » تجديد التعاقد من اجل الوطن « شعار له دلالات عميقة ورسائل رمزية لمن يهمه الأمر خصوصا بالنسبة لصناه القرار مفادها ان حزب الاستقلال سيتخذ من محطة المؤتمر 17 محطة جديدة لتجديد التعاقد من اجل الوطن وتصحيح المسار مع الدولة وكل القوى الحية بالبلاد على أساس تعاقد جديد من اجل خدمة الوطن كما جاء في الخطاب الملكي الخير بمناسبة عيد العرش وليس على اساس جعل الحزب آلية لتصفية الحسابات السياسوية الضيقة مع مناضلي الحزب ومع الدولة. مؤتمر المصالحة مع الذات والدولة : يتبين من منح رئاسة المؤتمر لنور الدين مضيان وتعيين عبد الواحد الأنصاري ورحال المكاوي وعبد السلام اللبار وفؤاد القادري وعبد اللطيف ابدوح ونور الدين مضيان وياسمينة بادو ومولاي حمدي ولد الرشيد وعبد الصمد قيوح وعمر احجيرة لرئاسة جلسات المؤتمرين الإقليمين ان الأمور تتجه نحو حسم الأمانة العامة لصالح نزار بركة خصوصا وان كل من رئيس المؤتمر ولائحة الأعضاء الذين ترأسوا مؤتمرات انتخاب المؤتمرين الإقليميين للمشاركة في المؤتمر 17 للحزب كلهم مقربين من تيار نزار بركة مما يعني ان الفوز بالأمانة العامة بالمؤتمر هو تخطيط مسبق على مستوى المؤتمرين وهي خطة ممنهجة ومحكمة لتضييق الخناق على شباط من داخل المؤتمرات الإقليمية لحزب الاستقلال لقطع الطريق لكي لا ينتخب شباط لولاية ثانية أمينا عاما للحزب بعد تخلي الكل عنه والتفاف حول نزار بركة رجل التوازنات والمقرب من صناع القرار الذين يراهنون عليه لوضع حد للشعبوية التي هيمنت على المشهد الحزبي السياسي: شباط- لشكر- بنكيران- العماري. وعليه ، فالمصالحة مع الذات الاستقلالية ومع الدولة وباقي القوى الحية بالبلاد يبقى من أكثر رهنات المؤتمر 17 وانتخاب نزار بركة أمينا عاما للحزب. كل الشروط مواتية لصالح لنزار بركة لقيادة الحزب: منذ موافقة المؤتمر الاستثنائي لحزب الإستقلال الأخير بالإجماع على تعديل فصلين من القانون الأساسي للحزب: أ-تعديل صياغة الفصل 54 الخاص بانتخاب الأمين العام للحزب، بحيث يمكن لأي عضو سبق له أن كان عضواً في اللجنة التنفيذية أن يترشح لمنصب الأمين العام . وتعد اللجنة التنفيذية أعلى هيئة قيادية في الحزب، وتنتخب من طرف المجلس الوطني – برلمان الحزب- و يفتح هذا التعديل المجال لترشيح نزار بركة للمنصب، حيث كان الفصل السابق يشترط أن يكون المرشح عضواً في اللجنة التنفيذية التي تسبق انعقاد المؤتمر العادي وهو ما لا ينطبق على بركة ، لأنه ليس عضواً في اللجنة الحالية.ب- تعديل الفصل 91 من النظام الأساسي بشأن تركيبة اللجنة التحضيرية للمؤتمر لتضم جميع أعضاء المجلس الوطني ، وكانت في السابق تضم عدداً أقل .ومنذ تعديل هاذبن الفصلين فهم مناضلوا حزب الاستقلال بان المؤتمر السابع للحزب سيعرف منعطفا تاريخيا في القطيعة مع مرحلة شباط وتدشين مرحلة جديدة يقودها نزار بركة بهدف تحقيق مصالحة الحزب مع الدولة على أسس تعاقد جديد جسده شعار المؤتمر . المؤتمر بين ترشح شباط وترشح بركة : سيختار المؤتمرون بين مرشحين كل مرشح له بروفايل ومسار مختلف عن الأخر.بوفايل شباط نقابي عنيد مناور صارم في اتخاذ القرارات ولو بصفة انفرادية دون مراعاة للتداعيات .شباط رجل سياسية بعقلية نقابية يدبر السياسة بفهم نقابي الامر الذي يفسر انقلاباته وتغيير مواقفه المفاجئة دون الاستسلام بسهولة .خلال ولايته أنهك الحزب بصراعات داخلية مع خصومه داخل أجهزة الحزب وبمواجهات خارجية مع أجهزة الدولة وكانت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ضربة قاسية له على إثرها فتح جبهات مع حزب البام مع الداخلية مع المحيط الملكي الذي دفع احد مستشاريه للرد على تصريحات شباط. اتجاه موريطانيا. شباط يعرف ان الكل ابتعد عنه : أعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس الوطني والشبيبة ومنظمة المرأة ويدرك – جيدا- ان ترشحه لولاية ثانية في المؤتمر السابع عشر هو مجرد ترشيح رمزي ومغامرة ومناورة سياسية امام ترشيح نزار بركة الذي يراهن عليه أعضاء اللجنة التنفيذية وبعض رجال الدولة لقيادة حزب الاستقلال الذي تشعر الدولة بأنها بأمس الحاجة إليه – اليوم- لمواجهة الإسلاميين بعد فشل حزب الأصالة والمعاصرة في هذه المهمة خصوصا وان بروفايل نزار بركة مقبول من طرف الدولة ومناضلي الحزب ليعود حزب الاستقلال لعب أدواره الريادية في المشهد السياسي المغربي بعد ان حوله شباط في ولايته الى حزب تدبير الأزمات والمواجهات .وعليه فكل الاحتمالات تنتظر فوز نزار بركة لقيادة حزب الاستقلال بعد ان وفر له خصوم شباط باللجنة التنفيذية كل شروط الفوز خصوصا ولد الرشيد وقيوح وبادو ومضيان والأنصاري واحجيرة والبار والمكاوي وحفيد علال الفاسي. رهانات المؤتمر السابع 17: محطة المؤتمر 17 لن تكون محطة نزهة للمؤتمرين بل ستكون لحظة محاسبة وتقييم ونقد ذاتي ومحطة رهانات :1- تجديد العلاقة مع الدولة وهو ما عبر عنه بوضوح نزار بركة الذي صرح بان إعادة فوز شباط بولاية ثانية يشكل خطرا وتهديدا على حزب الاستقلال وعلى علاقاته بالدولة، لان علاقات القائد السياسي بالدولة في النظام السياسي تحدد حسب بروفايل زعيم الحزب السياسي وهو ما يؤكده الباحث الفرنسي ROBERT REZETTE روبرت ريزين في كتابه : “الأحزاب السياسية المغربية” ان : “تاريخ الأحزاب المغربية هو تاريخ بعض الرجالات أكثر منه تاريخ التنظيمات ” .وهو ما يعني ان مواقف الدولة من زعيم الحزب تحدده مواقفه وسلوكاته وخطاباته ان هي مزعجة ومقلقة للدولة او منسجمة ومتطابقة مع مواقفه. وعليه فمستقبل علاقة حزب الاستقلال مع الدولة سيحدده سلوك وخطاب والمواقف السياسية للامين العام الجديد للحزب .2- استرجاع دور الحزب لعب التوازن في المشهد السياسي بقوتع التنظيمية وبقوته الاقتراحية .3- ضرورة تنقية الأجواء ورص صفوف اطر الحزب.4 انتخاب جيل جديد من القيادات بعيدا عن الشعبوية والمواجهة .-5-كيفية التفاعل الايجابي مع مضامين الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش.5 – الاستعداد الجيد للدخول للحكومة في إطار أي تعديل حكومي مرتقب.6- تجاوز الوضع الهش والمتأزم للحزب على أسس ديمقراطية وليس انتقامية والرهان على التنظيمات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية للقيام بمهامها المنوطة بها وفق ما ينص علية القانون الأساسي والقانون الداخلي لحزب.7- العمل على استرجاع هيبة الحزب وقوته الانتخابية في أفق اما انتخابات سابقة لأوانها او أفق الانتخابات العادية سنة 2021. على كل المؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال لن يكون محطة نزهة سياحية او مؤتمرا عاديا بل سيكون محطة تقييم وتقويم ونقد ذاتي لتحديد معالم حزب الاستقلال في علاقاته مع الدولة والمحيط الملكي ومع كل القوى الحية عبر انتخاب امين عام جديد مؤمن بانه لا ديمقراطية الا بأحزاب قوية وديمقراطية ، ولا أحزاب قوية وديمقراطية الا بقوة استقلالية القرار ولا استقلالية للحزب الا بقيادات قوية ومستقلة تستمد قوتها من الدستور ومن القانون التنظيمي للأحزاب ومن قوانين الحزب، ولا قيادات قوية الا عبر الالتزام بالمقتضيات الدستورية، خصوصا ما جاء به الفصل 7 والفصل 11 من دستور 211 الذي اعتبر الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. استاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس