زرت البارحة معرض الكتاب المنظم في ساحة مسجد الكتبية بمراكش.. وبينا أنا أتنقل بين أروقة المعرض لمحت نشاطا ثقافيا تبين لي من برنامج المعرض أنه توقيع كتاب شعري.. فلفت انتباهي قلة الحاضرين المتابعين لما يقوله الضيف أو الشاعر.. بل إن كلامه الفصيح يختلط بضجيج الداخلين والخارجين فلا يكاد يتبين ما يقول.. فعجبت مرة أخرى من هذه المظاهر التي باتت مألوفة من زهد الناس في الإقبال على التظاهرات العلمية والثقافية وعدم اهتمامهم بها.. ابتعدت من الساحة ثم مضيت صوب شارع (البرانس) -وهو مكتظ بالمارة كالعادة- ورأيت ازدحاما ظننته في البداية خصاما أو حادثا.. فلما اقتربت تبين أن الأمر يتعلق بأحد المشهورين في منصات التواصل.. والسبب في شهرته وفرة شعره وشعثه وتناثره مع رقصة خاصة ضجت بها مواقع التواصل.. فأكد لي هذا المنظر مرة أخرى ما صرنا نعيشه من طغيان التفاهة وسيادتها.. واستفزني ما رأيت في هذه الخرجة إلى قول أبيات من الشعر أحببت أن أشاركها معكم: عَهْدُ التَّفَاهَةِ يَمْضِي غَيْرَ مُنْكَسِرِ = يُدْنِي الْهَشِيمَ وَيَجْفُو رَائِقَ الزَّهَرِ عَهْدٌ تَوَارَى بِهِ ذُو الجِدِّ مُنْطَمِسًا = وَسَادَ فِيهِ أَسِيرُ العَجْزِ وَالْخَوَرِ فَسَائِلِ النِّتَّ عَنْ شِعْرٍ وَمُنْسَرِحٍ = يُهْدِيكَ مِنْ عِلْمِهِ تَسْرِيحَةَ الشَّعَرِ فَنَاظِمُ الشِّعْرِ مَنْسِيٌّ وَصَرْخَتُهُ = تَمْضِي هَبَاءً وَسَمْعُ النَّاسِ فِي ضَجَرِ وَثَائِرُ الشَّعْرِ نَجْمٌ قَدْ أَحَاطَ بِهِ = جَمْعُ الْمُبَاهِينَ فِي مَوْجٍ مِنَ البَشَرِ قَدْ طَوَّقُوهُ وَغُنْمُ الْقَوْمِ أَنْ ظَفِرُوا = مَعَ الْمُشَعَّثِ بَعْدَ الْجُهْدِ بِالصُّوَرِ فَاخِرْ بِرَأْسِكَ وَاجْعَلْ شَعْرَهُ شَعِثًا = فَمَا لِشِعْرِكَ وَالتَّشْعِيثِ مِنْ ظَفَرِ ذَيِّلْ قَفَاكَ ذُؤَابَاتٍ مُنَمَّقَةً = وَاهْجُرْ عَرُوضَكَ فَالتَّذْيِيلُ فِي خَطَرِ لَهْفِي عَلَى زَمَنٍ صَارَتْ جَحَافِلُهُ = يَقُودُهَا كُلُّ بَادِي العِيِّ وَالْحَصَرِ لَا تَطْلُبِ الصِّيتَ مِنْ عَهْدِ التَّفَاهَةِ فِي = بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ بَلْ وَفْرٍ مِنَ الشَّعَرِ 22 ماي 2023