تنص المادة 4 من النظام الأساسي الخاص بهيئة موظفي الجمارك على أنه: «… لا يجوز للموظفين المنتمين لهيئة موظفي إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة أن يؤسسوا أو ينخرطوا في منظمة نقابية أو حزب سياسي أو ممارسة أي نشاط من أنشطتهما، لاسيما القيام بأي شكل من أشكال التظاهر أو الاحتجاج الجماعي.» وإذا كانت الغاية من إنشاء هذا النظام الأساسي لم تأت في حقيقتها سوى لحظر العمل النقابي عن موظفي الجمارك ومنعهم من ممارسة أي نشاط من الأنشطة السياسية، فإن المادة الرابعة أعلاه لم تؤسس لفئة من الموظفين يتم استثناؤهم من هذا المنع. ولما كان المدير العام لإدارة الجمارك ومدير الموارد والبرمجة بها ممن ألحوا على إصدار هذا النظام الأساسي، فقد كان حريا بهم أن يأتمروا بأوامره ويتناهون عن نواهيه. على هذا يكون التصريح الذي أدلى به المدير العام إلى صحيفة "طيل كيل" والذي تناقلته الصحافة الإسبانية يعد تصريحا غير مسؤول بالنظر لخوضه في قضايا سياسية أساءت لوحدة المملكة وذلك حين ذكر أن البنية التحتية لمدخل سبتة ومليلية لا تسمح بإقامة منشآت جمركية تفي بالحركية التجارية، والذي تم فهمه من طرف الجانب الإسباني على إمكانية تحقق ذلك مستقبلا وفق ما أفاد به موقع swissinfo.ch بتاريخ 3 يونيو 2022. ذلك أن مثل هذا التصريح يعد اعترافا ضمنيا بالسيادة الإسبانية على المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. والحقيقة أن مسؤول الجمارك لم يكن موفقا في العديد من القرارات التي تخص تسيير المرفق المشرف عليه، لعل أهمها قراراته في الاعتداء المادي على عقارات ليست من ملك الإدارة الجمركية وليست من ملك الدولة الخاص بقدر ما هي مملوكة لمنخرطي جمعية الجمارك، الأمر الذي يُنْبِأ بالافتقار إلى التكوين والمعرفة القانونية، أو مثل قراراته بتمكين مستخدمي الوكالة الخاصة لطنجة المتوسط TEMSA من المشاركة في محاربة الاحتيال التجاري بكافة أشكاله وفق ما نصت عليه الاتفاقية الموقعة بينهما في هذا الإطار، على اعتبار أن محاربة الاحتيال تظل من الأعمال الرقابية التي تحفظ هيبة وسيادة الدولة ولا يجوز تفويتها أو إشراك الغير فيها لافتقار هذا الغير هنا إلى صفة الضبط القضائي التي قد ينكرها الكثير من القائمين على الشأن الجمركي عن علم أو بغير علم، مما تندثر معه المهام الجمركية نتيجة هذه القرارات غير المسؤولة، مثلما سبق للإدارة الجمركية أن فوضت أمر نقل الأموال المتحصل عليها من الرسوم والمكوس إلى شركة خاصة لنقل الأموال في اتجاه بنك المغرب عن طريق مستخدمين لا يتوفرون على سلاح وظيفي، وهو ما يطرح التساؤل عن جدوى حمل السلاح في الوظيفة الجمركية، بعدما تم تعطيل مواطن استخدامه عمليا بمناسبة التخلي عن إقامة الحواجز الجمركية في الطرقات، و نظريا عن طريق حذف النص من مدونة الجمارك الذي يجيز المطاردة عن كتب للبواخر والسفن في عرض البحر، أو مثل ما حدث كذلك في آخر تعديل لحق مدونة الجمارك من حذف للدائرة الجمركية أو مثل إشراف الوكالة الخاصة لطنجة المتوسط على عائدات الأشغال المؤدى عنها Travaux rémunérés (TR) المقررة في حقيقتها لفائدة الجمارك بموجب قرار وزيري عن الخدمات التي يقدمها موظفو الجمارك خارج أوقات العمل الإداري، وهو ما قد يهدد بدوره استمرار هذه العائدات المدفوعة من طرف الشركات إذا ما أثيرت في ظل نظام أساسي أصبح يجبر الموظف بقوة القانون على العمل في أوقات متفاوتة على مدار اليوم والساعة ضمانا لاستمرارية المرفق، أو مثل القرارات المتخذة انفراديا بتفعيل انتقالات الموظفين وترسيخها ضمن النظام الأساسي لموظفي هيئة الجمارك على قدم المساواة مع قرارات النقل التأديبية دون تمييز في أثرها، وكل ذلك في ظل مغرب يؤمن اليوم أكثر مما مضى بالمقاربة التشاركية، وبخطاب ربط المسؤولية بالمحاسبة، فهل من محيص ǃǃ؟