الخميس 03 دجنبر 2015 لاقت تصريحات الأديب والروائي المصري يوسف زيدان -التي أنكر فيها رحلتي الإسراء والمعراج وزعم أنه لا وجود للمسجد الأقصى بمكانه القائم فيه- حالة رفض واستهجان من قبل شريحة واسعة من علماء شرعيين. زيدان وخلال حواره الاثنين الماضي مع الإعلامي عمرو أديب بإحدى الفضائيات، قال إنه "لا وجود للقدس في المسيحية زاعما أن أساس اسم القدس عبراني يرجع لليهود، كما أنكر حدوث رحلتي الإسراء والمعراج، إضافة إلى زعمه أن المسجد الأقصى "ليس هو القائم في فلسطين الآن، ولا يمكن أن يكون كذلك، وليس أحد القبلتين". وأثارت هذه التصريحات حفيظة مختلف أطياف علماء الدين في مصر، سواء من مؤيدي النظام الحالي أو رافضيه مؤكدين أن الدفاع عن الأقصى جزء من العقيدة الإسلامية، بينما اعتبر البعض أن الهدف من إطلاقها هذا الوقت ل "إثارة البلبلة وإشغال الرأي العام عن أمور أهم تتعلق بحياة المواطن المصري". وحظيت تصريحات زيدان بتناول واسع بوسائل الإعلام المصرية مال في أغلبه للنقد، الأمر الذي دفعه إلى استنكار ذلك على حسابه الشخصي في موقع فيسبوك بقوله "التغطية الصحفية الكسيحة العوراء لحواري بالأمس مع عمرو أديب دليلٌ على الحال المزري الذي وصل إليه في مصر إعلامُ العار وسكب الزيت على أي نار، مع فروق نوعية طفيفة في درجة الحقارة من صحيفة لأخرى". واشتهر زيدان مؤخرا بتبنيه مواقف متعاطفة مع اليهود ومعتقداتهم أثارت الجدل بفترات مختلفة، كما عرف باهتمامه بالتصوف الفلسفي وفهرست المخطوطات العربية، وفازت روايته "عزازيل" عام 2009 بأهم جائزة أدبية بالشرق الأوسط والعالم العربي وهي الجائزة العالمية للرواية العربية. خيانة للأقصى عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ محمد عوف، رأى أن هذه التصريحات "تأتي في وقت تشهده فيه الأراضي الفلسطينية انتفاضة للدفاع عن المسجد الأقصى في ظل مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتقسيمه زمانيا ومكانيا" متهما النظام المصري ومؤيديه بخيانة الأقصى والقضية الفلسطينية، والتحالف التام مع الكيان الصهيوني. وأضاف أنه "لم يعد مستغربا أن تصدر مثل هذه التصريحات بشكل علني وواضح في الوقت الذي تقوم فيه المؤسسات الدينية الرسمية (الأزهر والأوقاف) بتجفيف منابع الفكر والثقافة الإسلامية عبر إغلاق المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية ومعاهد إعداد الدعاة، حتى يتم ترسيخ مفهوم الإسلام الرسمي الذى يقتصر على بعض شعائر الإسلام فقط ويعزل الدين عن الحياة". ولم يستبعد عوف -في حديثه للجزيرة نت- أن يكون أحد أهداف إثارة هذه التصريحات هو "إشغال الرأي العام عن فشل الحكومة في إدارة الدولة وصرف نظر المواطن عن قضايا الفساد المالي وقضايا حقوق الإنسان من قتل وتعذيب واعتقال". واتهم بعض علماء الدين من مؤيدي النظام الحالي بالعمل على إشاعة هذه التصريحات من خلال كثرة تناولها في وسائل الإعلام، ولو بالنقد، حتى تصبح مألوفة لدى المتابعين ما يؤدي مع تكرار طرحها إلى "إخماد الحمية للدين في نفوس المسلمين". مفاهيم مغلوطة بدوره، قال أستاذ الفقه المقارن والبرلماني السابق د. عز الدين الكومي إن "هذه التصريحات تتواكب مع الموجة التي دشن لها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بهجومه على الإسلام والمسلمين في أكثر من مناسبة بزعم تجديد الخطاب الديني". واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن "موقف أصحاب العمائم من رجال الطيب وأوقاف مختار جمعة لا يعدو كونه ترسيخا لهذه المفاهيم المغلوطة من خلال ردود هزيلة، ولعل سب زعيم الانقلاب أشد عندهم من الطعن في الإسلام وثوابته كما بدا من موقف خالد الجندي الأخير الذي رفض فيه تحريم الخمر". وشدد الكومي على خطورة ترويج مثل هذه الأفكار المسمومة في ظل اندلاع انتفاضة فلسطينية للدفاع عن الأقصى، مضيفا "في القدس أسري بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهي المدينة المباركة التي فتحها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وحررها صلاح الدين (رحمه الله تعالى) وحري بكل مسلم العمل على تحريرها". حملات تشويش بينما رأى الباحث الشرعي الشيخ عبد العزيز رجب أن "زيدان يستهدف على فترات متفاوتة التشويش على المسلمين بتهجمه على المقدسات والثوابت الإسلامية". وتابع في حديثه للجزيرة نت "كل ما قاله يدل على جهله بالدين والتاريخ، فالقرآن أثبت ما نفاه في سورة الإسراء وفي سورة النجم، كما ثبت ذلك في أحاديث نبوية، واتفق علماء الشريعة على أن من ينكر الإسراء خارج من الملة ومن ينكر المعراج فاسق". وأشار إلى أن الهدف من إشاعة هذه الآراء مؤخرا هو "إشغال الرأي العام عن حالة الفشل الذريع في إدارة الدولة، ومحاولة لإحياء دور رجال الأزهر التابعين للسلطة وتقديمهم في صورة حماة الإسلام بعد سقوطهم بتأييدهم الانقلاب وسكوتهم عن انتهاك حقوق الإنسان".