هوية بريس – إبراهيم الطالب لا يختلف أحد في أثر المرجعية العقدية على السلوك الفردي والجماعي، هذه قاعدة مضطردة، لا بد أن يعطى لها حقها في النقاشات الدائرة بين اللادينيين والمسلمين. فاللادينيون الذين يستحلون الزنا أو فاحشة قوم لوط (السدومية) يكفرون بأي شريعة صادرة عن أي قوة أو سلطة دون سلطة الإنسان التي تشرع لنفسها بنفسها فهي التي تستحق فقط في نظرهم الاحترام والامتثال، وتمتلك خاصية الإلزام، فلا يهمهم إن كان الله سبحانه قد حرم الزنا، كما لا يهمهم أن يكون في المغرب مسلمون يريدون أن يُحْكَموا بالقانون الجنائي المستمد من القرآن والسنة. لذلك فَهُمْ لا يُسَمُّون الموبقات والكبائر بأسمائها كما يسميها المسلمون، بل يرون ذلك من التخلف والظلامية والتطرف المخالف للتقدم والتمدن والتحضر. وحتى يطوروا المجتمع المغربي في الاتجاه العلماني اللاديني تراهم يستوردون ألفاظًا هي قوالب لمعاني تستجيب للعقيدة اللادينية التي يؤمنون بها من قبيل تسمية الزنا: علاقات رضائية؛ فإذا نتج عنها حمل وقررت صاحبته أن تقتله سَمَّوْا لها عملية القتل: "تدخل طبي لإيقاف حمل غير مرغوب فيه"بديلا عن تسمية الإجهاض أو قتل الجنين، وإذا وُلد ابن الزنا الضحية، سموه ابنا طبيعيا، وسُميت أمه "أمّا عازبة". لأن العزوبة لديهم لا تعني بالضرورة أن المرأة العازبة لا تُمارس الزنا، فمنظومة العفة لديهم منظومة بائدة قروسطوية. أما البكارة فهي مثل أي جلد مَهين زائد في جسم المرأة لا قيمة له يمكن أن يستغنى عنه، وعند بعضهم ينبغي الاستغناء عنه لأنه علامة كبت جنسي. أما الأمومة فلا علاقة لها برباط الزوجية ومفاهيم العفة ولا تنظم شؤونها شريعة تصريف الشهوة في الإسلام ولا أحكام الأسرة المسلمة، بل هي أمٌّ بيولوجية تماما مثل قِرْدة أو لبوءة أو أتان، والذي زنا بها ليس أكثر من مجرد أب بيولوجي مثل القرد أو الأسد أو الحمار، فقد لا تعلم هذه الأم من هو الذكر الذي لقَّحها، خصوصا إذَا كانت مؤمنة بحريتها في ممارسة شهوتها الجنسية مع مَن تريد وقت ما تشاء. هذه المصطلحات بمفاهيمها الجانحة عن الدين والمجتمع دخلت في المغرب المسلم إلى كثير من الحقول التداولية المعرفية، وصار المطالبون باستحلال الزنا، لا يستحيون ولا يخجلون من طرحها والدفاع عنها حتى صار كثير من المثقفين والصحفيين والسياسيين لا يستطيع أن يستعمل لفظ زانية أو مصطلح ابن زنا، لأنه سيظهر بمظهر الإسلامي المتطرف أو طالب العلم الشرعي، وهذا ينافي مركزه الاعتباري حسب ظنه. ومما زاد الأمر استفحالا سكوت علماء المجالس العلمية وخصوصا المجلس العلمي الأعلى الذي ينأى بجانبه عن الخوض في هذه الموضوعات تجنبا لردة فعل العلمانيين وأحزابهم وجمعياتهم الحقوقية التي تدافع بقوة عن هذه المطالب المناقضة للدين؛ هذا رغم أن ما يتعلق بحفظ النسل والدين ليس من اختصاص الجمعيات ولا الأحزاب بل هو من اختصاص المجالس العلمية وجمعيات العلماء ومؤسساتهم وعلى رأسها المجلس العلمي الأعلى، فحفظ النسل والدين هو من الضروريات الخمسة للشريعة الإسلامية، وأي إخلال بها هو تدمير للأسرة المغربية وخروج عن الإسلام؛ فعلماء المذهب المالكي -بل كل مذاهب الإسلام- مجمعون على أن استحلال محرم معلوم بالضرورة أن الله حرمه، مثل الزنا أو السدومية موجب لكفر مستحله، وهذا أمر لا يخلو منه كتاب فقه. وبطبيعة الحال بشروطه وقواعده. فماذا يعتري عقول النخبة الهوياتية التي يناط بها الدفاع عن مقومات الهوية المغربية وحراسة الملة والدين من عبث السفهاء والمغرضين؟؟ لماذا تنام ملء جفونها، حتى إذا ما وقعت الفأس في الرأس، سمعت هتافات هنا وردودا هناك لا تعدو أن تكون نحيب ثكالى فقدن أبناءهن أو عويل مُرَزَّءاتٍ قُتل أزواجهن؟ لقد شُطِب شرط الولي من عقد الزواج في مخالفة صريحة للمذهب المالكي، وذلك تحت ضغط اللادينيين واستقوائهم بالقوى الخارجية، واليوم تطورت مطالب بعضهم لتصل إلى استباحة الزنا والسدومية فإلى أين يتجه المغرب؟؟ هل يدرك علماؤنا ونخبتُنا المدافعةُ عن الهوية المغربية والتي من أعظم مقوماتها الإسلام، أن نفس السيناريو تمر به كل الموبقات لتصير تشريعا بشريا يزيح تشريعات القرآن من الوجود؟؟ ولمن لا يعلمه فالسناريو هو كالتالي: 1- يبدأ الأمر فسقا وانحرافا سلوكيا (زنا، فاحشة قوم لوط، شرب خمر...). 2- يتطور بعد فشوه إلى سلوك جماعي يتواطأ عليه الفاسدون والمفسدون. 3- يتكتل أصحابه المقترفين له والمآزرين لهم ليصبح مطلبا حقوقيا. 4- تتبنى جمعيات حقوق الإنسان المطلب وتبدأ في مناقشته. 5- يتناول الإعلام العلماني المطلب ويسوِّقه بشكل يجعله يظهر للناس كأنه مطلب مجتمعي جدير بالنقاش؛ وأن الدول المتحضرة المتقدمة تجاوزت مثل هذه النقاشات، مع العلم أن هذا الإعلام العلماني هو من قام بأمر إشاعته وإفشائه وتزيينه منذ البداية. 6- تشترك النخبة العلمانية في نقاش المطلب، فتضطر تحت ضغط العلمانية الدولية باقي النخب إما إلى النفاق إذا كانت لا ترتضي الفعل، أو إلى المدافعة عن المطلب وتبنيه من باب عدم الظهور بمظهر المتناقض، لعلمها أن الأساس القيمي أو الفكري أو الفلسفي الذي يقبل بمفهوم الحريات الفردية كما هو متعارف عليها في الغرب، هو نفسه الأساس الذي يستبيح الزنا ويجعلها حرية فردية سوية، لذا يرى كل العلمانيين أنفسهم مضطرين للقبول بمطلب استباحة السحاق أو السدومية (الشذوذ) خضوعا لقوة منظمات العلمانية الدولية. 7- بعد مرور الزمن تصبح الفاحشة مطلبا لبعض النخبة السياسية لأن الأذرع الحقوقية لأحزابها اعتبرت تلك الفاحشة مندرجة ضمن حقوق الإنسان والحريات الفردية وما دام الدستور قد نص على سمو المرجعية الدولية فإن الأمر يستحق أن: 8- يُقدَّمَ في إطار مشروع قانون أو مقترح قانون تلبية لمطالب الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية. 9- ثم تبدأ المرحلة الأخيرة لمراودة الضمير الجمعي وعموم الشعب المغربي، وتنويمه وتضليله، ليجد المغاربة أنفسهم أمام أمر واقع. 10- وفي ظرف سياسي مناسب يدفع أصحاب المطلب المتنفذين في دوائر اتخاذ القرار بكل قواهم ليستصدروا قانونا يستجيب لمطلبهم سواء بالتعديل أو الإلغاء. فتتم بهذا استباحة ما حرم الله من السلوكيات التي تبدأ فاحشة وانحرافا وتنتهى قانونا ملزما لجميع المغاربة المسلمين، وتشريعا بشريا مناقضا لشريعة رب العالمين. فهل يعقل، بل هل يتصور ولو عَلى سبيل التخمين فقط، أن يكون في المغاربة المسلمين من يدعو إلا استحلال الزنا؟؟ نعم الزنا!!! وليفتح الجميع أعينهم وآذانهم. هذا ما نعيشه اليوم في زمن ينطق فيه الرويبضة في المؤسسات التنفيذية والتشريعية والحقوقية، حيث يتزعم التافهون كل المشاهد. زعيم هذا المطلب الشنيع المسمى "خارجة على القانون" هو ائتلاف من مجموعة من الخارجات عن الدين والشرع والقانون والهوية، يطالبن بالحرية لبناتنا ونسائنا المغربيات في ممارس الزنا مع من يُردن. وصريح المطلب أنهم يريدون استحلال ما حرم الله باسم الحرية والرضا، يودون أن يصير تصريف الشهوة بين المغاربة المسلمين كما هو بين اللادينيين في فرنسا أو هولاندا أو أمريكا. وإذا سألتهم: وماذا نفعل بنتاج الزنا أي الأطفال ضحايا ما تسمونه بالعلاقات الرضائية ويسميه الدين بالزنا والفاحشة، أجابوك ليس مهما فالدكتور الشرايبي يدافع بالموازاة لتوسيع دائرة الإجهاض باسم الصحة النفسية للزانية، ونحن (أي هُم) نعلم أن المطلبين سيصلان إلى قبة البرلمان في وقت واحد، خصوصا أن إمامنا الدكتور الديالمي الجنساني يحرض الناس منذ عقود على الثورة الجنسية، والإعلام يهيئ المجتمع للقبول بالمطلب يوما ما. عجيب!!! ألا يعد هذا تحريضا على الفاحشة؟؟ نعم! هو بالتأكيد كذلك! لكن لماذا لا تعتقل السلطات هؤلاء المحرضين؟؟ بطبيعة الحال لأن الدولة تخشى أن تُسجِّل عنها التقارير الحقوقية الدولية التي ترفعها المنظمات الحقوقية الوطنية إلى منظمة الأممالمتحدة أنها تنتهك الحريات الفردية، وهؤلاء "الحقوقيون" لهم حماية كبيرة من الدول الغربية وأصدقاؤهم في المنظمات الدولية مستعدون للدفاع عنهم، والبي بي سي وفرونس 24 وتي في 5 وذيلهم الدوزيم مستعدة كلها لتبني ملفاتهم والتضامن معهم. هكذا تسكت الدولة وتلتزم الحياد، فهل على العلماء والنخبة الأصيلة التي كان يدافع أسلافها عن الإسلام ضد الاحتلال العلماني حتى لا يجتث الإسلام من بلاد المغرب المسلم أن تسكت هي أيضا؟ هل يحق لها أن تلتزم الحياد وهي ترى أن مقاصد الشريعة تدمر موضوعاتها واحدة بعد الأخرى؟ وهل بعد تدمير النسل والدين يمكن أن نتحدث عن الإرث والولاية بل هل يبقى حديث عن إسلامية الدولة أصلا؟ إن الحريات الفردية التي يطبل بها ولها اللادينيون على طول سنوات مضت تشمل بالخصوص استحلال كل ما حرم الله، بينما تبقى بعض الحريات الفردية الأخرى التي يطالبون بها مجرد ذريعة تخول لهم توسيع مطالبهم وإضفاء بعض الشرعية على حركاتهم. فالزنا وإسقاط الفصل 490 لاستحلال الفاحشة دون عقاب، جزء من مطالب أصحاب الحريات الفردية، لكن بقي في جعبتهم لوازمه وهي تنظيم الدعارة واستحلال السحاق والسدومية (الشذوذ)، واستحلال التحول الجنسي، وتنظيم صناعة البورنغرافيا، فهل ستمنع الدولة حينها النساءَ المسلمات من الزواج بالكفار؟ بل هل سنتحدث حينها عن الأسرة المسلمة؟ بل هل يمكن أن نميز في مجتمع مثل هذا بين الكفر والإيمان أو بين العفة والفساد، أو بين الطهارة والدنس، أو بين الفضيلة والرذيلة؟ إن جعبة اللادينيين القذرة تحتوي أيضا -بالإضافة إلى ما سبق- على تحرير تجارة المخدرات وإباحة تناولها بحرية كاملة في فضاءات عمومية مخصصة لذلك بموجب القانون، وكذلك بيع الخمور للجميع علنا مع إلغاء العقوبة عليها. ولئن طالت غيبة العلماء عن مضامير التدافع، فليس بعيدا أن نصبح لا قدر الله يوما ما وقد استحل المغرب كبيرة الزنا استحلال كاملا مؤذنا بالدمار الشامل للفرد والأسرة والمجتمع؟؟ ملحوظة: قد يقول قائل إن هذه الأمور يتقصد مَن يهمهم الأمر إثارتها حتى يلهوا النخبة عن القضايا الكبرى، فنقول لهذا البعض: بل ما تقوله هو الإلهاء الحقيقي، بل هو الإلغاء التام للعقل؛ فإذا وصل شعب مسلم ما إلى استحلال الزنا والسدومية، فهل يصلح لشيء آخر سوى أن يكون أفراده حميرا للصهاينة، تماما كما يصف التلمود شعوب الگوييم، والذين جعلتهم بروتوكولات حكماء صهيون خدما للجنس اليهودي. وخير الهدي هدي محمد صلى اللَّهِ عليه وسلم.