نعلم يقينا وسلفا أن مقام رسولنا عليه الصلاة والسلام أسمى وأعلى من أن ينال منه غر فرد أو عصابة أو حزب أو شرذمة من الأفاكين، سراق الشبه والبحوث العلمية البلهاء. إن مشهد الاستهزاء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام من بقايا المستهزئين قديما وحديثا جاء ليشهد على صدق رسالتهم، والله عز وجل ذكر أمر الاستهزاء بالأنبياء في كتابه الكريم كقانون إلهي يقضي بأنه ما من نبي أرسله الله لقومه إلا ويُستهزأ به، قال تعالى: "وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"، فهذه سنة إلهية ماضية في الرسل وأولياء هذه الأمة من بعدهم. فالجاهلون بحقوق نبينا محمدصلى الله عليه وسلم وأخلاقه لما يئسوا بعد طول بحث كي يجدوا ملجأ يلجون منه للنيل منه، فداه أبي وأمي، أعلنوا إفلاسهم فعمدوا إلى أسلوب السخرية والاستهزاء مقلدين ساداتهم وكبرائهم فضلوا وأضلوا: "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا"، وسيقولون متمنين متأسفين: "يا ليتنا أطعنا الله" فيما أمرنا به ونهانا عنه "وأطعنا الرسولا" فيما دعانا إليه. "مفاليس" فحالهم كما قيل: إذا كان الغراب دليل قوم — فلا فلحوا ولا فلح الغراب إذا كان الغراب دليل قوم — سيهديهم إلى دار الخراب إذا كان الغراب دليل قوم — يمر بهم على جيف الكلاب إن شرذمة المستهزئين يريدون منا بغبائهم أن نكون جزءا من مخطط سخيف نساهم من خلاله في تشويه صورة الإسلام بردود أفعال غير محسوبة تأتي دائما بنتائج عكسية وآثار سلبية تحكمها العاطفة والحماسة والاندفاع في الانتصار لنبينا المختارصلى الله عليه وسلم. فهل تعتقدون أننا أغبياء نواجهكم بالعنف كعادتكم في التباكي والتظلم والصراخ؟ هل تعتقدون أننا سنواجه سخريتكم بالتحريض عليكم وإرهابكم كما تزعمون وتولولون وتعنونون؟ فاطمئنوا لن نقدم لكم ما تنشدون من وراء استهزائكم بنبي الإسلام لتشويه صورة الإسلام بأبخس الأثمان؟ اسمعوها منا نحن من يستغل هذه الجعجعات لبيان رسالة الإسلام السامية وتعريف الجاهلين منكم بعظمة دين الإسلام ورحمة نبي الرحمة محمدصلى الله عليه وسلم وسنتصدى لكم من خلال رؤية واضحة وبرامج محددة لتفادي مثل هذه الأحداث وحسن التعامل معها. لقد علمنا نبيناصلى الله عليه وسلم كيف نجابه معسكر المستهزئين، فقد واجه استهزاء المستهزئين به بدعوتهم وتعليمهم، وعاملهم بالحسنى، ودعا الله أن يهديهم، بل ويعز الإسلام بهم، فكانت العاقبة أن دخلوا أفرادا وجماعات في دين الله. ولا يخفى عليكم معاشر الغيورين على مقام النبوة أننا نعيش في عصر "الإعلام الفتاك"، فبالتالي علينا أن نعي أن أي موقف منا قد يساهم في تشويه صورة الإسلام إنما هو دعاية مجانية للمستهزئين، وعلينا أن ندرك أن ما علينا القيام به الآن لمواجهة هذه الحملات المسعورة هو نشر سيرته الصحيحة.. وشمائله الرائعة.. ومواقفه مع خصومه.. لأنه باختصار"رحمة للعالمين"صلى الله عليه وسلم. وكان كل نبي خلا في أمة يدعو على قومه دعوةَ هلاك واستئصال، فتُستجاب له، أما هو عليه السلام فيدعو لهم راجيًا طامعا: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون". ونحن بفضل من المولى ندرك تماما أن نصرة المؤمنين واجبة، ونصرة النبيصلى الله عليه وسلم أوجب، وقوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلوما"، فهذا في حق المؤمنين وفي حق النبيصلى الله عليه وسلم أوكد وأعظم لقوله تعالى: "فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ"، فعلَّق الفلاح بالنصرة، فمن لم ينصره فليس من المفلحين.