حينما يعتقد المرء أن النظام الجزائري وصل إلى أقصى مستوى من الاستفزاز في حق المغرب والمغاربة، يفاجأ بأن الخيال التدميري لعسكر الجارة الشرقية لا حدود له. آخر ما تفتقت عنه مخيلة هذا النظام هو إعداد الرأي العام المحلي للخطوة القادمة التي قد تكون طرد المغاربة المقيمين بالجزائر، باعتبارهم "عملاء للموساد". القصة بدأت من "تغريدة" للصحافي الفرنسي جورج مالبرونو على "تويتر"، يعتمد فيها على مصادر مخابراتية في بلاده ليقول إن "عناصر من المغاربة المقيمين في فرنسا يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي". هذه "التغريدة" التي لا دليل يسندها تم استغلالها من طرف موقع يملكه ابن أحد أعمدة النظام القديم الجديد، الجنرال خالد نزار، للوصول إلى نتيجة أن أي مغربي قد يكون مخبرا للموساد الإسرائيلي. نص المقال المكتوب بالفرنسية يقول بالحرف: "في ما يتعلق ببلدنا الجزائر، فإن الخطر حقيقي للغاية، مع العلم أن الكيان الصهيوني كان يضع الجزائر في مرمى بصره، وأن وجود أكثر من مليون مغربي في وضع غير نظامي على أراضينا يشكل خطرا أمنيا لا يستهان به...". ويستمر المقال: "إلى متى سنسمح لأعدائنا التاريخيين بالاستفادة من ثرواتنا؟ الوضع خطير للغاية. يجب أن نكون حذرين أيما حذر. هذه الهجرة غير الشرعية لا تجلب أي قيمة مضافة لبلدنا، بل على العكس تماما. فضائح التجسس المختلفة مثل بيغاسوس وهذه الفضيحة الأخيرة التي تبرز تعاون المخابرات المغربية والموساد تؤكد الخطر المحدق ببلادنا". النص يستمر على هذا النهج بلغة تجمع بين الوقاحة وكثير من الشوفينية الغبية ليصل إلى جملة لا يمكن أن يكتبها سوى نازي يستورد مصطلحاته من غياهب الرايخ الثالث البائدة. هذه الجملة التي أنهى بها "صاحبنا" مقالته العنصرية يقول فيها بالحرف: "لذا، لنعمل على تطهير بلادنا من حشرات المخزن المغربي". مستوى انحطاط أخلاقي غير مسبوق رغم أنه في سياق النظام نفسه الذي سبق له طرد آلاف الأسر المغربية في عيد أضحى 1975. تتذكرون الرئيس عبد المجيد تبون حينما قال جملة معناها: "كل واحد يتصرف حسب أخلاقه"؟.. لأول مرة أجد نفسي متفقا مع الرئيس الجزائري مائة بالمائة.