الإهانة التي تعرض لها المغرب ما كانت لتكون بهذا الشكل الفاضح لولا أن المسؤولين المغاربة بسطوا الفراش الأحمرللأمريكان، ولولا أن المغرب تحول فيما يشبه ملحقة للمخابرات الأمريكية إذ لا يحل ببلادنا سوى الجنيرالات وقادة أركان الجيش الأمريكي أو مسؤولو وزارة الدفاع و"FBI" و"CIA" "" في شهر دجنبر 1777 اصدر السلطان سيدي محمد ن عبد الله بيانا يعلن أنه يمكن لجميع السفن التي ترفع العلم الأمريكي دخول الموانئ المغربية بكل حرية . وبهذا البيان يكون المغرب أول دولة تعترف علنا باستقلال الجمهورية الأمريكية . وتشاء مكر الصدف أن يتم في شهر ماي 2007، أي بعد 230 سنة إصدار بيان من طرف "السلطان" جورش بوش يعلن فيه أن المغاربة ممنوعون من ولوج مقر القنصلية الأمريكية للحصول على التأشيرة لدخول التراب الأمريكي. وبهذا البيان يكون المغرب اول دولة تتعرض للإذلال في العالم من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية. الإهانة القرار المتخذ يوم 3 ماي 2007، القاضي بإغلاق المصالح القنصلية الأمريكيةبالدارالبيضاء في وجه المغاربة ودعوة الراغبين في الدخول للتراب الأمريكي التوجه أو الحريك، فالأمر سيان على سفارة أمريكا وأوربا أو تونس تم تبريره بأن المغرب "بلد غير آمن ولا يتوفر فيه الضمانات لحماية الأمريكيين" منذ أن عاش شارع مولاي يوسف بالبيضاء [حيث مقر القنصلية الأمريكية] هزة كاميكازية بفعل تفجير الأخوين مها لنفسيهما . القرار الأمريكي خلف ردود فعل قوية لدى الرأي العام، حيث استهجن العديد من المواطنين والمثقفين جالستهم "الوطن الآن" أو استطلعت رأيهم بواسطة الهاتف أو الأنترنيت,بكون الدول التي تشهد فظاعات إرهابية أشد خطورة لما يقع بالمغرب [مثل الجزائر، العراق، أفغانستان، الأردن، مصر..] لم تتعرض شعوبها لمثل هذا الإذلال الذي تعرض له المغاربة علما أن المسؤولين الأمريكيين يتذرعون بكون الترتيبات الأمنية بالمغرب لا تتطابق مع تلك الموضوعة من طرف خبراء الأمن بوزارة الخارجية الأمريكية، أي ترك مسافة لا تقل عن 30 مترا بين سور البناية [سفارة أو قنصلية] والشارع مع تشديد المراقبة بمنع المرور والتجول بجوارها وتعزيز الموقع بآليات ضخمة [دبابات، شاحنات، قوات الأمن، أكياس الرمل أو الحجارة سيارات البوليس...] وهي شروط في حالة تحقيقها، تظهر أن المدينة تعيش حالة حرب من قبيل تلك التي كانت مدن إيرلندا تعيشها بسبب الحروب الحضرية بين الإنجليز ومقاتلي منظمة "غيرا" أو مثل ما تعيشه بغداد بسبب ظروف الاحتلال والصراعات الطائفية. والحال أن الأحداث الإرهابية التي كانت الدارالبيضاء مسرحا لها عاشتها معظم الدول من خليج عدن إلى خليج اندونيسيا، مرورا بأوربا والولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، دون أن نسمع أن رعايا إسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو اليابان أو العراق... مطلوب منهم التنقل إلى بلدان أخرى للحصول على "فيزا" أمريكية. وحينما صدر عن واشنطن بيان يحذر الرعايا الأمريكيين من التنقل إلى الجزائر بدعوى انعدام الأمن ثارت ثائرة الحكومة الجزائرية واحتجت بشدة مما استدعى تصويب أمريكا لموقفها. بينما في المغرب لاذت الحكومة [كعادتها] إلى الصمت، ولم نعد نسمع تصريحات الناطق الرسمي أو وزير الخارجية. أما الوزير الأول فذاب في "الخريطة الوطنية". بينما الوزير المنتدب في الخارجية الطيب الفاسي المعين كمفاوض واحد وأوحد مع أمريكا، فاختفى عن الأنظار وعن التفاوض لصالح المغاربة. الإهانة التي تعرض لها المغرب ما كانت لتكون بهذا الشكل الفاضح لولا أن المسؤولين المغاربة بسطوا الفراش الأحمر [LE TAPIS ROUGE] للأمريكان، ولولا أن المغرب تحول فيما يشبه ملحقة للمخابرات الأمريكية إذ لا يحل ببلادنا سوى الجنيرالات وقادة أركان الجيش الأمريكي أو مسؤولو وزارة الدفاع و"FBI" و"CIA" بينما وزراء الصحة والمالية والتعليم والخبراء في التنمية فلا يعرفون طريقا نحو المملكة الشريفة! فأمريكا استفادت خلال السنوات الخمس الأخيرة من كل هذه الامتيازات التي طلبتها: * تشديد العقوبة على القرصنة الخاصة بأفلامها وتغيير القانون المغربي رغم أن القانون الأول لم يصدر إلا بحوالي سنة ونصف. * إصدار قانون الإرهاب بكل العيوب المثارة من طرف الحقوقين. * اقتطاع طانطان من التراب الوطني وضعها رهن إشارة الجيش الأمريكي ليتصرف فيها كما يشاء مع تغليف الأمر ب "مناورات مشتركة"! * تحويل الأجواء المغربية إلى ممر آمن للطائرات الأمريكية التي تنقل المختطفين أو المتوجه بهم إلى معتقلات سرية للتعذيب. * فتح الأسواق المغربية في وجه أمريكا بمقتضى اتفاق التبادل الحر الذي كان اتفاقا غير عادل لتجار وصناع وفلاحي المغرب. بالمقابل ماذا ربح المغرب اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا من هذه التنازلات المتتالية؟ عند تصفح السجلات الرسمية تكتشف أن مجموع العلاقات الاقتصادية بين البلدين تبلغ بالكاد 12 مليار درهم [تحديدا وصلت إلى 11.23 مليار عام 2006] ومعظمها لفائدة الميزان التجاري الأمريكي وليس المغربي إذ بلغت واردات المغرب من الولاياتالمتحدةالأمريكية 9.09 مليار درهم [عشرها كان سما لقتل رئة المغاربة عبارة عن سجائر]، بينما صادرات المغرب نحو أمريكا لم تتعد 2.53 مليار درهم .بانخفاض قدره 15.81 في المائة مقارنة مع عام 2004 لتقليص الولاياتالمتحدة شراء المصبرات والخضر والملابس من بلادنا! صحيح أن القانون الدولي يمنح لكل دولة اتخاذ الاحتياطات التي ترأسها مناسبة لضمان أمن رعاياها [مادامت السفارة والقنصلية في العرق الدولي قطعة من تراب الدولة] لكن نفس القانون يحدد مساطر ومسالك لتجنب العلاقات الدولية مزيدا من التشنج. نزع السروال فها هي بريطانيا، وفي خطوة ذكية وأنيقة لم تقر بإغلاق قنصلياتها بالمغرب .علما أنها كانت عبارة عن شقة في عمارة بشارع أنفا قرب الكرابة [باعة الخمر بدون رخصة]، بل بادرت إلى ترحيلها إلى السفارة البريطانية [المبنى الجديد بالسويسي] في خريف 2006 مع توفير شروط آدمية وإنسانية للمواطن الراغب في الفيزا [كراسي مريحة، سقيفة من حر الشمس، مراحيض كافية، آلة للقهوة والمشروبات بثمن مناسب.. إلخ...] دون أن يثير الموضوع أي هزة أو أزمة بين البلدين. وهنا بؤرة الظلام العالقة: ترى ما الذي كتبه طوماس رايلي في تقريره المرفوع لوزارة الخارجية بخصوص اتخاذ هذا القرار؟ فمعلوم أن الحكومة الأمريكية تفوض الأمر لسفرائها في الدول المعينين بها. وطوماس رايلي بنى قراره قبل أن يطلب استشارة خبراء بلاده الذي حلوا يوم الأربعاء 9 ماي 2007 بالدارالبيضاء لدراسة الموضوع مع سفير أمريكا بالمغرب ومعرفة الخطوات الواجب اتخاذها. لكن أيا كان القرار [بالإغلاق أو بالترحيل نحو حي آخر أو بسد منافذ شارع مولاي يوسف الذي يبقى من أجمل الشوارع] فإن الإهانة الذي تعرض لها المغاربة لم تكن إهانة من الحكومة الأمريكة [فهذه لم تعود الشعوب العربية سوى على الإذلال]، بل هي إهانة السلطات المغربية التي نزعت السروال أكثر من اللازم أمام الأمريكان. عن الوطن الآن