ما كان النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، المقرئ الإدريسِي أبو زيد، يعلم أن نكتة عابرة في محاضرة ألقاها أمام حضور خليجي، ستؤلبُ عليه أصواتا كثيرة انتقدتْ تقديمه صورةً نمطيةً عن التاجر الأمازيغي ذي الأصول "السوسية" ، وتصويره كما لوْ أنه حاز كل البخل. الإدريسِي ظهرَ في مقطعِ فيديُو، منقول عن قناة الرسالة الفضائية، يقول فيه "بالمغرب عندنا تجار معروفون بنوعٍ من البخل، وهم من عرق معين، لن أقوله حتى لا أتهم بالعنصريَّة فِي المغرب"، وهُو ما أولَه مرتادُو الشبكات الاجتماعيَّة بأنهُ صدًى لما يُتداول من نكات حول بخل التجار المنحدرِين من سوس. وتقول نكتة المفكر الإسلامي أن "أحدهم من حرصه على المال، والخوف من سرقته، وضع مرآة في قعر درج النقود، حتى إذا فتحه تأكد أنه هو، وليس غيره"، قبل أن يخلص إلى أن هذه النكتة "تخرق مفهوما بديهيا، مفاده أن الهوية تطابق شعوريا الذات، وأن الإنسان متوحد مع هويته الفردية والجماعية أيضا". هسبريس نقلتْ كلام الإدريسِي إلى الباحث الأمازيغي والناشط الحقوقِي، أحمد عصِيد، فقال إنَّ "هذه الصورة النمطية، التي تروج عن تجار سوس، غالبا ما تفصل عن سياقها التاريخي، وهو أن العائلات المهاجرة من البوادِي إلى المراكز الحضرية، والتي اشتغلت في التجارة، كان التجار فيها منفصلِين عن عائلاتهم التي يتركونها في الموطن الأصلِي". وتابع عصيد بأن "هؤلاء التجار كانوا يعملون من أجل "لْبْلَادْ"، ويقضون السنة بكاملها في جمع المال للعائلة التي لا تتواجد معهم في المكان نفسه، وهاته صورة البقال في الستينات"، مضيفا أن "التجار بدءوا يستقرون في الأوساط الحضرية مع أبنائهم وعائلاتهم التي غادرت البادية، مما جعل البقال يبنِي منزلًا كبيرًا، ويسجل أبناءهُ في أفضل المدارس، وينفق الكثير من المال". "المشكل هُو أنَّ تستعمل الصورة من قبل من ينتمُون إلى النخبة دون وعي بسياقها، فالطريقة التي تكلمَ بها المقرئ، التِي لا أعرف سياقها ولا هدفها، عن انتماء أولئك التجار إلى عرق معين لا يدل على شعور بالمسؤولية وهو يتحدث عن بلده في بلدان أخرى" يورد عصيد. واسترسل الناشط الأمازيغي بالقول إن "مثل هذه الزلات ينبغي تجنبها، وعلى الإنسان أن يتحلى بالحكمة والمسؤولية في حديثه، لأنه لا وجود للأعراق في المغرب، وإنْ كان المقرئ لا يعرفُ ذلك، فعليه أنْ يدرك أن المغرب مجتمع وشعب موحد". ويشرح عصيد "من الممكن للبقال السوسي أنْ يكون من أصل عربِي، وفرع من بني هلال انتقل إلى سوس، أو من بني معقل، كما يمكن لتاجر فِي فاس أنْ يكون من أصل أمازيغِي، فنحنُ نتحدث من منطلق شعب موحد، له تعدد في اللغة والثقافة وأنماط العيش والثقافة والديانات، ولا وجود لعرق خالص لدينا" وفق تعبير المتحدث.