لا يجتمع مغاربة فرنسا على كلمة سواء فيما يخص سلوكهم الانتخابي، حيث أظهرت جميع التجارب الانتخابية السابقة غياب الانسجام الانتخابي عند الناخبين ذوي الأصول المغربية؛ إلا أن المتتبعين لرئاسيات الجمهورية الخامسة وللتوجهات المعبر عنها من قبل المرشحين يؤكدون أن إيمانويل ماكرون هو المرشح الأوفر حظا. عداء اليمين المتطرف أكد مصطفى طوسة، المحلل السياسي المقيم بفرنسا، أنه ينبغي إلغاء النظرية النمطية التي تحاول تكريس فكرة أن المغاربة كلهم يصوتون لحزب واحد، موضحا أن هناك مغاربة فرنسيين يوجدون ضمن اليسار، وآخرين يدعمون اليسار المتطرف واليمين، وحتى اليمين المتطرف الذي يجسده كل من إيريك زمور ومارين لوبين. واستدرك المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، قائلا إن المرشح لنيل دعم المغاربة هو إيمانويل ماكرون؛ بالنظر إلى تبنيه لمواقف إيجابية عديدة بالنسبة إلى المغرب، وأيضا على مستوى المحيط المتوسطي والمغاربي. وتابع المحلل عينه قوله إن من وجهة نظر مغاربة العالم وفرنسا يعد ماكرون المرشح الأقل ضررا مقارنة مع مرشحي اليسار الذي كان دائما يعبر عن تعاطفه مع الأطروحات الانفصالية والانفصاليين في قضية الصحراء. واستبعد المحلل السياسي المقيم بفرنسا كلا من إريك زمور ولوبين من لائحة مرشحي المغاربة، مبرزا أن كل الأطروحات السياسية والمعتقدات الاجتماعية لهاتين الشخصيتين تضرب عرض الحائط مفهوم العيش المشترك ومصالح الهجرة. ولفت طوسة إلى أن الهجرة تعتبر بمثابة شماعة توضع عليها مشاكل فرنسا، وبالتالي فالجو العام يتجه نحو دعمهم لولاية ثانية للرئيس ماكرون ولسياسته التي رسمها سياجا أمام اليمين المتطرف الذي يهدد مصالح العرب والمهاجرين. وعبّر عن التوجه نفسه حسن بلوان، الباحث في العلاقات الدولية، مؤكدا في الآن ذاته أن ماكرون المرشح الأقرب إلى أوراق تصويت المغاربة، بالرغم من صعوبة تحديد توجهات الناخبين المغاربة في الانتخابات الفرنسية، على اعتبار عدم دقة جميع المؤشرات المتتبعة لنوايا التصويت داخل الجاليات المغاربية عامة والمغربية على الخصوص. بالإضافة إلى تفشي ظاهرة العزوف عن صناديق الاقتراع عند معظمهم، ناهيك عن الضغط الاجتماعي الانعزالي عند فئات أخرى منهم تعاني أصلا من الهشاشة في الضواحي، وأخرى همها تتبع مجريات الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية؛ لكن تبقى فئات مغربية أخرى مشاركة ومؤثرة في هذه الانتخابات وقريبة من دوائر حملات المرشحين وتتقلد مناصب قيادية بعد الحسم الانتخابي. ملفات منتظرة قال حسن بلوان إن اليمين المحافظ كان في التجارب التقليدية السابقة في إطار الثنائية الحزبية يراهن على أصوات المغاربة من خلال التوازن في السياسة الخارجية؛ بينما كان اليسار الإصلاحي يستجدي أصوات المغاربة من خلال سياسة داخلية ترفع شعار المساواة والإدماج للجاليات. وتابع المتحدث ذاته أنه "مع بروز (الظاهرة الماكرونية) وارتفاع أصوات اليمين المتطرف تغيرت القواعد والعوامل المفسرة للمزاج الانتخابي لمغاربة فرنسا، خاصة مع تشديد قوانين الهجرة وإجراءات الإدماج داخل منظومة المجتمع الفرنسي، بالإضافة إلى تغير النظرة إلى الدين الإسلامي مع ارتفاع ظاهرة الإسلاموفوبيا، وإذا أضفنا الملفات الخارجية كالعلاقات المغربية الفرنسية فنوايا التصويت المغربية تذهب لصالح ايمانويل ماكرون". ويراهن المغاربة من خلال تصويتهم على حل ملفات الهجرة والإقامة والحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا، والقطع مع تهديدات اليمين المتطرف للجاليات المغربية المقيمة، بالإضافة إلى رهان مهم يتمثل في الدور الذي يمكن لفرنسا أن تلعبه في قضية الصحراء المغربية خاصة مع الدينامية الجديدة التي يعرفها الملف وانحياز دول مؤثرة إلى الطرح المغربي على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وإسبانيا.