يتوجه الفرنسيون، اليوم الأحد، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس جديد يقود البلاد بعد تجربة فرانسوا هولاند؛ وهي الانتخابات التي تتطلع إليها الجالية المغربية المقيمة في فرنسا، وستلعب دورا حاسما فيها. ومع ارتفاع حرارة الحملة الانتخابية ووصولها المراحل الأخيرة، وعلى إثر الاعتداء الذي طال "الشانزيليه" مساء الخميس الماضي، يرى مراقبون دوليون أن هناك " تخوفا من أن يصل اليمين المتطرف إلى السلطة، وليس بالضرورة مارين لوبان، أي أن تصل عقلية اليمين إلى السلطة؛ وهو التوجه الذي يجسده حاليا فرانسوا فيون". بخصوص توجهات الجالية المغربية في هذه الانتخابات، اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل المغربي المتتبع للشأن الفرنسي، أن "المغاربة يصوتون كالفرنسيين لليمين أو اليمين المتطرف، وهناك من يصوّت لصالح اليسار ومن يؤيد اليسار المتطرف"؛ غير أنه أكد أن "الكثير من المغاربة والعرب يعتقدون أن فيون، بالرغم من مواقفه الحازمة اتجاه الهجرة والمسلمين، فهو على حق في خياراته الانتخابية، وبأن فرنسا في حاجة إلى مثل هؤلاء الرجال لفرض سياسة تضع حدا للهجرة السرية والإرهاب، ما يعني أن هناك من ينظر إليه بطريقة إيجابية". الباحث المقيم في باريس عاد ليؤكد، في تصريح لهسبريس، أنه خلال الحملة و"الكاستينغ الانتخابي"، الذي تقدم به المرشحون، "هناك رجل استطاع أن يجذب ويستميل ود وعطف المغاربة والمسلمين، يتعلق الأمر بنوا آمون الاشتراكي اليساري، والوزير السابق؛ لأنه اتخذ عدة مواقف اتجاه قضية الحجاب". وبرر الإعلامي المغربي ذلك بقوله "في الوقت الذي يريد البعض أن يطبق علمانية حادة تمنع كل من يرتدي الحجاب، فإن المرشح آمون تميز بمواقفه المتفهمة لبعض الضروريات؛ فهناك نسوة إن اخترن بمحض إرادتهن أن يرتدين الحجاب فإن العلمانية الفرنسية تضمن لهن ذلك، وانطلاقا من هذه المواقف كان يستميل ود وعطف المغاربة والعرب والمسلمين". وبعد أن أكد الطوسة أن جميع المرشحين مقبولون لدى المغاربة باستثناء مارين لبان، أرجع السبب في ذلك الاختيار إلى المواقف التي تصدر عن المرشحة المذكورة؛ فهي تسعى إلى "تسجيل مبدأ الأفضلية الوطنية في الدستور الفرنسي، وهذه الرسالة فهمت من مختلف الجاليات بأنها إقصاء لهم في الاقتصاد الفرنسي والمشاركة في المجتمع"، مضيفا أن مرشحة اليمين المتطرف "تحمل فكر الحقد على الأجنبي، ولا تفرق بين لاجئ هارب من الحروب، وبين مهاجر سري، وبين فرنسي من أصول مغاربية أو عربية أو مسلمة، فبالنسبة إليها كل ما هو غير مسيحي فهو أجنبي. وهذه اللغة يخاف منها المغاربة والعرب والمسلمين؛ لأنها تؤسس لإقصاء الأجانب". وشدد الباحث المغربي على أن الجالية المغربية والمسلمة بشكل عام سيكون لها تأثير في نتائج هذه الانتخابات، مشيرا إلى أنه "في الانتخابات الماضية كانت الجالية العربية والمسلمة بعيدة عن رهان الانتخابات ولا تنخرط فيها؛ لكن انطلاقا من هذه الانتخابات لاحظ المراقبون أن شباب الضواحي والعرب يهمهم أن يسمع صوتهم في هذه الانتخابات"، مضيفا على أن هناك من كتب أن "الصوت الذي سمح لبنوا آمون للفوز في انتخابات الحزب لاشتراكي كان هو الصوت العربي الذي تجند في الدور التمهيدي لمنع فالس من المرور إليها". ولفت المتحدث نفسه إلى أنه بالنظر إلى الظرفية الفرنسية والتهديد الشعبوي، فإن الصوت العربي سيجيش بطريقة أقوى في هذه الانتخابات، التي ستؤثر في نتائجها أيضا التهديدات التي طالت أشهر شوارع العاصمة باريس، حسب قوله. ويتنافس في هذه الانتخابات الرئاسية، لتي تجري اليوم، 11 مرشحا من أجل المرور إلى الجولة الثانية، حيث قدم هؤلاء برامجهم الانتخابية للفرنسيين. ويتعلق الأمر بكل من فرنسوا فيون، وزعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة بفرنسا مارين لوبان، إلى جانب الاشتراكي بنوا آمون، وكذا إيمانويل ماكرون، وجان لوك ميلينشون وستة آخرين.