دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، إلى حوار اجتماعي يرمي إلى إرساء سلم اجتماعي وعلاقات تعاقدية تعاونية مبنية على الحوار بين مختلف المتدخلين. جاء ذلك في كلمة ألقاها ميارة خلال افتتاح جلسة المنتدى البرلماني السادس للعدالة الاجتماعية بمجلس المستشارين. وقال ميارة: "إن الحوار الاجتماعي يرسي بديلا لعلاقة اعتقد البعض، تنظيرا وممارسة، أن قَدَرها هو الصراع والتضاد، في حين يهدف مشروع الدولة المنشودة إلى البحث عن أفضل السبل لمقاومة التحديات الاجتماعية المطروحة، عبر استدعاء نموذج الدولة الاجتماعية، المتحملة لواجب المساعدة والعون للفئات المعوزة، وحماية المواطنين من انزلاقات اقتصاد السوق، والمُرسية لشبكة التأمين الاجتماعي، بمداخل التقاعد والشيخوخة والتأمين ضد الحوادث والتعويض عن العطالة". ولفت ميارة إلى أن الحديث عن الحوار الاجتماعي يضعنا أمام معادلة صعبة؛ فمن جهة، هناك قَبول بأن العلاقات الشغلية والتفكير بخصوصها ومآلها لم يعد للدولة فيها دخل، فالدولة التي نُظر إليها باعتبارها دولة أقل، دولة حد أدنى، دولة حارسة، تترك كل ما هو اجتماعي واقتصادي لإرادة المتعاقدين ولقانون السوق ولِيدِه الخفية الباحثة عن التوزان، كما قال الليبراليون ذات يوم. ومن جهة أخرى، نَستدعي الدولة، تلك الدولة التي حررناها في الماضي من التزاماتها الاجتماعية والاقتصادية، نُصرة لمذاهب اقتصادية، أو اعتناقا لتوجهات تُعلي من قيم الحرية والليبرالية، أو فقط تنفيذا لوصايا مؤسسات مالية أصبحت تحتكر القرار الاقتصادي العالمي ومصيره". وسجل ميارة أن الدولة مطالبة اليوم باسم التماسك الاجتماعي وتعميم عوائد النمو وتوزيعها بشكل عادل والتأمين الاجتماعي، بالعودة من جديد من بوابة"الدولة الاجتماعية". رئيس مجلس المستشارين تطرق كذلك للمتغيرات التي قد تطرأ على الحوار الاجتماعي بسبب تداعيات جائحة كورونا، وقال: "إن مسلسلات الحوار الاجتماعي السابقة كان يحضرها الفاعلون الاجتماعيون للتفاوض مع المشغلين بشأن قضايا عديدة، لكن اليوم ظهرت ملامح حوار اجتماعي جديد، فانتقلنا من موضوع الحقوق الشغيلة إلى موضوع ضمان الشغل نفسه، وهذا ما جعل الفاعلين الاقتصاديين ومطالبهم تسمو، في ظل أزمة كورونا وما بعدها، على مطالب الشغيلة". وذهب ميارة إلى أن "الإشكال أعمق مما تقدم، ويسائل نموذجنا الاقتصادي والاجتماعي المتبنى، خياراته، إكراهاته، والبدائل الممكنة له، وفي قلب ذلك كله أسئلة الدولة، ودورها، مواردها، وعلاقتها بباقي الفاعلين".