رغم أنها لا تبعد عن مدينة سلا سوى ب18 كيلومتر، ورغم أن الوصول إليها من القنيطرة أو الرباط يتم عبر حافلة لا تتجاوز قيمة الرحلة على متنها الأربعة دراهم، إلا أنها لم تنجح بعد في الإنعتاق من كثير من المشاكل التي تخص تدبيرها اليومي، فبرنامج إعادة هيكلتها لا زالت تعتريه الكثير من الهفوات، وعدة مناطق منها لا زالت محرومة من الماء والكهرباء، وأراضيها السلالية لم تجد بعد حلاً للنزاع القائم بين مستغليها والمسؤولين. هي جماعة سيدي الطيبي، أو النقطة السوداء التي يقصدها بعض الطامعين في المخدرات حتى أسماها البعض بمدينة الحشيش، أُغلقت بها محطة القطار منذ نهاية الثمانينات، فساعد ذلك في إغلاق بوابة التنمية بها. تنقلنا نحو هذه الجماعة ووقفنا على بعض المشاكل العالقة، وذلك بدعوة من الفرع المحلي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، الذي تكفل كذلك بالشرح والتعليق، مشيراً إلى أن الملك محمد السادس، أعطى انطلاقة تنمية الجماعة سنة 2005، إلا أن المعطيات لم تتغير كثيراً إلى حد اللحظة. استفادة محتشمة من الماء والكهرباء ثلثا الساكنة التي يصل تعدادها إلى أزيد من 40 ألفاً، كان محروماً إلى عهد قريب جداً من الكهرباء، ورغم أن توصيات إعادة الهيكلة نصت على الإسراع في مد شبكات الكهرباء، إلا أن الساكنة بقيت تنتظر حتى بداية هذه السنة، عندما توّصل البعض منها بشكل مؤقت بما يؤمن حاجياته، بينما لا زالت فئات أخرى تنتظر حقها من الأعمدة الكهربائية. زيادة على أن الجماعة تعاني من عدم مد قنوات الماء الصالح للشرب داخل المنازل، وبالتالي فالإمكانية الوحيدة للتزود بالمياه، تبقى هي الانتظار أمام خمس سقايات، بعضها يعيش حالة سيئة. ومن الحالات الشائعة المتعلقة ب"إقصاء" المواطنين من الكهرباء، توجد حالة محمد لشهب، الذي قال إنه رغم توفره على عقد شراء بقعته الأرضية منذ 1997، إلا أن الجماعة تحرمه من جميع حقوقه وتريد الاستحواذ منزله بدعوى غير قانونيته وبناءِه في مسلك طرقي، وهو المبرر الذي يشير المشتكي بأنه غير صحيح، مادامت الجماعة حسب قوله، تريد تمكين بعض أصدقائها التجار من مسكنه ومساكن الكثير من الناس. المستوصف الوحيد والأزبال المنتشرة رغم الزيادة المطردة في عدد السكان، فلا زالت الجماعة لا تتوفر سوى على مستوصف مركزي وحيد، حيث يؤكد المركز الحقوقي، على وجود طبيب واحد أثناء فترة العمل، وكثيراً ما يتغيّب دون أي مبرر، زيادة على قلة الأدوية ووجود سيارة إسعاف واحدة، الأمر الذي يجبر مجموعة من قبائل الجماعة كأولاد الطالب، العرافجة، الحنشة، أولاد نصر، إلى التوجه نحو سلا أو القنطيرة للاستفادة من الخدمات الصحية، بعيداً عن جماعة تعاني كذلك من مشكل تراكم الأزبال الذي يظهر جليا من جولة بسيطة بين ثناياها. مدينة الحشيش يشير المركز إلى أن قلة رجال الدرك الملكي بالجماعة، أمر لا يساعد بالمطلق في استتباب الأمن، خاصة وأن عدداً من تجار المخدرات، جعلوا من هذه النقطة الكيلومترية مساحة لترويج بضاعتهم بعيداً عن أعين السلطة، الأمر الذي ساهم في تكاثر السرقة والاغتصاب، لدرجة أن النزهة الليلية، يفرد المركز، قد تكون خطراً خاصةً في بعض المناطق التي لا تتواجد بها الإنارة. مصير غامض للفرشة المائية بمدخل الجماعة، توجد مساحة خضراء مترامية الأطراف تنبثق وسطها بعض المنازل والحقول الصغيرة التي تم حرمانها لحد الآن من الكهرباء، السبب وفق المركز، هو ادعاء الجماعة بأنها تتواجد فوق فرشة مائية، وأن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، يريد الاستفادة من هذه المساحة لأجل إنشاء منتزه. دخول هذه المساحة في إطار الأراضي السلالية، وامتناع بعض أفرادها السلاليين من الامتثال لقرار الجماعة لارتباطهم بهذه الأرض وعدم حصولهم على تعويض مقبول، يزيد من محنة قاطنيها الذين يزيد عددهم عن 60 عائلة، قد يتهددها التشرد إن قررت الدولة التدخل بشكل لا يضمن مصلحتهم. كَني وإرث الماضي للرد على أقوال المركز المغربي لحقوق الإنسان، كان لهسبريس اتصال مع رئيس الجماعة محمد كّني، الذي أكد أن المشاريع التي يباشرونها، تحمل صبغة اجتماعية وليس تجارية، معترفاً بوجود بعض المشاكل البنيوية المذكورة في حديث المركز الحقوقي، إلا أنه أرجعها لعقود سابقة خاصة مع طغيان البناء العشوائي وقلة المراقبة، مؤكدا أن مجيء المجلس الحالي منذ سنة 2009، سرّع وتيرة إعادة الهيكلة التي كان الملك قد أعطى انطلاقتها. وأضاف المسؤول أن تحسين البنية التحتية للمدينة يمر عبر أشطر ستنتهي كلها في حدود سنة 2015، خاصة بعد التغلب على مشكل تعويض السكان المتواجدين في مسالك طرقية، ملفتاً إلى أن المشتكي محمد لشهب، اشترى بقعة سلالية بطريقة غير قانونية من شخص آخر ليس له الحق في تفويتها، وبالتالي لا يمكن للجماعة أن تشجع الخرق بإمداده بالخدمات الأساسية. وحول مشكل الأراضي السلالية التي تغطي فرشة مائية، اعتبر كّني أنه من واجب المسؤولين حماية هذه الفرشة الهائلة التي ستستفيد منها الجماعة والمناطق المجاورة خاصة مَن تعاني مِن نقص في المياه، وهو ما فرض عليهم محاولة إقناع ساكنتها بالانتقال إلى مناطق أقرب مع التكفل التام بإعطائهم منازل ومساحات خضراء لمباشرة أنشطتهم الفلاحية، مشدداً على أن الجماعة تريد تحويل هذه الفرشة المائية إلى حدائق ومنتزهات وبنايات إيكولوجية. واستطرد الرئيس أن هناك مخططاً شمولياً لتنمية المنطقة ببناء عدد من المدارس، الملاعب، دور الثقافة، ومد خطوط الكهرباء والقنوات المائية، مضيفا أن الجماعة ستنتهي قريبا من بناء مستوصف جديد، وهي بصدد بداية أشغال تشييد مستشفى متعدد التخصصات. وبالتالي، فسيدي الطيبي لن تتغلب فقط على مشاكلها في السنوات القادمة، يبرز المسؤول، بل ستتحول إلى قطب اقتصادي وسياحي مهم بحكم قربها من الواجهة البحرية للمحيط الأطلسي، لدرجة أن ساكنة المدن المجارة سيحسدونها على تطورها وِفق تعبيره.