الصراع الخفي والظاهر يتفاقم في كواليس وزارة الأوقاف والمجلس العلمي المحلي بسبب انعدام الرؤية التي توجه عمل الحقل الديني وخاصة المجالس التي يظهر أنها في صيغتها الحالية بدون رسالة وإن كثرت التخرصات بخصوص دورها ورسالتها في المجتمع؛ فمن معتقد أنها تمثل أداة طيعة لخدمة النظام في الجائز وغيره، ومن معتقد أنها يمكن أن تقوم بأدوار ريادية إذا تحققت لها الاستقلالية المالية والإدارية ووضعت لها رسالة واضحة تنبثق من رؤية محددة، ومن الناس من يرى فيها فرصة للتوظيف والحصول على الوجاهة الاجتماعية والرسمية باسم الدين وغير ذلك من المواقف التي تنظر إلى المجالس. "" وأصعب ما في أمر المجالس الآن عسر تغطيتها للعمالات والأقاليم نظرا لقلة الأطر التي ترى بعين الوزارة وتعمل وفق املاءاتها، فضلا عن دخول الجهات الأمنية في التشاور بصورة أو بأخرى حول المؤهلين لعضوية المجالس، وتبقى حسابات الولاء والاستعداد لتلقي التوجيهات والأوامر حاضرة بقوة، وأساسا لذلك، ولا ننسى تحركات الأعضاء الحاليين ورؤسائهم للحفاظ على تواجدهم رغم ضعف الأداء والانعزالية والبعد عن هموم المواطنين الذي اختار أغلبهم التوجه نحو مواقع الانترنت والفضائيات للسؤال عن مشاغلهم، فجعل ذلك المغاربة أزهد الناس في علمائهم والسبب معروف هو غياب المصداقية. وسيُلجأ للترقيع وإدماج بعض أساتذة الإسلاميات والمتصوفة وأشباه المتعلمين لإخراج مجلس علمي لكل عمالة وإقليم، خاصة في بعض الجهات التي تقل فيها الكفاءات العلمية الفاعلة المرضي عنها، أو بسبب ما يقوم به بعض رؤساء المجالس الحالية من توريث المجالس لأسرهم كما الحال في الصحراء حيث إقصاء الخريجين من أبناء الأقاليم الجنوبية غير أبناء قبيلة رئيس المجلس الحالي على قلتهم؛ والنتيجة الوقوع في نفس المطب الذي كان الدافع إلى التغيير. إن المجلس العلمي الأعلى بحاجة إلى تكليف خبراء يشرفون على صياغة رؤية محددة موجهة لأعماله، ورسالة واضحة المعالم؛ ثم السعي للاستقلالية المادية والمعنوية، مع تحديد وجوه التنسيق والتعاون مع الجهات التي تشاركه نفس المجال الديني. ولامناص من الانفتاح على كل العاملين الفعليين في المجتمع والانتفاع بخبراتهم الميدانية، والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى في تدبير الشأن الدين بعملية التجميع ولم الشمل،وجعل الهم الديني وإصلاح مجاله جزءا لا يتجزأ من مشاغل القائمين على تنزيل ميثاق العلماء، وتجديد دورهم في الحياة العامة بناء على الوسطية والاعتدال الذين عرف بهما المغاربة تاريخيا.