في الصورة لوحة من العرض الذي يقدمه الراقصون والراقصات المغاربة في الملهى "" يتزايد الجدل في المغرب إزاء مرقص جديد تمّ افتتاحه قبل شهور في مدينة مراكش، ولاسيما فيما يتعلق بحركات الراقصين والراقصات ولباسهم. وانتقل النقاش الدائر حول ملهى "Folies de Marrakech" إلى كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية، وآخرها "وول ستريت جورنال"، التي رأت فيه أمرا مثيرا لإشكاليات العولمة الثقافية والاقتصادية. وتعود فكرة فتح الملهى عندما قرّر كلود توماس أن يغلق ملهاه المعروف في باريس، قبل عامين، وينقله إلى المغرب، الذي يعدّ دولة مسلمة، ولكنها تتمتع بقدر من الانفتاح. وقال توماس: "في فرنسا قتلنا الشغف بالكباريه"، مشيرا إلى لوائح منع التدخين وقانون العمل. وأضاف:"لقد كان يتوجب علي المجيء إلى المغرب." وفتح توماس في يونيو الملهى، الذي يضمّ 1000 مقعد، ويحاول فيه، وفقا لما صرّح به، "ملائمة فنّ الكباريه الفرنسي مع جمهور مسلم." ولم تمنع الثقافة المحلية توماس من "الإيمان" بفكرته، رغم أنّ استيراد النموذج الغربي للكباريه، أين يقبّل الراقصون الراقصات على خشبة المسرح، أو تنزع فيه الراقصات تنانيرهنّ، يعدّ أمرا غريبا جدا في الدول الشرقية المسلمة. وعلى الفور، يعترف مدير المجلس السياحي في مراكش، عبد الرحيم بن طبيب، بأنّ فتح الملهى يعدّ "خطأ فظيعا"، حيث لا يعتقد "أننا بحاجة إلى هذا النوع من العرض." وحاول مستثمرون في ميدان الترفيه كثيرا من أجل جلب مثل هذه العروض إلى المغرب، ولكنهم فشلوا في عقد الثمانينيات،لاسيما فرقة "Bluebell Girls" التي انتقلت من باريس إلى أحد فنادق مراكش، ولكنّ عملها لم يستمرّ سوى نصف عام لا غير. وسبق لتوماس أن جاب بفرقته أنحاء الأرض من طوكيو إلى لاس فيغاس، قبل أن يقرر قطع صلته بفرنسا، أين يكون مضطرا "أن يدفع للراقصات والراقصين للوقت الذي يستغرقه وضع المساحيق على وجوههم، لاسيما مع قانون الخمس وثلاثين ساعة عمل." ويدفع توماس، 49 عاما، نحو 600 دولار للراقصين والراقصات شهريا، أي نصف ما كان يدفعه لنظرائهم في فرنسا. وعبّر راقصون عن امتعاضهم من طلب توماس منهم أن يحلقوا ذقونهم وصدورهم، وأن يرتدوا ملابس ضيقة تبرز تفاصيل "حميمة جدا" من أجسادهم، قائلين "نحن مسلمون والمسلمون لا يفعلون ذلك." وغيّر توماس من أسلوبه تماشيا مع طلباتهم، حيث سمح لهم بارتداء ملابس أكثر احتشاما وصدورهم أكثر "اشعرارا." أما الفقرة الرئيسية في العرض، فتستوجب أن يرفع الراقصون زميلاتهم على رؤوسهم، بحيث تلمس أفخاذهن وجهوهم. وفي فرنسا، ترتدي الراقصات ملابس داخلية وأخرى مثيرة، وهو ما جعل الراقصات المغربيات تشددن على أن ترتدين ملابس طويلة سوداء لا تكشف عن أجسادهن. وفي إحدى المرات، طلب مصمم الرقصات سانتياغو مارتينيز، من راقصين أن يضعوا أياديهم حول رؤوسهم، ولكنهم رفضوا لأنّ ذلك غير مقبول من المسلمين "حيث أنّه تجسيد للصليب. ولذلك طلب منهم المصمم أن يرفعواأياديهم في الهواء، والقيام باستدارة خفيفة لا غير. كما رفض راقص تقبيل راقصة على خدّها، وهو ما دفع توماس إلى إقناعه، بعد أن عرض عليه صورا لحفل افتتاح ألعاب بكين، مشددا على ضرورة أن تكون الحركة مجرد تصرّف طبيعي، لينتهي الأمر بالراقص إلى القبول بذلك. وبعد أن عبّر آباء عن الخشية على سمعة بناتهم، وجّه لهم توماس دعوة لحضور التدريبات، أين قام أحدهم بسحب ابنته من العرض، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن توماس. كما عبّر راقصون عن قلقهم إزاء أن ينظر لهم المجتمع نظرة غير أخلاقية لذكورتهم، حيث قال أحدهم، وكان يعمل في حظيرة بناء في الدارالبيضاء، إنّ زملاءه القدامى يسخرون منه بعد أن أصبح راقصا محترفا، لأنهم لا يقوون على فهم هذا الأمر. وفي افتتاح الملهى، ارتدى توماس ثيابا جلدية، ووقف على خشبة المسرح في مواجهة قلب عملاق محترق، وأدى أغنية فرنسية شهيرة من فئة الروك. وإثر ذلك، ظهر فارس يرتدي ثيابا طويلة عربية حمراء، على لون مراكش، وهو يمتطي جوادا ويحاول إنقاذ فتاة من داخل قفص. وحضر ذلك الحفل 1000 متفرج، لكنّ الأمر تغيّر الآن حيث لا يحضر أمسياته مؤخرا سوى بضع عشرات.