وأنا أتصفح أحد المواقع الثقافية على شبكة الإنترنيت يدعى "كيكا" فوجئت بما يلي: "منذ إنشائها وحتى اليوم، تعتمد كيكا على الإمكانيات الفردية المحدودة لمحرر الموقع، وهي تطمح مستقبلا في الحصول على دعم المؤسسات الثقافية المهتمة لكي تقوم بمهامها بشكل أفضل. ""
يستطيع كل من يؤمن بقيمة جريدة كيكا ويرغب في استمرارها، أن يقدم المساندة المادية للجريدة، مهما كانت حجم المساندة، وهي في كل الأحوال مساندة لا تقيد حرية الجريدة في أي شكل من الأشكال.
وتدعو كيكا، الكتّاب والقراء الاعزاء، الى التبرع بمبلغ 30 دولارا (أو 30 يورو) كل سنة، للمساهمة في استمرار كيكا وتطويرها". ألا يعني هذا أن محرر الموقع يستغل الجانب الثقافي من أجل الحصول على المال، إذ بدل أن يعمل على خدمة المشهد الأدبي والثقافي بما يعنيه ذلك من تضحية بالجهد والمال، هاهو يسعى إلى غير ذلك؛ لا بل إنه يدعو القراء والكتاب إلى التبرع سنويا حتى يضمن وسيلة يرتزق بها، كما لو أنه يبحث عن بقرة حلوب تدر عليه المال باستمرار.
وما يلفت الانتباه أن محرر الموقع المذكور لم يحدد في البدء القدر المادي الذي يمكن أن يتبرع به من يرغب في ذلك، غير أنه سرعان ما يدعو الكتاب والقراء إلى التبرع بمبلغ 30 دولارا ( أو يورو ) كل سنة.
كأني به يشترط على من يرغب في نشر نصوصه على هذا الموقع أن يقدم له ذاك القدر المالي سنويا، مع ما يعنيه ذلك من رغبة في تسخير الإنترنيت لتحصيل المال، مما يتنافى مع أبسط القيم والأخلاق التي ينبغي التحلي بها عند إنشاء مواقع ثقافية، أو منابر ورقية الغاية منها خدمة المشهد الأدبي والثقافي. فإذن، ألا يُشتم من ذلك نوع من التسول والابتزاز للقراء والكتاب؟ ألا يعطي هذا السلوك انطباعا بأن بعض مثقفينا يسخرون كل شيء من أجل الحصول على المال؟ فمنهم من ارتمى في أحضان السلطة لكي يأكل من الكعكة التي توفرها هذه السلطة، كما هو الشأن عندنا في المغرب مع أولئك الذين كان يعتبرون أنفسهم من المعارضة سابقا، وهاهم الآن يتكسبون بجراحات المناضلين والمواطنين الشرفاء.
أما من لفظته السلطة، أو لفظه المجتمع، فهاهو يسخر الأدب والثقافة من أجل ذلك؛ وذلك عبر خلق مواقع إلكترونية إما بمجهود فردي، وإما بإيعاز من بعض الجهات. ولعلنا أمام هذا المستوى الحقير الذي بلغه بعض مثقفينا لا نملك سوى الاستنكار، والدعوة إلى العودة إلى جادة الصواب.