كيف سيدخل العرب والمسلمون القرن الواحد والعشرين، وهم يجرون وراءهم تخلفا يصعب تداركه قبل عقود، هذا إذا ما انطلقوا من الآن في العمل على التدارك. أما إذا ما استمروا في تراكم تداعيات التخلف فإن الأمر ينذر بالأسوء. لكي نقترب من الإجابة عن هذا التساؤل، اتصلنا بالأستاذ يحيى اليحياوي الخبير في مجال الإعلام و الاتصال، أصدر أول كتاب له سنة1995 تحت عنوان "الاتصالات في مهب التحولات" و أجرينا معه هذا الحوار الذي تركز حول مجموعة من الأسئلة المرتبطة بواقع تقانات المعلومات والاتصالات في العالم العربي، والتحديات التي يواجهه العرب بالإضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بالإنترنت والمواقع الإسلامية والحرب الدائرة على ساحة الإنترنت... كما تطرقنا معه إلى واقع قطاع السمعي البصري بالمغرب و ريه في عمليت التحرير التي يشعهد هذا القطاع. وإليكم هذا الحوار: I- المحور الأول: تقانات المعلومات والاتصال التجديد: خلال نهاية القرن 20 وبداية القرن 21 برزت ثلاث ثورات مهمة ومتزامنة هي: 1- الثورة العلمية: نتيجة للتطور الكبير في كثير من العلوم ونشأة تخصصات جديدة وابتكار تقنيات جديدة ساعدت على اكتشاف العالم.. 2 ثورة عصر الفضاء: نتيجة للتطور الكبير في مجال الاتصالات وظهور الأقمار الاصطناعية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة وظهور النظم الرقمية في البث التي أتاحت البث المباشر وأتاحت وفرة غير مسبوقة أمام مؤسسات الأفلام لتعدد خدماتها وابتكار خدمات جديدة. 3 ثورة المعلومات: نتيجة للتطور الكبير في الحواسيب وظهور العديد من شبكات الحواسيب وما أطلق عليه بالطرق السريعة للمعلومات. لقد أحدثت ثورة المعلومات طفرة في طرق الاتصال من خلال شبكات الحواسيب والهواتف والفاكسات ومؤتمرات الصوت والفيديو والصورة والبريد الإلكتروني. الأستاذ يحيى, هل يمكن أن تقرب القراء أكثر من هذه الثورة, ثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي كثر الحديث حولها وصدرت فيها تقارير ودراسات؟ يحيى اليحياوي: أعتقد أن سؤالك يحتوي ضمنا على العديد من عناصر الجواب. الواقع أن العالم يعيش منذ حوالي عقدين أو ثلاثة من الزمن على إيقاع " ثورة" حقيقية في كل مناحي الحياة, في علوم الإعلام والاتصال, في علوم الأحياء, في البيوتكنولوجيا, في علوم الطبيعة, في علوم الحياة وفي سواها وبطريقة شبه تزامنية, وهذا أمر نادرا ما تعيشه الحضارات الإنسانية. الملاحظ أنه على الرغم من أن لكل هذه الميادين صيرورة داخلية قائمة تحكم حركيتها وتؤثر في سياقها العام, إلا أنها أضحت مجتمعة أو تكاد محكومة وإلى حد بعيد بالبعد التكنولوجي الذي أصبح معاملها المشترك. فالطب مثلا كما علوم الفضاء كما مجال الأرصاد الجوية كما ميادين التربية والتعليم كما غيرها لم يعد بمستطاعها الاستغناء عن تكنولوجيا المعلوميات أو الاتصالات أو الأقمار الصناعية أو الشبكات الألكترونية الأخرى. عمليا نلاحظ أن العالم ينتقل تدريجيا من اقتصاد ومجتمع مبنيان على الاقتصاد التقليدي والمواد الخام والقوى العضلية لبني البشر إلى اقتصاد ومجتمع مرتكزان بالأساس على إنتاج وتوزيع وتداول واستهلاك المعلومات والمعطيات والمعارف والبيانات والرموز والقوى البشرية ذات الكفاءة العالية. عندما نقرأ اليوم عن "الاقتصاد الجديد" أو عن "الاقتصاد الشبكي" أو عن " الاقتصاد اللامادي" أو عن غيرها, فبالقياس أساسا إلى طبيعة هذا الاقتصاد المتراجع تدريجيا والمبني على إنتاج واستهلاك المواد الأولية والاستخراجية التي أضحت ميزة الاقتصادات المتخلفة لا مميزا للاقتصادات المتقدمة أو الصاعدة. بالتالي, فكل دولة لا تراهن بداية هذا القرن, على تكنولوجيا المعلومات والإعلام والاتصال وعلى البحث العلمي وعلى الكفاءات ذات القدرة الابتكارية والإبداعية العالية هي مجتمعات متخلفة بامتياز بل قل إنها تنتج وتعيد إنتاج محددات التخلف والتأخر والابتعاد عن روح العصر. من جانب آخر, نلاحظ أن مقومات التنافسية الاقتصادية, والصناعية تحديدا, أصبحت مرتكزة على التكنولوجيا بمختلف روافدها سيما تكنولوجيا المعلومات والإعلام والاتصال. كيف لمقاولة, بصرف النظر عن حجمها ومستوى رقم معاملاتها, أن تغض الطرف عن وسائل الاتصال الحديثة أو تعتبرها تكلفة أو تتغاضى على شبكة داخلية للمعلوميات أو تصرف النظر على تأسيس موقع لها بالأنترنيت؟ كيف سيكون بمقدرتها تصريف منتجاتها إذا لم تكن تتوفر على شبكة من المعلومات تساعدها على ضمان الحد الأدنى من "الحذر التكنولوجي" أو تضمن لها سبل الاتصال مع موكليها ومزوديها في زمن السرعة والآنية والتسابق على حصص السوق؟ كيف لباحث, أيا ما يكون الميدان الذي يشتغل فيه, أن يواكب تطورات البحث العلمي إذا لم تتوفر لديه سبل الاطلاع على البحوث الجارية خارج فضائه وإمكانات التواصل المستمر مع زملائه؟ هذه نماذج وأمثلة عملية وليست خطابا من فصيلة ذاك الذي يروجه من تبهرهم تكنولوجيا الإعلام والاتصال دون أن يدروا مضامينها ولا الخلفية التي تحكمها ولا الميزات الكبرى التي تطبعها. التجديد: إن قدرة البلدان العربية على الوصول إلى أحدث الابتكارات التقنية, المتمثلة في تقانات المعلومات والاتصالات واستخدامها, محدودة جدا وهذا ما تثبته المؤشرات الرقمية المتوفرة. فحجم سوق الكمبيوتر الشخصي بالدول العربية لا يتجاوز 1,2% من السكان، وإنفاق هذه الدول على تقنية المعلومات عام 2002 لا يتعدى 3,5 مليار دولار، بينما بلغ عدد مستخدمي الأنترنت 1,6مليون مستخدم أي 0,6% من السكان، أما الصفحات العربية على الشبكة العالمية فلا تحصل إلا على 1% من إجمالي الصفحات المنشورة بكل اللغات. في رأيكم, أستاذ يحيى, ماهي العقبات التي تحول دون دخول العالم العربي مجتمع المعرفة والإعلام؟ يحيى اليحياوي: لا ينحصر الأمر عند المعطيات الإحصائية التي تفضلت بتقديمها بل يتعدى ذلك إلى قضايا إشكالية أخرى أكثر خطورة, إذ وفق تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2002 (وهو تقرير سوداوي بكل المقاييس لدرجة الإحباط) فإن المنطقة العربية دخلت القرن الحادي والعشرين بما يزيد عن 68 مليون أمي لا يتنبأ باختفائها قبل سنة 2025 بالنسبة للذكور و2040 بالنسبة للنساء. التقرير نفسه (وقد أشرف عليه خبراء عرب لا يمكن للمرء أن يزايد على الحد الأدتى من مصداقيتهم) يؤكد أن أقل من ثلاثة مليون طفل عربي هو الذي يستفيد من التعليم قبل المدرسي (وهو للتذكير السن الذي يستطيع الطفل فيه دون عناء كبير التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والإعلام والاتصال)...ناهيك عن النسب المتدنية للإنفاق على التعليم (تراجعت بنسبة 10 بالمائة بين سنة 1980 ومنتصف تسعينات القرن الماضي)...وقس على ذلك في باقي المستويات والقطاعات بما فيها عدد الحواسيب والارتباط بشبكة الإنترنيت أو التوفر على مواقع بالشبكة إياها أو ما سوى ذلك. مجتمع الإعلام والمعرفة الذي تتحدث عنه في سؤالك والذي تتحدث عنه الأدبيات في الغرب أيضا هو مجتمع من ضلعين: + أولا هو مجتمع مسبوق باقتصاد يسمى " اقتصاد الإعلام والمعرفة", ويضم في ثناياه البنية التحتية المادية الكفيلة بتكريس ذات الاقتصاد على المستوى التقني (شبكة اتصالات عالية الدقة, ذات سعة عالية وضامنة للتفاعلية بين المرسل والمستقبل..., شبكة معلوميات متداخلة, متكاملة ويتم تبادل البيانات والمعطيات بداخلها بسرعة لا تحتمل الإبطاء أو العطب أو التأخير..., وفضاء سمعي/بصري يعطي الامتياز للمضامين أكثر ما يولي الأولوية للأدوات وهكذا). + الضلع الثاني, توفر بنية استقبال تكون الحاجة بداخلها ملحة وحاسمة وتوفر التصور الاستراتيجي المؤطر لذات البنية. معنى هذا بصيغة الاستفهام: ما السبيل لإقامة مجتمع للإعلام والاتصال إذا لم تتوفر البنية المادية البانية لذلك والمنظومة الاستراتيجية المؤطرة له, أعني المشروع المجتمعي الذي يوجه هذه البنية ويصهرها في تصور محدد ومجند؟ بالوطن العربي لا أثر لذات البنية ولا لذات التصور لاعتبارات عدة احصرها في اثنين أساسيين: °- الأول أن البلدان العربية لم تخرج بعد من مرحلة "النمو" المبني على المواد الاستخراجية (من نفط وغاز وفوسفاط وحوامض وغيرها) حتى يتسنى لها بناء منظومة تنموية جديدة مرتكزة على المعلومات والاتصال والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي. °- الثاني أن المنطقة العربية لا تعترف بالكفاءات أو بالقيمة المركزية للبحث العلمي, هي تعتبره ترفا لا فائدة في تضياع الطاقات من حوله...بالتالي فهي لا تعير التعليم أو التكوين أو هجرة الكفاءات قيمة كبرى تذكر. أعتقد أنه لا يمكن للوطن العربي أن يبني هكذا مجتمع وفق هذه النظرة وهذا التصور. التجديد: ألا ترون أستاذ، أن الواقع المتدني لقطاع تقانات المعلومات والاتصال يشكل تهديدا للأمن القومي للدول العربية خاصة من لدن الكيان الصهيوني؟ يحيى اليحياوي: لا يستطيع أحد أن يجادلك هذا الاستنتاج. اليوم أربع شركات إعلام واتصال من اصل عشرة بأسواق الأسهم الكبرى (مقياس ناسداك) هي شركات إسرائيلية...لا توجد شركة عربية واحدة...ناهيك عن أقمار التجسس التي بعثتها إسرائيل لمراقبة المنطقة العربية ومجموعات الأقمار المختلفة التي تعتمدها الدولة العبرية لحسم الصراع التكنولوجي لفائدتها من قبيل مشاركتها في منظومة إيشلون (الأمريكية) لاعتراض كل المعلومات والمكالمات والمراسلات التي تتم بمختلف دول العالم (والعرب ضمنها). هذا واقع لا يمكن للمرء أن يتجاهله: المعلومة هي مكمن الصراع الحالي والمستقبلي بين العرب والصهيونية وليس فقط بين العرب وإسرائيل فحسب ولكن أيضا بينهم وبين كل الذين يخدمون المشروع الصهيوني بغرب العالم كما بشرقه. بالتالي, فالأمن القومي العربي مخترق وسيبقى مخترقا حتما طالما أن العرب لا يتحكمون في منظومتهم المعلوماتية ولا لهم العزيمة على ضمان المناعة لذات المنظومة في حال إقامتها. لا يعني هذا الكلام أن العدو الصهيوني قد حسم الأمر لفائدته, لكن المقصود أن حرب المعلومات هي في بداياتها الأولى. بالتالي, فضمان النصر للعرب فيها أمر ممكن ووارد, إذ الكفاءات العربية متوفرة لرفع هذا التحدي بداخل الوطن العربي كما بخارجه. التجديد: هذا السؤال يدفعنا إلى الحديث عن "حرب المعلومات" حيث اعتبر البعض شبكة الأنترنت مساحة الحروب القادمة WORLD WIDE WAR. أستاذ يحيى اليحياوي، هل يمكن أن تقرب القراء من تجليات هذه الحرب المعلوماتية وماهي أسلحتها؟ يحيى اليحياوي: لا أستطيع أن أجزم أن شبكة الإنترنيت فضاء حرب, كما لا أستطيع أن أسلم بأنها براء من ذات الاعتقاد. التكنولوجيا عموما براء من الاستعمالات التي غالبا ما تكون مادتها أو موضعها تماما كالبندقية التي قد تكون أداة قتل وتدمير كما قد تكون وسيلة ردع وحفظ سلام. ..البعدين معا مرتبطين بإشكالية الاستخدام والتوظيف. هذا أمر حسمته الأدبيات في الموضوع ولا مجال هنا للتفصيل فيه. معنى هذا أنه بقدر ما لشبكة الأنترنيت من ميزات كبرى (في توفير المعلومات والمعطيات والمعارف وغيرها وعلى نطاق واسع), فهي أيضا منبرا للرأي المتطرف, للأفكار العدمية وللإقصاء غير المبرر...وهي من هنا لا تشد عما سواها من تكنولوجيات أخرى للإعلام والاتصال بقدر ما تؤسس لها السبل والامتداد. قد لا أستطيع أن أجيبك بالتفصيل على هذا السؤال لأنه في جوهره مشروع بحث عريض, لكن دعني مع ذلك أقف عند بعض الملاحظات: + الأولى, أنه في خضم العدوان الحالي على العراق دمر موقع قناة الجزيرة على شبكة الإنترنيت. هذا عنوان حرب ألكترونية تشنها الولاياتالمتحدة على قناة قد لا تبدو متحيزة في المطلق للعراق. + الثانية, التشويه الذي يتعرض له الإسلام بالشبكة يوحي بلا تسامحيتها وتطرفها. وهو أمر قائم إذ العديد من المواقع تتهجم على الإسلام لاعتبارات ليست بالضرورة دينية خالصة. + الثالثة, الشبكة أصبحت مصيدة حقيقة " للمشتبه" فيهم من لدن هذه المخابرات أو تلك. نظام إيشلون مثلا يتوفر على قاموس مصطلحات ومفاتيح لاعتراض واختراق كل المراسلات الألكترونية العابرة لشبكة الإنترنيت (للتذكيرفقط فالإنترنيت نتاج المؤسسة العسكرية الأمنية الأمريكية...وهذا لوحده يكفي لفهم إحدى وظائفه الكبرى). بالإمكان تعديد الأمثلة, لكن القصد بالمحصلة هو التأكيد على أنه لا توجد تكنولوجيا جيدة في حد ذاتها أو قبيحة, الاستعمال والاستخدام والتوظيف هو المحك الحقيقي فيما أتصور. التجديد: كيف تنظرون إلى مستقبل العرب (شعوبا وحكومات) في هذا الصراع الافتراضي السبيرنيكي؟ يحيى اليحياوي: أعتقد, وهذا أمر تحدثت فيه من قبل, أن حجم تواجد المضامين العربية بالشبكة الافتراضية ضعيف وضعيف للغاية. بالتالي فطالما لم يتم التركيز على خلق مواقع باللغة العربية وتزويدها بمضامين جادة ومتنوعة فإن المستقبل سيكون حتما صورة طبق الأصل لواقع الحال السائد اليوم. المستقبل لا يتحدد فيما أتصور في المطلق بل وأساسا بالاحتكام إلى ما تم ويتم من سياسات واستراتيجيات على مستوى التعليم والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي والقيمة المولاة للكوادر البشرية والكفاءات. على مستوى البحث العلمي مثلا نلاحظ أن المنطقة العربية خصصت خلال العشرين سنة الماضية حوالي 3000 مليار دولار لتكوين رأس المال الثابت الإجمالي, لكن ذلك لم يفرز عوائد ذات قيمة كبرى على مستوى التنمية أو على دخل الأفراد. المنطقة العربية لا تخصص من ناتجها المحلي الإجمالي إلا نسبة 0,14 بالمائة في حين تصل هذه النسبة إلى 2,53 بالمائة بإسرائيل و1,62 بكوبا. ثم أن ناتج النشر العلمي نسبة للفرد الواحد ضعيفة جدا, أضف إليها هجرة الكفاءات للخارج وضعف البنى المؤسساتية للبحث العلمي بالوطن العربي. بالتالي فطالما لم يتم الوعي بأدوات الصراع هاته, فإن المستقبل سيعيد حتما إنتاج معطيات الحاضر... وهذا أمر يدعو للحسرة والأسف. التجديد: في الفترة الأخيرة، شهدت ساحة الأنترنت احتجاجات ومظاهرات مناهضة للعدوان على العراق وهو ما يطلق عليه بالعصيان المدني الإلكتروني ELD والذي يعتبر شكلا من أشكال الضغط غير العنيف على المؤسسات الحكومية أو الرسمية المنخرطة في أعمال غير أخلاقية أو غير قانونية، أو تضر بالإنسانية. ألا تعتبرون بأن هذا تغيير جذري في أساليب مناهضة القوانين والمنظمات والحكومات والمعاهدات...؟ يحيى اليحياوي: هناك اليوم ومنذ 20 مارس ما يمكن أن نسميه "أممية" للاحتجاج على العدوان الأنجلوأمريكي على العراق ليس فقط بالشوارع أو أمام المؤسسات الرسمية بل وأيضا من خلال العديد من المنابر الأخرى لعل شبكة الإنترنيت إحداها. قد لا يستطيع المرء أن يحصي عدد المواقع الموجهة للتنديد بالعدوان لكنها اصبحت أمرا مشاعا منذ الحرب على أفغانستان والتشنيع الذي يلقاه الشعب الفلسطيني من كل حذب وصوب, وإن كان الأمر محصورا على عدد قليل من المرتبطين بالشبكة أو الذين لهم إمكانات الإبحار بها. العدوان على العراق أبان حقا على مفارقات لطالما كانت غير جلية بما فيه الكفاية: + المفارقة الأولى تتمثل في البون الشاسع بين الحكومات والشعوب لا بالدول العربية فحسب بل وكذلك بداخل الدول التي تتباهى ب" نضجها الديموقراطي" لدرجة أستطيع القول معها بأن العدوان على العراق وحد وإلى حد بعيد شعوب العالم ضد حكامها وحكوماتها. اعني هنا تحديدا أنه لربما لأول مرة لا تعير الحكومات قيمة اعتبارية لمواقف شعوبها واحتجاجاتها أو مطالبة حكامها بلامشروعية العدوان وضرورة العدول على شنه. هذا أمر خطير سيسائل من الآن جوهر الديموقراطية التمثيلية ومدى إنصات الممثلين لناخبيهم. + المفارقة الثانية وتكمن فيما أعتقد في التالي: بقدر تقدم البشرية وتطور أدوات رقابة الحاكم على المحكوم ومحاسبته, بقدر تقوي الترسانة القانونية والتشريعية التي تضيق على حل الأفراد والجماعات وحلهم ناهيك عن دوس حقوقهم الأساسية. وهو أمر يمكن التأكد منه في عدد التشريعات الساحبة للحريات بكل دول العالم منذ أحداث الحادي عشر من شتنبر واندلاع العدوان على العراق. + المفارقة الثالثة: ما الفائدة من سن القوانين والترخيص بالاحتجاج والتظاهر, بصرف النظر عن المنبر المعتمد للتعبير عن ذلك, إذا لم تكن الجهة المقابلة على استعداد للإنصات إلى الرسائل النابعة منها؟ أتصور أن الذي يجري على العراق من عدوان سيكون مفصليا لتحديد الرؤية بإزاء العديد من القضايا الكبرى. التجديد: تنتقدون كثيرا صناع القرار الإعلامي بالمغرب وتعتبرون أنه ليس لدينا أي حق في التنمية وليس لنا حق في الإعلام والمعرفة وبالتالي فالتنمية كما مجتمع الإعلام معاقان. هل ممكن أن تشرحوا لنا هذا الموقف؟ يحيى اليحياوي: أنا لا أنطلق في هذا الاعتقاد من حكم قيمة مسبق بل من ملاحظة واقع الحال. ماذا نلاحظ إجمالا؟ نلاحظ أننا نتحدث عن " مجتمع للإعلام والمعرفة" (وهي عبارة لا أستخدمها كثيرا) في الوقت الذي نلاحظ فيه ضعف مقومات هذا المجتمع إذا لم نقل شبه انعدامها, ليس فقط على مستوى ضعف شبكة الاتصالات (تجهيزا واشتراكات) ولا بالقياس إلى هزالة المرأب المعلوماتي الموجود بل وكذلك اعتبارا لضعف البرامج والمضامين. بالتالي فمقومات هذا المجتمع غير صلبة على مستوى البنى التحتية كما على مستوى المضامين كي نتحدث عنه حديث الأمريكي أو الفرنسي أو الألماني أو الكندي أو الجنوب إفريقي أو غيرهم. نلاحظ ثانية أننا لا نتوفر على رؤية لبناء هذه المقومات: ماذا نريد بالضبط؟ كيف نبلغ ذلك؟ بأية ميزانية؟ وفق أي برنامج زمني؟ وهكذا. المقصود هنا بالتحديد هو أن السلطات العمومية لا تتوفر على تصور قائم, شامل وقار بصرف النظر عن انتماء هذا المسؤول أو اعتقاده. نلاحظ من الناحية المؤسساتية الصرفة أنه لا يوجد حد أدنى للتنسيق بين الجهات التي من المفروض أن تشرف على هذا "المشروع": هناك وزارة للبريد والتقنيات المعلوماتية مقزمة الدور ولا إمكانات لها لتمويل يوم دراسي فما بالك بمشروع كهذا يتطلب ملايين الدراهم. هناك فاعل مركزي في الاتصالات يعتبر القائمون عليه هذا المشروع آخر المفكر فيه. وهناك مؤسسة يقال إنها للتقنين لكنها محدودة الدور في محدودية الفاعلين. ونلاحظ أن الترسانة التشريعية السالبة للحق في التعبير والضامنة للحق في الإعلام والمعرفة أقوى من النصوص المؤطرة لذلك: أنظر مثلا قوانين الصحافة والإرهاب و" تحرير" الفضاء السمعي/البصري وغيرها. أعتقد أن تكريس هذا المجتمع هو عملية لاحقة للتنمية وليس سابقة له كما يريد الخطاب أن يبين العكس. بالتالي فانتفاء مقومات هذا المجتمع هو بالمحصلة من انتفاء مقومات التنمية, وهما معا منتفيان بانتفاء المشروع المجتمعي الذي من شأنه أن يؤطرهما معا. وهي أمور يمكن الاستشهاد بالتجارب الغربية لتأكيدها. التجديد: كيف تقيمون واقع الأنترنت في المغرب؟ يحيى اليحياوي:هذا السؤال حقيقة الأمر هو مشروع بحث أكثر منه سؤال صحفي. أعتقد أن المغرب, على الرغم من كونه من بين الدول التي أدخلت الإنترنيت مبكرا نسبيا (أواسط التسعينات), فإن المحقق يبقى دون المستوى المطلوب والمرجو. فعدد الحواسيب لا يزال جد محدود, والارتباط بالشبكة ضعيف للغاية بالنسبة للأفراد كما بالنسبة للمقاولات والإدارات والجامعات وقس على ذلك. والسبب في هذا الانحسار لا يرتبط فقط بغلاء الأجهزة قياسا إلى مداخيل الأفراد بل وكذلك اعتبارا لتكلفة الارتباط عبر الهاتف أو عبر شبكة مارنيس أو " أ.د.س.ل" أو غيرها. من ناحية ثانية نلاحظ أن العديد من المواقع المؤسساتية المقامة هنا وهناك تبقى إما ضعيفة الهيكلة أو مضامينها هزيلة أو ذات طابع إعلاني صرف...وهو أمر من السهل التدليل عليه بولوج مواقع العديد من الوزارات أو الجامعات أو المدارس العليا أو بعض المقاولات الكبرى. يبقى جانب الاستخدام. بهذه النقطة, نلاحظ أن الشبكة بالمغرب تبقى نخبوية الطبيعة والجانب "الجماهيري" فيها لا يتعدى المراسلات الألكترونية أو منابر الحوار لدى الشباب في الغالب الأعم. المثير للغرابة حقا هو حديث البعض عما يسمى منذ مدة ب"المغرب الألكتروني" كمشروع لجعل البلاد "منظومة شبكية" لتبادل البيانات والمعطيات والمعارف (الغير متوفرة أصلا) أو الحديث "أقطاب تكنولوجية" أو غيرها... "مشاريع" من هذا القبيل لا يستطيع المرء إلا أن يتعفف من التعليق عليها. التجديد: تزايدت وتيرة إنشاء المواقع على الأنترنت التي تهتم بالإسلام (دينا وحضارة) فأصبحت الأنترنت وسيلة مهمة للتعريف بالقيم الإسلامية وبحضارته. كيف تقيمون المواقع الإلكترونية ذات المضامين الإسلامية؟ يحيى اليحياوي: هذه ملاحظة صحيحة وأنا نشرت منذ مدة دراسة بجريدة القدس العربي عن "الإنترنيت والحركات الإسلامية" حاولت من خلالها تبيان الخلفية والهدف من خلق "مواقع إسلامية" على شبكة الإنترنيت. أزعم أن الغالبية العظمى من المواقع التي اتخذت من الإسلام مادة لمواقعا بالإنترنيت جاءت لا كعمل بل كردة فعل على الاستهداف الذي تعرض له الإسلام سيما بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر. لا أستطيع أن أقف عند هذا الموقع أو ذاك, لكني أعتقد أنها تلتقي مجتمعة في مجموعة أهداف مشتركة: + التعريف بمبادئ وقيم الدين والحضارة الإسلامية وإسهام ذات الدين والحضارة في تقدم البشرية. + الرد على الدعاوى المتزايدة, بالغرب أساسا, عن طبيعة "الإرهاب" التي يلصقها بالإسلام أو " تشجيعه" على العنف. + تبيان أن المسلمين هم دعاة حوار وتسامح ومودة وليسوا بأي حال من الأحوال دعاة حرب أو صراع أو تشدد بين الأديان أو بين الشعوب. بالتالي فمعظم المواقع تتغيأ بلوغ هذا الهدف حتى بتباين السبل والأدوات واللغة المستعملة, أعني بتباين الخلفية الإيديولوجية التي تحكم هذا التيار في الدين أو ذاك. ثم هناك, من ناحية أخرى, المواقع ذات الطابع "الجهادي", وهي مواقع " الحركات الإسلامية" التي اتخذت لنفسها من الشبكة موطأ قدم وجهاد ضد نظم بلدانها السياسية والتي حالت قوانينها دون إمكانية ممارسة هذه الحركات ببلدانها وعلى أرض الواقع. على هذا الأساس, وبصرف النظر عن المواقف من هذا التوجه أو ذاك, فإن الشبكة قد استجلت, على الأقل لدى الغرب, العديد من الأخطاء الشائعة والمختلقة عن الدين الإسلامي وعن الحضارة العربية/الإسلامية. على الرغم من ذلك, فالقيام بدراسة في مضامين هذه المواقع يبقى أمرا مستعجلا بكل المقاييس. التجديد: لقد أدى الانتشار الواسع لوسائل الإعلام والاتصالات والأنترنت إلى إيجاد حالة من القلق لدى المربين والآباء والأمهات تحسبا من تعريض أولادهم وبناتهم إلى ما يسيء لتوجهاتهم الحياتية ويسيء إلى الذوق العام لديهم مما قد يؤدي بهم إلى النزول إلى مستويات منافية لطموحات الأسر المحترمة.أستاذ يحيى هل وسائل الإعلام المتوفرة الآن تشكل خطرا على المجتمع وكيف يمكن حمايته من التأثير السلبي لهذه الوسائل؟ يحيى اليحياوي: تأثير وسائل الإعلام على سلوك الأطفال إيجابا أو سلبا حسمته العديد من الدراسات الأكاديمية والميدانية تحديدا. بالتالي لا أرى مبررا للعودة لهذا الأمر من جديد. بالمقابل نلاحظ منذ حوالي عقدين من الزمن أن وسائل الإعلام والاتصال قد أصبحت وسيلة من وسائل تقريب التعليم ومحاربة الأمية وضمان التكوين المستمر. وهذا مهم سيما لو كانت أهداف وغايات المنظومة التربوية والتعليمية محددة تحديدا دقيقا. نفس الشيء لربما سيحصل مع الإنترنيت, إذ بصرف النظر عن بعض السلبيات الكامنة بالشبكة (مواقع إباحية, مواقع نازية وذات صبغة عنصرية وغيرها) فإن للشبكة تطبيقات مهمة للغاية لو تسنى, مرة أخرى, للقائمين على المنظومة المذكورة أن يضعوا ذلك في سياق مضبوط ومؤطر. أعود وأقول من جديد: العيب ليس في التكنولوجيا في حد ذاتها بقدر ما هو كامن في طبيعة الاستخدام وغايات التوظيف, أي أن الطريقة التي تتم فيها عملية سريان التكنولوجيا داخل المجتمع أو الثقافة أو المدرسة أو غيرها هي المحك وليس الأداة كأداة. II - المحور الثاني: الإعلام السمعي/البصري بالمغرب التجديد: كيف تنظرون إلى تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري في المغرب؟ يحيى اليحياوي: ليس هناك تحرير اليوم للقطاع السمعي/البصري, هناك قانون لهذا التحرير لم يدخل بعد حيز التطبيق, أعني لم توضع له بعد المراسيم التطبيقية. أريد أن أذكر بهذه المسألة بالذات بمجموعة من الحقائق أعتبرها شخصيا مهمة بل لربما محددة لسياق التحرير القائم: + الحقيقة الأولى أن مشروع قانون التحرير (المشروع 633-02-2 القاضي بإنهاء احتكار الدولة على ميدان البث الإذاعي والتلفزي) لم يصوت عليه " نواب الأمة" إلا بنسبة 10 إلى 15 بالمائة من حجم النواب الموجود. وهذا أمر عهدناه قبل ذلك مع قانون تحرير الاتصالات (24-96) ومفاده أن القضايا الجوهرية الكبرى لا تهم مجلس النواب ولا هي من أولوياته حتى. وهذا أمر يثير الدهشة والتساؤل. + الحقيقة الثانية هو أن هذا القانون هو إلى حد بعيد من فصيلة " قول حق أريد به باطل" إذ سبقه على مستوى الممارسة واقع الحال: واقع حال وجود إذاعة البحر الأبيض المتوسط سنة 1980 والقناة الثانية سنة 1989 دونما وجود سند قانوني أي بوجود قانون يخول للدولة وللدولة فقط استغلال مجال البث الإذاعي والتلفزي. بالتالي, فالقانون الحالي لا يعدو غير كونه تكريسا لواقع كان سائدا منذ مدة وكان له لربما أن يسود دونما حاجة تذكر لهذا القانون. + الحقيقة الثالثة ويتم الترويج بموجبها أن من شأن هذا القانون أن " يحرك" ركود القناتين الموجودتين. هذا كلام غير دقيق إذ كيف لهذا القانون أن يقوم بذلك وقد تعذر تحريك هاتين القناتين بوجود طفرة من القنوات الفضائية تلتقط في معظمها بالمغرب؟ + الحقيقة الرابعة: أن الإشكال ليس إشكال تحرير بغرض خلق قنوات إضافية, هذا أمر هين قياسا إلى ما حملته الثورة الرقمية من سبل لمضاعفة عدد القنوات, لكن الإشكال سيطرح حتما على مستوى المضامين. ماذا ستبث الإذاعات والتلفزات التي ستنشأ وإنتاج المضامين أمر مكلف ومرهق للميزانيات. هذا إشكال حقيقي أطرحة على مصوغي القانون. سنكون حتما بالمحصلة بإزاء قنوات ستبث التفاهة أو في أحسن الأحوال ستكون بوقا لهذه الجهة المالية والاقتصادية أو تلك وهذا سيحسب على القانون لا لفائدته. لهذه الاعتبارات أعتقد أن قانون التحرير به من الهفوات والنواقص ما سيجعله حقا على المحك مستقبلا. ولما كانت الأمور بخواتمها فلنكن متفائلين كما يقول أصحاب القانون. التجديد: كيف يمكن للمجلس الأعلى للإعلام والاتصال أن يقوم بالدور المنوط به دون المس بمبدإ التحرير؟ يحيى اليحياوي: لن نكون بهذا المجال بإزاء مجلس أعلى بل بإزاء هيئة عليا للاتصال السمعي/البصري (منشأة بظهير 212-02-1 بتاريخ 31 غشت 2002). هي هيئة استشارية, موضوعة بجانب رئيس الدولة, من اختصاصاتها إبداء الرأي واقتراح كل ما من شأنه تنظيم أو تقنين المجال السمعي/البصري, خمسة من أعضائها التسعة (ضمنهم الرئيس) يعينهم رئيس الدولة وميزانيتها ضمن ميزانية البلاط الملكي ولا طبيعة تقريرية لديها بالمطلق. لن يتعذر على المواطن العادي فبالأحرى المتتبع أن يستشرف طبيعة التحرير المنتظرة. أما أنا فغالبا ما أتعفف من الجواب على تسؤال يكون مضمونه من تحصيل الحاصل. التجديد: يعتبر المنتوج الإعلامي في عصرنا الحاضر صناعة قائمة الذات تعتمد على كل مكونات السوق بين منتج ومستهلك ومروج الخ... لكننا نعلم كذلك أن " تلفزتنا" ظلت, منذ أن وجدت, منتجا ومستهلكا لما ينتج. كيف يمكن تسويق منتوجنا الإعلامي سواء كان إنتاجا فنيا أودراميا أو غيره في هذا الإطار الذي لا يسمح للقناتين معا, بحكم أنهما من أجهزة الدولة, بأن تكون لهما مداخيل مستقلة وإن كانا عمليا يقومان بذلك مما يعتبرخرقا للقانون؟ يحيى اليحياوي: لست متأكدا تماما من أن هاجس التسويق أو المنافسة كان يوما من سياسة القناة الأولى أو الثانية. القناتين معا لم يستطيعا إرضاء "المستهلك" الداخلي, فكيف سيكون بمستطاعهما الحصول على استلطاف المشاهد الأجنبي. هذا إشكال جوهري فيما أعتقد إذ القيمة الحقيقية لأي إنتاج غالبا ما تفرض نفسها وتخترق الحدود. أتصور أن كون القناتين جزءا من منظومة (لا منظومة ذاتية قائمة لديهما) وكونهما جزءا من جهاز الدولة (لا قيمة تذكر لجهازهما كسلطة مضادة للسلطة الأولى) ...هذا الأمر جعل القناتين معا وإن بنسب مختلفة بوقا للسلطة, لا سلطة لهما بالتالي تذكر. لم يكونا يوما انعكاسا لواقع الحال بقدر ما كانا تكريسا لاختراق الدولة لذات المجال. بالتالي, فليس (وهذا إكراه موضوعي) ليس بمستطاع القناتين أن تنتج أعمالا يرتضيها المشاهد أو يستلطف مضمونها. ليس صحيحا اختزال كل الإشكال في ضعف الموارد (من قبيل محدودية موارد الإشهار أوضعف دعم المؤسسات أونضوب دعم الدولة أوما إلى ذلك) بقدر ما هو إشكال بنيوي نابع من الوظيفة المناطة بالتلفزة نفسها (والإعلام المسموع والمرئي عموما) وبالدور الذي أوكل لها في الشكل والجوهر. إذا لم يكن هذا الكلام مقنعا, وإذا سلمنا حقا بأن الإنتاجات الدرامية أوالوثائقية أوغيرها مكلفة ولا حول للقناتين معها, فما هي يا ترى تكلفة بعث طاقم للعراق يغطي بالصوت والصورة (كما يفعل غيرنا) عدوان التحالف الأنجلوأمريكي على العراق؟ وما التكلفة الافتراضية لو قدمت الأخبار من داخل الاستوديو (دونما مراسلين حتى) تكون صادقة ومباشرة دونما نفاق أو تزويق؟ اعتقد بالمحصلة النهائية أن كل الأطروحة المتمحورة حول مفهوم العهد الجديد, لن توضع على المحك بالقياس إلى انتخابات ما أو تدشينات أو اقتراب رأس الدولة حتى من مواطنين معدمين بل وأيضا ولربما بالأساس احتكاما إلى ما سيتم على المستوى الإعلامي...وعلى مستوى السمعي/البصري بالتحديد. الرباط, 30 مارس 2003 أجرى الحوار: زكرياء سحنون