عامر عبد المنعم رئيس تحرير صحيفة الشعب المصرية ل"لتجديد":الإعلام الإلكتروني صاحب دور تاريخي على الإسلاميين إيلاءه الاهتمام الذي يليق به يعاني حزب العمل المصري من حصار شديد من طرف أجهزة الأمن المصرية، بسبب قوة الحزب في الدفاع عن مبادئه وأفكاره. وبعد أن منعت الحكومة العمل، وأغلقت صحيفته المطبوعة، ظهرت على شبكة الإنترنيت صحيفة الشعب الإلكترونية كوسيلة لكسر الحصار عن الحزب، ومنفذا يتواصل من خلاله القادة مع الجماهير داخل وخارج مصر، وقد نجحت الشعب في أداء هذا الدور المهم نجاحا كبيرا. للتعرف أكثر على هذه الصحيفة المتميزة، وللتعرف على الوضعية التي يعيشها الإعلام عموما في مصر، التقينا برئيس تحرير الشعب الأستاذ عامر عبد المنعم، وكان لنا معه الحوار التالي: في بداية الحوار، حبذا لو أعطيتمونا أستاذ عبد المنعم نبذة عن صحيفة الشعب المصرية... كيف تأسست، وما هي الأهداف العامة التي كنتم ترمون إليها لدى إنشائها؟ بسم الله الرحمن الرحيم، تأسست صحيفة الشعب الإلكترونية عام ,1997 وكانت في هذا الوقت أول جريدة مصرية تصدر بانتظام على شبكة الإنترنيت، وكان لالشعب دور مؤثر منذ قرار الحكومة المصرية إغلاق حزب العمل وصحيفته المطبوعة، حيث شكل الموقع الإلكتروني سلاحا للحزب ووسيلة إعلامية يستطيع من خلالها التغلب على الحصار الذي فرض عليه... واستطاعت الشعب فعلا أن تواصل رسالة الحزب، وتفك الحصار عنه، وكانت هي المنبر الذي يطل قادة وكتاب وأعضاء العمل على العالم. ورغم أن الإنترنيت لم يكن يتاح لكافة المصريين، إلا أن فئة واسعة كانت تتابع الشعب عبر الإنترنيت، والآن والحمد لله، ومع الانخفاض المستمر لشبكة الإنترنيت، بدأت القاعدة الجماهيرة لالشعب تتسع شيئا فشيئا. ونظرا للتأثير الذي بدأت تمارسه الشعب عبر شبكة الإنترنيت، فإن الحكومة المصرية قررت منذ فبراير 2004 فرض حصار على هذا الموقع، حتى تحجم هذا التأثير. لكننا استطعنا أن نتعلم وسائل لكسر هذا الحصار، وأرسلنا عبر المجموعات البريدية الموجودة في الإنترنيت التعليمات التي تكفل للمصريين تصفح الموقع عبر كسر ما يسمى بالبروكسي الذي حاولت الحكومة استغلاله لمنع تصفح الشعب. وأستطيع أن أؤكد لكم أن الشعب تمارس دورا كبيرا حتى خارج مصر، خاصة وأن الإنترنيت يوفر لك شروط النجاح من فعالية وسرعة. بل إن الأمر تجاوز هذا الحد، وساعد موقع الشعب على رفع القدرات التقنية لقيادات حزب العمل، بحيث إنها كانت وسيلة لقاء واتصال بين أعضاء الحزب، ولقد أصبح جهاز الحاسوب عنصرا مهما في منزل كل القادة. ونحن كصحيفة تعتمد المرجعية الإسلامية في توجهاتها، لا تتوفر على الإمكانيات اللازمة لطبع صحيفتها في كل مكان في العالم. لكننا اكتشفنا أن الإنترنيت هي الوسيلة الأفضل لنقل رسالتنا إلى كل أنحاء العالم في التوقيت نفسه، وبالسرعة نفسها، لذلك قررنا أن نضحي بالغالي والرخيص، وعزمنا على اعتماد هذه الوسيلة للتواصل مع العالم. فنحن أولا وأخيرا أصحاب رسالة، ونحن ملزمون بأن نوصل إلى الناس رسالتنا، وأعتقد أن الإنترنيت يحقق هذا الهدف بكل الفعالية الضرورية. من خلال تجربتكم في صحيفة الشعب الإلكترونية، هل ترى أن لجوء أي حركة سياسية مضطهدة في بلادها إلى الإنترنيت للتعبير عن نفسها وضعا طبيعيا؟ أستطيع أن أؤكد لك أن الواقع يفرض علينا وعلى غيرنا مثل هذه القاعدة، ذلك أننا نحن مثلا كإسلاميين محاصرين ومضيق علينا، لدرجة أن وسائل التعبير التقليدية أصبحت غير ذات جدوى بسبب الضغوط والمضايقات الهائلة التي تفرض علينا... بدأ لنا من الضروري الاعتماد على الإنترنيت كملجأ تعبيري الوحيد لنا، ومن حسن الحظ أن التضييق عليها بالشكل التقليدي المعروف غير ممكن.. وبصفة عامة، أعتقد أن الإنترنيت بالنسبة للإسلاميين كان نافذة جيدة للوصول إلى كل العالم، وتخطي الكثير من العقبات التي كانت موجودة، والحمد لله، من خلال تجربتنا مع الإعلام الإلكتروني، نرى أن الإسلاميين تبوؤا المقدمة على شبكة الإنترنيت، وأصبحوا يتواصلون مع قاعدة عريضة من رواد الشبكة العنكبوتية الذين يتكاثرون يوما بعد يوم. هل استفادت الحركة الإسلامية بالشكل المطلوب من الإعلام الإلكتروني؟ أنا مقتنع جدا بالمستوى الرفيع الذي أصبحت عليه المواقع الإلكترونية الإسلامية، سواء من حيث الشكل والتصميم العام، أو من حيث المضمون تنوع الأفكار، بل وحتى من ناحية التقنيات المستعملة، بحيث لم يعد الأمر يقتصر على النصوص المكتوبة بل تجاوزه إلى الملفات المسموعة والمرئية... لقد استطاعت الحركة الإسلامية أن تجد لها موطئ قدم ثابت في هذا العالم السريع التطور، ونحن كأصحاب رسالة يجب علينا أن نساير هذا التطور، وأن نطور إمكانياتنا في التواصل مع الآخر، واستغلال التقنيات التي توفرها شبكة الإنترنيت لإيصال هذه الرسالة، وأن لا ننشغل بالأمور البسيطة عن هذه المهام العظيمة، والحمد لله أرى أن الإسلاميين واعين بهذا الدور التاريخي الذي يحملونه على عاتقهم. وماذا عن حرية الصحافة في مصر بصفة عامة، في ضوء ما نسمعه عن اعتقالات تطال بعض الصحافيين هناك؟ أود التأكيد بأن هامش الحرية الصحافية في مصر كان في مرحلة معينة هامشا محترما، لكنه في السنوات الأخيرة بدأ ينحصر بشكل ملفت للنظر، بحيث جمدت بعض الأحزاب، وجمدت صحفها، كما أن صحفا أخرى مستقلة تم إيقافها بشكل مباشر، ومن ضمن تلك الصحف نجد صحيفة الشعب، التي بسبب ما كانت تنشره جمد الحزب أيضا. وهنا أؤكد أن إغلاق الأحزاب كان يستهدف بالدرجة الأولى الصحف التي كانت تنشر آراءها، ومعلوم أن تلك الآراء كانت تنتقد كما هو حال الشعب مثلا أجهزة الحكومة بقوة، وأصبحت تشكل مصدر إزعاج متواصل للأجهزة الحكومية... وهذا ما يجعل من المنع والحصار ملجأ تلجأ إليه الحكومة لتكميم الأفواه، غير أن الإنترنيت صعب الأمر كثير بالنسبة إليهم بالنظر إلى الإمكانيات الهائلة التي يوفرها. وبالنسبة إلينا، فنحن نرى أن الوقت قد حان لكي تشرع أجهزة الدولة في رد الاعتبار إلى الصحافة في البلاد، وأن تكف عن انتهاك حرية عمل الصحافيين، وتجعل من العمل الصحافي جزءا لا يتجزأ من المنظومة الديمقراطية عامة... وللإشارة فهناك أكثر من 14 قرارا قضائيا يدعو الحكومة إلى رفع الحظر عن صحيفة الشعب، والسماح لها بالصدور بشكل منتظم، غير أن الحكومة تضرب بالقرارات القضائية عرض الحائط، وتستمر في تعنتها إزاء حريتنا في العمل الصحافي. في الختام، كيف ترى، أفق العمل الإعلامي الإلكتروني في العالم العربي عموما؟ بصفة عامة، أرى أن مشكلة الإعلام الإلكتروني هي عدم وجود الميزانيات الكافية، وعدم إيلاء الإسلاميين الذي يملكون المال الأهمية اللازمة لما يوفره الإنترنيت من إمكانيات عمل قوية لأداء الرسالة الخالدة، مع أن الإعلام أصبح أشد خطورة في الوقت من الحاضر حتى من الأسلحة الفتاكة، بحيث أصبح الإعلام الأداة الرئيسة لتشكيل وعي الشعوب. ونحن نرى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى إلى شراء كثير من المنابر الإعلامية العربية مع الأسف، وصنع منابر إعلامية خاصة بها تروج لأطروحاتها، وتنشر قيمها، رغم ما لديها من أسلحة ذات قدرة تدميرية هائلة. أعتقد أن الإسلاميين ملزمون بالاهتمام بالإعلام عموما، وبالإعلام الإلكتروني خصوصا، بالنظر إلى القدرات الكبيرة التي يوفرها هذا النوع من الإعلام، وبالنظر إلى كونه البديل الطبيعي لأدوات العمل الإعلامي التقليدية، التي يمكن لأجهزة الأمن محاصرتها في أي وقت شاءت. حاوره: أحمد حموش