قال الدكتور محمد السروتي، الخبير المغربي في قضايا التنصير، إن الحكم الأخير على شاب بمدينة تاونات بالسجن النافذ سنتين ونصف بتهمة ممارسته التبشير والدعوة للمسيحية، يثير عدداً من الأسئلة خصوصا حول مدى قدرة المقاربة الأمنية على الصمود في مواجهة الحركة التنصيرية في المغرب، وخصوصا إذا ما كان أحد الأطراف أجنبيا مضبوطا في هذا السياق. وأبرز الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، في تصريحات لهسبريس، أن المغرب يمتلك ترسانة قانونية رائدة في مختلف المجالات، ولكنه في مجال مواجهة التنصير لابد من تعزيز المقاربة الأمنية والإدارية بالضمانات القانونية والحقوقية التي تتيح مواجهة النشاط التنصيري دون ضغوطات سواء من الداخل أو الخارج، والتي قد تجعل من الموقوفين "أبطالا مضطهدين" محتملين، خصوصا إذا ما دخلت المنظمات الأجنبية على الخط بدعم أو مساندة. وشدد السروتي على أنه "لا ينبغي أن تكون المقاربة الأمنية هي الوحيدة لمواجهة التنصير، بل يجب أن تكون أولا وفق الأطر القانونية، وتسمح بالتالي بفك الارتباط بين موضوع التنصير من جهة، وضمان الحريات الدينية في البلاد من جهة أخرى". وتابع المتحدث ذاته بأن "مواجهة أنشطة التنصير في البلاد يتعين أن تكون معززة بمقاربة تشاركية عمادها الخطاب الفكري الوسطي، وأطرافها التنمية الشاملة التي تسد بؤر الهشاشة في مختلف الميادين". وأردف السروتي بأن هذا الأمر لن يتأتى لنا "إلا بإعادة النظر في كيفية تعاملنا مع قضية التنصير، فلا للمقاربة الأمنية نجاعة في التعاطي مع الظاهرة، ولا للحد من توغلها في مختلف المناطق المغربية، ولا غض الطرف عن بعض مظاهرها، أو إحاطتها بالسرية أثبتت صحتها". لذا، يُكمِل السروتي، نجد أن الحاجة أصبحت ملحّة لبلورة خطاب فكري قادر على تفكيك المقولات التنصيرية، مع تعزيز الخطاب بمقاربة تشاركية منطلقها الأساس تمتين القيم المغربية السمحة وتعزيزها في المنظومة التربوية والثقافية، دون إغفال مواطن الهشاشة بإيلائها العناية والاهتمام الذي تستحق لتلتحق بركب التنمية". وكانت المحكمة الابتدائية بمدينة تاونات قد قضت، قبل أيام قليلة، في حق شاب يعمل بائعا متجولا، تم إيقافه بعين عايشة لممارسته التبشير والدعوة للمسيحية، بسنتين ونصف سجنا نافذة و5000 درهم غرامة، بعد أن اعترف بعقد لقاءات بعدة مدن مغربية، وحضور جلسات كانت تنعقد بمنزل وسط مكناس ومدن أخرى.