(الجزء الأول) أعرض في هذه الورقة شذراتٍ متفرقةً لمساهمات شاركنا بها على موقع الفيسبوك حول "الحدث المصري". وهي عبارة عن مشاركات مباشرة أو ردود على مشاركات أصدقاء؛ نوردها بتصرف يناسب عرضها في هذه الزاوية، تعميما للفائدة، ومساهمة في فتح نقاش فكري وأيديولوجي وكذا سياسي لتوضيح الرؤية حول هذا الحدث، وكشف اللثام عن جزء من خلفيته المعتمة التي يصر البعض إلا أن يتعامى عنها، ويستغل التضليل الفاضح الذي تولى كِبْره الإعلام الفلولي المصري، لتصفية حسابات ضيقة مع خصم سياسي وأيديولوجي، ضحية تكالب دولي وإقليمي غير مسبوق: (أعتذر مسبقا عن عدم ترتيب هذه الشذرات والأفكار ترتيبا منهجيا، نظرا لورودها في فترات مختلفة، وارتباطها بمشاعر وانفعالات متباينة). 1. "كراء الحنك" "بلطجة" المغاربة...!! فكرت مليا في الاسم المغربي الذي يناسب اسم"البلطجي" عند المصريين، فلم أجد اسما مناسبا له سوى "كاري حنكو".. وذلك لسبب بسيط وهو: أن كليهما اسمين يطلقان على الأشخاص الذين يتقاضون مبالغ مالية مقابل القيام بأفعال اعتداء، أو قتل، أو تخريب، أو تعذيب، أو نشر للإشاعة،... وإن كان المغاربة لم يصلوا بعد إلى مستوى استئجار هذا الصنف من الناس لتصفية حسابات سياسية بينهم عن طريق استعمال العنف، إلا أن هذا النوع من الناس موجودون عندنا بكثرة في الإعلام، ووسط بعض المثقفين العلمانيين بالخصوص الذين يشتغلون، منذ وقوع الانقلاب في مصر، على نشر الإشاعة، وتزوير الحقائق، ونقل الأخبار المضللة من الإعلام المصري، ولكن في سياق تصفية حسابات سياسية مع خصم سياسي محلي. وأفضلهم من يستقل بتحليلاته الخاصة. ولكن رغم ذلك تجد "اجتهاداته" تتقاطع بشكل كبير مع ما يرد من كذب وافتراء وتضليل من مصر. ولا غرابة في ذلك، مادام الطرفان يشتركان في خصم سياسي واحد هو: "الإسلام السياسي"!! ولقد لاحظت أن ظاهرة "كراء الحنوك" قد بدأت تنتشر في الإعلام العمومي والخاص وعلى صفحات الفيسبوك بشكل ملفت، وحتى في الحقل الحزبي .. وقد شكل الانسحاب الأخير من الحكومة؛ بداية فعلية ل"كراء الحنك" لدى الطبقة السياسية المغربية. ولا شك أن هؤلاء ال"كراية الحنوك"هم من بدأوا يلوحون بإسقاط حكومة الإسلاميين، مساندين بجيش عرمرم من "مثقفي الوقت بدل الضائع"، الذين بدأوا يزايدون على وطنية الإسلاميين، وينقمون عليهم نصرتهم لإخوانهم المصريين ضد قوى الاستبداد والظلم المُمَارَس عليهم...بحجة أن هذا الأمر شأن لا يهم المغاربة، وكأن الشأن التونسي (قضية بلعيد والبراهمي) شأن مغربي صرف!!!. وهو نفس الاتهام الذي ووجه به الإسلاميون في قضايا مماثلة: فلسطين، العراق، افغانستان، البوسنة، سوريا،... قبل ان ينحشر هؤلاء في استحياء شديد في نصرة هذه القضايا الانسانية ...!!! 2. أيها العلمانيون..قليلا من الانصاف !! مساكين علمانيونا المغاربة الأشاوس .. لقد أوقعهم الحدث المصري في "حيص بيص".. فلا هم قادرون على الانتصار للشرعية الذي أصبح مطلبا شعبيا لكل شعب مصر والعالم الحر الرافض للانقلاب، ولا هم قادرون على الإعلان الصريح عن تأييدهم للانقلاب على الشرعية، ولا هم قادرون على اختيار طريق ثالث... لذلك اختاروا العودة إلى الاسطوانة القديمة في سرد مثالب الإخوان وأخطاء الرئيس ووو...المأخوذة من الإعلام المصري المتحامل الذي يرفع شعار:" اكذب واكذب حتى يصدقك الناس"...في محاولة خبيثة لتبرير الانقلاب دون السقوط في الاعتراف المباشر به... !!!! لكل هؤلاء نقول: مهما حاولتم النيل من إرادة شعب قرر الصمود في وجه الاستبداد والظلم (أزيد من 40 يوما من الاعتصام )، وقدم من أجل ذلك الجهد والمال والوقت والصحة وأكثر من ذلك مآت الشهداء والمعطوبين والسجناء ... فلن تفلحوا، ولن تفلحوا أبدا،وسيلعنكم التاريخ والجغرافيا وشرفاء هذه الأمة. 3. كلمة لا بد منها... الذي يجمعنا بالشعب المصري الشقيق هي العقيدة وهي أكبر من الوطن.. قد نختلف معهم في الوطن، ولكن لن نختلف معهم في العقيدة.. و نحن نعتقد أن الإسلام هو المستهدف في مصر. وحتى لا يذهب بعض المصابين ب"فوبيا الإخوان" بعيدا، أؤكد على أن الإسلام ليس هو الإخوان، والإسلام أكبر من الإخوان وأكبر من الحركات الإسلامية برمتها، والشعب الذي خرج ويخرج في مصر بالملايين هم المصريون، كل المصريين. والأحداث التي عرفتها مصر منذ الفض الفج للاعتصاميْن ، أكبر من الإخوان ومن الإسلاميين جميعهم. لذلك سنسمع من سيلصق بالإخوان كل أحداث العنف التي يشترك فيها الآن البلطجية والشرطة والجيش؛ خصوصا أنها جاءت بعد المذابح التي تعرض لها الاعتصامان. لا لشيء، سوى لتصفية حساب سياسي محلي مع هذا الفصيل... وهذا ما وقع بالضبط !. فمن أراد ان يحاكم الإخوان، فليحاكم سلوكهم ما قبل الأحداث (أزيد من 40 يوما من السلمية). أما بعد الأحداث التي اختلط فيها الحابل بالنابل، ندعوه ليحاكم تصريحاتهم الرسمية التي لا زالت تؤكد على سلمية التظاهرات رغم الظلم الذي مورس عليهم. ولا أدل على ذلك من أن جميع قادتها الذين اعتقلوا، اعتقلوا في سلمية وبدون أي مقاومة تذكر، وبدون أن تطلق رصاصة واحدة على الشرطة والعسكر. فلو كانت هذه الجماعة جماعة "إرهابية" مسلحة كما يدعون، فهل كان سيتردد قادتها وحراسهم الشخصيون من استعمال السلاح في وجه من يجرؤ على اعتقالهم؟؟؟... ثم احرقت المقرات ولم يتحركوا !!. في أي بلد وفي أي عصر وقع أن "استسلمت" جماعة إرهابية مسلحة بهذه السهولة؟؟ !!!. هل هناك سلمية أكثر من هذه؟؟؟؟... ومن قال العكس، قلنا له:" هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" !!! قلت : فالمستهدف الآن في مصر (بعد إلغاء المواد: (11) و(12) و(25) و(44) و(219) المؤكدة على إسلامية الدولة، والمطالبة بتعويضها بمواد تؤكد على علمانية الدولة بما تعنيه العلمانية من فصل الدين عن الحياة العامة وليس عن السياسة فحسب) هو الإسلام. والإسلام أكبر من مجرد طقوس تعبدية وجدانية حبيسة جدران المساجد والزوايا، وأكبر من أن يكون مجرد شأن فردي كما يروج مناوئوه، بل هو منهج حياة إنساني كامل متكامل، بما هو سياسة، واقتصاد، وثقافة، وعلم،... ورفض الظلم والاستبداد، وكذا التضامن مع الإنسان كإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وعقيدته، جزءان لا يتجزآن من عقيدة المسلم. لذلك اعتُبِر النبي صلى الله عليه وسلم الأكثر إنسانية في العالمين، لأنه جاء رحمة للبشرية والإنسانية جمعاء. وهذا مالا يفهمه من ينقمون علينا مساندتنا للشعب المصري في محنته، واستجابتنا لنداء الضمير الذي ينادينا، وانتفاضة الإنسان فينا. ويزايدون علينا في ملفات وطنية كملف الصحراء المغربية الذي نعرف جيدا مواقفهم السابقة والحالية منه، أو قضية البيدوفيلي، أو معاناة القرى والمداشر المغربية النائية من الحيف والظلم الاجتماعي... !!!! ولا أظن أن أحدا من شرفاء العالم سيسمع بالمجازر المرتكبة اليوم في مصر ثم يسكت فقط لأن الشارع يقوده الإسلاميون، أو لأنها لا تهمه أولا تهم بلده،... !! فقليلا من الإنصاف ياسادة؛ فإن لم تستطيعوا ان تساندوا الذين خرجوا ضد الاستبداد والظلم، فلا أقل من أن تلتزموا الصمت بدل أن تصطفوا مع القتلة، وتبرروا لهم مجازرهم، بعد أن بررتم لهم انقلابهم العسكري. فستندمون على مواقفكم المتخاذلة يوم ستحاكمكم الجماهير الشعبية، بعد ان يكتشفوا أنكم شاركتم مع العساكر والبلطجية والفلول والصهاينة والعملاء في الخليج العربي والفارسي... في وأد الربيع الشعبي، وخنتم الأمانة، وتاجرتم بدماء الشهداء، من أجل غرض من السياسة زهيد....! (يتبع)...