1. قصة إعلام في حضن الانقلاب.. ! لم يستصغ المنهزمون في امتحان الديمقراطية في مصر أن تنقلهم هذه الديمقراطية، التي ظلوا يلهجون بميزاتها ومميزاتها طيلة سنوات المواجهة مع نظام مبارك البائد، إلى خارج كراسي الحكم، وتُمَكِّن منها تيار مافتئوا ينعتونه بالظلامي و الفاشي؛ حتى اختاروا أن يخوضوا معركة جديدة، من زاوية مغايرة، ضد النظام الجديد، لِلْفَتِّ من المفاصل الرئيسة لقوته الهادرة والمتمثلة في الشعبية الجماهيرية التي يحضى بها الإسلاميون في مصر، وذلك بالعمل على توجيه الرأي العام المصري ضد الحكام الجدد، عبر مختلف وسائل الإعلام الفلولي ،الذي تجاوب مع أجندات الانقلابيين ، واختار أن يصطف ضد الإرادة الشعبية، وفي الاتجاه المعاكس لمنطق الأشياء العاقلة!! لقد اختار الفلول والمعارضون أن يضعوا أيديهم في يد "الشيطان"، ويشتغلوا على تمويل قنوات بعينها، وإعلاميين بعينهم، للقيام بحملة غير مسبوقة ضد رئيس الدولة المنتخب، وحزبه السياسي المشارك في الانتخابات. وقد ركزت هذه الحملة، أساسا، على نشر الإشاعة، وتهييج الشارع ضد قرارات الرئيس ومواقفه الإصلاحية الرائدة التي لقيت معارضات مفتعلة، وتأويلات مغرضة. لكن كل هذا الهيجان الآبق، لهذه المكونات المنهزمة، لم ينل من عزيمة الرئيس، ولم يفرمل مساره الإصلاحي، حتى بدأت قراراته تقلق محيطه الجيوستراتيجي الطامع في موارد الاستثمار في مصر، وبدأت أمريكا وإسرائيل تحسان بقرب انفلات الدولة الأهم في معادلة الصراع العربي الصهيوني من بين أيديهما، آنئذ فقط بدأ الإعداد للانقلاب على الشرعية في مصر، وآنئذ فقط اهتبلت القوى المنهزمة داخل مصر لحظة القلق التي أخذ يعبر عنها "الكبار"، لتعرض خدماتها العميلة على أمريكا والإمارات، مقابل إعادة مصر إلى المربع الأول. ولقد تمكنت، بالفعل، هذه القوى أن تشتري "الإعلام الداعر" بالملايين التي تصلها من الرعاة الرسميين للانقلاب، وتوجهه صوب مقتل الرئيس ونظامه الجديد، وتتمكن في ظرف وجيز من تعبئة رأي عام عبر "حركة" توفرت لها كل أدوات الحماية القانونية للتظاهر الذي لم يكن سلميا في العديد من محطاته التعبيرية الفاصلة (حرق مقرات الإخوان، الهجوم على المساجد التي يرتادها الإخوان، الاعتداء على الملتحين، الهجوم على قصر الرئيس واعتلاء أسواره ورميه بالحجارة،...) كل هذا ورئيس الجمهورية هو الإسلامي محمد مرسي، الذي ظل يشدد على رجال الشرطة أن يلتزموا الحياد أمام هذه التعابير الهمجية، ويمنع الاعتداء على المتظاهرين الذين لم يكونوا سلميين البتة !!. لقد أخذت هذه "الحركة" تتوسع يوما بعد يوم في الشارع المصري مدعومة بالتمويل الخليجي، و"الدعم" الاعلامي المضلل، بهدف واحد ووحيد وهو تكوين رأي عام يبرر الانقلاب العسكري الذي بُيِّت له منذ زمان في كواليس الجيش، ويقدم له غطاء شعبيا، على غرار الغطاء الشعبي الذي خول للجيش التدخل لحسم الصراع مع مبارك خلال ثورة 25 يناير. في حين يكمل "كاصكادورات" الإعلام المضلل بقية اللقطات الصعبة التي ستؤثث مشهد 30 يونيو ( إظهار الحشود من زوايا مختلفة مع اللعب على فبركة الصور الملتقطة من الأعلى لتظهر الحشود أضعاف ما هي عليه في الواقع انفراد طائرات الجيش بالتقاء الصور من الأعلى منع قنوات الفلول وغيرها من القنوات من عرض صور ولقطات الفيديو غير تلك التي ترد عليها من الداخلية والجيش الاستعانة بفناني المونطاج والسينما لفبركة المشاهد ...) الذي أتقنت كامرات الداخلية والجيش مدعومة بخبرة السينمائيين المصرين، عرضه في صورة أذهلت العديد من المتتبعين، كما سحرت أعين الشعب المصري، و بعض ببغاوات الإعلام المغربي، الذي صدق الأعداد الخيالية التي تم الإعلان عنها (33 مليون متظاهر) قبل أن تنكشف اللعبة، ويستفيق الشعب المصري على أكبر خدعة لم يعرفها منذ 60 سنة . (أي منذ 1954 السنة التي عرفت مسرحية المنشية التي فبركها الديكتاتور عبد الناصر بتنسيق مع المخابرات الأمريكية (CIA) للإيقاع بالإخوان). هذه باختصار شديد قصة الإعلام المصري المضلل، الذي قدم أسوأ صورة لممارسة "بلطجة" ودعارة إعلامية ضد شعبه، وتلقفها إعلامنا الموجه في بلادة غير مسبوقة ليعرضها كحقائق تبرر الموقف الرسمي من الملف المصري، كما روج لها خصوم الإسلاميين، يسارا ويمينا، عندنا، لتصفية حسابات خبيثة مع هذا الخصم السياسي، وجعلوا منها حقائق تدين التدبير العمومي للإسلاميين، وتضعهم في قفص الاتهام. ومن أغرب ما سمعته من بعض خصوم الإسلاميين في المغرب، ترويجهم لأخبار يتندَّر منها المعتصمون في "رابعة العدوية" و"النهضة"، وقد جعلها المعتصمون وصلات كوميدية يعرضونها بين الفينة والفينة للترويح على النفس من ضغط الصيام والحرارة. من قبيل ما يروجه الإعلام المصري المضلل من أن المعتصمين يتخدون النساء والأطفال دروعا بشرية، وأن الملَك جبريل عليه السلام يحل بينهم، وأنهم يمارسون التعذيب على معارضيهم داخل رابعة، وأن ثمانين جثة لهؤلاء توجد تحت منصة رابعة، وأن الإخوان هم من أسقط الأندلس، وأن نظام مرسي كان نظاما استبداديا قتل وشرد الآلاف من المعارضين، وأن "رابعة العدوية" خزان للأسلحة الثقيلة،... وسوى هذه الخزعبلات التي يضج بها الإعلام الفلولي؛ ويتلقفها للأسف بعض عديمي الضمير الشريف عندنا كحقائق يعرضونها في مقالاتهم، وخطاباتهم، بل وبيانات أحزابهم الرسمية، دون تمحيص ولا تحقق، وبدون حياء !!. فقليلا من الانصاف ياسادة؛ فإن لم تستطيعوا أن تساندوا الذين خرجوا ضد الاستبداد والظلم، فلا أقل من أن تلتزموا الصمت بدل أن تصطفوا مع القتلة وتقدموا لهم خدمات مجانية بترويج أخبار البلطجة والتضليل التي لم تؤثر حتى في الشعب المصري الذي كفر بإعلامه المضلل واستوردتموها أنتم لتصفية حسابات أيديولوجية وسياسية مع خصم سياسي محلي !!! . فرجاءً، لا تشاركوا في وأد الربيع الشعبي الديموقراطي، بعد أن شاركتم في صناعته، فالتاريخ لا يرحم !!. 2. إعلامنا الشارد والأسئلة الصعبة.. • حول الحدث المصري: لكن، إذا كان هذا هو حال الإعلام المصري غير المحايد، والذي ضلل الشعب، خدمة لأجندة فلولية معروفة؛ فما بال إعلامنا العمومي ينساق خلف هذه"الدعارة الإعلامية" وينقل عن الإعلام الفلولي صراعه السياسي، ليقصفنا به هنا في المغرب، وكأنه الحقيقة التي لا تقبل الرد. فأين هي المهنية في نقل المعلومة؟ ألا يعلم إعلاميونا الأشاوس أن مصر تعرف صراعا سياسيا بين مشروعين سياسيين متناقضين؛ مشروع ثوري شعبي جماهيري قامت من أجله ثورة رفعت لها قبعات شرفاء العالم، ومشروع صهيوأمريكي انقلابي لفظه الشعب الحر، وخرج ضده العالم. مما يلزمه أن يدقق في المعلومة، ويحايد في نقل الخبر؟ ما الذي سيستفيده المغاربة، الممولين الحقيقيين لهذا الإعلام، من انتصار إعلامهم لفريق ضد فريق؟ أليس في تحيز الإعلام المغربي العمومي لطرف ضد طرف اصطفاف رخيص يسقطه في "بلطجة" وتضليل سيؤدي ثمنه غاليا يوم يدعوه الشعب للحساب؟ ماذا يعني مثلا أن يصر إعلامنا العمومي على تسمية " التحالف الوطني لدعم الشرعية" ب" تحالف الحركات الإسلامية لدعم الشرعية"، ويسمي دعوات التحالف للتظاهر ب"دعوات الإخوان المسلمين"؟ أليس هذا نقل حرفي لقصاصات أنباء الإعلام المصري المضلل الذي يهدف منه إيهام الناس أن المتظاهرين هم فقط من جماعة الإخوان المسلمين، وأن بقية الشعب المصري مع الانقلاب، وإن كانت الحقيقة أن الشعب المناهض للانقلاب أكبر من الإخوان، وأكبر من الحركات الإسلامية برمتها؟ ثم ألا يعلم هذا الإعلام أن المغاربة المتابعين للأحداث في مصر لهم مصادرهم الكثيرة والموثوقة للحصول على المعلومة مما يوقعه في حرج التضليل إذا لم يجتهد في تحقيق المعلومة، و سبرها من مصادرها الموثوقة قبل عرضها على العموم؟؟؟ • حول قضية البيدوفيلي "دانيال"... ثم، ألم يثبت هذا الإعلام العمومي مرة ثانية أنه إعلام لا شعبي حينما انزاح وراء الحائط في عز الهيجان الشعبي ضد العفو عن سفاح الطفولة المغربية، البيدوفيلي الاسباني، ولم ينبس ببنت شفة رغم أنه الأمين عن المعلومة/الخبر والمسؤول عن وضع الشعب المغربي في صورة الأحداث التي تهمه؟ أين هي برامجه التي لاتنتهي حول الطفولة والشباب والشيوخ والأسرة ووو.. ؟ بل أين برامجه المتخمة حول العنف ضد النساء والأطفال والحيوان وو...؟ لماذا ظل ينتظر التعليمات قبل أن ينفك لسانه عن الصمت؟ أليس له رأي مستقل حول هذه النازلة التي انتشرت في الشارع المغربي انتشار النار في الهشيم؟ لماذا هذا الانسحاب المتعمد من هموم الناس وانشغالاتهم؟ أين هي استقلالية الإعلام التي صدعنا بها المسؤولون على القطاع أيام واجههم الشعب بضرورة وضع حد لرداءة البرامج التي تعرض على المواطنين؟ ... أسئلة وغيرها كثير تطفو على سطح الخنق الذي يشعر به الناس إزاء سقوطهم ضحية تعمية من قطاع، المفترض فيه أن يكون الواجهة التي تضعهم في صورة العالم، والأداة المثلى التي تعرض لهم الرأي والرأي الآخر.. بتميز وبدون أي تحيز؛ نعرضها من باب إثارة الانتباه ليس غير.. !!!