سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البلتاجي: الوسطاء الأجانب والمصريون يطلبون منا الاعتراف بالانقلاب مقابل الإفراج عن معتقلينا القيادي في «الإخوان المسلمين» قال ل«المساء» إن الانقلابيين ومؤيديهم ضغطوا على مرسي للتنازل قبل انتخابه
في هذا الحوار يكشف محمد البلتاجي، القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ل«المساء»، وجود وساطات بين جماعته و المجلس العسكري، يقوم بها سفراء دول أوروبية واثنان من المفكرين المصريين. كما يؤكد البلتاجي، المبحوث عنه للاعتقال في أزيد من عشر تهم خطيرة، بأن المجلس العسكري يشترط عليهم الاعتراف بالنظام الجديد، مقابل إطلاق سراح معتقلي «الإخوان» وإيقاف المتابعات في حقهم. كما يهاجم البلتاجي الإعلامي المصري الأبرز، محمد حسنين هيكل، ويقول إنه صرح، قبل حوالي أسبوعين من «الانقلاب» على مرسي، بأن «عبد الناصر كان محقا في اعتقال الإخوان المسلمين». ويحكي ل«المساء» كيف أن التيار الشعبي وتيارات يسارية وناصرية ضغطت على الرئيس مرسي للتنازل عن منصب الرئيس بين الدور الأول والثاني من الانتخابات، معلقا على ذلك بالقول: «واضح أن هذا التيار لا يعرف مفهوم الثورة والتجربة الديمقراطية إلا في سياق أن يخرج الإسلاميون منها، ويتركونهم يتنافسون فيما بينهم». - ما حقيقة وجود وساطة للصلح بينكم وبين النظام المصري الجديد؟ ما هي هذه الجهات التي من شأنها أن تتوسط بيننا ونحن أمام انقلاب قام به القائد العام للقوات المسلحة على الرئيس المنتخب.. انقلاب على الدستور المستفتى عليه.. انقلاب على مجلس الشورى المنتخب من الشعب.. انقلاب على نتائج صناديق الاقتراع.. نحن لا خصومة أو أزمة لدينا مع أحد. هناك انقلاب يجب التراجع عنه، وبعد ذلك يمكن أن نجلس لنتناقش ونتحاور حول خريطة المستقبل شريطة إلغاء ما ترتب عن الانقلاب من آثار. - وما حقيقة أن الدكتور فهمي هويدي حاول التوسط بينكم وبين من تصفونهم بالانقلابيين؟ نقطة البداية لإعلان حسن النوايا يجب أن تبدأ من وقف الانقلاب وإلغاء ما ترتب عنه من آثار، وبعد ذلك نحن شركاء في الوطن. - أنت لا تنفي إذن أنه كانت هناك وساطات؟ ربما خرجت محاولات من أمثال الدكتور سليم العوا والأستاذ فهمي هويدي، لكنني لا أدري إلى أين وصلت. - ما طبيعة العروض التي قدمت إليكم؟ (يضحك) لسنا في انتظار نتيجة محاولات. كل يوم تقع في صفوفنا اعتقالات جديدة أو قتل جديد، هذا هو الرد على أي محاولات للتقريب والمصالحة. لذلك فالحديث عن المصالحة الوطنية وهم كاذب لأنه في كل يوم يزداد عدد القتلى والمعتقلين، فلدينا الآن في مجزرة الحرس الجمهوري، في الحد الأدنى، 100 شهيد، ولدينا 1000 جريح و650 معتقلا. توجه إلينا اتهامات جديدة لمن لم يكن قد وجهت لهم اتهامات بعد، وهي اتهامات ملفقة. - أنت من جملة هؤلاء المتهمين بتهم خطيرة؟ أنا متهم في أكثر من عشر قضايا ملفقة، وأنا هنا في رابعة العدوية متهم بقتل إخواني في ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، ومتهم بدماء إخواني الذين قتلوا أثناء الصلاة في مجزرة الحرس الجمهوري، ومتهم بالتخابر مع دول أجنبية، ومتهم بحيازة سلاح ومفرقعات، ومتهم بالإضرار بالاقتصاد والأمن القومي لمصر، ومتهم بتهمة إهانة القضاء... هذه وغيرها قضايا ملفقة، وهي شكل من أشكال العودة إلى الدولة القمعية البوليسية القديمة. - هناك أيضا وساطات أجنبية بينكم وبين المجلس العسكري والنظام الجديد. (يصمت) بالإضافة إلى عدد من الشخصيات المصرية التي نقلت رسائل إلينا من الطرف الآخر، هناك عدد من السفراء الأوروبيين وغير الأوروبيين نقلوا رسائل من القوات المسلحة إلينا. - ما مضمون هذه الرسائل؟ كلها تقول إن الوضع القائم لا يمكن التراجع عنه، وأنه لا مجال لعودة الرئيس ولا عودة الدستور ولا المجالس المنتخبة.. وبالمقابل تطالبنا بالاعتراف بالنظام الجديد. مقابل هذا يقولون لنا إنه من الممكن أن نتفاهم في إطلاق سراح المعتقلين، وأن نغلق ملفات القضايا التي تتابعون فيها، بالرغم من أنهم يعرفون بأن هذه القضايا ملفقة، لكنهم يقولون: هذه القضايا هي تحت سيطرتنا ويمكننا أن نضع حدا لها. كما بإمكاننا توقيف القتل الذي يتم في صفوفكم، سواء عن طريق العسكريين أو عن طريق الشرطة أو عن طريق البلطجة، وممكن أن نسمح باستمراركم كحزب سياسي أو كجماعة، لكن تحت قاعدة أن ما تم قد انتهى، وهو أمر واقع يجب أن تسلموا به. أما ردنا فكان أننا لا نقبل فرض أمر واقع بالقوة العسكرية، ولا نقبل شريعة الغاب التي تقول إن من يفيق في الصباح الباكر ومعه القوة هو من يحكم هذا الوطن. - ألا يعيق سيل الدماء (قتلى دار الحرس الجمهوري، مقتل أربع نساء في المنصورة وغيرها من الأحداث الدموية) دخولكم في أي مفاوضات مباشرة مع السلطة الحالية في مصر؟ على أي شيء سنتفاوض إذا كنا نشهد كل يوم نزيف دم جديد، وكل يوم يضاف معتقلون إلى لائحة المعتقلين، أي مفاوضات ورئيس مصر المنتخب محبوس، ورئيس حزب الحرية والعدالة، أكبر حزب في مصر (محمد سعد الكتاتني) محبوس. المرشد العام للإخوان المسلمين، محمد بديع، مطلوب القبض عليه، والمرشد السابق، مهدي عاكف، محبوس، ونواب المرشد محبوسون. فهل هناك من مفهوم للمصالحة في ظل هذه الظروف؟ - ما هي الخلاصة التي عاد به الوسطاء، المصريون والأجانب، لإبلاغ الطرف الآخر بها؟ الصورة واضحة ولا تحتاج حتى إلى إبلاغ. أنت تتحدث عن مصالحة وتُزهق كل يوم أرواحا جديدة، وتأسر جديدا وتجرح جديدا. - لكن لا أحد منكم يستطيع إنكار الملايين التي خرجت تحتج على فشلكم في حكومة مصر؟ هذا ما حاول الانقلابيون فبركته إعلاميا، فكانوا يسوقون بأن مصر كلها موافقة على الانقلاب العسكري باستثناء المعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة، لكن عندما بدأت المظاهرات تخرج من الإسكندريةوالمنصورة وبني سويف والفيوم وأسيوط وأسوان والعريش ومطروح.. وعندما خرجت الجماهير بعد صلاة الجمعة الأخيرة، في مظاهرات الغضب، وهي تستعيد مظاهرات 28 يناير 2011، في أحياء القاهرة: في المرج وعين شمس والزيتون وشبرا والخزندرة والتجمع الخامس والشربية وحلوان والمعادي والمهندسين وفيصل والهرم.. فلكي تفند مزاعم من كان يقول إن المساندين لعودة الشرعية لا يوجدون إلا في ميداني رابعة العدوية والنهضة٫ ولتكذيب من كان يريد أن يحرِّف النقاش ويوجهه إلى وجود أزمة في رابعة العدوية، بين المعتصمين والساكنة. لذلك، فإن من فكر في هذا ومن خطط لتحريض البلطجية على مهاجمة ميدان النهضة بالنار واهم. الآن الملايين أصبحت تعرف أن هذا انقلاب عسكري دموي على الرئيس الشرعي. كما أصبحت تستطيع تمييز ومعرفة من كان يحبك الأزمات أثناء فترة حكم الرئيس مرسي؛ ومن كان يصنع قبل 30 يونيو بأسبوعين أزمة السولار والبنزين والكهرباء، لإجبار الناس على النزول للشارع ضد الرئيس مرسي. - بعدما انتقد محمد حسنين هيكل آخر خطاب للرئيس مرسي، انفعلت على قناة «الجزيرة»، واتهمت الصحافي المصري الشهير بأنه كان يُعبّد الشعب المصري للفرعون في الستينيات، وأنه كان يضلل الشعب المصري في نكسة 1967. لماذا هذه النبرة الهجومية على أحد الرموز الثقافية والإعلامية في مصر ؟ ما يحدث في مصر الآن هو من وصايا أمثال الأستاذ هيكل. فقبل حوالي أسبوعين من الانقلاب على الشرعية قال هيكل: كان عبد الناصر محقا في اعتقال الإخوان المسلمين، وكأنه كان يقول للنظام القادم: هذا هو الطريق, للتعامل مع الإخوان المسلمين. هذه هي التجربة التي اشتغل بها أمثال هيكل مع جمال عبد الناصر، وهذه هي طبيعة الدولة العسكرية التي تفتح المعتقلات والمحاكمات العسكرية الاستثنائية وتتخاطب بلغة النار والسجون، وليس بآليات الديمقراطية. لقد ذكرت هيكل بتجربة سياسية طويلة كنا نتمنى أن يفيق أصحابها، لكنهم استبدلوا نموذج الدولة الديمقراطية المدنية الذي تتطلع إليه الشعوب بنموذج الاستبداد والعسكرة والدبابات الذي جر البلد إلى الهزائم والنكسات وإلى الانهيار على كل الأصعدة، فإذا بهم كأنهم يفتخرون بهذا الماضي البئيس ويحاولون إعادة صناعة هذه التجربة مرة ثانية كما لو كانت محل اعتزاز. - أنت من القلائل الذين ذهبوا إلى القول بأن الرئيس مرسي تعرض لضغط للتنازل على الحكم حتى قبل أن يصبح رئيسا. ما سندك في ذلك؟ العنوان الرئيسي الذي يتحدث عنه الانقلابيون ومؤيدوهم من أن تجربة الرئيس مرسي في الحكم تم تجريبها لمدة سنة وأنها فشلت كذب، لأن هؤلاء قاموا بمحاولات مستميتة لإفشال هذه التجربة حتى قبل أن تبدأ، فكانت هناك مطالبات للرئيس مرسي بأن يتنازل عن الحكم. - هل طُلب من الرئيس محمد مرسي التنازل عن الحكم لصالح حمدين صباحي الذي نافسه في الانتخابات الرئاسية؟ نعم. بين الجولة الأولى والثانية من الانتخابات (كانت الجولة الأولى يومي 23 و24 ماي 2012، والجولة الثانية يومي 16 و17 يونيو من نفس السنة)، وكان الرئيس مرسي هو الناجح رقم واحد، وأحمد شفيق، ممثل النظام السابق، هو الثاني، فطُلب من مرسي أن يتنازل لكي يكون التنافس بين المرشح رقم اثنين والمرشح رقم ثلاثة، حمدين صباحي. - من طلب من المرشح محمد مرسي الانسحاب من خوض منافسات الجولة الثانية؟ تيارات سياسية محسوبة على اليسار، والتيار الناصري، وما سمي بالتيار الشعبي. - بِمَ كان هؤلاء يسوغون طلبهم للمرشح الأوفر حظا، محمد مرسي، بالتنازل للمرشح الثالث؟ واضح أن هذا التيار لا يعرف مفهوم الثورة والتجربة الديمقراطية إلا في سياق أن يخرج الإسلاميون منها، ويتركونهم يتنافسون فيما بينهم. - اتهمك رئيس المنظمة المتحدة لحقوق الإنسان محمد عبد المنعم بتهمة الخيانة العظمى، وهي تهمة تقود صاحبها إلى الإعدام شنقا، بعد أن طالبت بتدخل جهات أجنبية لإنقاذ العملية بمصر. أنا لا أعرف هذا الذي تتحدث عنه، لا شخصا ولا موضوعا. لكن على كل حال، أنا كنت أتهم الغرب بفقدان المصداقية حينما يتحدث طويلا عن الديمقراطية، ثم ينحاز إلى الانقلاب العسكري على حساب آليات الديمقراطية. وحينما يتحدث طويلا عن حقوق الإنسان، ثم ينفضح أمره عندما يسكت عن مجازر بهذا الاتساع من القتلى والجرحى والمصابين. أنا لم أطلب مساعدة أو تدخل أحد، ولكنني كنت أشير إلى أن هذه الأنظمة تفتضح حقيقتها لأنها لا تفهم الديمقراطية وحقوق الانسان إلا إذا كانت متماشية مع مصالحها. - استاء العديدون من تصريح أدليت به، بعد عزل الرئيس محمد مرسي، لإحدى القنوات التلفزية، قلت فيه إن ما يجري في سيناء من أحداث عنف دموية لن تتوقف إلا إذا عاد الرئيس مرسي إلى منصبه الشرعي، وهو ما فهم منه بأنك أنت، ومن خلالك جماعة الإخوان المسلمين، تتحملون المسؤولية المادية أو الأخلاقية عما يحدث في سيناء. هل ما صدر عنك مجرد زلة لسان؟ هذه فبركة إعلامية تقوم بها الأجهزة المخابراتية للأسف الشديد. أنا كنت أتحدث عن حجم الغضب الموجود في الشارع المصري، وفي مختلف محافظات مصر، نتيجة هذا الانقلاب العسكري، فلما سئلت عن الأحداث الواقعة في سيناء قلت بوضوح شديد أن لا علاقة للإخوان المسلمين من قريب أو بعيد بما يحدث في سيناء، لكن ما يحدث في سيناء، كما في غيرها من المحافظات المصرية، هي مظاهر غضب واحتقان ناتجة عن الانقلاب العسكري، وأنه عندما تتوقف آثار الانقلاب ستتوقف بشكل تلقائي مظاهر العنف. لكن الحوار تمت دبلجته وإخراجه وكأننا تنظيم القاعدة في سيناء. عقلاء العالم كله يعرفون أن الإخوان المسلمين لا علاقة لهم من قريب ولا من بعيد بآليات العنف، لكن ما تقوم به الأجهزة المخابراتية هو الصيد في المياه العكرة. - حديثكم عن تدخل جهات أجنبية، خليجية بالتحديد، في عملية عزل الرئيس مرسي عن الحكم، هل يطال دولا بكاملها - أم يقتصر على مجرد أفراد بأعينهم؟ هناك أفراد داخل بعض الأنظمة كانت لهم اليد الطولى في دعم الانقلاب على الشرعية في مصر. - هل تقصد محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، الذي تم الحديث عنه بقوة في عزل الرئيس مرسي عن الحكم؟ أنا لا أتحدث عن أشخاص بأعينهم، لكنني أقصد أفرادا داخل أنظمة معينة قاموا بعمليات تمويل واسعة، سواء دفاعا عن مصالحهم المالية، أو من خلال استفادتهم من الأموال التي هُربت من مصر قبيل الثورة. هؤلاء هم من قام بتحريك عملية إفشال التجربة الديمقراطية الأولى. - هناك العديد من المثقفين المصريين المستقلين، من ذوي المكانة العلمية والرمزية الكبيرة، أيدوا تدخل الجيش لعزل الرئيس مرسي، قناعة منهم بأن تجربة الإخوان في الحكم منيت بفشل ذريع، ناهيك عن أنها لم تستطع أن تكون تجربة كل المصريين، وأن العسكر تدخل في الوقت المناسب تلبية لإرادة الجماهير التي نزلت إلى الشارع. ما رأيك؟ نحن لا نخترع الديمقراطية. الديمقراطية في العالم استقرت على قواعد ومبادئ وثوابت وآليات. الديمقراطية ليست مبارزة بين الحشود يستطيع كل طرف فيها أن يقول إنه الأكثر ملايينا، حسب لقطات الصور وفبركتها. العالم استقر على ربط الديمقراطية بصناديق الاقتراع التي ذهبنا إليها ست مرات؛ في استفتاء أول واستفتاء أخير، وانتخابات برلمانية على ثلاث مراحل، وانتخابات مجلس الشعب، ثم عبر مرحلتين في مجلس الشورى، ثم في انتخابات رئاسية على مرتين. وفي المرات الست كانت النتيجة محسومة لصالح وضع الثقة في الإسلاميين أكثر من غيرهم، لكن من أدرك هذا بشكل واضح كان يعرف أنه لا يمكنه أن يذهب إلى صناديق الاقتراع وينافسنا، فإما أن يحتمي بالدبابة والعسكر، وإما أن يحتمي بالتضليل الإعلامي للرأي العام العالمي. هذه هي حقيقة ما حدث. فإذا كانت الجماهير معهم، فلماذا هربوا من انتخابات برلمانية كانت ستجرى في أسابيع معدودة، وهي تخول لهم، وفقا للدستور الجديد الذي أقره الشعب، أنهم إذا شكلوا أغلبية برلمانية يستطيعون أن يشكلوا الحكومة وأن يعدلوا الدستور وأن يعزلوا الرئيس وأن يدعوا إلى انتخابات برلمانية مبكرة، لكن بآليات ديمقراطية وليس بآليات الفوضى والدمار والدماء والعسكرة. - ما هي الدوافع الأساسية، في تقديركم، التي دفعت الجيش والجهات «المتواطئة» معه إلى القيام بانقلاب على الشرعية، حسب ما تقولون؟ تقديري هو أن الشعب تعامل مع مشهد الثورة في 25 يناير باعتباره مشهدا ثوريا حقيقيا، بينما كانت مؤسسات الدولة العميقة جميعها، إلى جانب أطراف إقليمية وأخرى أجنبية، تعتبر بأن هذه مجرد جولة قد تستطيع فيها من التخلص من الدب العجوز، حسني مبارك، ثم تقدم وجوها أخرى تستكمل بها مسيرة الدولة العميقة بمؤسساتها مع تغيير الدب العجوز بشخصية أخرى أحدث سنا، وبالتالي فقد كان الترتيب لهذا الانقلاب هو ألا يأتي رئيس إلا ما يقررونه هم. هكذا تقرر في البداية تعيين عمر سليمان (رئيس المخابرات العامة المصرية الذي عينه حسني مبارك نائبا له بعد أربعة أيام من اندلاع ثورة 25 يناير 2011)، ثم بدأ الترتيب لتولية أحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد مبارك)، لكن عندما فاز الرئيس مرسي بالانتخابات الرئاسية كان القرار ومنذ اللحظة الأولى هو أن نذهب إلى جولة لنعود إلى نقطة الصفر مرة ثانية، وهذا بالضبط ما حدث الآن. لقد عادوا إلى نقطة الصفر؛ حيث تم إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، إنهاء نتيجة الانتخابات البرلمانية، مجلس الشعب ومجلس الشورى، وإلغاء نتيجة الاستفتاء على الدستور، لنعود مجددا إلى يوم 11 فبراير 2011. وإذا كان ثوار مصر قد استطاعوا إزاحة الدب العجوز، حسني مبارك، فها قد عاد الثعلب الجديد، عبد الفتاح السيسي.