الحديث عن دولة المواطنة حقوقا وواجبات لا بد أن يصطدم في المغرب بممارسات وأفكار تنهل من قانون الغاب ,لأن الذي يصف مواطنا بالبخوش لن يكون سوى شخصا ينظر للآخر نظرة استعلائية وتحقيرية للمواطن , وللدولة كجهاز ومجموعة من المؤسسات التي تؤطر حياة الأمة وتجعل من القانون أسمى تعبير عن إرادتها ومن العدل غايتها . "" فلم يكن حسن اليعقوبي ساعة إطلاقه النار على شرطي يقوم بواجبه المهني , ليغفل بأنه بتصرفه البربري يكون قد قام بتغييب الدولة ومس برمز من رموز سيادتها , ولم يغب عن ذهنه بأنه زوج أميرة وصهر الملك محمد السادس !
وهنا مربط الفرس , فالأمر يتعلق بأحد أفراد العائلة المالكة , والذي من المفروض أن يكون قدوة في احترام القانون والدستور المغربي الذي ينص الفصل الرابع منه على كون " القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة , ويجب على الجميع الامثتال له , وليس للقانون أثر رجعي " وكذلك الفصل الخامس والذي يعتبر " جميع المغاربة سواء أمام القانون " .
وهنالك من اعتبر الحديث في الموضوع إخلالا بالاحترام الواجب للملك والعائلة المالكة , والواقع أن الملك أصبح بالنسبة إلى البعض مشجبا يعلقون عليه عجزهم وجبنهم باسم المس بالمقدسات والإخلال بالاحترام الواجب له . وكي تتضح الصورة أكثر فلابد أن نشير وننوه بما يقوم به الملك وهو يقف عند الإشارات الضوئية ويحتك بالمواطنين ويأخد صوريا تذكارية معهم . مما يعني بأن العاهل محمد السادس بالرغم من أنه لم يقم بإصلاحات سياسية جذرية بعد , فإنه يبعث إشارات ضمنية توحي بتشكل صورة جديدة عن علاقة الحاكم بالمحكوم .
هذا الحاكم الذي تلزمه سلطته الدينية ( إمارة المؤمنين ) , والدنيوية ( رئيس دولة ) , والعسكرية ( القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية) , برد الاعتبار للشرطي طارق محب وذلك بما تستوجبه صورة الإمام العادل والحاكم الديموقراطي والعسكري الحامي للوطن . لأن ما حدث له يدق ناقوس الخطر في بلادنا حول واقع بعض الأشخاص والأجهزة التي يمكن أن تقوم بممارسة ساديتها على الوطن والمواطن دون خوف ولا رهبة .
فالقانون أصبح طبقيا ولا طبقية في القانون لأن الجميع ملزم بالخضوع له , ولأن القانون الذي ينتهكه البرلماني وابنة الوزير المدللة وابن الاقتصادي المرفه وصهر الملك , لا يستحق أن يسمى قانونا مادامت فاعليته تظهر حينما يتعلق الأمر بما سماه حسن اليعقوبي ( البخوش ) , والذين يتم الحكم في حقهم بأقسى العقوبات , ويكفي أن نشير إلى حالة المرحوم المقعد أحمد ناصر ذا 95 عاما وهو يموت بالسجن بعد أن حكم عليه بثلاث سنوات بتهمة " إهانة الملك " والذي لم يشفع له مرضه ولا سنه المتقدمة ولا إعاقته .
ولعل أكبر إساءة للملك هي تلك التي يتسبب فيها لنفسه . فالملك يسيئ لنفسه عندما يقبل بأن يكون حسني بنسليمان على رأس إحدى المؤسسات العسكرية( وهو المطلوب من العدالة الدولية)ويسيئ لنفسه وهو يرى جلادي الأمس وسنوات الرصاص في موقع المسؤولية , ويسيئ لنفسه وهو يرى القانون ينتهك بصورة يومية والقضاء ينطق بأحكام العار باسمه , ويسيء لنفسه حينما يمسك بالسلطات التشريعية والتنفيذية, مما يجعل من دولة المؤسسات حبرا على ورق وشعارات بعيدة عن الواقع وعن مغرب الألفية الثالثة .
www.elaouni.tk [email protected] * عمود بدون مجاملة سيستمر نشره بانتظام في انتظار عودة الزميل محمد الراجي