السفياني نائبا ثانيا لرئيس مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع    الجزائر.. محامي صنصال يعلن مثوله أمام وكيل الجمهورية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر        العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    نقابة: مشروع قانون الإضراب تضييق خطير على الحريات وتقييد للحقوق النقابية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    مخاض ‬في ‬قطاع ‬الصحة..‬    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواطنون لا أشياء
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 14 - 01 - 2009

ينهض مفهوم «المواطنة» عند ج. ج. روسو J. J. Rousseau على مبدأين أساسيين:
أولهما هو المشاركة الإيجابية من قِبَلِ الفرد في عملية الحكم،. وقد ذهب روسو في تأكيده على هذا المبدأ إلى حد قول: «عندما ينصرف الناس عن الاهتمام بشؤون الدولة، أو إذا تمت الحيلولة بينهم وبين هذه المشاركة الإيجابية، يكون الوقت قد حان لاعتبار الدولة في حكم المفقودة».
وثانيهما هو المساواة الكاملة بين أبناء المجتمع الواحد، إذ يؤدي انعدام المساواة إلى «تدمير الخير الطبيعي في الإنسان ويجلب الشقاء للكثيرين، ويجعل المجتمع في حالة تنافر متزايد، الأمر الذي يفقده وحدته بل ومبرر وجوده...».
وقد تم تطوير هذا المفهوم الذي وضعه روسو، فأصبحت المواطنة هي انتماء الإنسان إلى الأرض المقيم عليها، ويحمل جنسيتها، ويكون مشاركا في الحكم القائم فيها، ويخضع للقوانين المعمول بها، ويتمتع بالمساواة في الحقوق مع بقية المواطنين، ويلتزم بأداء مجموعة من الواجبات تجاه الدولة التي ينتمي لها. وهكذا، لا يكون الإنسان مجرد فرد يعيش في صراع مع الأوضاع والظروف والأحوال والآخرين بهدف إشباع حاجاته وتحقيق أهدافه، بل يتحول إلى عضو يتمتع بالأمان الناجم عن امتلاكه للعضوية في مجتمع. كما أنه يسعى إلى تحقيق أهداف هذا الأخير التي هي بالضرورة أهدافه هو ذاته، إذ يتعاون مع الأعضاء الآخرين في إطار دستور هذا المجتمع. وبناء على ذلك، فإن المواطنة هي عقد بين الفرد والدولة من أجل تحقيق مصلحة كل منهما.
وإذا كانت الديمقراطية قائمة على أساس حرية التعبير وحق المشاركة في صنع القرار، فإنها هي ذاتها أساس المواطنة الفعالة في إطار الانتماء للدولة الحديثة. فلا يوجد إبداع ولا فعالية في مجتمع السادة والعبيد، بل إنهما يوجدان في مجتمع المساواة والتكافؤ...
أضف إلى ذلك أن المواطنة اختلاف وفرادة. والمجتمع الحي لابد له أن يكون ديمقراطيا، أي أن يكون تعدديا، حيث يشكل الاختلاف جزءا مكملا للمجتمع. وفي غياب ذلك، لن يكون المجتمع حقيقيا فعلا. وعندما يُقتل الوعي بالاختلاف...، بحجة أو بأخرى، بشكل أو بآخر، يتم نزع إنسانية الإنسان والهبوط به إلى مستوى الكائنات غير العاقلة، أو إلى مستوى الأشياء.
يعكس دستور البلاد وقانونها صورة الحياة والإنسان فيها. وتقتضي المواطنة أن يكون المواطنون شركاء في السلطة والثروة في آن. والمشاركة هي الدور الذي يلعبه المواطن في الحياة العامة، إذ يساهم في اتخاذ القرارات وتنفيذها. وبدون القيام بهذا الدور، يكون نمو المجتمع مستحيلا. إنها في ذات الوقت مسؤولية المواطن التي تقابلها مسؤولية الدولة (حكومات ومؤسسات) من أجل توفير مناخ مشجع على المشاركة. وهي بهذا المعنى عملية متكاملة ومستمرة...
ويرى الدارسون أن المغاربة لا يشاركون في الحكم، ولا في الثروة. ويرجع ذلك إلى بنية الدولة وإلى التجاوزات التي تشهدها الانتخابات والتي تجعل البرلمان وغيره من المؤسسات المنتخبة لا تمثل المواطنين ولا «إرادة الأمة»،حسب المفهوم الديموقراطي التشاركي ،نظرا لكونها معطوبة الشرعية من حيث انخراط المواطن في انتخابها...
كما يسجل الملاحظون أن الدولة عندنا منحازة إلى طبقة الأثرياء وخادمة لمصالحهم، إذ صار التفاوت بينهم وبين الفقراء خياليا وفائقا للوصف... فعندما تكون التغذية سيئة، وتنخفض فرص الحصول على تعليم جيد يساعد على اكتساب معارف سليمة... وحينما يعسر الحصول على عمل وسكن لائق وتغطية صحية كاملة...، وتنعدم العدالة الاجتماعية، ويغيب التمتع بوسائل التثقيف والترفيه..، فإن المواطنة تهتز وتكون ناقصة.
وعندما تنتفي المواطنة، فإن المواطن لا يكون مواطنا بالمعنى السياسي والاجتماعي للكلمة، وإنما هو مجرد مقيم على أرض هذا الوطن. وعندما يتم إفساد الانتخابات بالمال والتحايل القانوني ومناهضة العمل السياسي المستقل وتخريب مؤسساته...، فإن المشاركة تكون زائفة، الأمر الذي يُعدُّ إهانة للديمقراطية ولحقوق المواطنة...
ترتكز دولة الحق والقانون على المبادئ التالية:
1 الفصل بين الدولة والمجتمع المدني وتمايزهما وجوديا ووظيفيا، مما يعني استقلالية الدولة تجاه المصالح الخاصة والطبقات والحياة الاقتصادية...
2 إعطاء السلطة ومناصبها طابعا مؤسسيا مجردا غير شخصي.
3 تكامل السلطة السياسية والمجتمع المدني وتعايشهما عبر تفاعلهما على مستوى الأدوار والوظائف، حيث تكون السلطة السياسية مسؤولة عن تجسيد إرادة المجتمع. ويكون هذا الأخير مسؤولا عن دعم السلطة السياسية ماديا وبشريا، واحترامه لها في إطار علاقات قائمة على حقوق وواجبات متكافئة ينظمها الدستور بين متساوين...
4 جعل الانتخابات النزيهة حقا ديمقراطيا للمواطنين، وتحديد العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساسها. وهذا ما يستوجب اختيار هؤلاء لحكامهم وممثليهم في جميع المؤسسات بواسطة الانتخاب، إذ تُعد الانتخابات الديمقراطية المصدر الحقيقي لشرعية السلطة السياسية. ونتيجة ذلك، تكون الإرادة الشعبية هي مصدر مشروعية السلطة.
إذا كانت الديمقراطية، بكونها مفهوما سياسيا مدنيا، مرتبطة عضويا بالعقلانية والحرية، فإن إحدى ركائزها هي المساواة أمام القانون لجميع المواطنين، بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المعتقد أو الانتماء الفكري والسياسي أو الوضع الاجتماعي. وتشكل المساواة أمام القانون وسيادة هذا الأخير على الحاكم والمحكومين مظهرا من مظاهر ممارسة السياسة، باعتبارها مجموعة من الحقوق والواجبات الملقاة على عاتق المواطن الذي هو عضو في الدولة السياسية وفي المجتمع المدني في آن واحد.
وعندما نلقي نظرة على مجتمعنا، فإننا نجد أن تطبيق مبدأ المساواة أمام القانون يعاني من تناقضات صارخة. فهذا المبدأ مهدور تماما من الناحية العملية في بلادنا، إذ نجد أشخاصا فوق القانون وآخرين لا تُحترم آدميتهم لدى المصالح العمومية...، كما يُداس الدستور والقوانين بالأقدام. وإضافة إلى ذلك، فلا حقوق للمواطنين متساوية في الترشح للهيئات النيابية والمحلية والمناصب العليا في الدولة...، كما يوجد تمييز بين المواطنين لدى المصالح الحكومية وكل المؤسسات التابعة لها، إذ يتم التعامل معهم على أساس انتمائهم الاجتماعي...
وهكذا، فإن الإنسان في مجتمعنا هو مجرد اسم، أو لا شيء، بل يبدو أي شيء عندنا أكثر أهمية من الإنسان نفسه. فالبريطانيون والسويديون... ذوات، ونحن مجرد أشياء...
ونظرا لتلازم تطور الديمقراطية مع تطور مستوى الثقافة والعلم والمعيشة، وبما أننا نسعى إلى البناء الديمقراطي، فيجب ترسيخ المواطنة في ذهن الشعب، مما يقتضي محاربة مختلف أنواع الجهل والفقر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.