تناقل شباب الفايسبوك صورة للمجرم السفاح الموغل في دماء المصريين "عبد الفتاح السيسي" هتلر العرب وهولاكو الكنانة، وهو على هيئة كلب شرس، فلم أتردد في مشاركتهم تلك الصورة وعلقت عليها بعبارة "تحية للشباب المبدعين" فلامني أحدهم على مشاركة الصورة وعلى تعليقي عليها.فأكدت له ذلك بقولي:" تحية للشباب المبدع، وهذا قليل في حق هذا الوحش المجرم القاتل السفاح الذي يسفك الدماء بلا شفقة ولا رحمة، فاللغة وحدها لا تكفي لتصوير شناعة فعله، وإذا وجد ما هو أبلغ مثل هذه الصورة كانت أنسب. والله ينتقم منه ومن الطغمة الخارجة عن الرئيس الشرعي المنتخب وإنما الخوارج بنص الحديث كلاب جهنم. وأزيد في هذا المقال تفصيلا فأقول:إن الإسلام اعتنى بمسألة الحكم أيما اعتناء لخطورة أمره وأثره العظيم على الأمة صلاحا أو فسادا، فبين ابتداء أن الملك لله تعالى يوتيه من يشاء، فقال سبحانه " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)آل عمران.وهو محمول على جميع أنواع الملك فيدخل فيه ملك النبوّة، وملك العلم، وملك العقل، والصحة والأخلاق الحسنة، وملك النفاذ والقدرة وملك المحبة، وملك الأموال، وكذا ملك السلطان، ولا شك أن النبوّة أعظم مراتب الملك لأن الأنبياء عليهم السلام والعلماء من بعدهم لهم أمر عظيم على بواطن الخلق، والجبابرة لهم فقط أمر على ظواهر الخلق. ولما كان أعز الأشياء الموجبة للعزة هو الإيمان، وأذل الأشياء الموجبة للمذلة هو الكفر،علمنا أن الإعزاز بالإيمان والحق ليس إلا من الله، والإذلال بالكفر والباطل ليس إلا من الله، وأما الحكم بمعنى السلطة وتولي شؤون الناس فهو لله تعالى أيضا يجعله للناس ابتلاء واختبارا وهو كالمال الذي هو رزق الله، فمن الناس من يأخذه بحقه وشروطه ومنهم من يسرقه ويغتصبه.فيكون للأول عزا وشرفا وخيرا وأجرا ويكون على الثاني ذلا ومهانة وشرا ووزرا. وقد حدد الشرع معايير الرضى والشورى والحق والعدل والحفاظ على البيضة والوحدة شروطا في تولي الحكم والمسؤولية العامة على المسلمين، من التزم بها عد من الراشدين ممن يطاعون وتتبع سننهم ويحرم الخروج عليهم، ولعل المعتبر في الرضى: الأغلب الأعم والسواد الأعظم، لأنه الممكن في عالم الاجتماع البشري، وقد اهتدى الناس في زماننا إلى وسائل تجسد ذلك الرضى والمتمثل في الانتخاب والاستفتاء ونحو ذلك مما لا يجوز للمسلمين القبول بأقل منه، وأن القول بالتغلب في مثل زماننا مما ينافي مقاصد الشرع وقواعد الحكمة. وإذا كره الشرع للرجل أن يؤم قوما له كارهون في الصلاة وهي أمر تعبدي بين العبد وربه، فكيف يقبل أن يتولى على الناس في دنياهم من تلعنه ألسنتهم وتبغضه قلوبهم. فالأرشد أن يتولى على المسلمين من يختارونه بكل حرية وبأرقى وسيلة وصلت إليها البشرية لأننا مأمورون باتباع الأحسن في التنزيل والتطبيق، فربنا قال:" وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ (39) الشورى، وإذا كان سلفنا عملوا بأحسن ما يقدرون عليه متقدمين على زمانهم فتشاوروا في سقيفة بني ساعدة واختار الفاروق رضي الله عنه ستة من خيار الصحابة رضي الله عنهم لتختار الأمة في المدينة وكذا قادة الجند ورؤوس الناس حتى وصلت المشورة إلى الصبيان، فالمطلوب اليوم توسيع تلك المشورة بقدر الوسع والطاقة وما تتيحه الوسائل الحديثة.وعدم قبول منطق التغلب أو ما في حكمه إلا ما تمليه الضرورة وقوة الإكراه الجاثم على الصدور ريثما يرفعه الله عندما يعلم صدقنا وإخلاصنا وإتياننا ما نقدر عليه من الوسائل والامكانات. فعلى قاعدة: تنقض عرى الإسلام عروة عروة أولها الحكم وآخرها الصلاة، كان أول ما تم التفريط فيه في الأمة هو أساس تولي الحكم بالشورى والاختيار، فقبل الناس التغلب ومن بعده قبلوا الوراثة ثم توالت كوارث الفساد والاستبداد، وثاني أمر تم التفريط فيه هو وحدة كيان الأمة، حيث قبل الناس تعدد الكيانات والدول بغير رابط سياسي يجمعها، في حين كان التوجيه الرباني "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ" وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". ومثله حديث: إنه ستكون هنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان. ومثله حديث: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه. روى ذلك كله مسلم في صحيحه. قال الإمام النووي: فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق المسلمين ونحو ذلك، ونهي عن ذلك فإن لم ينته قوتل، وإن لم يندفع شره إلا بقتله قتل. وفي الحديث دليل على منع إقامة إمامين أو خليفتين لأن ذلك يؤدي إلى الشقاق والمخالفة، وحدوث الفتن وزوال النعم، وقد نقل الإجماع على ذلك النووي في شرح مسلم فقال: اتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين من عصر واحد سواء اتسعت دار الإسلام أم لا، وقال إمام الحرمين في كتابه الإرشاد: قال أصحابنا لا يجوز عقدها لشخصين، قال: وعندي أنه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد، وهذا مجمع عليه، قال: فإن بعد ما بين الإمامين وتخللت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال، قال: وهو خارج من القواطع، وحكى المارزي هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصل وأراد به إمام الحرمين، وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف ولظواهر إطلاق الأحاديث. انتهى. ولعل من كان يميل من العلماء إلى الترخيص في التعدد استحضر مسألة البعد الكبير الذي تصعب معه المتابعة والتسيير، ورد العلماء هذا الرأي لتعارضه مع الأصول، وإنما تم التفريط من الأمة فأدت الثمن غاليا في عزتها وكرامتها وقوتها. ومن هنا نفهم تشديد الشرع في أمر الطاعة لولي الأمر في المعروف وعدم الخروج عليه، وإن كان في النفس شيء من التردد بخصوص الخروج على الحكام المتغلبين لمن قدر على الحسم معهم باعتبار ما أخذ بالتغلب يمكن أن ينزع بالتغلب أيضا، فإن الحاكم الشرعي الذي تم اختياره بإرادة شعبية حرة، يكون الخروج عليه جريمة منكرة وذنب عظيم على صاحبه اللعنات والخزي والعار في الدنيا والآخرة، ويعتبر بحق من كلاب جهنم والنار. ففي صحيح البخاري قيل لسَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ : هل سمعتَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في الخوارجِ شيئا ؟ قال : سمعتُه يقولُ وأَهْوَى بيدِه قِبَلَ العراقِ : يَخرُجُ منه قومٌ يَقرؤُون القرآنَ ، لا يُجَاوِزُ تَراقِيهم ، يَمرُقون مِن الإسلامِ مُروقَ السهمِ مِن الرَّمِيَّةِ . وفي رواية النسائي "لا يزالونَ يخرجونَ حتَّى يخرُجَ آخرُهُم معَ المسيحِ الدَّجَّالِ فإذا لقيتُموهم فاقتُلوهم هُم شرُّ الخلقِ والخليقةِ" وفي تخريج كتاب السنة للألباني وحسنه "دخلتُ على ابنِ أبي أوفَى وهو محجوبُ البصرِ فسلَّمتُ عليه فَرَدَّ عَلَيَّ السلامَ فقال مَنْ هذا فقلتُ : أنَا سعيدُ بنُ جَهمانَ ، فقال : ما فعل والِدُك ؟ فقلتُ قَتَلَتْهُ الأزارِقةُ قال : قتل اللهُ الأزارِقةَ كُلَّها ثم قال : ثنا رسولُ اللهِ : ألا إنهم كِلابُ أهلِ النارِ ، قال قلتُ الأزارِقةُ كُلُّها أوِ الخوارجُ ؟ قال : الخوارجُ كُلُّها" وفي نفس المصدر بإسناد حسن "أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى و هم يقاتلون الخوارج و كان غلام له قد لحق بالخوارج من الشق الآخر ، فناديناه يا فيروز ! يا فيروز ! هذا عبد الله بن أبي أوفى ، فقال : نعم الرجل لو هاجر ، قال عبد الله : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر فقال : أهجره بعد هجرتي مع رسول الله و قد سمعت رسول الله يقول : طوبى لمن قتلهم و قتلوه" والخلاصة أن الخروج على الحاكم الشرعي المنتخب جريمة وذنب عظيم يستحق صاحبها في الدنيا المجاهدة بكل وسيلة مشروعة ويدخل المجاهدون في عداد أفضل المجاهدين ممن يقولون كلمة حق عند سلطان جائر، ولو قتلوا من طرفه كانوا في عداد أفضل الشهداء، ففي الحديث الذي صححه الألباني عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"أفضلُ الجهادِ : منْ قالَ كلمةَ حقٍّ عندَ سلطانٍ جائرٍ." وفي الحديث أيضا "أفضلُ الشُّهداءِ حمزةُ ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه فقتله" ومن الحق القول للطاغية يا طاغية ويا قاتل ويا مجرم :ارحل،ارحل، سئمتك الأمة فك عنا، ويقول للانقلابيين: يا كلاب النار، ويا كلاب جهنم بحسب ما وصفكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا أصحاب الوجوه الكريهة والأحدية الثقيلة ..أثبتم جبنكم أمام أعداء الأمة واستأسدتم على الرعية والمستضعفين..فأنتم خوارج الزمان، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر المومنين بقتل الخوارج ولو ظهروا بزي التدين وأسمعونا القرآن وقاموا الليل وصاموا النهار، فكيف بخوارج العسكر ممن كثير منهم من أهل الخمور والفجور والفساد، وممن تشربوا تربية الغرب وأفكاره ومقاصده. ذلك أن مقاومة البطش والظلم يمكن أن تصل إلى حد المقاتلة إذا لم ينفع غيرها وتوفرت القدرة وترجح حسم المعركة كما حدث في ليبيا، ثم إن هؤلاء الخوارج على الشرعية ممن يسفكون دماء الناس في مصر وغيرها، ينتظرهم إن لم يتوبوا نار جهنم، لقوله تعالى:" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) النساء، بل ويستحقون أن يكونوا من كلاب النار.