لا تنظر مدريد بعين الرضا إلى التطور والتحديث الكبيرين اللذين تشهدهما مختلف الوحدات العسكرية المغربية، سواء البرية منها والجوية والبحرية؛ فخطة إعادة التسلح العسكرية المستمرة، التي انغمس فيها المغرب منذ سنوات عديدة، تثير الكثير من التوجس لصناع القرار في الجارة الشمالية للمملكة. وبعد الصفقة الناجحة التي أبرمتها القوات المسلحة الملكية المغربية لاقتناء عشرات الدبابات المقاتلة من صنف "أبرامز" والطائرات بدون طيار التركية ذات القدرة الهجومية (وهي طائرات لا تملكها إسبانيا)، يعود المغرب لإبرام صفقة عسكرية ضخمة لتطوير قدراته البحرية. ويهدف المغرب إلى شراء فرقاطتين حربيتين جديدتين من طراز "فريمين" الإيطالية، حيث أظهرت القوات المسلحة الملكية المغربية اهتماما متزايدا بالفرقاطة Luigi Rizzo التي تنتمي إلى الفئة ذاتها وهي حاليا في الخدمة في إيطاليا. وفي الوقت الحالي، يبدو أن المفاوضات جارية بين المغرب والشركة الإيطالية الرائدة في صناعة البارجات والفرقاطات. ويحاول المغرب تنويع شركائه العسكريين، حيث لم يعد يقتصر على المجموعة البحرية الفرنسية التي وقعت مع المملكة عام 2014 عقدا لاقتناء فرقاطات بحرية. ويبلغ طول فرقاطات Fermm الإيطالية 144 مترا مع وزن يبلغ 6500 طن. أما بالنسبة إلى نظام الدفع، فهو يحتوي على مخطط مشترك للغاز والكهرباء يسمح بسرعة قصوى تبلغ 56 كيلومترا في الساعة وسرعة إبحار تبلغ 28. وبهذه السرعة بالتحديد، تصل الفرقاطة إلى مدى يصل إلى 12600 كيلومتر. وسلط الإعلام الإسباني الضوء على الفرقاطة الإيطالية، وهي النسخة التي من المفترض أن يشتريها المغرب. تحتاج الفرقاطة الحربية إلى طاقم من 140 شخصا، ولديها مساحة لتخزين طائرتين من طراز NH-90 ، والتي تمتلك إسبانيا وحدات عديدة منها. فيما يتعلق بالأسلحة، تزود إيطاليا Fermm بنظام إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات SAAM-IT الذي يستخدم ذخيرة Aster 15 وAster 30 من التطوير الفرنسي الإيطالي. يتوافق Aster 15 مع أصغر إصدار كتلته 310 كجم وطوله 4.2 متر وقطره 180 ملم. يمتد نطاق عملها من 1.7 إلى أكثر من 30 كيلومترا، حيث يمكنها الوصول إلى ارتفاع 13 متر ألف بسرعة تزيد عن ثلاثة أضعاف سرعة الصوت. وقال هشام معتضد، المحلل المختص في الشأن الإستراتيجي، إن "اهتمام إسبانيا بفرقاطات المملكة الحربية يكرس فكرة وإرادة مدريد خلق أو تقوية منطقة نفوذ إستراتيجية تابعة لها مرتبطة أساسا بالآليات العسكرية والمعدات الحربية لمنافسها الموجود على حدودها الجنوبية". وأوضح الخبير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "من منظور منطق التوازنات العسكرية والصراعات الإقليمية، سعي مدريد إلى تقوية منطقة نفوذها بكل الوسائل الممكنة يدخل في إطار الحرب الإستراتيجية والتقنية، التي تجسد رؤية الدولة الإسبانية اتجاه المملكة المغربية؛ ولو على حساب التجارة والصفقات العسكرية". ولفت المتحدث ذاته إلى أن "أصحاب القرار السياسي والإستراتيجي الإسباني ينتهزون التطور التقني الذي تعرفة صناعة الفرقاطات في بلدهم، عبر تقديم الإغراءات التكتيكية للبلدان جنوب المتوسط من أجل ربطها بمعداتها العسكرية؛ وذلك لأجل هدف واحد، وهو كسب وتقوية مناطق نفوذ مرتبطة أساسا بجزء من صناعتها العسكرية". وتابع بالقول: "تراجع القوة الإقليمية الإسبانية في المنطقة المتوسطية وصعود قوى إقليمية جديدة على غرار المغرب أبدى تخوفات كبيرة لدى القادة الإسبان ودفع مختلف اللوبيات في مدريد إلى الدفع بخلق نوع جديد من التكتيك الإستراتيجي لإنقاذ قيمة الحضور الإسباني في المعادلة الإسبانية، وباب صناعة الفرقاطات واحدة من الأوراق التي ستعتمد عليها إسبانيا في ديناميكيتها الإقليمية في سعيها إلى كسب رهان التوازن الإقليمي في المنطقة".