عندما كان الملك خوان كارلوس يترحم على قبر صديقه الملك الراحل الحسن الثاني، صباح الثلاثاء، كان ضيوف مجتمعون بإحدى فنادق الرباط يتبادلون أطراف الحديث في انتظار ملك لم تمنعه إعاقته البادية في حركته، نتيجة الكسور و السن المتقدم، من المشي قدما علُّه يجد في فرص المغرب الاقتصادية عكازا يٌقُوِم به خطو الاقتصاد الاسباني المتهالك. داخل بهو الفندق، ما يربو عن 130 من نساء رجال الإعمال، بالإضافة إلى إعلاميين و مسيري أهم الشركات العمومية و الخاصة الاسبانية منها و المغربية صحبة بعض من أرباب المقاولات الصغيرة و متوسطة الحجم و حضور محدود وزراء الحكومة المغربية، حيث اقتصرت اللائحة على سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية و التعاون، نزار البركة، وزير الاقتصاد والمالية، عبد العزيز الرباح وزير التجهيز و النقل، عبد القادر عمارة، وزير الصناعة و التجارة و التكنولوجيات الحديثة بالإضافة إلى يوسف العمراني، الوزير المستقيل و المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية، الذي كان يعانق عدد من المسؤولين الأسبان ويتقاسم معهم أطراف الحديث باللغة الاسبانية كمن يلمح إلى عمق علاقته بالضيوف و إطلاعه على الملفات البينية بين الجارين. صوت داخل القاعة الكبرى للفندق و عبر مكبر الصوت يدعوا بعض الأسماء للخروج من أجل استقبال الملك، فكان إسم أنس العلمي و بعده محمد حصاد و علي الفاسي الفهري و سلوى أخنوش .. و آخرون من رجال الأعمال و رؤساء المؤسسات قبل أن تختتم الدعوة باسم بعض الوزراء. دخل الملك الاسباني، متحررا من ثقل بروتكولات القصور، إلى القاعة فوقف الجميع احتراما في انتظار جلوسه. بدأ خوان كارلوس كلمته بتذكر الزيارات التي قام بها للمغرب و أثنى على العلاقات القوية التي تربط البلدين "كما تدل على ذلك وتيرة الاتصالات" وفق تعبير الملك، معلنا أن زيارته إيذان ببداية مرحلة جديدة من حوار سياسي و شراكة اقتصادية. لم ينسى الملك الإشادة بالدستور الجديد واصفا إياه ب" المثال القوي للانفتاح المقرون بالاستقرار". عرض خوان كارلوس أفاق الشراكة و الفرص المتاحة في التعاون بين الجارين فكان واضحا في تعبيره عن الأزمة التي كانت سببا في زيارة من هذا الحجم بالقول "في السنوات الأخيرة تعرض النسيج الاجتماعي و الاقتصادي الى محنة". مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، التي ترأست اللقاء إلى جانب الملك الاسباني، اعتبرت اللقاء من "التواريخ التي تطبع حياة الشعوب.." مذكرة بحجم التبادل التجاري بين البلدين و معبرة عن الرغبة في التكامل و التضامن بين شركات البلدين قبل أن تختم كلمتها بقولة للروائي الاسباني "ميغيل دي ثيربانتس سابيدرا" يدعوا من خلالها الى اختصار الكلمات حتى لا تتحول الخطابات إلى نصوص مملة. بنصالح انتقلت بعد ذلك الى توزيع الكلمات على ضيوفها حيث ابتدأت ب José Manuel Entrecanales رئيس مجموعة "Acciona" الذي تحدث عن القدرة التنافسية للاستثمارات الاسبانية في عدد من دو ل العالم. رجل الإعمال الاسباني انتقل بعد ذلك للحديث عن استثمارات مجموعته في ميناء طنجة المتوسط، دكالة، مطار محمد الخامس و مشروع ورززات للطاقات المتجددة. سعد الكتاني، رئيس مجموعة "KSG" ذكر أن الحذر الذي طبع العلاقة بين البلدين لم يمنع من إنشاء شراكات اقتصادية قوية فرضها التاريخ و الجغرافيا و بروز أقطاب إقتصادية قوية، الكتاني الذي قال أن "نهر الاعلاقات لم يكن دائما هادئا" اعتبر أن زيارة الأمير فيليبي ثم ماريانو راخوي، رئيس الوزراء الاسباني، شهر أكتوبر الفائت و زيارة خوان كارلوس الأخيرة تبين أن "السياسة أضحت في خدمة الاقتصاد". بعد ذلك تناول ستة من رجال الأعمال المغاربة و الأسبان الكلمة بالتناوب مبرزين كفاءة شركاتهم و معددين الفرص التي لم يتم اسغلالها بعد مع التعبير عن انتظاراتهم بصيغ و مستويات متفاوتة. يشار أن اسبانيا هي الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب في مجال المبادلات التجارية للسلع حيث استورد المغرب، سنة 2012، 50,9 مليار درهم من السلع الاسبانية (14,3 بالمائة من واردات المغرب) و صدر ما قيمته 30,5 مليار درهم من السلع إلى اسبانيا حيث يصل معدل تغطية الواردات بالصادرات إلى 60 بالمائة، أي واحدا من أعلى المعدلات التي يسجلها المغرب مع دولة من دول الاتحاد الأوروبي مما يجعل اسبانيا أول ممون للمغرب و ثاني زبون له سنة 2012 و هي السنة التي وصل فيها عدد المقاولات الاسبانية المتواجدة بالجار الجنوبي الى 1000 شركة.