أكد خبراء مغاربة وفرنسيون، خلال ندوة نظمت بباريس، أن البعد الإفريقي للمغرب، الذي يتموقع كرائد اقتصادي إقليمي، يعد ميزة هامة لمستقبل علاقاته مع أوروبا التي أضحى اهتمامها منصبا أكثر فأكثر نحو إفريقيا.. كما أشاد هؤلاء الخبراء، ومن بينهم مختصون في العلاقات الفرنسية المغربية والأورو-متوسطية التأموا بمبادرة من جمعية الطلبة المغاربة بفرنسا، بالاختيار الاستراتيجي للمغرب من أجل تطوير التعاون جنوب-جنوب الذي من شأنه تعزيز علاقات القارة الإفريقية بأوروبا. شكيب بنموسى، سفير المغرب بفرنسا ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قال في كلمة خلال افتتاح أشغال الندوة، التي انعقدت بقصر "إيينا"، إن مكانة المغرب هي في قلب الاقتصاد الإقليمي لإفريقيا، التي أصبحت الإمكانيات الاقتصادية الزاخرة بها تثير المزيد من الاهتمام، أضحت واضحة.. وزاد: "لذلك قررت المملكة تعزيز تموقعها على مستوى القارة الإفريقية". بنموسى أردف: "انعقد، قبل أيام قليلة بمراكش، الجمع العام السنوي للبنك الإفريقي للتنمية والذي جدد خلاله الملك محمد السادس التأكيد على الأهمية التي يتعين إيلاؤها للقارة الإفريقية"، وشدّد السفير المغربي أيضا على أنّ "اهتمام المغرب بإفريقيا تم التعبير عنه سابقا من خلال مختلف الجولات التي قام بها الملك نحو إفريقيا، وتجسد بالخصوص في إطار مجموعة من المشاريع التنموية واتفاقيات التعاون والشراكة". كما يمكن فهم البعد الإفريقي للمغرب، حسب كبير الديبلوماسيين المغاربة بباريس، من خلال مرجع خاص يتعلق بتنمية الأقاليم الجنوبية "التي كانت على مر الدوام منطقة عبور بين شمال المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء" وفق تعبيره، وزاد أنّ "دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي كلفه الملك بالتفكير في بلورة نموذج جديد للتنمية الاقتصادية على مستوى هذه الأقاليم، يتماشى مع عزم البلاد السير قدما في مجال الجهوية في إطار مقاربة مغربية صرفة". بنموسى قال أيضا إنّ أن الهدف يتمثل في "خلق الظروف التي من شأنها تمكين المنطقة من الاضطلاع بدورها كقطب للاستقرار والربط بين الشمال والجنوب وعنصر للاندماج الإقليمي يعزز الانصهار بين دول منطقة المغرب العربي وباقي إفريقيا". من جهته، أبرز الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، فتح الله السجلماسي، أن الوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي من شأنه تعزيز علاقات أوروبا مع الضفة الجنوبية للمتوسط والقارة الإفريقية بشكل عام، مؤكدا أنه "لا يمكن فصل البعد المتوسطي عن البعد الأوروبي".. كما شدّد على أهمية "استكمال البناء المغاربي من أجل إنجاح المبادرات التي يتم القيام بها في هذا الصدد". أمّا جون لوي غيغو، المندوب العام لمعهد الاستشراف الاقتصادي للعالم المتوسطي، فقد اعتبر أن البعد الإفريقي للمغرب "يعد مثاليا وسبق التاريخ.. لكنه يظل رهينا بالبعد المغاربي".. كما أعرب عن أسفه لكون ملف الصحراء "يقف حجر عثرة في وجه البناء المغربي وتسمّم العلاقات المغربية الجزائرية"، مؤكدا على "أهمية التفاهم بين الجيران من أجل تحقيق الحلم الإفريقي المتوسطي الأوروبي، لتمهيد الطريق لتطوير المشاريع الكبرى التي تخلق النمو وفرص الشغل في بلدان ضفتي المتوسط". ونوهت الوزيرة الفرنسي السابقة ناتالي كوسيسكو موريزيه بجودة العلاقات الفرنسية المغربية، لاسيما على المستوى الاقتصادي، مشيرة إلى أن فرنسا تعد أول مستثمر أجنبي بالمملكة حيث تستقر حوالي 800 مقاولة فرنسية بالتراب المغربي وتوظف حوالي 100 ألف من اليد العاملة.. وأوضحت أن هذه المقاولات تصاحب مسلسل التنمية بالمغرب وتساهم في إنجاز المشاريع الكبرى، من ميناء طنجة المتوسط والقطار فائق السرعة الذي ينتظر أن يربط بين مدينتي الدارالبيضاءوطنجة، وترامواي مدينتي الرباطوالدارالبيضاء.. وغيرها.