بدأ المغرب يخرج شيئا فشيئا من دائرة التعامل مع أبناءه القاطنين في الخارج بمنطق العملة الصعبة إلى دفعهم للمشاركة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والمشهد السياسي، إذ أطلق مجموعة من المبادرات التي حولت هذه الشريحة إلى فئة فاعلة، بعد أن كانت الاستفادة منها تقتصر على إدخال العملات الأجنبية إلى المملكة. "" وجاءت آخر هذه المبادرات بالإعلان عن التئام مجموعات العمل الست التابعة لمجلس الجالية المغربية بالخارج،المكلفة بمهمة إعداد مضامين الآراء حول مواضيع محددة، التي من المقرر رفعها إلى الملك محمد السادس. وانكبت مجموعات العمل، خلال هذا الاجتماع المنعقد بحضور رئيس المجلس إدريس اليزمي(الصورة)، والكاتب العام للمجلس عبد الله بوصوف، على تحديد مجال المهام المنوطة بها، والاختصاص وتوضيح منهجية العمل على مستوى كل مجموعة إلى جانب إدراج إسهاماتها في برنامج أنشطة المجلس برسم 2008 -2009. وجرى تأسيس مجموعات العمل الموضوعاتية هاته، التي تضم أعضاء ذوي الصفة التداولية، وأعضاء ملاحظين بموجب الظهير الشريف المحدث لمجلس الجالية المغربية بالخارج وقانونه الداخلي، خلال الاجتماع الأول للجمعية العامة للمجلس الذي انعقد يومي 6 و7 حزيران (يونيو) الماضي. ولم يقتصر الأمر على الجوانب الإدارية، بل همت حتى الترفيهية منها، إذ انطلقت، اليوم الجمعة، الدورة الخامسة من طواف مغاربة العالم للسيارات، الذي تنظمه الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلى غاية 20 آب (أغسطس) الجاري. وعرف طواف هذه السنة، المنظم بشراكة مع وكالة تنمية الشرق، مشاركة حوالي 100 مواطنا مغربيا مقيما بالخارج يمثلون مختلف الأجيال المهاجرة، وينتمون إلى عدد من بلدان الإقامة بأوروبا وأميركا وإفريقيا والعالم العربي إضافة إلى بعض أصدقاء المغرب الأجانب. كما شهدت عدد من المدن تنظيم مجموعة من الأنشطة واللقاءات التواصلية احتفاء باليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي يصادف عاشر آب من كل سنة. وتجمع معظم التقارير أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج تتجاوز مداخيل السياحة كما أنها تساهم بشكل أكبر في تغطية العجز التجاري علاوة على كونها تشكل ثاني مصدر للعملة الصعبة، وثاني مصدر للدخل بالمملكة بعد الصادرات. وتفيد معظم الدراسات أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج تتجاوز مداخيل السياحة بنسبة 40 في المئة، كما أنها تساهم في تغطية العجز التجاري المغربي بما يفوق 80 في المئة. كما تؤكد التقارير بأن أهم قسط من التحويلات يتأتى من المهاجرين القاطنين بفرنسا وبلجيكا وهولندا، حيث تفوق نسبة تحويلاتهم 50 في المئة من مجموع التحويلات، بينما ثمة تحسن في حجم التحويلات القادمة من جنوب أوروبا، عبر تحويلات المغاربة المقيمين في إيطاليا وإسبانيا، كما برز خلال السنوات الأخيرة اهتمام الجالية المقيمة بأمريكا وبريطانيا بالشأن الوطني، وإقدامهم في السنوات الأخيرة على ضخ المزيد من العملة الصعبة في اقتصاد البلاد. ومنذ سنة 2005، أضحى للمغاربة المقيمين بالخارج الحق في تمثيلهم بمجلس النواب، وإحداث دوائر تشريعية انتخابية بالخارج، وتمكين الأجيال الجديدة من أفراد الجالية المغربية بالخارج من حق التصويت والترشيح في الانتخاب، علاوة على إحداث المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج. ويتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، كقوة اقتراحية، إبداء الرأي وإصدار توصيات حول مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية حول الهجرة والتوجهات الأساسية للسياسية العمومية، فضلا عن التدابير الكفيلة بضمان الدفاع عن حقوق هؤلاء المهاجرين وتعزيز مساهمتهم في التنمية البشرية على الأصعدة الوطنية والجهوية والمحلية. ويرى محللون أن المجلس الأعلى للجالية المغربية سيمكن المملكة من الاستفادة من أخطاء تجربة 1984 الفاشلة، كما من شأنه أن يشجع الفاعلين المدنيين بالخارج على المزيد من العطاء لخدمة التنمية، ودفعهم إلى الانكباب على مشاركة الأجيال القادمة في الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأطلق في المغرب أيضا منتدى "فينكوم"، الذي يهدف إلى نقل و تحويل كفاءات و خبرات المغاربة القاطنين بالخارج في مختلف المجالات، مثل هندسة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، والحكامة و التدبير، والتربية والتكوين، والبحث والتنمية، والمقاولات، والاستثمارات، وتكنولوجيا المعلومات و الاتصال و التربية، والفن و الثقافة، والطب و الصيدلة، والشراكة و الأعمال، إضافة على المبادرات الحرة والتشغيل. ومع انطلاق هذا البرنامج "فينكوم" تكون الوزارة الوصية أنجزت محورا رئيسيا من إستراتيجيتها الهادف إلى ربط جسور التواصل بين الطاقات والكفاءات المغربية القاطنة بالخارج ووطنها الأم.