نور الدين عيوش: الشيوعي الذي أغدقت عليه الملكية "" حصل نور الدين عيوش(الصورة) على دبلوم الإجازة في العلوم السياسية أوائل سبعينيات القرن الماضي، كما أنه تلقى تكوينا دراسيا في مجال التدبير، بفرنسا، وكان بذلك واحدا من الأطر المغربية النادرة من جيله من حيث الجمع بين التكوين الدراسي النظري والتطبيقي، ولعل ذلك ما قاده إلى معانقة الأفكار اليسارية في عز انتشارها، عبر الأطراف الأربعة للمعمور، وذلك منذ أن كان شاهدا، ومتحمسا، لماي 1968 بباريس، لذا فحينما عاد إلى المغرب سنة 1972 عمد إلى إحداث مسرح ذا طابع اجتماعي، غير أن المؤلف والممثل "عيوش لم يتمكن أبدا من تجسيد المسرح الذي "يفهمه" على خشبة "صلبة" لذا سيلتحق حُلم التغيير من خلال الفن بواحد من الرفوف الكثيرة لليساري "عيوش". وبينما اختار أغلب الشباب المغاربة الذين عانقوا السياسة، الانخراط العضوي في تنظيمات يسارية علنية، مثل الحزب الشيوعي المغربي (التقدم والاشتراكية حاليا) أو السرية، مثل منظمة إلى الأمام اختار نور الدين عيوش أن يخلد إلى فترة "تأمل" طويلة استمرت حتى سنة 1983 ، عاين خلالها كيف اعتصرت القبضة الحديدية للحسن الثاني "رفاقه" الرمزيين، وبعدما هدأت حمى الاعتقالات قليلا في صفوف اليساريين، لسبب بسيط هو أن كل كوادرهم الحركية كانوا بالفعل وراء أسوار السجون، أو لقوا حتوفهم تحت سياط التعذيب (عبد اللطيف زروال ورحال و أمين التهاني). في ذلك الإبان اختار نور الدين عيوش أن يُصدر مجلة أطلق عليها اسم "كلمة" باللغة الفرنسية، جمع بين دفتيها بعض الصحافيين المبتدئين، وطفق يُناوش من خلال الأعداد التي أصدرها، خطوطا حمراء في السياسة والمُجتمع، اعتقد كما قال هو نفسه بعد ذلك بسنوات طويلة، أن "التعاطي مع مشاكل المواطنين من خلال مقالات صحفية سيغير العقليات" لكنه سرعان ما سيكتشف انه كان حالما، حيث أُغلقت المجلة بعد ذلك بأربع سنوات، ومنذئذ خلد عيوش لفترة "تأمل" أخرى طويلة استمرت حتى سنة 1994 حيث بدأ يعمل على فكرة خلق جمعية باسم "زاكورا" التي اُريد لها أن تنفذ إلى مشاكل المغرب العميق، من خلال القروض الصغرى، وذلك بدون شك عبر الاستفادة من فكرة كانت قد نجحت في العديد من بلدان شرق آسيا، وتم التركيز على قروض تتراوح بين ألف درهم وخمسة آلاف درهم لفائدة النساء، وقد تحدثت العديد من المقالات الصحافية "المقربة" من نور الدين عيوش عن نجاح التجربة بما لا يُقاس، وكان ذلك سببا في إيجاده الطريق سهلا أولا إلى بلاط الحسن الثاني الحذر من الشيوعيين السابقين وكأنهم الجذام بعينه، غير أن الصديق الصدوق لنور الدين عيوش، ونعني به المستشار الملكي في الشؤون الاقتصادية، عمد إلى تدليل كل العقبات، ليصبح رئيس جمعية "زاكورا" شخصا مقبولا في الكثير من اللقاءات الرسمية والخاصة منذ بدأ يعتبره البعض أحد محركي المجتمع المدني، فمنذ 12 سنة أنشأ مؤسسة "زاكورة" التي شيدت مدارس بالريف ووزعت قروضا صغرى، وحققت نجاحا كبيرا، ففي سنة 2006 مكنت أكثر من 500 ألف شخص من الاستفادة من القروض الصغرى. وبطبيعة الحال كان في ذلك مقدمة لانطلاق رجل الأعمال "نور الدين عيوش" في مجال المال والأعمال، حيث أسس شركة "شمس" المتخصصة في الإشهار، وكانت واحدة من الأوائل في مجالها التي حصدت زبائن عديدين منبهرين بالآفاق الواسعة لمجال اكتسح المغرب حثيثا، بموازاة مع توغل سنوات الانفتاح التي شجعها الحسن الثاني بإيعاز من المؤسسات النقدية الدولية، التي كانت تُلح على تحرير مجالات الإنتاج للخروج من دائرة شبح "السكتة القلبية". أنشأ وكالة "شمس" في 1972 تعمل في قطاع الإشهار، إذ كان من الرواد في هذا المجال، وفي سنة 2001 عرف نشاط "شمس" قفزة غير مسبوقة إذ بلغ رقم معاملاتها 190 مليون درهم، والذي ظل يتصاعد إذ بلغ سنة 2002، 198 مليون درهما ووصل إلى 213 مليون درهما سنة 2003، هكذا كانت الانطلاقة، لاسيما بعد الارتباط ب "لوي" إذ أصبحت وكالته تحمل اسم "لوي شمس" التي تعتبر أول وكالة إشهار أنشأت شبكة مغاربية، إذ تم خلق "لوي شمس" بتونس في شتنبر 200 و"لوي شمس" بالجزائر ثم بدكار. وهناك كانت الفرصة الذهبية لنور الدين عيوش الذي تضاعفت أرباحه في ظرف قياسي، ويُقال أن الصفقات تهاطلت عليه مدرارا، بإيعاز من أصدقائه المنبثين في أبهاء القصر الملكي، وهو ما سيتأكد من خلال الحظوة الكبيرة التي أصبحت للرجل خلال "العهد الجديد" حظوة وصلت إلى حد اعتبر معه البعض أن نور الدين عيوش يتكلم باسم محمد السادس في ملفات اجتماعية، الأكثر من ذلك أن الرجل أصبح شريكا لا يُمكن القفز عليه، في العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، بل ويُقال أنه أصبح ممولا لا يُستغنى عنه، لبعض الصفقات التي تعقدها الدولة، وكانه بذلك يرد الدين العالق بعنقه اتجاه المخزن الذي "أنقذه" من أفكاره اليسارية، وفتح أمامه شطآن الاستفادة من خيرات البلاد في مجالات عديدة، ولعل آخرها، ولن تكون الأخيرة، هي فكرته "الفريدة" بإحداث جمعية "2007 دابا" التي استهوت محمد السادس حين كان مشغولا بفكرة مشاركة مُكثفة في انتخابات شتنبر الماضي، بيد أن "الجبل تمخض فولد فأرا كما يُقال، حيث أن الميزانية الضخمة التي ابتلعتها - يُقال أنها أصبحت من أسرار الدولة لضخامتها - أسفرت عن نتيجة المشاركة الهزيلة المعروفة. غير أن ذلك لن يُحزن اليساري السابق كثيرا، فهو قد استفاد من سنوات الفيض والعطاء، ليتحول في ظرف سنوات وجيزة إلى واحد من أثرى أثرياء "العهد الجديد"، والدنيا حظوظ كما يُقال. وربما سيحمد "الرفيق" السابق عيوش قدره كثيرا بالنظر إلى المصير الأسود الذي لقيه رفاق اختاروا مُناهضة الملكية لا مهادنتها و...الاستفادة منها. محمد منير الماجيدي: "ولد التقدم" الذي حولته صداقته الملكية إلى ملياردير الكثيرون تساءلوا مَن يكون محمد منير الماجيدي ، عقب اندلاع ما أصبح يُسمى ب " فضيحة الكاتب الخاص للملك" ونعني بها " صفقة هكتارات تارودانت، التي استفاد بموجبها الرجل من ثمن تفضيلي هو خمسين درهما للمتر المربع، بينما يبلغ ثمنه خمسة آلاف درهم. تقول مصادر عديدة، من بينها صحف مغربية، تناولت السيرة الشخصية، والمهنية للماجيدي، أن هذا الأخير لم يولد وملعقة من ذهب في فمه، شأن الكثير من أبناء العائلات الملتصقة بالمخزن المغربي أبا عن جد شأن:القادري و بنسليمان وبنحربيط و بناني ... إلخ. بل " ابتسم " له الحظ حينما تجاور، خلال أواخر سبعينيات القرن العشرين، على مقاعد الدرس في ثانوية دار السلام بحي التقدم الشعبي في الرباط ( حيث ترعرع في كنف أسرة متواضعة ) مع شاب غير عادي اسمه نوفل، ويتعلق الأمر بابن أحمد عصمان الوزير الأول السابق، ورئيس حزب الأحرار سابقا أيضا، والسيدة نزهة أخت الحسن الثاني. ارتبط نوفل بصديق دراسته أشد الارتباط، فكان طبيعيا أن يقدمه لأبناء خاله الملك الحسن الثاني، وعلى رأسهم ولي العهد آنذاك الأمير محمد، وحظي "ولد التقدم" بالقبول، حيث لم يعد يُستغنى عنه في الأوقات الطيبة لشلة الأمراء وأقاربهم، ويشاء القدر الداكن، أن يرحل الشاب نوفل إثر مرض عضال، ثم لتلحق به أمه كذلك، في حادثة سير مأساوية، وليظل رحيلهما جرحا عميقا في نفوس أفراد الأسرة المالكة، وكان الاحتفاظ ب "صديق الفقيد" ضمن شلة الأصدقاء المقربين، من ولي العهد والقصر، بمثابة وفاء لذكراه. وحينها فهم " ولد التقدم " أن الفرصة مواتية ليتخلص من قدره الاجتماعي المتواضع - ربما - إلى الأبد، حيث تحول بين عشية وضحاها، عقب وفاة الملك الحسن الثاني، إلى واحد من الفاعلين الأساسيين إلى جانب الملك محمد السادس، ضمن شلة ضيقة لتسيير دفة الحكم السياسي والاقتصادي والأمني. واليوم فإن " ولد التقدم " السابق يتربع على عرش تسيير واحدة من أكبر الثروات في العالم، ونعني بها ثروة الملك محمد السادس والأسرة الملكية، ويتبين من خلال بعض المعطيات التي تتسرب للصحافة المغربية، أن " م3 " ( هكذ لقب بعض العارفين بكواليس القصر الملكي الماجيدي، كناية لقربه الشديد من محمد السادس، وثلاثية حرف الميم في اسمه) يصنع الزمن الطيب والرديء - حسب التعبير الفرنسي، فهو لم يكتف بالاستحواذ على سوق اللوحات الإشهارية، بدون أدنى طلب عروض، منذ بضع سنوات تعود لأواخر زمن حكم الحسن الثاني، بل أصبح يُملي الشروط الملكية على كبار المستثمرين المغاربة لجعلهم تحث رحمة المخزن الاقتصادي، وبين هذا وذاك يرفع وُينزل مَن يشاء - إلى ومن - " جنة " المؤسسات المالية التابعة للملك، آخر " إنجازاته " في هذا المضمار هو طرده لمدير وافا بنك " الودغيري " في عملية انتقام سمتها مجلة " تيل كيل " ب "التبرهيش ديال الماجيدي ".. قد يقول قائل إن نازلة أرض تارودانت قد لا تمثل شيئا، حجما وقيمة وأهمية، مقارنة بما تمكن محمد منير الماجيدي من السطو عليه على امتداد مشواره الوظيفي الحساس، لكنها النازلة التي كانت بمثابة الشرارة التي حققت الانفجار، فأصبحت القضية الصغيرة تشكل فضيحة "بجلاجل" بفعل غضب الملك محمد السادس على تصرفات كاتبه الخاص الذي وضع نفسه في مركز عاصفة الشبهات، علما أنها شبهات ظلت تحوم حول الرجل منذ أن سطا على اللوحات الإشهارية واحتكرها احتكارا على حين غرة وبدون سابق إنذار، و التي ذرت عليه ملايين الدراهم دون عناء ومجهود بفضل ولي نعمته في هذا النطاق، الوزير المخلوع إدريس البصري ورجال السلطة الموالين له. لازالت المعلومات حول الثروة التي راكمها محمد منير الماجيدي نادرة جدا، إلا أن هناك بعض المعالم الدالة على أهميتها. فقد أكد جملة، من المحللين الاقتصاديين ورجال الأعمال على أن الكاتب الخاص للملك والمسير للثروة الملكية استمد قوته وتوسع نفوذه وتشابكت علاقاته بفضل موقعه الحساس، بل يعتبر بعض المستثمرين أن محمد منير الماجيدي عمل على تنمية ثروته باسم موقعه، لاسيما وأنه اكتسب درجة كبيرة من ثقة الملك، وهذا ما جعل رجال الأعمال وجملة من القائمين على الأمور يخشون سطوته ويخطبون وده. أضحى الكاتب الخاص للملك من أغنياء المغرب بعد أن تمكن في وقت وجيز جدا من مراكمة أموال طائلة، كانت انطلاقة تكوين "امبراطوريته المالية" بالاستحواذ على قطاع اللوحات الإشهارية، إذ بجرة قلم أصبح محتكره. تقوى عوده وتوطدت أقدامه في تدبير ثروة العائلة الملكية إلى أن بات الناهي والآمر والمتحكم في رقاب كل العاملين تحت إمرته والمتواجدين تحت رحمة مراقبته. وتأكدت قوته عندما تمكن من دفع الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفا بنك إلى الاستقالة من منصبه، الأمر الذي اندهش له الكثيرون. ومكنه كذلك إدريس البصري من جعل كل الأبواب موصدة في وجه منافسيه المحتملين. تضمن كتاب " حين يُصبح المغرب إسلاميا " للصحافيين الفرنسيين "نيكولا بو" و "كاترين غراسييه" فقرات عن "الماجيدي" و "قصة" ارتقائه لذرى الثراء ننقل بعضها هنا: "...يُلقب الرجل ب " م 3 "، بسبب قربه من الملك. فالرجلان يعرفان بعضهما منذ يفاعتهما المشتركة، ولم يفترقا منذ ئذ (....) إلى حين عهد إليه ولي العهد بمهمة الإشراف على صندوق مال خاص سري. ومن ثمة لجوئه إلى إحداث بعض المشاريع الخاصة ب " رضا " الملك حسب أقوال الماجيدي نفسه، وكان نجاحه سبب الثقة التي أولاها له محمد السادس فيما بعد، والذي عينه في نهاية سنة 1999 في هذا المنصب الرفيع: " الكاتب الخاص لجلالة الملك " . وفي سنة 2002 تمت ترقيته لمهام رئيس الهولدينغ الملكي " سيجر" الذي يراقب مجموعة الأونا خلفا لمراد الشريف (...). صحيح أنه تحت عباءة القصر، قام الماجيدي بتنمية بعض الأعمال الخاصة. وقد لقبت جريدة " لوجورنال " الماجيدي ب " سيد اللوحات الاشهارية " ( كناية على الفيلم الأمريكي الشهير " سيد الخواتم " ). فعن طريق شركة صغيرة تحت اسم " ف. سي. كوم "، تمكن هذا الرجل الشاطر من تحقيق احتكار غير مسبوق لقطاع اللوحات الاشهارية برمته: فثمة أزيد من ألف ومائتي موضع للوحاته في مدينة الدارالبيضاء و350 في الرباط وأخرى في باقي المدن المغربية المهمة، ناهيك عن احتكار الإعلان على الطرق السيارة، وامتياز وضع لوحاته أيضا في مطارات البلاد، دون الحديث عن محطات القطارات، حيث يعود امتياز الاستغلال له في مجموع البلاد. يكتفي منافسو الماجيدي ببعض عروض الاستغلال في القطاع من طرف الجماعات المحلية، وبذلك فهم لا يتوفرون سوى على عقود استغلال سقفها الأقصى خمس سنوات، في حين أن " م 3 " يستحوذ على حق تمديد عقوده إلى مدة تصل لثلاثين سنة، فحتى عائلة المستشار الملكي السابق، وصديق الحسن الثاني احمد رضا كَديرة لفترة طويلة، المتوفي سنة 1995، لم يتم إعفاؤها من العجلة الضاغطة لنفوذ الماجيدي. فعقد الاستغلال الذي يستفيد منه ورثة كَديرة مع المكتب الوطني للمطارات، تم فسخه من طرف القصر لفائدة شركة "ف سي كوم " لصاحبها منير الماجيدي. ليس من شك، أن هذا الأخير يُقدم نفسه في كل هذه المعاملات، باعتباره " السكرتير الخاص للملك ". وذلك بطبيعة الحال مع التواطؤ المتحمس للعديد من الولاة والعمال ورؤساء الجماعات المحلية، المهووسين بالظفر برضا القصر، هكذا فإن منير الماجيدي بصدد التحول إلى عراب اللوحات الإشهارية في المغرب. الأكثر من ذلك أن حكومة السيد إدريس جطو حابت أيضا صديق الملك، من خلال إحداث مشاريع قوانين منظمة للصناعة الإشهارية، تدعم احتكار شركة " إيف سي كوم ". وعندما كثر القيل والقال حول شركة "ف.سي.كوم" تخلى محمد منير الماجيدي عن تدبير أمورها لفائدة نجل عباس الفاسي الذي أصبح مديرا عاما لها. كما حاول الماجيدي بمعية نجل إدريس جطو، الوزير الأول، ولوج مجال السمعي البصري. هذه بعض معالم انطلاق صيرورة آليات تراكم ثروة محمد منير الماجيدي التي لا يعلم أهميتها إلا الله، بفعل نشاطه في مجالات تذر عليه مبالغ "طيطانيكية" في غياب أي منافس. و كان محمد منير الماجيدي مشواره الوظيفي، بعد إنهاء دراسته الجامعية بالولايات المتحدةالأمريكية، بالبنك التجاري المغربي، ثم التحق بصندوق الإيداع والتدبير للقيام بمهمة إلى جانب مديره خالد القادري. عندما خبر خبايا وكواليس هذه المؤسسة، التي تتصرف وتدير جزءا كبيرا من أموال الشعب، تولدت لديه فكرة شركة خاصة به، وعقد ابن التقدم العزم على أن يخرج من جلدته ليلج نادي أكبر أثرياء المغرب. انطلاقا من موقعه، في صندوق الإيداع والتدبير، شرع محمد منير الماجيدي في التخطيط وتقعيد بنيان إحداث "مملكته" المالية، وكانت البداية بالبحث عن الأموال لتشكيل الرأسمال، وفي سنة 1999 كان الإعلان عن ميلاد شركته "إف.سي.كوم" (FIRST CONTACT COMMUNICATION/FCCOM)، التي اختارت مجالا جديدا بالمغرب كان في طور الولادة: اللوحات الإشهارية، وأحكم قبضته عليه منذ البداية، إذ كان أول من استثمر في هذا القطاع، ثم التحقت به شركة "جي.إس.إم.المغرب" (GSM ALMAGHRIB)، تزامن ذلك مع تعينيه من طرف الملك محمد السادس كاتبا خاصا له، فانفتحت في وجهه كل الأبواب بعد أن أصبح "حيسوب الملك" ومدبر أمور الثروة الملكية. وخلال فترة وجيزة تمكن محمد منير الماجيدي من تجاوز مرحلة تراكم الرأسمال الأولى بفضل الصفقات التفضيلية التي منحتها له شركة "أوندا" (ONDA) والمكتب الوطني للسكك الحديدية، ومن ثمة كانت الانطلاقة الصاروخية، وتمكن من توسيع مساحات "مملكته" المالية، مستغلا غياب تقنين القطاع الذي تحكم في احتكاره بفعل مساهمة أكثر من جهة وازنة. لقبه بعض الاقتصاديين ب "باطرون الرأسمالية الجديدة" منذ أن تحكم في دواليب مجموعة "أونا" وساهم في تقوية "سيجر" (الهولدينغ الملكي)، فخطط وهيأ الشروط المواتية لابتلاع مجموعة "الوفاء" وعبد طريق أمام ولوج المجموعة الملكية قطاع الاتصالات والتكنولوجيا الجديدة (بدأت نتائج هذا التخطيط تظهر مع "باين") بعد سلسلة من الإحباطات المتكررة التي سبقت بفعل المنافسة. وبذلك أضحى محمد منير الماجيدي، من خلال الموقع الذي احتله في الهولدينغ الملكي، أحد أكبر صانعي القرار الاقتصادي بالمغرب، إذ أن جزءا كبيرا من نسيج الاقتصادي الوطني يتأثر بالقرارات التي يتخذها أو يساهم في بلورتها. عرف عن محمد منير الماجيدي أنه يولي اهتماما كبيرا للتخطيط بخصوص الأهداف التي يرمي إلى بلوغها، إذ لم يترك فرصة تمر دون استغلالها، وفي هذا الصدد يرى أحد الصحفيين أن انتشار أخبار استفادة الشخصيات الوازنة والمحتلة للمواقع الحساسة لجملة من الامتيازات بطريقة سهلة ودونما عناء، دفع بعض المغاربة إلى التفكير في سبيل للفوز ولو من فتات "كعكة الامتيازات"، ومن النوازل حادثة انتحال شخص صفة محمد منير الماجيدي، مدير الكتابة الخاصة للملك من أجل الحصول على منصب شغل في الخطوط الجوية الملكية المغربية، لكونه يعلم علم اليقين، أن موقع الكاتب الخاص للملك يمكن صاحبه نيل ما يريد. ومن منظور جاد، فإن مجموعة أونا تعرف صعوبات حقيقية، فلنأمل أن صديق " م3 " الاشتراكي الفرنسي دومينيك ستراوس كاهن، الذي اقترح عليه ( أي على الماجيدي ) سنة 2005 متابعة دروس خصوصية، في أفق الخضوع لتكوين مكثف في مجال الاقتصاد، سيساعده على اكتساب رؤية اوضح للإقتصاد المغربي...". و في نظر الكثيرين ، إن حالة الماجيدي ليست استثناءا بل هي القاعدة العامة لأناس في محيط السلطة. محمد ومريم بنصالح: سر النجاح "عطيني نعطيك" ينتمي محمد حسن بنصالح إلى الدائرة الضيقة لكبار رجال الأعمال بالمغرب، وينحدر من مدينة بركان، من أب ترك له حينما كان في السابعة والعشرين من عمره، بضعة شركات مواد استهلاكية صغيرة، وسرعان ما تحول ذلك الشاب الذي لم يكن يتوفر على تجربة في مجالات المال والأعمال، من مجرد طالب كان قد أن أنهى للتو، دراسته الجامعية، إلى مُسير حاذق بمكتب والده المتوفي (عبد القادر بنصالح، المتوفى في 20 يونيو 1993، من موقعي وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 كان قد راكم ثروة ضخمة )، لتتحول المجموعة الاستثمارية لهذا الأخير من مجرد الاستثمار في قطاع التأمينات وإنتاج المياه المعدنية الشهيرة والماس إلى قطاعات تدبيرية وإنتاجية كبيرة ومتطورة. واليوم فإن محمد بنصالح وأخته مريم،( التي اضطلعت بتسيير شركة "والماس" (سيدي علي)، وهي زوجة جمال شقرون نجل الفنانة أمينة رشيد) يوجدان على رأس العديد من الشركات، تعمل في مجال الصناعة كما الخدمات، وقسما العمل بينهما، بغاية تأمين توازن في التدبير، حيث اضطلع هو بالتدبير والتوقع وتخطيط استراتيجية المجموعة، بينما تكفلت هي بشركة المياه المعدنية وهو قطب رحى استثمارات المجموعة كما هو معلوم. استطاع آل بنصالح أن يعيدا إلى السوق المغربية قنينة المشروب الغازي الأمريكية الأشهر بعد كوكاكولا ونعني بها بيبسي كولا، بعد اختفاء دام عدة سنوات، وذلك بموجب اتفاق مُجز للمجموعة المغربية، وقد استطاعت هذه الأخيرة أيضا شراء شركة التأمين "سند" سنة 1999 بمبلغ لا يقل عن 800 مليون درهم، وذلك بهاجس تدعيم موقع المجموعة في هذا المضمار المربح، وقد كان للتجميع الذي تم بين العديد من الشركات في القطاع بمبادرة من آل بنصالح قفزة نوعية في مجال مُنافسة الاستثمارات الأجنبية في مجال التأمينات، ولم يتوقف طموح المجموعة عند هذا الحد حيث انتقلت إلى مجال النقل الجوي . بعد وفاة عبد القادر بنصالح، كانت المجموعة تعيش وضعية صعبة، لكن بعد إعادة هيكلتها، وهو العمل الذي نجح فيه بامتياز محمد حسن بنصالح خلال فترة لم تتجاوز ثلاثة سنوات، وذلك بفضل قروض ضخمة وبشروط متيسرة، وكذلك بفضل تحالفه مع مجموعة بنجلون لإنشاء، سنة 1998 أول شركة نقل جوية حرة مغربية، "إيرلاين الجهوية (تملك مجموعة "هولماركوم" 40 في المائة من رأسمالها) والتي كانت بمثابة رهان صعب. وفي بداية سنة 2000 أبرم محمد حسن بنصالح بعد مفاوضات ماراتونية، اتفاقا مع الأمريكيين لإعادة ترويج المشروب الغازي، المنافس لكوكاكولا، بيبسي كولا بالأسواق المغربية. وموازاة مع هذه النجاحات المحققة في ظرف وجيز، ساهمت "هولماركوم" في تمويل مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وتتوفر المجموعة الآن على مساهمات مهمة في 40 شركة تنشط في مجالات متعددة، منها "أوربونور" و "ثلاجات المعمورة" و "كونطوار ميطالوجيك" و "سيريال" و"أطلانطا" و"لوكارتون" و "أوتيس ماروك" ووحدات إنتاجية في قطاع الصناعات الغذائية وقطاع التوزيع والتجارة. وفي ظرف وجيز تمكن محمد حسن بنصالح من مضاعفة رقم معاملات مجموعته ثلاث مرات. من الرجال الذين اعتمدت عليهم مجموعة "هولماركوم" صهر بنصالح، جمال شقرون، لاسيما في مجال تدبير الموارد البشرية إذ عمل بها 9 سنوات قبل إنشاء شركته الخاصة "جنرال ديفولوبمانت" (جي دي هولدينغ) المتحكمة اليوم في أكثر من 10 شركات تشغل ما يناهز 200 شخص وتنشط في مجال التكنولوجيا الجديدة والهندسة الصناعية والتدبير اللوجيستيكي والاستيراد والتصدير والعقار. و من فتوحات مجموعة "هولماركوم" وضع اليد على كافة رأسمال الشركة المغربية للشاي والسكر، (سوماتيس) بمبلغ لا يتعدى 539 مليون درهم، علما أن هذه الأخيرة حققت رقم معاملات تجاوز 283 مليون درهم ونتائج استغلال (أرباح) تفوق 46 مليون درهم، وكانت هذه الصفقة جزءا من الاستفادة من "كعكة الخوصصة" ومن فتوحات "هولماركوم" كذلك إحداث محطتين للحبوب بميناء الدارالبيضاء والجرف الأصفر، واللتان كلفتها استثمار 555 مليون درهم، منها 150 مليون درهما، عبر التمويل الذاتي والباقي (405 مليون درهما) بفضل قرض مسلم من "التجاري وفابنك" والقرض الفلاحي ومصرف المغرب والبنك المغربي للتجارة الخارجية. يعزو بعض العارفين بالسيد بنصالح، نجاحه إلى "فضيلة الإنصات إزاء كل العاملين معه، من قمة تسييير المجموعة حتى أخصمها" وأيضا "لتعدد مصادر استفادته من عوالم قد تبدو متباعدة، انطلاقا من مجال الأعمال مرورا بعالم الفن وأخيرا وليس آخرا السياسة" وبصدد هذه الأخيرة فإنه ليس بخاف على أحد "القبول الحسن" الذي يحظى به آل بنصالح لدى الملك محمد السادس، ولا يخفى أيضا، أن الكاتب الخاص لهذا الأخير، محمد منير الماجيدي "يُنسق" مع المجلس الإداري للمجموعة في العديد من الملفات الاقتصادية ذات البعد السياسي، كما أن نوع التنسيق ذاته حدث أكثر من مرة، حينما "يجد الجد" وليس ببعيد عن الأذهان ما حدث حين هُددت الركيزة الاقتصادية الأساس في أداء المجموعة، ونعني بها شركة والماس، حيث امتد طموح أصحاب الشركة المنافسة سيدي علي إلى مجال أل بنصالح فكان الحسم من خلال قرار سياسي اقتصادي مشهود على الطريقة المغربية لفائدة هؤلاء الأخيرين، وبطبيعة الحال فإن المستفيدين من قرارات مصيرية مثل هذه، يكونون دائما مستعدين لرد الدين مضاعفا إن تطلب الأمر، ولعلكم ما زلتم تتذكرون في هذا الصدد، أن محمد بنصالح كانوا منذ بضع سنوات قليلة خلت على أتم استعداد لتلبية طلب نافذين في المخزن لشراء جريدتي لوجورنال والصحيفة من فاضل العراقي وابوبكر الجامعي وعلي عمار، لولا أن ترتيبات أخرى اقتضت أن يأخذ هذا الملف مسارا آخر وتلك حكاية أخرى. كريم التازي: رجل الاقتصاد "المشغول" بمصالح الفرد والجماعة ينحدر كريم التازي من عائلة مستثمرين تقليديين، قبل أن يتحول الإرث إليه، ليحوله إلى علامات إنتاج معروفة في أكثر من قطاع، وهو معروف بأقصى درجات الطموح، يصل في بعض الأحيان للانتصار لعلامات تجارية وطنية، على غرار ماركة ألبسة "مروى" التي خصصتها إحدى شركات الألبسة المملوكة له، منذ بضع سنوات للفتيات الصغيرات. تتوفر ألبسة مروى" حاليا على أكثر من 10 نقط بيع موزعة بمختلف المدن المغربية، وكانت انطلاقتها باستثمار ناهز 50 مليون درهم. وجاءت فكرة هذا المشروع انطلاقا من ضرورة منافسة الموزعين الإسبان ("أنديتكس" و "أمدويكو"). تتوزع نشاطات كريم التازي الاقتصادية والاستثمارية بين قطاع النسيج والتأثيث، ويكفي أن نشير إلى أنه يتربع على عرش شركة "ريشبوند" المعروفة (رأسمالها 203 مليون درهم ) ، وهو لا يُخفي مظاهر ثرائه التي تجعله بين أغنى أغنياء المغرب، ويعترف له خصومه قبل أصدقائه، أنه يتوفر على نَفس قتالي، في الدفاع عن تنافسية قطاع النسيج الوطني، من خلال الدعوة إلى حماية السوق الداخلية، من الاجتياح غير المحسوب للبضائع الأجنبية، كما أنهم يشهدون له أيضا، بالحس الاجتماعي الذي دفعه للدخول مع النسيج الجمعوي بالدارالبيضاء، منذ نحو أربع سنوات، في شراكة تمثلت في تمويل العديد من المشاريع الطموحة ذات الطابع الاجتماعي ، و في هذا الصدد تربطه علاقات مع عبد الله زعزاع . كما دافع وهو على رأس جمعية منتجي النسيج على ما اصطُلح عليه بالحد الجهوي للأجور، الذي من شأنه - حسب رأيه – توزيع نشاطات الجهات على تلك التي تعرف نسبة تشغيل ضعيفة. أما منتقدوه فينسبونه إلى تلك الزمرة من المستثمرين المغاربة، الذين يحرصون أشد الحرص، على عدم إثارة "غضب" المخزن الجديد، للاستفادة منه إلى أقصى حد ممكن، وذلك بالابتعاد أميالا عن مجالات التصنيع التي تتواجد بها استثمارات كبار المخزن. ويؤاخذونه كذلك على الاستفادة "الميكيافيلية" من "قواعد اللعبة الاقتصادية غير الواضحة" في المغرب. مهما يكن فإن الرجل يُعتبر واحدا من أنشط رجالات الاقتصاد والإنتاج الوطنيين، وتسجل شركاته الصناعية في مجالات النسيج والتأثيث عاما بعد آخر أفضل النتائج. فؤاد عالي الهمة:ثروة صديق الملك من أسرار الدولة الرجل معروف بأنه الثاني في هرم السلطة بالمغرب، من جانبها التنفيذي، لا البروتوكولي، ويستمد ذلك من صداقته للملك محمد السادس، منذ أن كانا في فترة اليفاعة، ويفسر بعض المتسقطين لأخبار ما وراء "باب تواركَة" الأمر بالقول أن ثمة الكثير من نقاط التقاطع بين شخصيتي الملك وصديقه الهمة، واكتشافهما لذلك يعود لسنوات طويلة هي التي انصرمت على تجاورهما على مقاعد الدراسة، منذ نهاية منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي، حيث إن حظ الطفل عالي الهمة، ابن المعلم البسيط في مدينة بنجرير، شاء أن يتم اختياره ضمن شلة دراسة ولي العهد محمد في المدرسة المولوية. واليوم فإن ذلك القدر الذي حول طفل الرحامنة، من مساره المغمور، كما أيها أطفال المغرب العميق، إلى آخر تماما مفروشا على سجاد ملكي، جعل فؤاد عالي الهمة، في قلب المتغيرات السياسية لمغرب ما بعد الحسن الثاني، حيث إن حركاته وسكناته، تحظى باهتمام طبقة سياسية ضعيفة في مجملها، تبحث عن البوابة "الناجحة" للولوج إلى "حضرة الملك" وقد تأكد لهم أن الرجل - أي الهمة - هو مفتاحها الحقيقي، كما أن الصحافة الناشئة بالمغرب، والباحثة عن بصمات الحكم التنفيذي، الفعلي لا المجازي، وجدت فيه "بصري" جديد، يُمسك بمقاليد العديد ملفات المملكة، غير أن الجانب الذي ظل غامضا من نفوذ الهمة، يرتبط بالمجال المالي، فعكس الكثير من المُقربين من محمد السادس، ككاتبه الخاص محمد منير الماجيدي، الذي أصبحت أخبار ثرائه الفاحش، على أكثر من لسان وقلم، فإن الهمة أحاط مصادر امواله بستار كثيف من السرية والغموض، ومن النادر جدا أن تجد مَن يتوفر على معطيات مضبوطة عن "ثروة صديق الملك". بيد أن مناسبة ترشح الرجل للانتخابات التشريعية الأخيرة، ونزول العديد من رجال المال والأعمال والفن والرياضة إلى معترك دائرة الرحامنة، دفع الكثيرين للتساؤل عن مصدر الأموال الطائلة التي أُغدقت على الجانب "اللوجيستيكي" من حملة الهمة، وتساءلوا بنفس المناسبة عما إذا كان صديق الهمة، يتوفر أيضا على "صنبور" مال في أيام الله العادية مصدره "أريحية" نفس رجال المال والأعمال، الذين آزروه بالدرهم الرنان في حملته الانتخابية. تساءلنا مع السائلين، فأكدت لنا مصادر موثوقة، أن ثمة حسابات مالية جارية في عدد من الأبناك المغربية، يغذيها بانتظام رجال مال وأعمال، وتقنوقراطيون برجوازيون، وجدوا أنهم مُطالبون في إطار أسلوب حكم "العهد الجديد" ليس بلعب ادوار سياسية فحسب (على غرار ما كان عليه الأمر مع الوزير الأول السابق إدريس جطو ووزير الفلاحة والصيد االبحري حاليا عزيز أخنوش) بل مالية أيضا، وهم يفعلون ذلك عن "وعي حاد" بأنه ليس هناك أي درهم يُصرف على المخزن ورجاله، سيضيع "أجره" .