في الصورة المدرب عبد القادر قادة يحمل العلم المغربي في اقتتاح الألعاب الاولمية بكين2008 من المعروف لدى علماء النفس أن أهم ما يحتاج إليه الإنسان عندما يمر بأزمة نفسية تساهم في هبوط معنوياته هو الدعم المعنوي من طرف المحيطين به ، فالدعم المعنوي ليس ضروريا للذين يعانون من أزمات نفسية فحسب ، بل حتى للأشخاص "الطبيعيين" ؛ فكلما كان هناك دعم معنوي للإنسان إلا وازدادت مردوديته في العمل ، وازداد طموحه وحبه للحياة والتحدي . مناسبة هذا الكلام هي أن الوفد المغربي المشارك في أولمبياد بكين التي انطلقت يوم 8 غشت الجاري ، غادر المغرب متوجها إلى الصين من دون أن يتم استقباله من طرف الملك كما جرت بذلك العادة . الملك لم يستقبل الرياضيين الذين سيمثلون مملكته في الأولمبياد ، لسبب بسيط وهو أنه غاضب عنهم ! حسب ما تناقلته الصحف ، وما أصعب أن يغضب عليك الملك . الملك ليس راضيا على النتائج التي حققتها الرياضة الوطنية في الفترة الأخيرة ، ويريد من الرياضيين أن يرفعوا راية المغرب في الأولمبياد القادم ، لذلك لم يودعهم قبل أن يسافروا إلى الصين ، باش يفهمو راسهم ، ويعرفوا بأنهم مغضوب عليهم من طرف عاهل البلاد ، كي يبذلوا مزيدا من الجهد لإحراز الميداليات ورفع العلم الوطني خفاقا في سماء بكين . هذه "السياسة الملكية الغضبانة " ، التي تعتمد على الغضب من أجل الإصلاح ليست مجدية بالمرة . وربما ما نراه اليوم من تخلف في المغرب يرجع تحديدا إلى هذه "السياسة الغضبانة" التي يترعرع معها المغاربة منذ نعومة أظافرهم . تذكرون مثلا أن المدرسين ينهجون نفس السياسة العقابية مع التلاميذ في المدرسة ، والآباء بدورهم يتعاملون بنفس "المنطق" مع أبنائهم . عوض أن يبحث الأستاذ مثلا عن السبب الذي يجعل التلاميذ لا يفهمون الدرس ولا ينجزون التمارين يغضب عليهم ، وبعد الغضب تأتي العصا ، والنتيجة هي أن الجميع يتربى على العمل من منطلق الخوف وليس من منطلق حب العمل . وها هو الملك بدوره يتعامل مع "رعاياه" بنفس الأسلوب . الرياضيون الذين سافروا إلى الصين دخلوا غمار منافسات الأولمبياد وهم يدركون أن ملك البلاد ليس راضيا عنهم ، وإذا أضفنا إلى هذا "السخط الملكي" تلك المشاكل الكثيرة التي يواجهها العداؤون مع جامعة ألعاب القوى التي لم تمنحهم مستحقاتهم المادية إلا بعد أن نشفت أفواههم من كثرة الاحتجاج ، لا يمكننا أن ننتظر من هؤلاء الرياضيين أن يحصدوا شيئا آخر غير الريح .
فأهم شيء يجب أن يتوفر لدى الرياضي قبل أن يدخل غمار المنافسة هو أن تكون حالته النفسية جيدة . وهذا ما لا يتوفر لدى أغلبية الرياضيين المغاربة ، إن لم نقل كلهم . وربما الذي دفع بالعداءتين سلطانة وأمينة أيت حمو إلى تناول المنشطات التي حرمتهما من المشاركة في الأولمبياد هو أنهما لن تعودا قادرتين على الجري بسبب كل المشاكل التي تتخبط فيها جامعة ألعاب القوى التي لم توفر للعدائين حتى سراويل صالحة للجري بسبب ضيقها ، حسب الخبر الذي أوردته "الجريدة الأولى" ، فكيف تريدون من هؤلاء العدائين أن يرفعوا راية المغرب في سماء بكين ، وهم يشعرون بالحرج من سراويلهم الضيقة أمام زملائهم الآخرين . لذلك كان على الملك أن يأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار ، ويعرف أن الرياضيين الذين يمثلون مملكته حاليا في الأولمبياد يعانون من أزمات نفسية مزمنة ، وعوض أن يغضب عليهم كان عليه أن يخصص لهم استقبالا كبيرا ، ويعدهم بأنه سيبحث عن حلول لكل المشاكل التي يواجهونها ، فهذا كان سيحفزهم على مزيد من العطاء ، أما أن يتركهم يذهبون إلى الصين حتى من دون استقبال صغير ، فهذا لن يساهم سوى في زعزعة نفسياتهم المهزوزة أصلا ، وبالتالي سيعودون من الأولمبياد كما ذهبوا ، أي بخفي حنين .
فليس بالغضب تشحذ الهمم يا صاحب الجلالة ، ولكن بالتشجيع والتحفيز ، ومن فوق هادشي كامل ، فهؤلاء الرياضيين ليسوا مسؤولين عن الوضع الكارثي الذي آلت إليه الرياضة المغربية في كل أنواعها ، المسؤولون الحقيقيون معروفون ، هم أولائك الجالسين على كراسي تسيير الجامعات ، وهم الذين يستحقون ليس الغضب الملكي فقط ، بل النفي من مناصبهم . [email protected] ""