بعد توقف دام أزيد من سنتين، عادت مجددا تداعيات ملف الرعاة الرحل إلى النفوذ الترابي لجماعة أربعاء الساحل بإقليمتزنيت، التي خرجت بعض ساكنتها الأربعاء في وقفة احتجاجية أمام مقر القيادة للتنديد بما أسمتها "الاعتداءات المتتالية للرعاة الرحل على ممتلكاتها الفلاحية". المشاركون في الاحتجاج، المؤازرون بتنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة، رفعوا شعارات منادية بالتصدي لما وصفوها ب"مافيا الرعي المنظم"، مطالبين الجهات المسؤولة بالتدخل الفوري وتطبيق القانون في حق المخالفين، تفاديا لتكرار سيناريو سنة 2019 إذ وقعت اشتباكات بين السكان والرحل، وكاد أن يتطور الأمر إلى أوضاع خطيرة لولا تدخل السلطات العمومية. حمو حسناوي، الناطق الرسمي باسم تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن الرسالة التي تود الساكنة المتضررة إيصالها اليوم هي أنها "لن تبقى مصنفة في إطار مواطنة الدرجة الثانية أو حتى الثالثة"، وأن "السلطة تتحمل كامل المسؤولية عما يحدث من انتهاكات واعتداءات، لأنها تنتهج منحى حماية المعتدي، في مخطط واضح لممارسة ترهيب الساكنة الأصلية والقضاء على مغروساتها، بما فيها شجر الأركان، في أفق تهجيرها"، مشيرا إلى أن ما يحدث في سوس هو "تكرار لما حدث في دارفور"، وزاد: "ساكنة سوس تتعرض لهجمات الجنجويد الرعوي المحمي". وأردف المتحدث ذاته: "نحن في التنسيقية نميز بين الرعاة الرحل والمافيا، وما نعانيه في سوس ليس ناجما عن الرعي الجائر كما يحاول أن يصوره البعض، بل هو رعي منظم لقطعان بآلاف الرؤوس مملوكة لمافيا محمية بعد المنحة القطرية الممنوحة لوزارة الفلاحة، وتستهدف الغطاء النباتي للساكنة الأصلية عوض شراء الأعلاف لهذه القطعان"، مضيفا أن "الساكنة ضحية معادلة الربح على حساب حقوقها، وهو ما يترجمه بوضوح تفصيل قانون المراعي 113.13 على مقاس هذه المافيات". وزاد الناشط الأمازيغي عينه: "نحن لا نرى أي مجهودات على أرض الواقع لا من طرف السلطات ولا وزارة الفلاحة، بل هم بالأساس من كرسوا مسلسل الاعتداءات، سواء بالخطوات الفاشلة لوزارة الفلاحة لاستباحة أراضي سوس وجعلها مراعي للمافيات، أو بصمت السلطات ورفضها تطبيق القانون الجنائي لحماية الساكنة من الهجمات". كما أكد حمو حسناوي أن "الحل هو أن تخصص وزارة الفلاحة منحا لتسمين قطعان شركائها من المؤسسين لمافيات الرعي بالدعم القطري، عوض أن تفتح لهم باب اجتياح أراضي الساكنة تحت عباءة الرحل، واعتماد وترقية الأعراف المنظمة لقطاع الرعي وعلى مدى عقود كقوانين، عوض تفصيل قوانين على المقاس". "أما بالنسبة للساكنة فقد ولى عهد الصمت، ولا يمكن استغلال حالة الطوارئ لتكميم الأفواه، ومنح رخصة في الوقت نفسه للمافيات لاكتساح أراضي الساكنة في سوس والمناطق المتضررة"، يقول حسناوي في ختام حديثه لهسبريس. يذكر أن إقليمتزنيت، وتحديدا جماعة أربعاء الساحل، عاشا سنة 2019 على وقع مواجهات خطيرة بين الرعاة والساكنة، بسبب هجوم مجموعات الرحل على المغروسات الفلاحية، وما كبده الأمر من خسائر فادحة للملاك الأصليين، استدعت تدخل القوات العمومية لفض الصراع، الذي انتهى بقرار مغادرة الرحل للمنطقة وتعويض المتضررين، وذلك كخلاصة للاجتماعات العديدة التي ترأستها السلطات الإقليمية بحضور تمثيليات عن جميع الأطراف.