أعادت ندوة منظمة في طنجة،خلال الاسبوع الماضي ،الحياة للنقاش حول المخطط التشريعي.الندوة المنعقدة بكلية الحقوق بشراكة بين الجمعيتين المغربيتين للقانون الدستوري و علم السياسة،طرحت جملة أسئلة عالقة حول الخطاب السياسي الذي واكب هذا المخطط،وحول مالاته ،و مضامينه،و الإشكاليات التي يطرحها في العلاقة بين السلطة التشريعية و الحكومة،خاصة على ضوء الرهانات السياسية التي تحملها خاصة القوانين التنظيمية،كإحدى الآليات الاساسية لتجسيد كتابة النصف الثاني من الدستور،و ما يستلزم ذلك من اعمال لتأويل نص دستوري ؛يحمل في روحه تجادبا بين المنطقين البرلماني و الرئاسي،وتنازعا بين الكونية و الخصوصية،و تارجحا بين ديمقراطية المشاركة و ديمقراطية الثمتيل،عدا عن صياغته باستعمال لغة ذات اصول غير دستورية/قانونية ،اقرب ما تكون الى"لغة الفاعلين"،فضلا عن عدم احترام قاعدة "وحدة المعجم الدستوري"في كثير من المفاهيم المؤطرة لوثيقة 29 يوليوز 2011. ولا شك ان هذه التأويل ،غير منزه ،دائما و بالضرورة،عن الانزياح عن روح الدستوري.و في هذا الإطار فان الوثيقة المسماة"المخطط التشريعي برسم الولاية التشريعية التاسعة"كما وافق عليها المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 22 نونبر 2012،تطرح حالتين مدرسيتين لهذا التاويل المعيب. الحالة الاولى ،تتعلق بالتفسير الذي تعطيه الحكومة ،من خلال هذه الوثيقة،لمفهوم التداول داخل المجلس الوزاري،حيث يعتبر الدستور بان من صلاحيات المجلس الوزاري التداول بشان مشاريع القوانين التنظيمية،و اذا كانت هذه الصلاحية تعني ان القوانين التنظيمية تعتبر من الصلاحيات المشتركة بين الحكومة والمؤسسة الملكية،عكس القوانين العادية التي تظل من الصلاحيات الحصرية للحكومة،و هذا مايعني ان الحكومة هي من يتكلف بالتحضير و الاعداد لمشاريع القوانين التنظيمية، على ان البث النهائي و الكلمة الاخيرة في الموضوع تبقى للمجلس الوزاري الذي يتراسه الملك. لكن المخطط التشريعي يعتبر في صفحته 17 ان" إقرار الدستور في فصله 49 عرض مشاريع القوانين التنظيمية على المداولة في المجلس الوزاري ،يجعل من اعدادها و صياغتها عملا مشتركا بين الديوان الملكي و الحكومة"0 هذه القراءة الخاصة لمفهوم "التداول"و لمجال الصلاحيات المشتركة،و التي تتنازل الحكومة فيها عن حقها في التحضير و الصياغة،تستدعي بعض الملاحظات،فقد ظل إقرار مشاريع القوانين جميعها(عادية و تنظيمية)في الدساتير الخمس السابقة،يتم عبر بوابة المجلس الوزاري قبل احالتها للبرلمان ،لكن لم يسبق لأي حكومة منذ الستينات ان اعتبرت ان هذا المقتضى يعني ان القوانين يجب ان تصاغ بشكل مشترك بين الحكومة والديوان الملكي!! الحالة الثانية،الاكثر خطورة،تتعلق باعتبار القوانين المتعلقة بهيئات الحكامة الجيدة،هي الاخرى يجب ان تعد بتنسيق بين الحكومة و الديوان الملكي.لماذا؟-و الحال ان الدستور نص صراحة على هذا المؤسسات ستحدث و تنظم بقوانين عادية بعد ان ظلت مثل هذه المؤسسات تخرج من رحم الفصل 19 السابق- الجواب "العبقري"بالنسبة للحكومة يثمتل مايلي : الدستور يسند لهذه الهيئات" مهمة الضبط بما تتضمنه،حسب الحالة،من تحكيم و وساطة وحماية للحقوق،و نظرا لما هذه العناصر من ارتباط بوظائف المؤسسة الملكية،و السهر على حسن سير المؤسسات الدستورية،وصيانة حقوق و حريات المواطنين و المواطنات"،و لذلك فاعداد القوانين المتعلقة بهذه المؤسسات يجب ان يكون بتنسيق بين الحكومة و الديوان الملكي!! غرابة هذا التاويل،تتأتى من كون الدستور كان واضحا في إسناد احداث و تنظيم هذه الهيئات للقوانين العادية،ثم ان الدستور لم يربط نهائيا بين صلاحيات الملك كرئيس للدولة،و بين صلاحيات مؤسسات وطنية اقتراحية واستشارية او ضبطية عادية!،اكثر من ذلك ،خارج الدستور ،ليس هناك من يملك تقدير حاجة قوانين معينة لمسطرة خاصة،فالحكومة لا يمكنها اختراع مساطر اسثتنائية للتشريع تبعا لطبيعة القوانين. لقد طرحت العديد من الأسئلة عن هوية "المخطط التشريعي":هل هو برنامج للحكومة ام للبرلمان ؟هل هو وثيقة للاستئناس ام دليل عمل ملزم؟.لكننا مع الحالتين المذكورتين ، نكتشف فيه ميزة اخرى:انه دستور جديد ،بمسطرة تشريع جديدة.