ذهبَ البرلمانِي عن حزب الاتحاد الاشتراكِي، حسن طارق، إلَى أنَّ حكومة عبد الاله بنكيران لا تزالُ مستمرةً في مسلسل التنازل الإرادي عن صلاحياتها، ومتمادية في إقحام الديوان الملكي في صناعة التشريع، ضدا على أحكام الدستور،ويتضح ذلك ،حسب طارق، من خلال القراءة غير الدستورية التي تقدمها في مخططها التشريعي لمسطرة التشريع، والتي تعيدنا من خلالها الحكومة ،حسب المتحدث، من الناحيَة العمليَّة إلى السابقة عن عام 1962. وبنَى البرلمانِي الاتحاديُّ قراءتهُ على مؤشريْن اثنين، يرتبطُ أولهمَا بالتفسير المعيب الذي تعطيه الحكومة، من خلال الوثيقة الدستورية الجديدة، لمفهوم التداول داخل المجلس الوزاري، حيث يعتبر الدستور أن من صلاحيات المجلس الوزاري التداول بشأن مشاريع القوانين التنظيمية، وإذا كانت هذه الصلاحية تعني أن القوانين التنظيمية تعتبر من الصلاحيات المشتركة بين الحكومة والمؤسسة الملكية،عكس القوانين العادية التي تظل من الصلاحيات الحصرية للحكومة،و هذا مايعني، بما يعنِي حسب الكاتب طارق أن الحكومة هي التي يتكلف بالتحضير و الإعداد لمشاريع القوانين التنظيمية، على أن البث النهائي و الكلمة الاخيرة في الموضوع تبقى للمجلس الوزاري الذي يتراسه الملك. لكن المخطط التشريعي يعتبر في صفحته 17 أن" إقرار الدستور في فصله 49 عرض مشاريع القوانين التنظيمية على المداولة في المجلس الوزاري، يجعل من إعدادها و صياغتها عملا مشتركا بين الديوان الملكي و الحكومة" يقول طارق. وجعلَ"حسن طارق "، في الندوة الوطنيَّة المنظمَة حولَ الورش التشريعِي في دستور 2011 والتي احتضنتها طنجة نهاية الأسبوع، المؤشر الثاني على درجة كبيرة من الخطورة، بحكمِ القوانين المتعلقة بهيئات الحكامة الجيدة، التِي يجب أن تعد بتنسيق بين الحكومة و الديوان الملكي. سيما أن الدستور نصَّ على إحداث تلك المؤسسات وتنظيمهَا بقوانين عادية، بعدما ظلت مثل تلكَ المؤسسات تخرج من رحم الفصل 19 السابق. ومن ثمةَ يخلص البرلماني الاتحادي إلى أنَّ إعداد القوانين المتعلقة بتلكَ المؤسسات يجب أن يكون بتنسيق بين الحكومة و الديوان الملكي. على اعتبار أنَّ الدستور كانَ واضحاً، حسبَ طارق، في إسناد احداث و تنظيم تلكَ الهيئات للقوانين العادية، ولم يربطهَا نهائيا بين صلاحيات الملك كرئيس للدولة، وبين صلاحيات مؤسسات وطنية اقتراحية واستشارية أو ضبطية عادية. من جانبه، قالَ الدكتور عبدالرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، إنَّ المغرب يعرف اليوم تعدد الفاعلين في المبادرة التنشريعية، كالبرلمان والحكومة والمجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، تعددا يجعلُ البرلمان "مضطربا في ممارسة سلطته التشريعية". كما يوقفهُ عندَ حدود مبدأ الدستورية، دون أن يستطيعَ بلوغ النقاش حول مبدا الفعالية في التشريع. الأكاديميُّ المغربيُّ أردفَ أنَّ إعداد المخطط التشريعي، حول رئيس الحكومة، وَالأمانة العامة للحكومة الى برلمان ووزع سلطات التشريع في كل الاتجاهات، وعمل على تأويل المادة 42 من الدستور بمنح صلاحيات تشريعية للديوان الملكي، متسائلاًعن الطبيعة القانونية للمخطط التشريعي الذي أحيل على البرلمان وعن هوية المسطرة الدستورية والقانونية التي ستتبع في مناقشته. فِي غضون ذلك، أشارَ السلِيمِي إلى أنَّ الحكومة ارتكبت خطا قانونيا بإحالة وثيقة سميت بالمخطط التشريعي على البرلمان، بصورة تفسرُ حالة الانحصار التشريعي الذي تعيشه الحياة البرلمانية اليوم في المغرب، مضيفا أن المغرب يعيش حالة "شتات في المبادرة التشريعية" من المتوقع أن تخلق حالة "حرب في المرجعيات التشريعية" بين مذكرات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفتاوى المجلس العلمي الأعلى ومشاريع مبادرات الحكومة والبرلمان ،هذا "الشتات " المتعدد المرجعيات سيؤثر، حسب المنار اسليمي، على تنزيل الدستور الجديد بشكل قد يفضِي إِلَى صراع بين مؤسسات يعطيها الدستور صلاحيات التشريع ومؤسسات لايمنحها الدستور هذه الصلاحيات. وفِي الختام نبه السليمي منبها إلى مخاطر هذَا الانزلاق، من التشريعي إلى السياسي بين مرجعيات تعتبرها نفسها إسلامية ومرجعيات أخرى وضعية ،منهيا مداخلته بتوقع سيناريوهين قادمين، ينبئُ أولهما بعدمِ تمكنِ البرلمان والحكومة خلال الولاية الحالية من تنزيل القوانين التنظيمية المشار اليها في الدستور، في حين يتمثل السيناريو الثاني فِي تنزيل القوانين التنظيمية، أمام حالة التأخر الموجودة اليوم، بطريقة غير سليمة.