سجّلت ندوة "القيم المجتمعية"، التي حاضر فيها محمد الفزازي وأحمد عصيد، جدلا بين المتدخلين والحاضرين على خلفية الكلام عن "البربرية" و"تقبّل" الحديث باللهجة الأمازيغية، وهو ما أثار ضجة داخل قاعة مدرسة علوم الإعلام، كادت أن تتوقف على إثرها الجلسة الفكرية، لولا تدخل الفزازي وعصيد وباقي المنظمين. وأثارت تدخلات بعض الرافضين لمواقف الفزازي، أحد رموز السلفية بالمغرب، استياء الحاضرين، بالنظر للطريقة التي تم التعبير فيها عن المواقف، فيما أكد البعض الأخر على ضرورة احترام الرأي المخالف والتفاعل بشكل إيجابي مع مداخلات المتدخلين في الجلسة الفكرية / المناظرة، التي جمعت بين الفزازي، والناشط الأمازيغي أحمد عصيد إضافة إلى أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الغني مندب. واتجهت مداخلة عصيد، في ندوة أمس التي حملت عنوان "أي أفق للقيم المجتمعية بالمغرب في ظل العولمة الثقافية"، في الحديث عن التدين وأنماطه داخل المجتمع المغربي الذي يراه "منفتحا على كل التيارات"، لاحتواءه، حسب عصيد، إضافة للمسلمين على 3500 يهودي و140 ألف نصراني، مضيفا أن الإشكال من وجهة نظره في "أشكال توظيف التدين وليس الأديان بحد ذاتها". وتوقف عصيد على التجربة السعودية التي قال إن نسبة الإلحاد فيها ترتفع، استنادا على دراسة علمية، موضحا "في المجتمع السعودي، الدولة وقوانينها علنية أما الوجه الخفي فهو أعظم" مضيفا أن السلطة هناك ترفض أي نمط جديد في التدين، "وهو الحال نفسه في المغرب". وأضاف الناشط الأمازيغي أن الإسلام ساهم في المنظومة القيمية العالمية، "التي ليست غربية كما يعتبر البعض"، معتبرا من جهة أخرى أن الأمازيغية كثقافة تتوافق مع القيم الإنسانية، "فأنا أدافع عنها حين توافقها وأقف ضدها حين تعارض تلك القيم والقوانين". من جهته انتقد محمد الفزازي، الناشط الإسلامي، نمط التدين في بعض المجتمعات الخليجية، بالقول إن المنقبات هناك لو أعطي لهن 5 دقائق من الحرية لانقلبن إلى أمريكيات"، مضيفا "فتاة محجبة في المغرب أحسن عندي من فتاة منقبة في الخليج"، معتبرا أن الإسلام هو مفهوم شامل وجامع يضم كل فئات المجتمع في كل مستويات الحياة من أخلاق وقيم وسلوكات. وفيما عبر الفزازي عن احترامه للغة الأمازيغية، قال أحد أبرز رموز السلفية إن اللغة العربية هي أعظم لغة "رغم أن الذين خدموها كانوا عجما وليس عربا، مثل البخاري والترمذي..". وتعتبر هذه الندوة هي الثالثة من نوعها التي تجمع الطرفين، الفزازي بصفته كرمز إسلامي، وعصيد كرمز علماني، والتي تلقى نقاشا وحضورا متميزا، ويأتي هذا اللقاء بعد أن أثير جدل حاد هذا الأسبوع حين تهديد حسن الكتاني، أحد أبرز الشيوخ السلفية، بالقتل من طرف من أسماهم "ناشطين من القوميين الأمازيغ"، الحادث الذي أثار تضامن واستنكار باقي الشيوخ، وهو ما دفع أحمد عصيد إلى المسارعة بالتعقيب عليه وانتقاد موقف الشيخ الحودشي.