أبدَى المعلق الجزائري، بقنوات "الجزيرة الرياضية"، حفيظ دراجي، تقديرهُ لما يحيطهُ به الناس من عشق وأمانة ومسؤولية، معتبراً إياهُ دافعاً دائماً للمضي قدماً في عمله، قائلاً إنَّ من الحريِّ بالمعلق أن يكونَ تلقائياً، ويتجاوب بعفوية مع كل المباريات واللقطات، ويكون حاضرا على كافة الأصعدة. وقال خريج معهد الإعلام والاتصال بالجزائر، في حوار مع "هسبريس"، إِنَّ بعض المعلقين في الساحة العربية لا زالوا يعتمدون على إثارة مشاعر الجماهير أكثر من التعليق على الكرة، وتحليل المباريات وتنوير المشاهدين، كما عزا تسرب الملل إلى النفوس من بعض المعلقين إلى تكرار أنفسهم خلال التعليق، فالتقليد يقتل التعليق، وفق دراجي، وإذا لم يكن من الممكن التخلص منهُ كلياً، فإنَّ من المتاح النأيُ عنه نسبياً. دراجي أفضل معلق في "الجزيرة الرياضية"، أو هكذا يصنفكم جمهور القناة الواسع. بما تشعر، وأنت صحافي معلق، على عاتقه مسؤولية كبيرة ؟ الحديث عن الأفضل أمر نسبي، ولكنني أقدر المسؤولية والأمانة وعشق الناس، وتقديرهم، وأنا بصفتيَ معلقاً، أسعى دوما إلى القيام بواجبي تجاه الجماهير التي تتابعني على القناة، أكثر مما أسعد وأعتز بتلك الثقة، وذلك الإعجاب من الجمهور. لذلك تجدني دائما أسعى إلى تقديم المزيد. بين التمريرة والمعلومة والهدف، هناك فواصل تقدمون فيها حماسا للجمهور، ومعطيات عن اللاعبين وتاريخ الفريق. هل يُطلب من المُعلق أن يقدم كل هذا كي يستمتع الجمهور المُتلقي أم أن في الأمر أشياء أخرى؟ ليس هناك تعليق مثالي يقتضي من المعلق أن يقتدي به، ولكن المعلق يجب أن يتجاوب بعفوية مع كل المباريات واللقطات، ويكون حاضرا على كافة الأصعدة، وأنا أعتبر بأن التعليق أنواع ومدارس يستمتع بها الجمهور..وفي الاختلاف في التعاطي مع المباريات، تكمن المتعة والتنوع والثراء الذي نخدم به جمهورنا العريض، في الوطن العربي وخارجه. في رأيك، ما الفرق بين المُعلقين الأجانب في القنوات الأجنبية مثل "السكاي" و"كنال بلوس" مثلا، والمُعلقين العرب في القنوات العربية مثل "الجزيرة الرياضية" وغيرها؟ إذا ما أردنا أن نتحدث عن الفرق، فالفرق في الجماهير أولا، وأذواقها وثقافتها المختلفة، قبل أن يكون في التعليق، ومثلما نحن مختلفون عنهم في أمور كثيرة ومجالات مختلفة، كان لابد أن نختلف عنهم في كيفية تذوق الكرة والتعاطي معها كجماهير وإعلاميين، وبالتالي كمعلقين. ألا ترى معي أن الساحة العربية تعاني وبشدة في مجال التعليق، بسبب تراجع مستوى العديد من الأسماء التي لم تطور نفسها بما يكفي مع أن عالم الرياضة تطور كثيرا؟ أوافق هذا الرأي إلى حد كبير، لأن البعض في الساحة العربية لا زال يعتمد على إثارة مشاعر الجماهير أكثر من التعليق على الكرة، وتحليل المباريات وتنوير المشاهدين، وهذا الصنف من التعليق يتوجه مع الوقت نحو الإفلاس الفني والإعلامي، إثر كثرة المباريات والإكثار من الكلام الفارغ في التعليق. هناك ملاحظة.. أصبحت الرياضة في الآونة الأخيرة، سيما كرة القدم، اكر متعة، بيدَ أنَّ التعليق غدا أضحى مملا إلى حد ما، هل من سبب لذلك في نظرك؟ إذا ما أردتُ أنْ أتحدث عن السبب الذي جعل من بعض المعلقين مملين، فالسبب كامنٌ في تكرارهم أنفسهم خلال التعليق على المباريات، وحين سأشعر شخصياً بأنني أصبحتُ مملاً في التعليق، أو أشعر بالملل من التعليق، سأتوقف عن ممارسة هذه المهنة. هل ترى أنَّ هناك أسماء في الساحة لم يعطها الإعلام حقها، لكنها قادرة على إعطاء نفس جديد للتعليق بلغة الضاد والصفر؟ ذلك ممكن، قد تكون هناك أسماء لم نعطها حقها، ولكن عليها أن تفرض وجودها بنفسها، وتتميز عن غيرها، وتبتعد عن تقليد بعض المعلقين الموجودين في الساحة إذا أرادت إن تتألق، حتى تحضى بمكانة لها. على ذكر التقليد، هناك ظاهرة جديدة بدأت تغزو عالم التعليق في العالم العربي تقترنُ بتقليد بعض النماذج. ما هي وجهة نظرك حيال في الموضوع؟ التقليد يقتل المعلقين بكل اختصار، وهو أمر لا يمكن تجاوزه كليا، ولكن يمكن التقليل منه، فَمن يريد أن يتألق، عليه أن يتميز ويحاول أن يكون لديه أسلوب خاص به، وأن يكون نفسه وليس الآخرين. استأثرت أسماء من الدول المغاربة بشهرة كبيرة لدى جمهور الجزيرة الرياضية كحفيظ دراجي، وعصام الشوالي، وعصام بادة. هل يعني هذا أن المعلق القادم من الدول المغاربية، أكثر دراية ومعرفة بالدوريات الأوروبية من غيره في دول الخليج؟ لا يمكننا الحديث عن تفوق معلقي الدول المغاربية على نظرائهم في المشرق، ولكن يمكن الحديث عن تميزهم بحكم اهتمامهم، وتتبعهم للكرة الأوروبية والعالمية، منذُ زمن طويل. كما أنَّ هناك عاملاً آخر، يتجسَّدُ في ثقافتهم القريبة من أوروبا، والتي سمحت لهم بمواكبة الكرة الأوروبية منذ فترة، ولكن مع ذلك هناك بعض المعلقين الخليجيين الذين يتابعون الكرة الأوروبية مثلنا تماما، بشكل كبير جدا، ويعرفون عنها الكثير. كما أنَّ فهم المغاربة اللهجة التي نتحدثُ بها، مقارنة بالزملاء الخليجين. جعل منا أقرب إلى المشاهدين من زملائنا في المشرق.