يكبر السؤال ،وترتفع درجات الأماني والأمنيات، تفتش عن حبل يربطك بكل الأيام المواضي، لن تجد غير "دار الضمانة"، بكبريائها المعهود وكرمها الضارب في القدم، فسحر فضائها يفتح أبواب الكتابة من جديد أمامي، وأعلن انتمائي لعقود ثلاثة، أتربع على كرسي الحقيقة، أفتش عن لحظة تعلمت فيها الكتابة والقراءة،و حفظت ما تيسر من الذكر الحكيم وأشعار الأولين. "" في الطفولة كان البدء، وكان التاريخ يعانق أياما جميلة، اللعب والكرة، والسرعة الفائقة، لملاحقة حلقات "الكابتن ماجد، وكليندايزر، والرجل الحديدي..."، يومك مثل أمسك، وغدك مجهول الملامح، فتكبر ، وتكبر مصاعب الأيام وتتحسس الصغائر، وتطمح لتتسلم شهادة "الباكالوريا، والإجازة"، ودبلومات أخرى تحلم بها، لتنالها بعد شق الأنفس، أرق التفكير والبحث، يأخذك إلى طول السهر والاعتكاف لسنتين، من أجل معانقة الدراسات العليا الصعبة المراس والمنال. ولا تكترث إلا لتتابع الحروف والكلمات، وتتبع منعرجاتها ومنحدراتها وهضابها الملتوية، قد تقطع مسافة الألف ميل لفهم نص سيميائي، أو تواصلي، يصادفك بورس بثلاثياته، فتكتشف أن سوسير أوقعك في مصيدة علم الرموز الذي تنبأ به، لكن شانون يعيد إليك دفئ تواصل الخبر وتزيده مدرسة بالو آلطو حميمية التفاعل والتاثير، ، بعد أن أغرق جاكبسون الرسالة شعرية وجمالية أخرى.فتقطع بيداء المتنبي وصحاري عنترة، وتشطر سجن المعري، وتبكي لبكاء لغة حافظ إبراهيم. قد تنسيك" رباعيات الخيام، والأطلال"، وأنت تتبع رحلة نجوم الليل، قليلا من تعب السنين، فتحب وتعشق حتى الثمالة، تشيد مملكة نزار وتسبح مع كاظم في أجمل ألحانه، عندما غنى لبغداد، وأبكى جمهور بيروت. وفي الصباح، أحن مع درويش لخبز وقهوة أمي، و تكبر في الطفولة من جديد. وأبكي كلما غنت العصافير، أو فكرت في أمري، أو قرأت التقارير الدولية لما وصل إليه التعليم ببلادنا، حتى أصبحنا وجيبوتي سيان. تزيد درجات ألمي كلما نظرت في عيون رفاقي وإخواني، وهم ينتظرون ما سيزف إليهم من أخبار جديدة،عسى اليوم يكون آخر مسمار ندقه في نعش العطالة، وننسى محنة سنتين من العذاب والآلام. أتذكر كل ذلك، ولا أقوى على الكلام، ولا على الحركة، وينحبس تفكيري، وتنقطع رسائلي"إلا ما تْوظفت هاد المرة غادي نحْماق أو نموت"، عبارات ترددها المناضلات والمناضلون. الخوف يطارد الجميع من تكرار المسرحية الأخيرة، التي حبكتها اللجنة الثلاثية المكلفة بتدبير ملف توظيف الأطر العليا المعطلة، فتطلع في مخيلتي وقائعها لحظة بأخرى، فيها من التشويق ما يعجز شكسبير و توفيق الحكيم عن نسجه، وفيها من كذب مسيلمة ما يكفي. حاولوا إرغامنا على التصفيق أولا والبكاء بعد ذلك ، لكننا قررنا ألا نبكي ولا نصفق بل نناضل، لأن المسرحية ركيكة، ولا تكترث لآهات أبناء الوطن وأحلامهم، وإنما وقودها المؤامرة والخداع والضحك على أبناء المغاربة باسم الديمقراطية والكفاءة. لحظات عشناها تفوق عمر نوح، إعصار دمر كل طموحاتنا، ونحن نعاين كلام ممثلينا الخمسة بأن" نضالاتكم لن تذهب سدى، واتفاق 20نونبر ساري المفعول"، ونفاجئ بأن ذلك لم يكن إلا سرابا وماء بحر مالح. وأبكي ، ويبكي رفاقي وإخواني، وتزداد المعاناة، وتتحول أجسادنا من أثر الضرب و"الزرواطة" إلى طبل كناوي في يوم عيساوي أو جيلا لي.ويصير المربع أمام البرلمان، إلى برمودا مغربي، يتخطف أمالنا وزهرة شبابنا ويغتال فكرنا. ليقترح أكثرهم حكمة: ستتداول الصحف غدا أخباركم، أما نحن، فدعونا نقضي شهر العسل الثامن، ودعونا نتمتع قليلا بكرسي الوزارة فما أحلى الاستوزار. و عفوا سنرجأ حلكم إلى موعد غير مسمى. ألوذ إلى الصمت من جديد، وتتكشف لدي مساحات الزمن الضائع، في وطن نحبه، ونحتج من أجل العيش تحت سمائه، نعري سلبيات من يسير شأنه العام، وأصدع بقوة" "أنا ضحية سياسة تعليمية فاشلة". أنا مغربي فلم الإقصاء؟ http://attawasol.maktoobblog.com