الامام الحسن بن علي العسكري(الإمام الحادي عشر) "" يقول ابن الصباغ المالكي: مناقب سيدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنه السري ابن السري ، فلا يشك في إمامته أحد ولا يمتري ، واعلم إن بيعت مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري ، واحد زمانه من غير مدافع ، ويسبح وحده من غير منازع ، وسيد أهل عصره ، وإمام أهل دهره ، أقواله سديدة ، وأفعاله حميدة ، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة ، وإن انتظموا عقدا كان مكانه الواسطة الفريدة ، فارس العلوم الذي لا تجاري ، ومبين غوامضها فلا يحاول ولا يماري ، كاشف الحقائق بنظره الصائب ، مظهر الدقائق بفكره الثاقب ، المحدث في سره بالأمور الخفيات ، الكريم الأصل والنفس والذات ، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) آمين. ويذكر ابن حجر في الصواعق في معنى أولاد سيدنا علي بن محمد الهادي : أجلهم أبو محمد الحسن الخالص ، وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري ولد سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، ووقع لبهلول معه انه رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون ، فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم ، فقال : أشتري لك ما تلعب به ؟ فقال : " يا قليل العقل ما للعب خلقنا " . فقال له : فلماذا خلقنا ؟ قال : " للعلم والعبادة " . فقال له : من أين لك ذلك ؟ قال : " من قوله تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) . ثم سأله أن يعظه فوعظه بأبيات ثم خر الحسن مغشيا عليه ، فلما أفاق قال له : ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك ؟ فقال : " إليك عني يا بهلول ، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تقد إلا بالصغار ، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم " . ويقول عنه ابن الجوزي السبط في تذكرته: وكان عالما ثقة روى الحديث عن أبيه عن جده. ويذكر ابن الجوزي حديث الخمرة عن الامام الحسن العسكري ويسنده إلى أبيه أبي الفرج. ثم يقول: ولما روى جدي هذا الحديث في كتابه تحريم الخمر قال: قال أبو نعيم الفضل بن دكين: هذا حديث صحيح ثابت روته العترة الطيبة الطاهرة. الإمام محمد ابن الحسن القائم الحجة(عج)(الإمام الثاني عشر) وحيث المطلوب هنا أن أبين أن لا وجود لشيء عند الشيعة لم يثبت عند السنة ، كان لا بد أن أتحدث عن المهدي عند الشيعة المذكور عند السنة أيضا في حدود بيان مصادره . وأما ما عداه من معالجات تخص جملة من الإشكاليات الإخبارية والكلامية والفلسفية بخصوص الغيبة والظهور ، فلا يتسع لها المقام هنا وتطلب في مصادرها[1]. ولكن نقول على وجه الاختصار: وفي هذا نفسه لم يقل الشيعة الاثني عشر ما لم تقله السنة إلاّ بميزة حسن التنظيم وكثافة التوجه نظرا وعملا. وفي هذا جنبتان: إحداهما تتعلق بالاعتقاد بالإمام المنتظر على سبيل الإجمال وهو محط إجماع المسلمين. والثاني خصوص المهدي الشيعي بوصفه الغائب المعيّن وهو ما تفرد به الشيعة بدليل كما أثبته قسم من أهل السنة على تفصيل سنأتي عليه فيما يلي. ولا بد من التوقف هنا عند هذا الجزء من الاعتقاد لأهميته نظرا لجهل خصوم الشيعة بطبيعة نظرتهم إلى هذا الموضوع. ولهم من الأدلة ما لا يسعه المجال هنا ، ولكني سأذكر جانبا من تلك الأدلة اختصارا، وأحيل إلى كتابي :( المهدي المنتظر: فلسفة الغيبة وحتمية الظهور)[2]؛ ففيه توسع لا نقدر عليه هنا. ولكن نكتفي بهذا اليسير: الإمام المهدي في الكتاب والسنة والتراجم دليل القرآن لو أنك تأملت نصوص القرآن الكريم ، ونظرت في أسرار آياته ، لتأكد لك بأن عقيدة المهدي تكاد تتخلل كل حقائقه . وإذن وجب أن نقرّ بأنها تنطلق من داخل المعتقد الإسلامي وليست أجنبية عنه كما حاول البعض عبثا. فالقرآن نفسه وعد بأن يقيم على الأرض جنة تتنزل بركاتها من السماء.كما وعد بخسف الكافرين وفشلهم المتوقع مهما عتوا في الأرض عتوا واستكبروا فيها استكبارا. وعليك أن تحصي كل الآيات التي وعدت بتلك الوعود دون أن تتحقق واحدة منها حتى اليوم ؛ وها هو الرسول الخاتم ص قد ولى ، وها هم الأئمة الأطهار قد التحقوا بالرفيق الأعلى ، فمن يا ترى حقيق بأن يحقق وعد الله في الأرض. يقول تعالى في كتابه الكريم :" ( هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ)[3]. قال القرطبي : « وقال السدّي : ذاك عند خروج المهدي، لايبقى أحد إلاّ دخل في الاِسلام»[4]. وفي قوله تعالى: ( وَإنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِه َوَاتَّبِعُونِ هَذا صِراطٌ مُستَقيم)[5].يقول الكنجي الشافعي في كتابه البيان : «وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في تفسير قوله عز وجل : ( وإنّه لَعْلِمٌ للساعة ) هو المهدي عليه السلام ، يكون في آخر الزمان ، وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأمارتها».[6] هذا قبس مما جاء تفسيرا بالحقيقة والمصداق ، لكثير من الآيات من كافة المفسرين سلفيين ومعتزلة وإمامية ؛ كالقرطبي والرازي والزمخشري وابن كثير والنسفي ؛ لك أن تتخذ ذلك ميزانا تزن به حقيقة ومصداق كل آية فيها وعد لم يتحقق ، و ما أكثره ، إلا وكان أمارة على أن أمرا لم يتم في دنيا الناس ، الله متمه ولو كره الكافرون. ولا يتصور تحققه إلا في ضوء العقيدة المهدوية وما حاط بها من أخبار تعزز شأنيتها وتجعلها الأنسب لتحقق هذا الأمر العظيم، فافهم. وقد أجمع المفسرون على ورود هذه الآيات في حق المهدي وآخرون كما قلت قبل قليل حصروها في المسيح ، مع أن لا تعارض بينهما لتقارن نزوله مع ظهور الحجة عج . إلا أن يقال كان ذلك استثقالا لذكر أمر مهدي الأمة. وقد ظهر لك أن أهل العلم والتحقيق لا يمانعون في أصل الموضوع، بل وكلهم بمختلف مدارسهم ومواقفهم في المنقول والمعقول ، فسروا الآيات المذكورة بالظهور. ويبدو أن أهم ما يجدر الوقوف عنده في المقام؛ أن القرآن أكبر شاهد على حقيقة الإمام المهدي من جهة الإمكان العقلي والإمكان الواقعي. فأنت تجد القرآن الذي شاء له العزيز الحكيم الاقتصاد في سرد فصول أخبار من كانوا قبلنا و أن يبرز من القصص ما ينتفع به ويصلح مادة للتأمل ، حتى يكون حاكما لما تشابه على الأمة ، فترده إلى محكم الكتاب ، فتهتدي به إلى صراط مستقيم. وقد دعيت الأمة أن تعود إلى كتاب الله وتحكم به ما تشابه عليها. فلا وجود لسر تلبس به أمر المهدي إلا وله نظائر من الذكر الحكيم. فانظر تجد أن أمر الغيبة متكاثر الأمثال والنظائر، كرفعة إدريس وعيسى وغيبة يونس عن أنظار الناس في بطن الحوت ، حيث قال عنه تعالى:" ولولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" ، وغيبة موسى أربعين يوما عن قومه من الأنبياء ، أو اختفاء أمر إلياس أو الخضر من عموم الصالحين وتدبيره السري لما ينفع الناس. وانظر تجد لأمر الغيبة الطولى نظائر كأهل الكهف الذين دخلوا في نوم امتد بهم جيلا بعد جيل ، وكلبهم معهم باسط ذراعيه بالوصيد. فإذا لم يكن عزيزا أن يبقي الله فتية يتقلبون على جنوبهم ليكونوا آية لقوم شاء الله أن يسخرهم في طريق لطفه ، كيف يعز عليه ذلك في صالح أهل بيت النبوة ص . وإذا كان كلبا أمكنه أن تطول به الغيبة كل هذا العدد من السنين ، هل يكثر ذلك على من هو في الشأن أعظم؟! لم يرد في أمر المهدي أنه سيفعل شيئا لم نجد له نظائر في القرآن وألزمنا على الاعتقاد به ، بل إن واحدة من حكمة الخالق على إيراد هذه الأمثال أن يجعل الاعتقاد بالمهدي تحصيل حاصل في الاعتقاد الديني. حيث منطق القرآن كما أخبر الصادق (ع) ، نزوله على نحو إياك أعني واسمعي يا جارة. فالذين عز عليهم الاعتقاد بالمهدي وهالهم الدور العظيم الذي سيسند إليه في عصر الظهور، لا جرم هم أعجز عن التسليم والاعتقاد بأدوار من سلف من الصالحين ؛ كذي القرنين الذي صنع للقوم الذين استغاثوا به، سدا عظيما. أو الخضر الذي كان يتصرف بالعلم لا بالظاهر، أو ما جاء في أمر نبي عاش مسبحا في بطن الحوت أو فتية غيبوا سنين عددا في كهفهم.. إنه سؤال الإيمان. فمن أمكنه أن يؤمن بهذا في الأول أمكنه الإيمان به في المآل.وبذلك وصفوا في محكم التنزيل"الذين يؤمنون بالغيب"! فلا يبقى شك في رسوخ هذه الحقيقة في التصور الإسلامي أصالة ، حتى أنك تجد الخليفة الثاني ، يفترض أن محمدا (ص) لم يمت بل غاب كما غاب موسى أربعين يوما، متهما من قال بموته بالنفاق. وأيا كان مبرر هذه الدعوة فهي تستدعي حقيقة مركوزة في التصور الإسلامي ، وليست دخيلة على الإسلام كما تراءى للبعض شططا. أقول : إن الذين زعموا أنها موروث قديم ودخيل على الإسلام، فضلا عن أنهم حبكوا على منوال الجهل المركب ، وغاب عنهم ما في التعاليم الإسلامية من تأكيد على هذه الحقيقة ، إنهم لم يفعلوا أكثر من اجترار بعض آراء بعض المستشرقين الأوائل ممن سلكوا حبوا للإحاطة بالشريعة عبثا، فكان فهمهم للتعاليم والشريعة الاسلامية فهم المبتدئ الغرير. ولا أخال أولئك سوى من استبدت بخيالهم المحصور فكرة الأشباه والنظائر، فكل ما له نظير في الديانات الأخرى، حسبوه دخيلا، فيا لها من رؤية قاصرة ومن منطق مغالط. ولو أننا طبقنا المنهج ذاته على باقي الأصول والفروع ، لقلنا بالنتائج نفسها ، فيكون التوحيد نفسه دخيلا على الإسلام ما دام له نظير في الرسالات السماوية. فإن قالوا الأمر يختلف ، والقياس هاهنا مع الفارق ، قلنا ، فالمنهج المتبع غير مخصص ، ولا قيمة للمنهج إلا أن تكون أحكامه شاملة عامة كما لا يخفى على من آنس بالصناعة المنطقية. فالتخصيص لا يأتي إلا بدليل،وإلا فهو عبث كمن يرجح بغير مرجح. دليل السنة لا ننوي الإطناب في استعراض كافة الأدلة الروائية المستفيضة في شأن المهدي وملابسات ظهوره. فلو انضم ذلك الكم الهائل من الروايات الواردة من طريق الخاصة بتلك التي وردت من طريق العامة، لعدت بالآلاف. وهي متواترة ، فيها الصحيح وفيها الضعيف لجهة الإسناد ، وضعيفها مجبور بالمتواتر. وحيث المقام لا يتسع لذاك ، اكتفينا ببعض الروايات الواضحات التي لا لبس يعتري ظاهرها ، وأيضا ذكر من روى أخبار المهدي من طريق العامة، حيث لا حاجة لإيراد ما روي عن طريق الخاصة ، فهو تحصيل حاصل في المقام. منها ما رواه البخاري في صحيحه،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): "لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي"[7]. وعن أبي هريرة قال: ذكر رسول الله (ص) المهدي فقال: "يكون في أمّتي المهدي إن قصر فسبع، وإلاّ فتسع. فتنعم فيه امتي نعمة لم ينعموا مثلها قط"[8]. ويروي أبو داود في سننه عن جابر بن سمرة قال: "سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة"[9]. وعنه أيضا عن سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): "المهدي منّي أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويملك سبع سنين"[10]. فهذا غيض من فيض، مما روي صريحا وتلميحا ، فلا يكاد يخلو مصنف روائي من باب يعقد لذكر أمر المهدي من أمة محمد(ص). فأخبار عيسى والظهور، واردة في صحاح العامة، بحيث تكفي لوحدها أن تكون شاهدا على ذلك ، نظرا لتواترها وصحة بعض طرقها عند القوم . وكذا يمكن إكمال تفسير ما سكت عنه في بعضها من خلال ما صرحت به أخبار أخرى. حيث ليس هاهنا مندوحة لذلك. يقول ناصر الدين الألباني : « أما مسألة المهدي فليعلم أنّ في خروجه أحاديث صحيحة ، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة»[11] . وبذلك يكون قد عبر عن إجماع كبار المحدثين السنة حيث أن أخبار المهدي قد تواترت لديهم . فأخرجوا أخباره في مصنفاتهم ومجاميعهم الروائية كما تحدثوا عن أنها أو بعضها على الأقل مما لا مجال لرده ، لصحته وتواتره. ومن هؤلاء الإمام الترمذي ،الحافظ أبو جعفر العقيلي (ت322 ه)، الحاكم النيسابوري (ت405 ه) ، الاِمام البغوي (ت510 ه أو 516 ه)، ابن الاَثير (ت606 ه) ، القرطبي المالكي (ت671 ه)، ابن تيمية (ت728 ه) ، الحافظ الذهبي (ت748 ه) ، الحافظ ابن القيّم (ت751 ه) ، التفتازاني (ت793 ه) وغيرهم كثير. فالإجماع ثابت وفق ما اعتبر عند الخاصة لجهة إجماع أهل الإخبار المعتبرين ، كما أن الإجماع عند الإمامية قائم هاهنا وفق المعتبر منه في المدرسة ، حيث هو من جنس الإجماع الحسي كما لا يخفى. فهو ليس فقط كاشفا عن رأي المعصوم حدسا كما لو تعلق الأمر بآراء فقهائية مع فقد الدليل ، بل هو إجماع قائم على ثبوت أدلة متواترة ، ومعززا لدليليتها. وقد أحصى بعض الفضلاء واستقصوا مخرجي أحاديث المهدي التي عدت بالآلاف ، وارتأينا أن نستعرضه في هذا الباب ، حيث وجدناه مستوفيا للمطلوب وكافيا لا حاجة معه للتكرار و مزيد استقصاء إلا أن يقال أن الإجماع غير قائم بهؤلاء الأعلام المعتبرين ، فتعين قيامه بالمغمورين ممن لا أثر لهم في إجماع سلبا وإيجابا. وهؤلاء الأعلام هم: ابن سعد صاحب الطبقات الكبرى (ت230 ه) ، وابن أبي شيبة (ت235 ه) ، وأحمد بن حنبل (ت241 ه) ، والبخاري (ت256ه) ذكر المهدي بالوصف دون الاسم ، ومثله فعل مسلم (ت261 ه) ، وأبو بكر الاسكافي (ت|620ه) ، وابن ماجة (ت273 ه) ، وأبو داود (ت275ه)، وابن قتيبة الدينوري (ت276 ه)، والترمذي (ت279ه)، والبزار (ت292 ه) ، وأبو يعلى الموصلي (ت307ه) ، والطبري (ت310 ه) ، والعقيلي (ت322ه)، ونعيم بن حماد(ت328 ه) ، وشيخ الحنابلة في وقته البربهاري (ت329ه) في كتابه (شرح السنّة) ، وابن حبان البستي(ت354ه) ، والمقدسي (ت|355 ه) ، والطبراني(ت360 ه)، وأبو الحسن الآبري(ت363 ه) ، والدارقطني (ت385ه) ، والخطابي (ت|388 ه) ، والحاكم النيسابوري (ت405ه) ، وأبو نعيم الاصبهاني (ت430 ه) ، وأبو عمرو الداني (ت444 ه) ، والبيهقي (ت458 ه)، والخطيب البغدادي (ت463ه)، وابن عبد البر المالكي (ت463 ه)، والديلمي (ت509ه)، والبغوي (ت510 أو 516 ه)، والقاضي عياض (ت544 ه)، والخوارزمي الحنفي (ت568 ه)، وابن عساكر (ت571ه)، وابن الجوزي (ت597 ه)، وابن الأثير الجزري (ت606 ه)، وابن العربي (ت638 ه)، ومحمد بن طلحة الشافعي (ت652 ه)، والعلاّمة سبط ابن الجوزي (ت654 ه) ، وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي (ت655ه)، والمنذري (ت656 ه) ، والكنجي الشافعي (ت658 ه)، والقرطبي المالكي (ت|671 ه) ، وابن خلكان (ت|681ه)، ومحب الدين الطبري(ت|694 ه) ، والعلاّمة ابن منظور (ت|711 ه) (في مادة هدِيَ من لسان العرب) ، وابن تيمية (ت|728ه)، والجويني الشافعي (ت|730 ه)، وعلاء الدين بن بلبان (ت|739 ه)، وولي الدين التبريزي (ت|بعد سنة 741ه)، والمزي (ت|739 ه)، والذهبي (ت|748 ه)، وابن الوردي (ت|749 ه)، والزرندي الحنفي (ت|750ه)، وابن قيم الجوزية (ت|751 ه)، وابن كثير (ت|774 ه) ، وسعد الدين التفتازاني (ت|793ه)، ونور الدين الهيثمي (ت|807 ه) ، وابن خلدون المغربي (ت|808 ه) والشيخ محمد الجزري الدمشقي الشافعي(ت|833 ه) ، وأبو بكر البوصيري (ت|840ه)، وابن حجر العسقلاني (ت | 852 ه) ، والسخاوي (ت|902ه) ، والسيوطي(ت|911ه)، والشعراني (ت|973 ه) ، وابن حجر الهيتمي(ت|974 ه)، والمتقي الهندي (ت|975 ه) والشيخ مرعي الحنبلي(ت|1033ه) ، ومحمد رسول البرزنجي (ت|1103ه)، والزرقاني (ت|1122 ه) ، ومحمد بن قاسم الفقيه المالكي (ت|1182ه)، وأبي العلاء العراقي المغربي (ت|1183ه) ، والسفاريني الحنبلي (ت|1188 ه) ، والزبيدي الحنفي (ت|1205 ه) في كتاب (تاج العروس) مادة : هَدِي، والشيخ الصبّان(ت|1206 ه) ، ومحمد أمين السويدي(ت1246 ه) ، والشوكاني (ت1250ه) ، ومؤمن الشبلنجي(ت1291 ه) ، وأحمد زيني دحلان الفقيه والمحدث الشافعي (ت1304ه) ، والسيد محمد صديق القنوجي البخاري(ت1307 ه) ، وشهاب الدين الحلواني الشافعي (ت1308ه) ، وأبي البركات الآلوسي الحنفي (ت1317 ه) ، وأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي(ت1329 ه) ، والكتاني المالكي (ت1345ه) ، والمباركفوري (ت1353 ه) ، والشيخ منصور علي ناصف (ت بعد سنة 1371 ه) ، والشيخ محمد الخضر حسين المصري (ت1377ه)، وأبي الفيض الغماري الشافعي(ت1380 ه) ، وفقيه القصيم بنجد الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (ت1385 ه) ، والشيخ محمد فؤاد عبد الباقي (ت1388ه) [12]. الدليل الحسي لا حاجة في المقام لاستعراض الأخبار الكثيرة المروية من طرق الخاصة من مدرسة أهل البيت ع ، حول حقيقة ولادة الإمام الحجة عج ، فهي من الكثرة والاعتبار ما لا تترك أدنى شك أو التباس عند اتباع هذه المدرسة. فهم مأخوذون من ناصيتهم لهذا الاعتقاد بالأدلة القطعية كما لا يخفى. لكن مقتضى الاستدلال ، أن نأتي من الشواهد ما هو عام. لكن قبل ذلك ، لا بد ان نؤكد على قضية أساسية في المقام. إن الخلاف بين الخاصة والعامة في أمر الولادة ، هو مقصود من الغيبة ايضا. ومادام أن الأمر ثابت عموما لا ينازع فيه أحد ، فإن الحاكم في نهاية المطاف هو الظهور نفسه ، حيث ستصحح كل المفاهيم بالأدلة القاطعة والمعاشة، فمن حصلت له بالفعل الشبهة زالت بالظهور. غير ان شدة اختفائه ، إلى درجة ان يقال انه لم يولد وبأنه سيولد ، أمر كان مقصودا ، وتحدث عنه أئمة أهل البيت قبل ورود الإمام الثاني عشر. بل إن علامة المهدي هو ذلك الذي سيقال عنه انه لم يولد. جاء في الخبر : «حدثنا ابي رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدثنا الحسن بن موسى الخشّاب ، عن العباس بن عامر القصباني ، قال : سمعتُ أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : صاحب هذا الامر من يقول الناس : لم يولد بعد»[13]. غير أن طائفة من أعلام أهل السنة أكدوا على ولادته وعلى أنه هو ابن الحسن العسكري ع . وقد أحصى بعضهم السيد ثامر العميدي في كتابه: دفاع عن الكافي مائة وثمانية وعشرين شخصاً من أهل السنة من الذين اعترفوا بولادة الإمام المهدي عليه السلام. ومن تلك الشواهد الحسية على ولادته ونسبته للإمام العسكري ع ما يلي[14]: ابن الأثير الجزري عز الدين (ت|630 ه) في كتابة الكامل في التأريخ في حوادث سنة (260 ه) : «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري ، وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الاِمامية ، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر». ابن خلكان (ت|681 ه) قال في وفيات الأعيان : «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الاِمامية المعروف بالحجة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين» ثم نقل عن المؤرخ الرحّالة ابن الأزرق الفارقي (ت|577 ه) انه قال في تاريخ مَيَّافارقين : «إنَّ الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الأصح». في سير أعلام النبلاء : «المنتظر الشريف أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي ابن الحسين الشهيد ابن الإمام علي بن أبي طالب ، العلوي، الحُسَيْني خاتمة الاثني عشر سيداً». ابن الوردي (ت|749 ه) قال في ذيل تتمة المختصر المعروف بتاريخ ابن الوردي : «ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين. بن حجر الهيتمي الشافعي (ت|974 ه) قال في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصه : «أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويقال : إنّه سُمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل : لاَنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب». الشبراوي الشافعي (ت|1171 ه) صرح في كتابه (الاتحاف) بولادة الاِمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين من الهجرة. مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت|1308 ه) اعترف في كتابه (نور الابصار) باسم الاِمام المهدي ، ونسبه الشريف الطاهر ، وكنيته ، والقابه في كلام طويل الى أن قال : «وهو آخر الأئمة الاثني عشر على ما ذهب إليه الاِمامية» ثم نقل عن تاريخ ابن الوردي ما تقدم برقم | 4. خير الدين الزركلي (ت|1396 ه) قال في كتابه (الاعلام) في ترجمة الاِمام المهدي المنتظر : «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم، آخر الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية.. ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين.. وقيل في تاريخ مولده : ليلة نصف شعبان سنة 552، وفي تاريخ غيبته، سنة 265 ه». محيي الدين بن العربي (ت|638 ه) : صرح بهذه الحقيقة في كتابه (الفتوحات المكيّة) في الباب السادس والستين وثلاثمائة في المبحث الخامس على ما نقله عنه عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي(ت|973ه) في كتابه (اليواقيت والجواهر) ، كما نقل قوله الحمزاوي في (مشارق الانوار) ، والصبان في (اسعاف الراغبين) ، و نقل الشعراني عنه: «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات : واعلموا أنّه لابدّ من خروج المهدي عليه السلام ، ولكن لايخرج حتى تمتلئ الاَرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من ولد فاطمة عليها السلام ، وجدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الإمام علي النقي...». 2 كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (ت|652 ه) قال في كتابه (مطالب السؤول) : «أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي، الحجة، الخلف الصالح، المنتظر عليهم السلام . ورحمة الله وبركاته». ثم أنشد أبياتاً ، مطلعها : فهذا الخلفُ الحجّةُ قد أيَّدَه اللهُ * هذا منهج الحقِّ وآتاهُ سجاياهُ. سبط ابن الجوزي الحنبلي (ت|654 ه) قال في (تذكرة الخواص) عن الإمام المهدي : «هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وكنيته أبو عبدالله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة،صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الاَئمة». محمد بن يوسف أبو عبدالله الكنجي الشافعي (المقتول سنة 865 ه)، قال في آخر صحيفة من كتابه (كفاية الطالب) عن الاِمام الحسن العسكري عليه السلام ما نصه : «مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر، من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وله يومئذٍ ثمان وعشرون سنة، ودفن في داره بسُرَّ من رأى في البيت الذي دُفن فيه أبوه، وخلف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه. ونختم الكتاب ونذكره مفرداً». ثم أفرد لذكر الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام كتاباً أطلق عليه اسم : ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) وهو مطبوع في نهاية كتابه الأول (كفاية الطالب) وكلاهما بغلاف واحد، وقد تناول في البيان أُموراً كثيرة كان آخرها إثبات كون المهدي عليه السلام حيّاً باقياً منذ غيبته إلى أن يملاَ الدنيا بظهوره في آخر الزمان قسطاً وعدلا ًكما ملئت ظلماً وجوراً. نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي (ت|855 ه) عنون الفصل الثاني عشر من كتابه : (الفصول المهمة) بعنوان : في ذكر أبي القاسم الحجة، الخلف الصالح، ابن أبي محمد الحسن الخالص، وهو الإمام الثاني عشر. وقد احتج بهذا الفصل بقول الكنجي الشافعي : «ومما يدلّ على كون المهدي حيّاً باقياً منذ غيبته إلى الآن، وإنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله، وبقاء الأعور الدجال، وإبليس اللعين من أعداء الله، هو الكتاب والسنة» ثم أورد أدلته على ذلك من الكتاب والسنة، مفصلاً تاريخ ولادة الإمام المهدي عليه السلام ، ودلائل إمامته، وطرفاً من أخباره، وغيبته، ومدة قيام دولته الكريمة، وذكر كنيته، ونسبه، وغير ذلك مما يتصل بالإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام . 6 الفضل بن روزبهان (ت| بعد 909 ه). قال في كتابه : ( ابطال الباطل ) : «ونعم ما قلت فيهم منظوماً : سلام على المصطفى المجتبى سلام على السيد المرتضى سلام على ستنا فاطمة من اختارها الله خير النسا سلام من المسك انفاسه على الحسن الاَلمعي الرضا سلام على الاَورعي الحسين شهيد يرى جسمه كربلا سلام على سيد العابدين علي بن الحسين المجتبى سلام على الباقر المُهتدى سلام على الصادق المُقتدى سلام على الكاظم المُمتحن رضيّ السجايا إمام التُقى سلام على الثامن المؤتمن عليَّ الرضا سيد الاَصفيا سلام على المتّقيّ التّقيّ محمد الطيِّب المُرتجى سلام على الاَريحيّ النقي عليّ المُكرّم هادي الورى سلام على السيد العسكري إمام يجّهزُ جيشَ الصفا سلام على القائم المنتظر أبي القاسم العرم نور الهدى سيطلع كالشمس في غاسقٍ ينجيه من سيفه المُنتقى قويّ يملأ الاَرضَ من عدله كما ملئت جور أهل الهوى سلام عليه وآبائه وأنصاره ، ما تدوم السما»(1) شمس الدين محمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق (ت|953 ه) قال في كتابه (الاَئمة الاثنا عشر) عن الاِمام المهدي عليه السلام : «كانت ولادته رضي الله عنه يوم الجمعة ، منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه المتقدم ذكره (رضي الله عنهما) كان عمره خمس سنين»(1). ثم ذكر الاَئمة الاثني عشر عليهم السلام وقال : «وقد نظمتهم على ذلك، فقلتُ : عليك بالاَئمة الاثني عشرْ * من آل بيت المصطفى خير البشرْ أبو تراب ، حسنٌ ، حسينُ * وبغض زين العابدينَ شينُ محمد الباقرُ كم علمٍ درى ؟ * والصادق ادع جعفراً بين الورى موسى هو الكاظم، وابنه عليُّ * لقّبه بالرضا وقدرُهُ عَلِيُّ محمد التقيّ قلبه معمورُ * عليُّ النقيُّ دُرُّهُ منثورُ عسكريُّ الحسنُ المطَّرُ * محمد المهديُّ سوفَ يظهرُ». أحمد بن يوسف أبو العباس القرماني الحنفي (ت1019 ه) قال في كتابه (أخبار الدول وآثار الاَُوَل) في الفصل الحادي عشر : في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح: «وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، أتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى عليه السلام صبياً. وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الانف، أجلى الجبهة... واتفق العلماء على أنّ المهدي هو القائم في آخر الوقت، وقد تعاضدت الاخبار على ظهوره، وتظاهرت الروايات على اشراق نوره، وستسفر ظلمة الاَيام والليالي بسفوره، وينجلي برؤيته الظلم انجلاء الصبح عن ديجوره ، ويسير عدله في الآفاق فيكون أضوء من البدر المنير في مسيره»(4). سليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي (ت|1270 ه) كان من علماء الأحناف المصرحين بولادة الإمام المهدي عليه السلام. إذ يقول: «فالخبر المعلوم المحقق عند الثقات أن ولادة القائم عليه السلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء». ومن الشواهد التي تصلح دليلا حسيا أيضا على ولادة الإمام الحجة، كلام بعض النسابة المشهورين، على ما ذكر في " المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي" موفقا، ما سنذكره بالترتيب نفسه الذي أورده المؤلف المذكور: النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان حياً سنة ( 341 ه ) ، وهو من أشهر علماء الأنساب المعاصرين لغيبة الإمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة 329 ه. قال في سر السلسلة العلوية : «وولد علي بن محمد التقي عليه السلام : الحسن ابن علي العسكري عليه السلام من أُم ولد نوبيّة تدعى : ريحانة ، وولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء ، وهو ابن تسع وعشرين سنة.. وولد علي بن محمد التقي عليه السلام جعفراً وهو الذي تسميه الاِمامية جعفر الكذاب، وإنّما تسميه الاِمامية بذلك ؛ لادعائه ميراث أخيه الحسن عليه السلام دون ابنه القائم الحجة عليه السلام . لاطعن في نسبه». السيد العمري النسابة المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري قال: «ومات أبو محمد عليه السلام وولده من نرجس عليها السلام معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والاَخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته، وشره جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أنْ يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه »... الفخر الرازي الشافعي ( ت / 606 ه)، قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان : أولاد الامام العسكري عليه السلام قال: « أما الحسن العسكري الامام عليه السلام فله ابنان وبنتان: اما الابنان، فأحدهما : صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأما البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً». المروزي الازورقاني (ت | بعد سنة 614 ه) فقد وصف في كتاب الفخري جعفر ابن الاِمام الهادي في محاولته انكار ولد أخيه بالكذاب، وفيه أعظم دليل على اعتقاده بولادة الاِمام المهدي . السيد النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَه (ت| 828 ه) قال في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : «أما علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسُرَّ من رأى، وكانت تسمى العسكر ، وأُمّه أُم ولد ، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه المتوكل إلى سُرَّ من رأى فأقام بها إلى أن تُوفي ، وأعقب من رجلين هما: الاِمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام ، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم ، وهو والد الاِمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الاَئمة عند الاِمامية وهو القائم المنتظر عندهم من أُم ولد اسمها نرجس . واسم أخيه أبو عبدالله جعفر الملقب بالكذّاب؛ لادعائه الاِمامة بعد أخيه الحسن». وقال في الفصول الفخرية (مطبوع باللغة الفارسية) ما ترجمته : «أبو محمد الحسن الذي يقال له العسكري، والعسكر هو سامراء، جلبه المتوكل وأباه إلى سامراء من المدينة، واعتقلهما. وهو الحادي عشر من الاَئمة الاثني عشر، وهو والد محمد المهدي عليه السلام ، ثاني عشرهم». النسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني من أعيان القرن الحادي عشر. ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وتحت اسم الاِمام علي التقي المعروف بالهادي عليه السلام خمسة من البنين وهم : الاِمام العسكري ، الحسين ، موسى ، محمد ، علي . وتحت اسم الاِمام العسكري عليه السلام مباشرة كتب : (محمد بن) وبازائه : (منتظر الاِمامية). محمد أمين السويدي (ت|1246 ه) قال في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : «محمد المهدي : وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشَّعر ، أقنى الانف ، صبيح الجبهة». النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري قال في الدرر البهية في الانساب الحيدريّة والاَوَيسيّة في بيان أولاد الاِمام الهادي عليه السلام : «أعقب خمسة أولاد : محمد وجعفر والحسين والاِمام الحسن العسكري وعائشة. فالحسن العسكري أعقب محمد المهدي صاحب السرداب». ثم قال بعد ذلك مباشرة وتحت عنوان : (الامامان محمد المهدي والحسن العسكري) :«الاِمام الحسن العسكري : ولد بالمدينة سنة 231 ه وتوفي بسامراء سنة 260 ه. الاِمام محمد المهدي : لم يذكر له ذرية ولا أولاد له أبداً». وقال : «ولد في النصف من شعبان سنة 255 ه، وأُمّه نرجس، وُصِفَ فقالوا عنه : ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الاَنف، أشم، أروع، كأنّه غصن بان، وكأنَّ غرّته كوكب دريّ، في خده الاَيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينةً وحياءً»[15]. إذا انضمت هذه الشواهد الحسية إلى ذلك الفيض المتكوثر من الاخبار الصريحة في ولادة المهدي، من طرق الخاصة، ازدادت قوة الدليل الحسي، حيث يصبح رد هذه الشواهد مما دونه خرط القتاد. * * * أقول: أفبعد كل هذا يقال أنهم كغيرهم . وهل من قول أنكر من هذا القول. فكل من شهد لهم عظّمهم في الفضل وجعلهم أهله. ذلك لأن بعض العامة لا يختلفون في رجحان علم الأئمة حيثما يصلهم بأسانيدهم الصحيحة. وحجتهم كانت دائما أن هذه الأخبار لم تثبت حسب زعمهم للأئمة بل هي من مختلقات الشيعة. لكنك أنت تقول بالتساوي الذي يخالف دليل القرآن والسنة وكذا دليل العقل حيث ثبت أن الأجيال كانت ترجع إليهم وهم لم يرجعوا إلى غيرهم. فتأمل. إذا كان أئمة أهل البيت ليس لهم ما يتميزون به عن غيرهم، فهم أنداد لغيرهم ، والتعاطي معهم ومع غيرهم في مقام بيان الشريعة هو واحد ، فإني أقول إنّ هذا بخلاف ما يؤكده الدليل. فلو كان الأمر كذلك لما قيل في حقهم كل هذا الكلام. ولا أخال أحدا بمن فيهم السنة ينكر فضل أهل البيت وما ظهور مفهوم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل إلا تأكيد على أفضليتهم بلا منازع. لنراجع فضائل أهل البيت عند ابن الجوزي وعند المقريزي وعند النسائي وعند ابن حجر وعند ابن الصباغ المالكي ونظراءهم من أعلام السنة والحديث ، كي ندرك أن القول بالتسوية في مقام الشأنية العلمية والولائية مخالف للدليل السنّي. فالقرآن فضلهم. وكذلك بموجب حكم العقل أن يكون الاتباع للأفضل لا للمفضول. فالعقل يقر ذلك والقرآن يرشد ويؤكد في مقام التساؤل الأمري:" أفمن يهدي الى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدّى ما لكم كيف تحكمون". فالقول أنهم مثل غيرهم في الفضل والعلم والشأن، لم يقل به الصحابة. فحتى من سموا بالخلفاء الراشدين لم يضعوهم في مقام التساوي وشهدوا لهم بالفضل. فهذا الخليفة الأول في أول خطبة سياسية له ، يقول: "لقد وليتكم ولست بخير منكم". وما كان يقصد إلا علياّ. وهذا الثاني يقول: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن. وإنني أدرك فيما أدرك لماذا تأخر التربيع، حيث لم يكونوا يذكروا من الخلفاء الراشدين إلا الثلاثة. وربما ذكروا أن أحمد بن حنبل هو من أدخل التربيع لأول مرة. لكن كان لذلك سبب وجب أن أظهره لك كما أدركته بعد طول تأمل. إنهم كانوا يخشون من ذكره حتى لا يتم التساوي والقياس. فظهور التربيع عند الأعلام لم يتحقق إلا بعد طغيان الجرأة على مقامهم الفاضل. وهذا ما تؤكده الأدلة في أنهم ليسوا موضوعا للتساوي والقياس. فعن صاحب مودة القربى للسيد علي الهمداني الشافعي أخرج بسنده عن أبي وائل عن ابن عمر قال : كنا إذا أعددنا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلنا أبو بكر وعمر وعثمان ، فقال رجل يا أبا عبد الرحمن فعلي ما هو ؟ ( قال ) علي من أهل بيت لا يقاس به أحد هو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في درجته إن الله يقول ( الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) ففاطمة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في درجته وعلي معهما . و في ذخائر العقبي للمحب الطبري الشافعي ( ص 17 ) فإنه قال تحت عنوان ( إنهم لا يقاس بهم أحد ) قال وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد ، وقد أخرج هذا الحديث عبيد الله الحنفي في كتابه أرجح المطالب . وقد تسأل لم أتيت بكل هذه الشواهد؟ لكن ما لم آت به أكثر وأزود من هذا حتما. فالذين ورد فيهم كل هذا وجب تفضيلهم. فكيف لا نفضل من فضلهم الله ورسوله وأهل التراجم. وكنت مضطرا أن أذكر شهادات عن الأئمة جميعا ، لأظهر لأذكرّ بأنهم ليسوا فقط علماء وكفى ، بل هم أعلم وأصلح أهل زمانهم. فمن من الاثني عشر من ليس عالما وليس أفضل أهل زمانه تقوى وعلما وفضلا؟! إن تفضيل الأئمة الأثنا عشر هو تفضيل سنّي كما ذكرنا .