مذكرة كل الاحتمالات التكتيكية والإستراتيجية الممكنة بين مذكرة حزب الاستقلال الموجهة لرئيس التحالف الاغلبي وتصريحات شباط وتضخيم وسائل الإعلام للصراع التكتيكي والغامض بين شباط وبنكيران ضاعت الحقيقة وتاه المواطن وازداد المشهد السياسي المغربي ضبابية ، ومن المؤسف ان يركز الإعلام والباحثون على تصريحات شباط دون الرجوع للمذكرة ذاتها باعتبارها وثيقة رسمية تجسد فضاء معرفيا وتعكس منطقة من مناطق الفكر الاستقلالي لها مشروعيتها وحقائقها، بل انها تبقى مرجعا أساسيا غير قابل للقراءة أحادية . ومنذ إرسالها لرئيس التحالف الحكومي شكلت المذكرة الحدث وفرضت على بنكيران الرد عنها كتابة وعلى أساس رده سيحدد حزب الاستقلال مستقبله في الحكومة . ونظرا لأهميتها شكلت موضوع قراءتنا خصوصا وانها انتجت في سياق عنوانه البارز الخيبات والإخفاقات والكوارث السياسية والعبث السياسي . مذكرة حاولنا قراءتها على أسس آليات تحليل الخطاب السياسي انطلاقا من مقاربة الكلمات التي ترددت اكثر من 7 ترددات ونسبة 0.108% من مجموع 6476 كلمة المكونة للمذكرة. وهو ما افرز الجدول التالي: يتبين من فئة هذه المفاهيم انها اكثر المفاهيم ترددا في المذكرة واكثرها تداولا في النقاشات العمومية، وبالخصوص تلك النقاشات الدائرة اليوم حول مستقبل التحالف الحكومي في ظل مذكرة حزب الاستقلال.والمتأمل في مراتبية فئة هذه المفاهيم وحضورها في هذه المذكرة يدرك ان ترتيبها وحضورها لم يكن عفويا او اعتباطيا بل جاء مجسدا لتكتيك حزب الاستقلال وخدمة اجندته . لذلك جاءت المذكرة لتعيد ترتيب علاقات حزب الاستقلال بحزب العدالة والتنمية ،وعلاقات شباط ببنكيران من خلال ميثاق التحالف الحكومي وموقع حزب الاستقلال داخل الأغلبية الحكومية بعد انتخاب قيادة يقودها شباط الذي ما زال يتصرف كزعيم نقابي وليس كقائد سياسي . بداية نؤكد ان هذه المذكرة هي مذكرة عادية في شكلها وفي مضمونها تناولت عدة قضايا متداولة ولم تأت بأي جديد ،وهي مذكرة موجهة الى السيد بنكيران بوصفه رئيس مجلس رئاسة التحالف وليس بوصفه رئيس الحكومة. مذكرة مرتبطة بسياق وبمرجعية وبتكتيكات وباستراتيجيات وبأهداف سقفها تطوير ميثاق الأغلبية وتسريع وتيرة الأداء الحكومي وترسيخ مبادئ ثقافة الاغلبيات الحكومية والتنسيق بين مكوناتها. مذكرة ذات لغة مطاطية ومؤدلجة ومدافعة عن مسالة الاختلاف داخل أي تحالف حكومي وبأحقية أي حزب بالمطالبة بتعديل جزئي ليس بهدف نسف التحالف الحكومي ولكن بهدف تقويته والالتزام بمبادئ ميثاقه والتنسيق والتداول في كل القرارات . 1- مرجعية المذكرة: يؤطر مرجعية هذه المذكرة حق ومشروعية حزب الاستقلال بتقييم وبنقد الأداء الحكومي خصوصا بعد انتخاب قيادته الجديدة ومرور سنة من عمر الحكومة.وتعكس هذه المرجعية المأزق الحكومي كما يراه حزب الاستقلال ، لكنه مأزق غير قابل لنسف التحالف الحكومي او الخروج الى المعارضة عكس ما تتداوله بعض المنابر الإعلامية ، فهذه المذكرة – وكما جاء في مقدمتها- لا تهدف الى خلق أزمة حكومية او مغادرة الحكومة او إسقاطها, بل إن الأمر لا يتعدى رغبة القيادة الجديدة لحزب الاستقلال تقويم وتقييم الأداء الحكومي،وتفعيل تطوير ميثاق التحالف الاغلبي حيث ان كلمات مغادرة او الخروج او نسف او إسقاط الحكومة غير حاضرة تماما في المذكرة أي انها حضورها يمثل0 % ، بل العكس من ذلك ، فحزب الاستقلال يتشبث في هذه المذكرة بإنجاح التجربة الحكومية الحالية، وكما جاء في المذكرة: » فحزب الاستقلال حريص أشد ما يكون الحرص على نجاح هذه التجربة الحكومية ليس فقط بالنظر إلى مكوناتها، ولكن أساسا لأن اللحظة تحتاج من بلادنا تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية والتنمية « .ولكن هذا الحرص لا يمنع حزب الاستقلال كمكون أساسي في الأغلبية يقودها نقابي سابق من ممارسة بعض المناورات والمشاكسات وتمرير بعض الرسائل السياسية الى الصديق / الخصم بنكيران بل ان المذكرة سقطت في بعض الأحيان في تضخيم الذات الحزبية الاستقلالية وفي النقد المجاني للحكومة. 2-المذكرة والحكومة: احتلت الحكومة الرتبة الأولى ب 177 ترددا ونسبة2.73 %، وطبيعي ان يحتل هذا المفهوم هذه المرتبة لكون جوهر المذكرة هو واقع الحكومة الحالية المشارك فيها.وقد حضر مفهوم الحكومة بصيغ متعددة : ‘الحكومة الحالية ‘ ‘حكومة التناوب' و'حكومة عباس الفاسي'،واللافت للانتباه هو تركيز المذكرة على حكومة عباس الفاسي وهو تركيز يحمل في طياته أكثر من رسالة وبالخصوص الى رئيس الحكومة بنكيران الذي يعتبر حكومته مختلفة تماما عن باقي الحكومات اوانها حكومة ذات شرعية شعبية و حكومة قطيعة ،مما اضطرت معه المذكرة ان تفند ادعاء بنكيران معتبرة ذلك يتنافى كليا مع واقع الحال، فالحكومة الحالية تعتبرها المذكرة حكومة استمرارية للحكومة السابقة التي قادها حزب الاستقلال إلى جانب حلفائه في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، وذلك من خلال استمرارها في تنفيذ ومواصلة المشاريع والمخططات التي تمت دراستها وإنجازها في تلك الفترة، مضيفة أن أكثر من70% من مكونات الحكومة الحالية (حزب الاستقلال، الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية)، تجسد هذه الاستمرارية، وهو ما يستوجب العمل المشترك على برامج وتصورات حكومية جديدة.، بل ان المذكرة ذكرت بنكيران بأن جميع السياسات القطاعية التي انطلقت مع الحكومة الحالية، هي سياسات تم إعدادها في عهد الحكومة السابقة.وعلى هذا الأساس نبهت المذكرة رئيس التحالف في ان يعيد النظر الى الوضع الداخلي للأغلبية وفي كيفية اشتغالها ، معترفة بان الأداء الحكومي يتميز بالبطء وبالارتباك وارتكاب الأخطاء عبر التقدير الخاطئ للحكومة في التعاطي مع زمن التدبير الحكومي الذي تردد 6 مرات ونسبة 0.09% بل ان المذكرة دقت ناقوس خطر إضاعة الزمن الحكومي دون ان تعترف المذكرة بان حزب الاستقلال بمناوراته هاته يساهم هو –أيضا- في هذا الضياع الى جانب أحزاب المعارضة وبعض الشخصيات المقربة من هرم السلطة وبعض المؤسسات والفاعلين الذين يسعون الى جر حكومة بنكيران لإضاعة الزمن الحكومي في عدد من القضايا الهامشية. 3-المذكرة ومشاركة الاستقلال في الحكومة: استثمرت المذكرة في هذا المحور اللغة المطاطية وتقديم التبريرات العامة كربط مشاركة حزب الاستقلال في حكومة بنكيران بخدمة الوطن الذي حضر 29 بنسبة0.44% والشعب 11 ترددا ونسبة 0.16% والمصلحة العامة متجاهلة ان ممارسة السياسة تستهدف السلطة وممارستها قبل خدمة الصالح العام. وأثناء نقد رئيس التحالف الحكومي حاولت المذكرة ممارسة سلطة الكلمة للنيل من بنكيران الا ان حزب الاستقلال نسي ان لكل سلطة سلطة مضادة تتحول معها اللغة الى لغة مخادعة و ماكرة وغير موضوعية خصوصا بعد ما طالبت المذكرة من رئيس التحالف الحكومي بضرورة توضيح طبيعة الحكومة الحالية ليس من الناحية التقنية بل من الناحية السياسية .واعتقد بأن حزب الاستقلال ارتكب خطا منهجيا حينما خصص محورا في تقديم دواعي مشاركته في حكومة بنكيران، لان مقاطعة او مشاركة أي حزب في أي حكومة يبقى شانا ذاتيا وليس موضوعيا ومن العبث ان يقنع أي حزب الرأي العام بالمقاطعة او بالمشاركة في أي حكومة لان كل خيار يخضع للبراغماتية السياسية وليس للموضوعية السياسية ،وحينما يتعلق بحزب الاستقلال فيجب ان لا نغفل شغفه بالسلطة وإتقان سياسة المناورة حيث يضع رجلا في الأغلبية الحكومية واخرى في المعارضة وهذه ماركة مسجلة لحزب الاستقلال وهو ما مارسه حزب الاستقلال وامينه العام السابق مع حكومة التناوب سنة 1999 وما يمارسه اليوم حزب الاستقلال مع امينه العام مع حكومة بنكيران. 4-المذكرة وتقييم الأداء الحكومي: بعد تأكيد المذكرة بكون الحكومة الحالية هي حكومة استمرار للحكومة الاستقلالية السابقة انتقلت لتقييم الأداء الحكومي وكأن حزب الاستقلال لا يشكل جزءا من هذه الحكومة .وقد انطلقت المذكرة في هذا الصدد من مبدأ عام هو أن مجلس رئاسة تحالف الأغلبية هو الإطار الوحيد الذي يجب أن ترسم فيه التوجهات السياسية للحكومة واتخاذ القرارات على اعتبار أن القيادة السياسية للتحالف هي قيادات الأحزاب المشكلة للأغلبية ، وأن تقييم عمل الحكومة هو عمل مهم خاصة عندما يأتي من حزب خبر تدبير الشأن العام ونلاحظ كيف ضخمت المذكرة الذات المنتجة لها اي حزب الاستقلال وكيف ربطت نقدها للحكومة الحالية بإطار المدرسة التربوية لحزب الاستقلال والمتمثلة في ما تركه علال الفاسي من فضيلة النقد الذاتي ، وهنا تتجلى قمة النرجسية السياسية. لكن اهم ما يؤاخذه حزب الاستقلال على رئيس التحاف الحكومي هو منهجيته الأحادية في التدبير، هذه المنهجية التي تبقى خارج الإطار الذي يرسم التوجهات السياسية للحكومة وهو مجلس رئاسة تحالف الأغلبية باعتباره الإطار الوحيد – نلاحظ هنا صفة الوحيد- لتدبير العمل الحكومي، ونتيجة هذه المنهجية اعترفت المذكرة ان رئيس التحالف الحكومي هو المسؤول وحده عن كل الاختلالات التي يعرفها العمل الحكومي . 5-المذكرة واختلالات الأداء الحكومي: حضر مفهوم الاختلالات ب 19 ترددا بنسبة 0.29% ، اختلالات موزعة على عدة مجالات قدمتها المذكرة بكيفية غير اعتباطية على الشكل التالي:. ** عدم التزام بنكيران بتنفيذ ميثاق الأغلبية هذه الصيغة التي حضرت ب 22 ترددا بنسبة 0.33% وهذا الحضور المكثف لصيغة الميثاق في المذكرة هو رسالة الى رئيس التحالف الحكومي لاتهامه يانه يدبر العمل الحكومي دون أي التزام بمواد ميثاق الاغلبية **عدم تحديد آليات تتبع وتنسيق حسن سير العمل الحكومي **عدم الاحتكام لآليات تدبير الخلاف والنزاع بين مكونات الأغلبية وحسب المذكرة فان تدبير بنكيران للشان الحكومي هو خرق لمضمون البند العاشر من ميثاق الاغلبية الذي ينص على : " إرساء رؤية موحدة ومنسجمة ومندمجة للعمل الحكومي تتم صياغتها وفق مقاربة تشاركية " وخرق ايضا للمرتكزات الأربع التي قام عليها ميثاق الأغلبية وقدمت المذكرة نماذج على ذلك: تقديم مقترحات قوانين من طرف أطراف في الأغلبية دون تنسيق مع فرق الأغلبية ، خاصة وأن الأغلبية بإمكانها عبر الحكومة وضع مشاريع قوانين يتم التداول فيها داخل الاغلبية ". **القرار الأحادي للزيادة في أسعار المحروقات وما تبعه من رفع لأسعار عدد من المواد الاستهلاكية الإعلانات المنفردة والحاسمة بخصوص إصلاح صندوق المقاصة ، دون تداول في الموضوع داخل الأغلبية. وضع مخطط تشريعي دون تداول داخل الأغلبية لتحديد الأولويات كما ينظر إليها كل طرف في التحالف ، وهذه مسألة جوهرية وليست ثانوية كما يعتقد البعض. **دفاتر تحملات السمعي البصري التي أثارت نقاشات كان يمكن تفاديها لو تم التداول حولها بداية داخل الأغلبية، **نشر لوائح رخص النقل والمقالع ، دون أية مشاورات حول رؤية الحكومة للريع وغيرها من المبادرات التي تفتح أسئلة عريضة لدى الرأي العام لكنها تبقى بلا أجوبة **قرارات أحادية لعدد من الوزراء يتم تقديمها للإعلام على أنها قرارات حكومية وليست قطاعية ، دون أن تكون الأغلبية بحثت أهميتها وآثارها ونتائجها وجدواها وطريقة إخراجها.. **على مستوى الشفافية في التدبير وذلك من خلال:الغموض في مقاربة اقتصاد الريع والفساد من خلال التشهير بمنطق الرخص والاستمرار في منحها سواء في قطاع النقل أو المقالع، كل ذلك في ظل غياب رؤية استراتيجية لمحاربة الفساد. **التعيين في المناصب السامية الذي اتسم بغياب رؤية موحدة بين القطاعات الحكومية في وضع شروط الولوج اليها . **التضامن في المسؤولية وذلك من خلال:رفض حكومة بنكيران تنفيذ البرتكول الموقع يوم 26 أبريل 2011 في إطار الحوار الاجتماعي ورفض تنفيذ التزام الحكومة السابقة بخصوص ملف حاملي الشهادات الموقعين على محضر 20 يوليوز والتوقف عن إعمال التمييز الإيجابي لفائدة المعاقين . **الهندسة الحكومية: اكدت المذكرة ان حزب الاستقلال لن يقبل التوزيع غير المتوازن للقطاعات الوزارية . ومن الاختلالات التي احتلت موقعا أساسيا في المذكرة قضية التدبير الذي حضر ب 17 بنسبة 0.26% وقد كانت المذكرة قاسية مع بنكيران في موضوع تدبيرالشأن الحكومي حينما اتهمته بانه يشتغل بمنطق رئاسي في بيئة برلمانية ،مؤكدة بان حزب الاستقلال لن يقبل استمرار التماهي مع الذات الحزبية عندما يتعلق الأمر بعمل حكومة إتئلافية ،ويرفض هذا الطابع الحزبي الضيق لرئيس الحكومة ، إذ يتخيل أحيانا للشعب المغربي أنه أمام نسخة من النموذج المصري الذي يقوده مرسي وجماعته وهنا تتجلى قمة اتهام حزب الاستقلال لبنكيران رئيس التحالف الحكومي وتشبيهه بالنظام المصري وبالاخوان المسلمين مع وجود الفارق.والأكيد ان من صاغ هذه الفقرة لم يكن واعيا بخطر المقارنة خصوصا وان حزب الاستقلال يعرف بان علاقة الدين بالسياسة او علاقة الدين بالدولة قد حسمه الدستور والقانون التنظيمي رقم 11- 29 المتعلق بالأحزاب، وهنا يتجلى مأزق الكلمة وثقافة اللامعقول ومنهجية الاختزال والعقلية الاصطفائية .. **الحريات العامة : اكدت المذكرة ان هناك بوادر تندر بالتراجع في الحريات في قضايا متعددة، حيث ان إحداث وزارة للعدل والحريات لم يمنع من تراجع مجال الحريات، ، ومواصلة إستعمال الاعتقال الاحتياطي كشكل من أشكال التحكم والتشهير وتصفية الحسابات السياسية.. ** على مستوى التشريعي: عدم انجاز القوانين التنظيمية التالية ": القانون التنظيمي المحدد لانتخاب وتنظيم سير المجلس الأعلى للسلطة القضائية- القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية-القانون التنظيمي المحدد للنظام الأساسي لرجال القضاء- القانون التنظيمي المحدد لشروط ممارسة الدفع بعدم دستورية القوانين- القوانين المتعلقة بإستقلال القاضي والتعويض عن الضرر القضائي وتطوير الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائي. ** على مستوى الدستوري: عدم انجاز القوانين التنظيمية التالية القانون التنظيمي المحدد لانتخاب وتنظيم سير المجلس الأعلى للسلطة القضائية- القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية-القانون التنظيمي المحدد للنظام الأساسي لرجال القضاء- القانون التنظيمي المحدد لشروط ممارسة الدفع بعدم دستورية القوانين -القوانين المتعلقة بإستقلال القاضي والتعويض عن الضرر القضائي وتطوير الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائية-.عدم إخراج هيئة المناصفة إلى حيز الوجود-.عدم إخراج المجلس الأعلى الإستشاري للشباب والعمل الجمعوي. المتأمل في اختلالات هذا المحور يلاحظ كيف مارس حزب الاستقلال الكثير من الديماغوجية والمكر السياسي في موضوع اخراج هذه القوانين التنظيمية لانه يعرف انه يستحيل اخراج هذه القوانين في سنة او سنتين او ثلاث لانها قوانين تنظيمية معقدة مسطريا . ومن اغرب ما جاء في المذكرة بشان الحكومة هو نقدها للحكومة في كيفية تعاملها مع المعارضة وهنا نتساءل على أي حق تتكلم المذكرة باسم المعارضة؟ وعلى أي أساس.؟ وعن أي معارضة تتحدث عنها المذكرة؟ أنسيت ان هناك معارضات وليس معارضة؟ 6-المذكرة والمعارضة : حضر مفهوم المعارضة ب7 ونسبة 0.10% بتردد اقل من مفهوم الأغلبية الذي حضر ب 100 ترددا ونسبة1.54 % وهذا امر طبيعي ما دامت المذكرة موجهة الى رئيس تحالف الأغلبية ورغم ذلك فان المذكرة لم تركز على الأغلبية ذاتها بل على ميثاقها باعتباره الإطار الوحيد الذي يؤطر الأغلبية وعملها ومعترفة بالوضع الداخلي للتحالف الحكومي غير السليم وغير المفعل محملا المسؤولية في ذلك الى بنكيران بكونه يتصرف منفردا ، وبحس براغماتي ومنهجية استقلالية محضة حاولت المذكرة ان تظهر رئيس الحكومة بنكيران بالسياسي العاشق للهيمنة على المعارضة باسم الأغلبية ،وهنا أنفضح خداع الكلام ونفاق اللغة فحزب الاستقلال ليس همه الدفاع عن المعارضة بقدر ما همه توظيفها ضد بنكيران رئيس الأغلبية وتمرير بعض الرسائل الى أعداء بنكيران بالمعارضة واقصد حزب الأصالة والمعاصرة واعتقد ان هذه النقطة من النقط التي لن يقبلها بنكيران لانه سيشعر انها مناورة شباطية قد تفهمها المعارضة فهما خاطئا. فشباط ليس مؤهلا للدفاع عن علاقة المعارضة بالحكومة فهناك الوثيقة الدستورية والمجلس الدستوري والتحكيم الملكي بل ان المعارضة ليست في حاجة لشباط او لحزب الاستقلال او غيرهما للدفاع عنها. 7-حزب الاستقلا ل والمذكرة: احتل مفهوم حزب الاستقلال مرتبة متقدمة في هذه المذكرة ب58 ونسبة 0.89%وهو امر طبيعي لكون منتج المذكرة هو حزب الاستقلال .هذا الحزب الذي حاولت المذكرة تضخيمه وإظهاره بالحزب المناضل والمكافح الأول في من اجل الديمقراطية التي حضرت ب43 ونسبة 0.66% هذه الديمقراطية التي يريد حزب العدالة والتنمية الركوب عنها، لذلك حاولت المذكرة تذكير بنكيران ان التحالف الاغلبي دون حزب الاستقلال يبقى دون أي قيمة وفي هذا تهديد مباشر لبنكيران الذ ي طالبته المذكرة الالتزام بالقيم الديمقراطية والتي دافع عنها وتربى عليها حزب الاستقلال قبل حزب العدالة والتنمية الذي يجني ثمار كفاح ونضال الاحزاب الوطنية من اجل هذه القيم. 8-المذكرة والتعديل الحكومي: لم يحضر هذا المفهوم بكثافة كما يعتقد البعض في هذه المذكرة بل ان حضوره لم يتجاوز 24 ترددا ونسبة 0.370% لانه لم يكن هو الهم الأساس في المذكرة. وهنا وجب التميز بن فئتين من التعديل الحكومي:تعديل شامل وهو حق محفوظ للملك كما ينص على ذلك الدستور،وتعديل جزئي يقترح من حزب مكون للأغلبية مصحوبا بمبررات ، وهذا ما يقصده حزب الاستقلال .ونشير ان مفهوم التعديل جاء في آخر المذكرة التي أشارت الى إن حزب الاستقلال ينظر إلى التعديل الحكومي من منظور الآلية وليس الهدف ويعتبره وسيلة وليس غاية وعملا يتكرر باستمرار في الحكومات الائتلافية عبر العالم وخاصة بعد مرور سنتها الأولى لتسريع وتيرتها وأدائها وإنتاجيتها، وفرصة التعديل الحكومي تكون مناسبة لضخ دينامية جديدة وتدارك النواقص وما تراكم من عجز في تدبير عدد من الملفات والقضايا .وقد اشترطت المذكرة أن يأخذ هذا التعديل بالاعتبار ما يلي : رفع تمثيلية النساء داخل الحكومة على ألا تقل عن 20 في المائة -.ضمان تمثيلية الأقاليم الجنوبية في الحكومة . تقليص العدد الإجمالي للحقائب الوزارية وإعادة توزيعها في شكل أقطاب منسجمة ومتكاملة-.عدم تقسيم الوزارة الواحدة بين أكثرمن وزير أو حزب، وذلك حتى يسهل ترتيب المسؤولية -التقيد بعدد المقاعد النيابية المحصل عليها كقاعدة وحيدة لتوزيع القطاعات الحكومية. خاتمة يتبين من قراءة مضمون المذكرة الاستقلالية الموجهة الى رئيس التحالف الحكومي انها مذكرة عادية تعرضت لعدد من القضايا المتداولة في السوق الاعلامي والسياسي، وهي قضايا منطقية وجلها في صالح الحكومة وبالخصوص في صالح بنكيران اذا عرف كيف يستثمرها ايجابيا لصالحه ، وان كانت لغتها احيانا ماكرة ومحكومة بهاجس المصالح السياسية الضيقة وفيها قضايا معقولة واخرى مؤدلجة. فالمذكرة / الخطاب مارست حجبا للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المعقد والكارثي الذي ورثه رئيس الحكومة الحالية عن حكومة كان يترأسها الامين العام السابق لحزب الاستقلال ،وبالتالي فكل القضايا والحقائق التي جاءت بها المذكرة الاستقلالية لا يمكن فهمها الا في شروط انتاجها فالمذكرة لا تدافع عن حقيقة تقوية الأغلبية الحكومية ، بل تريد فرض حقيقتها عبر حجب حقائق أخرى او طمسها وبالتالي فهي لا تستهدف بالدرجة الأولى تقوية التحالف الحكومي بل تحقيق بعض وعود شباط في حملته الانتخابية في المؤتمر 16 والمتمثلة في تعيين امرأة في منصب وزاري ، والوفاء لوعده لضمان تمثيلية الأقاليم الجنوبية في الحكومة بعد ان صوت مؤتمروا هذه المناطق لصالحه،وتقليص العدد الإجمالي للحقائب الوزارية وإعادة توزيعها في شكل أقطاب منسجمة ومتكاملة،.وعدم تقسيم الوزارة الواحدة بين أكثرمن وزير أو حزب ويقصد وزارة المالية والاقتصاد وترشيح بعض المقربين اليه في بعض الحقائب الوزارية. لكن مهما عملت المذكرة على توضيح بعض القضايا فإنها حجبت أخرى حيث ان القارئ يجد صعوبة في فهم بعض القضايا التي تضمنتها المذكرة منها : من تستهدف المذكرة رئيس التحالف بنكيران ام حزب العدالة والتنمية ام هما معا؟ ماذا تقصد المذكرة بالتعديل السياسي؟ هل هو تعديل جزئي؟ ام هو تعديل جوهري يعيد التفاوض من جديد على مضامين ميثاق حكومي جديد يعيد توزيع الحقائب الوزارية من جديد بمنهجية مخالفة تماما عن تلك التي تم بها توزيع الحقائب الوزارية في عهد الامين العام لحزب الاستقلال السابق لاسترجاع الحقائب الوزارية التي يتشبث شباط باسترجاعها وهي وزارات الصحة والتجهيز والنقل؟ هل التعديل الحكومي الذي تطالب به المذكرة يمس أركان التحالف الحكومي ام لا ؟ وهل سيقبل به حزب العدالة والتنمية وحده ام كل مكونات التحالف الحكومي؟ وهل تحجب المذكرة تنافسا على الزعامة ذات البعد الشعبوي بين شباط وبنكيران ؟ هل يريد شباط -كما قال الباحث عبد اللطيف برحو في مقال له »رسم صورة داخل حزب الاستقلال شبيهة بالصورة التي يتمتع بها أمين عام حزب العدالة والتنمية داخل المشهد السياسي، خاصة وأن البعض يعتبر أن "عبد الإله بنكيران بنى قوته السياسية على مواجهة حزب الأصالة والمعاصرة في عز قوته وسطوته"، لذا حدد حميد شباط هدفه على هذا الأساس، أي بناء زعامته وقوته داخل حزبه على مواجهة حزب العدالة والتنمية في أوج قوته وعنفوانه، وكأنه يعتقد بذلك أن اعتماد نفس الآليات سيؤدي بالضرورة لنفس النتائج « ؟؟ لماذا قدم حزب الاستقلال مذكرته دون أي تنسيق مع باقي احزاب التحالف الحكومي؟ وهل المذكرة منتوج استقلالي مستقل ام انه يتقاطع مع اجندة خارجية استراتيجية؟ على كل نفترض ان المذكرة الاستقلالية الموجهة لرئيس التحالف الحكومي يمكن ان تفرز عدة اشياء على مستوى ترتيب التحالف الحكومي الا مسالة واحدة وهي لا شباط ولا حزب الاستقلال قادران على إسقاط الحكومة الحالية لان لا شباط ولا حزبه على استعداد لمغادرة الحكومة اولا ولا السياق العام الذي تمر به البلاد يسمح بذلك ثانيا ولا القصر يقبل بذلك لحاجته لحزب العدالة والتنمية في هذه المرحلة بالذات ثالثا،ولكن المطالبة بتعديل حكومي يبقى حقا مشروعا اما يكون عن نوايا صادقة وبراغماتية واما يمكن ان يستثمر لتحقيق بعض الاهداف على مستوى الاستحقاقات المقبلة وتصفية بعض الحسابات مع بعض الوزراء الاستقلاليين وتعويضهم بوزراء مقربين من دائرة شباط . والسؤال الذي ينتظر الجواب هو كيف سيتعامل اذن بنكيران مع مذكرة حزب الاستقلال؟ كبف سيكون رده؟ وكيف ينظر القصر الى هذه الصراعات الهامشية على حساب انتظارات الشعب المغربي؟ وكيف ينظر المواطن الى نخبه التي وصفها غرامشي باللغز المحير؟ أليس ما جرى بعد مؤتمر حزب الاستقلال ومؤتمر حزب الاتحاد الاشتراكي والتطاحن الضيق والسياسوي بين احزاب الاغلبية والمعارضة يفرض علينا عدة اسئلة مقلقة منها: ما هي حالة قيمنا السياسية ؟ ومؤسساتنا؟ وزعاماتها؟ والى متى ستبقى الاحزاب والفرق البرلمانية والمعارضة مع الأغلبية والاغلبية في ما بينها في التطاحن حول قضايا هامشية على حساب القضايا الجوهرية؟ [email protected]