إنه لمن المخجل أن يبادر جزائريون في أوربا وعرب لدعم ترشيح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لنيل جائزة نوبل للسلام وهو يقف إلى جانب الصحراويين المغاربة المكتوين بسياط رمضاء حمادات تندوف في غيابات الاحتجاز وهم يحملون السلاح ضد وطنهم تحت أكذوبة جمهورية الشعب الصحراوي .، التي اختلقتها الجزائر وحاولت دمجها في حظيرة المنظومة الإفريقية بدافع الكراهية حيال المغرب.. وكان العبقرية الفذة الراحل الحسن الثاني قد وقف كشوكة في حلق البولساريو والجزائر غداة انعقاد مؤتمر قمة منظمة الوحدة الإفريقية بالعاصمة الكينية نيروبي عام 1984، وهم بصدد "فبركة" هذا الكيان الوهمي داخل القارة السمراء، فرد عليهم رحمه الله بنبرة الرجل الشهم والشجاع وبحكمة السياسي المحنك باللغة الفرنسية التي كان لا يشق له فيها غبار قائلا: »يا سادة، المغرب هنا..« إلى آخر خطابه.. وقرر ضد تلك المواقف بانسحاب المغرب من المنظمة الإفريقية التي أرادت لحظتئذ تزييف الحقائق والقفز على التاريخ بإجبار عدة دول من إفريقيا على الاعتراف بجمهورية مصطنعة.. لازال من يحلم باستحقاق بعيد المنال يكرس أطماع الجزائر في الهيمنة والتوسع على حساب جيرانه المغاربة الذين ضحوا من أجل استقلاله.. فماذا حقق بوتفليقة في حياته السياسية حتى يقوم هؤلاء المبادرون بإسالة لعابه لقيمة كبيرة من حجم جائزة نوبل، والذين ذكروا بأنه يستحق أن ينال هذا الشرف دون غيره؟! هل قام بنزع فتيل حروب لطالما اشتعلت وتشتعل في نارها شعوب القارة الإفريقية.. أو بالأحرى استطاع التخلص من الفتنة الإرهابية التي استشرت ببلده على نطاق واسع، إذ ما انفك نزيف الدم ينخر الجزائر منذ 1992، وذهب جراءه أزيد من مائة ألف ضحية إثر التهور السياسي لحكام الجزائر.. أم أحسن التعاطي سياسيا مع أحداث وصمت بالوصاية الأجنبية علاوة على الفقر والمديونية التي أثقلت كاهل عدة دول بإفريقيا..؟ وهل قام بتذليل الهوة بين البلدان المتناحرة بفعل نزاعات حدودية وانقلابات طالت مناطقهم..؟ وهل تمكن من حل أزمة دارفور حينما ترأس ما بات يعرف بالاتحاد الإفريقي، المعضلة التي تحاول أمريكا إضفاء هالة كبيرة عليها بأنها من أخطاء نظام "حسن البشير" أحد معارضي سياسة بوش.. وذلك بتدويل القضية بغرض محاولة الاستحواذ على نفط منطقته دارفور التي لازالت لم تطمثها آليات الحفر النفطي.. ها هي مشكلة الصحراء المفتعلة من قبل نظام "هواري بومدين" الذي كان إبانه بوتفليقة وزيرا للخارجية، ما فتئ هذا الأخير يزيدها تعقيدا بدعوى تقرير المصير للبوليساريو.. بالرغم من إيجاد محمد السادس أنجع السبل لحلها بإعطاء الصحراويين بالأقاليم الجنوبية المغربية حكما ذاتيا موسعا وافقت عليه أغلب دول العالم بما فيها أمريكا والمنتظم الأممي لما وجدوا فيه مقترح حل يتماشى والشرعية الدولية والاستقرار بالمنطقة، إلا أن كل مفاوضات مانهاست لم تعرف مؤشرات على تغيير موقف البوليساريو المدعوم من الجزائر التي هي عنصر في النزاع القائم، إذ لم يتعاون رئيسها عبد العزيز بوتفليقة مع الأطراف لتجاوز المأزق وصياغة الحل التوافقي، لأنها ليس في مصلحتها قطع شعرة معاوية مع دميتها وجعلها ورقة تلوح بها كلما شاءت وحيثما أرادت لأجل وضع العصا في دواليب المملكة المغربية.. "" تدجيل وافتراء أن يسخر بوتفليقة من التاريخ ويرشح نفسه لنوبل للسلام وهو يقوض مشروع "المغرب العربي" بإغلاقه للحدود أمام تنمية هذه المنطقة ذات الموقع الاستراتيجي المتميز بالحوض المتوسطي، خاصة أن يد المغرب مدت في أكثر من مرة لليد الجزائرية من أجل تطبيع العلاقات وفتح حوار على أسس تضامنية، لكن بوتفليقة دائما يدير ظهره للتاريخ المشترك خلال الكفاح ضد الاستعمار مفضلا سياسة الهروب إلى الأمام.. وبعد التصريح الأخير للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "فالسوم" بموضوعية ومشروعية "بأن استقلال الصحراء عن المغرب مطلب غير واقعي".. ما على بوتفليقة الآن إذا أراد أن يكون رجل سلام إلا أن يقوم بإصلاح ذات البين في قضية الصحراء بإطلاق سراح محتجزي تندوف للعودة إلى و طنهم الأم، وبالتالي فك العزلة عن شعوب منطقة المغرب العربي بفتح أبواب الدول الخمس أمام التنمية.. وأن يعترف بأن الصحراء مغربية كما صرح لدى صحافية لبنانية معروفة بفضائية أبو ظبي كان يتمنى عقد القران بها..