كم أجدني حائرا أمام الشطحات والخرجات الإعلامية للرؤساء والأمراء والملوك العرب، من حين لآخر، والتي ما فتئ هذا الشعب العربي المسكين يكتوي بنارها، ويُمني النفس في يوم يأتي فيه وقد انقشعت عنه غمة هؤلاء "الزعماء" المطعون في شرعيتهم بنسبة 99,99 بالمائة، كما هي انتخاباتهم مطعون فيها أيضا، من قِبل مجموع ساكنة الرقعة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج. "" وسبب حيرتي اليوم مرده إلى ما طالَعتنا به جريدة "لوموند" الفرنسية منتصفَ الأسبوع المنصرم من أخبار حول تقديم الرئيس الجزائري لترشيحه لجائزة نوبل للسلام. وحتى تكتمل "توابل" القُصاصة/القِصة العربية المتعلقة بالحكام، فإن ترشيح عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري المعتل صِحيا هذه الأيام، كما ذكرت الصحيفة الفرنسية استنادا إلى مصادرها، جاء (أي الترشيح)مدعما بتأييد عدد من نواب الأمة (وهلاَّ يُمثِّل هؤلاء النواب بكل البلاد العربية إلا أنفسَهم وأولياءَ نعمهم من الحكام والمحيطين بهم؟!). ومما جاء في نص القصاصة التي أوردت الخبر، في سياق سرد "إنجازات" رئيس دولة الغاز الطبيعي الذي يحرم شعبَه من عائداته المالية ليضخها في ميزانية العسكر الذي يعمل على تأجيج الصراع مع البلد الجار المغرب، بأن ترشيح مرشح الجيش لحكم بلد المليون شهيد، للجائزة الدولية المذكورة جاء "اعترافا له بمجهوداته الجبارة في توحيد ومصالحة الجزائريين في ما بينهم وكذلك لعمله على استتباب السلم في دول الجوار". وإذا كنت مقتنعا بعدم أحقيتي وأهليتي كذلك في التحدث باسم الأشقاء الجزائريين حول ما سِيق من كلام على "مصالحتهم"، وأترك لهم صلاحية ذلك كما أترك ذلك أيضا لواقع حال البلد الجار، فإني أرى من واجبي كمغربي ينتمي إلى واحدة من "دول الجوار" على حد تعبير منطوق القُصاصة، أن أُعقِّب على كهكذا شطحات وهلوسات وتخريف لا أخاله إلا إحدى سمات مسِّ حكامنا بمرض حب "الأنا" لدرجة التأليه، التي يريدون لشعوبهم أن يحسبوهم عليها، هذا إذا لم تكن "خرجة" سعادة الرئيس، الذي فضَّل دعم مرتزقة البوليساريو من أجل تهديد السلم بالمنطقة على حساب تفقير الشعب الكائن على بحور من الغاز الطبيعي، بأن تكون (الخرجة) هي صرخة أخرى لازدواجية خُطب الرؤساء الجزائريين الذين يخرجون من دهاليز الثكنات العسكرية، حاملين شعارات دعم الشعوب "في تقرير المصير"، والمقصود بالتحديد هو "الشعب الصحراوي" الذي ليس إلا مكوِّنا من مكونات النسيج المجتمعي المغربي، بينما كان الأجدر لهؤلاء الحكام الخارجين من معاطف العسكر أن ينظروا في واقع الأمر إلى "مصير" الشعب الجزائري، الذي لم يكتف بشأنه جنرالات العسكر بانقلاب على الديمقراطية أوائل التسعينات من القرن الماضي وأدخلوا البلاد في خندق حرب أهلية ما تزال نيرانها لم تخمد لحد الساعة، بل أمعنوا في الضرب في الصميم في مبدإ "تقرير مصير" الشعب الجزائري ومعه "تقرير مصير" بِترُو غازِه، الذي لا يَعرف إلا مصيرا واحدا، ليس في اتجاه مصالح الشعب الجزائري المُفقّر طبعا، وإنما لفائدة حسابات جنرالات العسكر بالبنوك السويسرية والدولية، وما تبقى منه تُشترى به الأسلحة لشرذمة البوليساريو وتُسخر للدعاية لهم في تمثيليات الجزائر الدبلوماسية بالدول الأجنبية، لا لشيء إلا لزعزعة أمن دولة جارة وللسعي جاهدين للتفرقة بدل التكتل والتوحد، وهو ما يعمل من أجله الرئيس بوتفريقة أو بوتفليقة (يجوز الوجهان في هذه الحالة)، مما يجعل المرء يستغرب عما إذا كان الدور الذي يقوم به حكام الجزائر، من خلال تحريض البوليساريو على عدم الدخول مع المغرب في مفاوضات جادة تضمن نتيجة أو وضعية "لا غالب ولا مغلوب"، هو دور يمكن تضمينه ضمن خانة العمل من أجل "استتباب الأمن" بالدول الجارة، الذي من أجله يُهرول بوتفليقة إلى الترشيح لجائزة نوبل إلى جانب 164 شخصية أخرى دولية وحوالي 33 منظمة من مختلف أنحاء العالم، والذين من المؤكد أنهم حققوا شيئا ما لفائدة السلم والأمن العالميين، إلا مرشحُنا هذا العربي المغاربي الذي يظل على ترديد لازمة الوحدة العربية والمغاربية ويبيت على تسليم البندقية للعِصابات من أجل شن الحرب وتهديد سِلم بلد آمن هو المغرب. ولذلك فلا أخال أن الرئيس الجزائري سيحتل من بين باقي المرشحين غير الصف 164، هذا إذا لم يتم التشطيب عليه خلال الانتقاء الأولي للجنة التحكيم لعدم توافر شروط الأهلية لديه لخوض المسابقة، ولينتظر سعادةُ الرئيس زمنا آخر إن كان قادما يحمل في سِنينه حربا باردة أخرى تنضوي فيها الجزائر ومعها حكامُها ذوو البزة العسكرية لمعسكر اشتراكي جديد، وقتها فقط يمكن لاتحاد سوفييتي آخر أن يمنحه جائزة نوبل "حمراء" لمساهمته في استقطاب "جمهورية" وليدة لمعسكرهم. http://nourelyazid.maktoobblog.com