لقد عنون السينمائي المغربي محمد العسلي فيلمه ب: فوق الدارالبيضاء الملائكة لا تحلق وهو عنوان يخفي في طياته واقع الحال بالمغرب. "" ويمكن إضافة أن إبليس لا يغادر أرض الرباط وأن سياسة المخزن لا تفارقها الضبابية من أجل تضليل الشعب المغربي. فالكل يعلم أن عالي الهمة كان مقررا أن يكون وزيرا أولا منذ أن غادر حكومة إدريس جطو وأن حكومة عباس الفاسي هي حكومة فاشلة بشهادة كل المحللين المتتبعين للشأن المغربي. أما قضية طلب عباس لإعفائه لأسباب صحية ليست إلآ محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه، وكيفما كان الحال فحكومة عالي الهمة ستكون الحكومة رقم 30 منذ استقلال المغرب من التبعية العسكرية الفرنسية. أما السيد عالي الهمة فسيكون رئيس الوزارء الخامس عشر بعد كل من أحمد بلافريج, عبدالله إبربهيم, الحسن الثاني, أحمد با حنيني, محمد بنهيمة, أحمد العراقي, محمد كريم العمراني, أحمد عصمان, المعطي بوعبيد, عزالدين العراقي, عبداللطيف الفلالي, عبدالرحمان اليوسفي, إدريس جطو وأخيرا عباس الفاسي. فبماذا يتفوق السيد عالي الهمة على هؤلاء؟ وماذا ستحمله الحكومة القادمة وعلى رأسها السيد عالي الهمة لشعب يعرف مسبقا أنه لا حكومة ولا حزب ولا أي شخص يستطيع أن يغير ذرة واحدة من حال البلاد والعباد إذا لم يكن هناك تعديل حقيقي للدستور و حوار وطني شامل يشارك فيه كل المغاربة باختلاف مشاربهم وتوجهاتهم. لماذا التعديل الدستوري؟ الكل يعلم أن الدستور الحالي يحد و يقيد تحركات الحكومة و يتجاهل فئة مهمة من الشعب المغربي أو على الأقل يترك الباب مفتوحا للحكومة لتتهرب وتتنصل من مسؤوليتها في حال فشلها وهو الشيء الذي لمسناه بالوضوح مع حكومة عبدالرحمان اليوسفي ولمسناه أيضا بالمرموز مع حكومات سابقة وخصوصا حكومة إدريس جطو. لماذا الحوار الوطني؟ نعرف جميعا اليوم أن المغرب يعيش تبعية إقتصادية وثقافية مما يؤدي إلى فقدان إستقلاليته وهويته يوما بعد يوم. نتائج هاته التبعية أفرزت وأنتجت مغاربة لا تربطهم بالمغرب سوى الجنسية أما وطنيتهم فهي للبيع لمن يدفع أكثر. فالأخبار التي كانت بالأمس مستحيلة ولا يقبلها العقل لم تعد تفاجيء أي مغربي فعلى سبيل المثال لا الحسر: مغاربة يفجرون أنفسهم ومغاربة يبحثون عن الجنسية الإسرائيلية ومغربيات يشتغلن مع الموساد ومغربيات يدرن محلات للدعارة بالخارج ومغاربة يرفعون الراية الإسبانية بسبتة ومليلية ومغاربة يأكلون الخبز المغربي ويدعمون العسكر الجزائري ضدا في بلدهم إلخ... كل هاته الأخبار هي إنتاج سياسة المخزن الفاشلة المتعنتة. الحوار الوطني ضروري أيضا لإحصاء نقط الخلل الكثيرة والبحث عن الحلول الضرورية سيما وأن هناك قضايا وصلت إلى مفترق الطرق وتعنث المخزن لايزيدها إلآ تعقيدا و إستفحالا. القضية الأمازيغية هي من القضايا التي أصبحت تأخذ منحا خطيرا نظرا لتعنث المخزن. فالكل يعلم بأن الأمازيغ يوجدون على الأرض وليست هناك قوة في العالم تستطيع إلغائهم و بالتالي فتمادي المخزن في تجاهل مطالبهم المشروعة هو درب في الخيال ومحاولة يائسة لن تؤدي إلآ لنتائج معكوسة. ولست هنا بحاجة لإثارة الإنتباه إلى الخط الذي أصبح يسير عليه بعض المتطرفين الأمازيغ. القضية الصحراوية: قضية الصحراء لم تعد تخفى على أحد وقد أجريت إلى حد الآن أربع دورات تفاوضية دون نتائج ملموسة. الكل يعلم بأن إستقلال الصحراء هو أمر غير واقعي وغير منطقي وقد قالها السيد فان فاسلوم مبعوث الأممالمتحدة في الصحراء. وإستمرار المشكل هو فشل سياسة المخزن. و نظرته الضيقة لأنه لم يستطيع أن يفهم بأن العسكر الجزائري لن يقبل بالجلوس إلى طاولة المفاوضات حتى لا تنكشف عورته التي يحاول تغطيتها بأوراق التوت كما أنه لن يقبل بتاتا الخروج خالي الوفاض. من هذا المنطلق يجب على المخزن البحث عن الحل إن كان حقا يريد للقضية حلا. العسكر الجزائري يريد تعويضا عن السنوات و الأموال التي استثمرها في القضية و الإعانات التي سيفقدونها بعد تسوية النزاع و هو لا يستطيع التفاوض جهرا في ذلك حتى لا تسقط منه أوراق التوت التي ظل يستر بها عورته. قضية الدين و العلمانية: الإنقسام الذي يعيشه الشارع المغربي اليوم حول المسألتين أصبح يستغل من جهات أجنبية. اليوم أصبحنا نسمع بأن الشيعة دخلت المغرب و هو أمر خطيريجب الإنتباه إليه حتى لن يصبح المغرب عراقا أو لبنان آخر. فالمشاكل التي لدينا تكفينا ونحن في غنى عن الصراعات المذهبية. و ليس فقط قضية الشيعة هناك قضايا التنصير و التهويد التي اكتسحت الساحة المغربية مستغلين المرض السياسي الذي يعيشه المغرب اليوم. هناك قضايا عديدة لا يمكن التطرق لها جميعها في هذا المقال سأكتفي بالإشارة إلى البعض منها و هي كالتالي: قضية التعليم فالتقارير الدولية تشير بكل وضوخ إلى فشل السياسة التعليمية في المغرب و لا يخفى على أحد الدور الذي يلعبه التعليم في سقل الهوية والتحصين ضد كل الآفات. قضية القوة الشرائية: بعد الزيادات الأخيرة سقطت فئة من الشريحة الوسطى لتنظاف للشريحة الفقيرة و هو شيئ ينذر بالخطر وأظن أن ما عاشته جنوب إفريقيا مؤخرا يحتم علينا أخذ الأمر بجدية و تحميل الآذان الصمة كل المسؤولية للعواقب الوخيمة التي ستترتب من تجاهل المطالب الإجتماعية. فالمغرب بعد الزيادات الصاروخية يجلس على فوهة بركان أو قنبلة موقوتة. قضية البيروقراطية و الرشوة: هنا لا بد من ذكر أن مجموعة من الأشخاص قد تم وضعهم في أماكن مهمة و حساسة بالزابونية وهو أمر يجب معالجته بأقصى سرعة. فأنا شخصيا تعرضت لإبتزاز و سرقة من طرف موظف بالخطوط الجوية المغربية بمطار كينيدي بنيويورك - الولاياتالأمريكيةالمتحدة. وبعد بحث تبين أن الشخص هو حسن الجعواني لاعب سابق مع الوداد البيضاوي ثبته السيد مكوار المدير السابق للخطوط الجوية المغربية بدون اجتياز أي مبارة و بدون مؤهلات رغب أن المنصب حساس يتطلب خبرة و تقنية عالية للتحاور مع الزبائن بإختلاف جنسياتهم و مؤهلاتهم و هو الشيء الذي يفتقد إليه هذا الشخص الذي لا يتقن سوى التعنث و النصب و الإحتيال. هذا مثل واحد من آلاف الحالات التي يمكن معها حل قضية الإدارة إلآ باستئصال هاته الفئة أو على الأقل إعادة تأهيلها لتساير العصر و تتخلى عن الأفكار القديمة . قضية الإنتخابات: وعلى ذكر الإنتخابات لا بد من التطرق للإنتخابات القادمة. سيعرف المغرب إنتخابات جماعية في المستقبل القريب و الشعب منقسم على نفسه, ففئة ترى ضرورة المشاركة لقطع الطريق على اللصوص و قطاع الطرق حتى لا تستنزف ما تبقى من خيرات البلاد. فيما ترى الفئة الأخرى بأن اللصوص ستصل لبقرتهم الحلوب مهما كانت المشاركة لأنهم يتوفرون على الوسائل التحايلية و تعودوا على الغش دون خوف و ما المشاركة المكثفة إلا منحهم الشرعية لا أقل و لا أكثر. من هنا يتبين المأزق الذي أوصل إليه المخزن الشعب المغربي حيث أن هذا الأخير فقد كل الثقة و الجميع يعلم أين يؤدي مثل هذا الشعور و الإحساس. نسأل الله العافية و نطلب من الأقلام الحرة الصبر و المثابرة رغم سياسة تكميم الأفواه التي لجأ لها المخزن مؤخرا. فالصحافة هي السلطة الرابعة أو كلب الحراسة كما يحلوا أن يسميها البعض. و على الكلاب أن لا تخشى الذئاب المفترسة و أن تستمر في عملها حتى يتم طرد آخر ذئب متوحش من أرض المغرب الطيبة.